تصاعدت وتيرة الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية الفئوية فى ربوع مصر خلال الأيام الماضية، وشهدت 8 محافظات 18 إضرابا فى الفترة من الأول إلى 3 أكتوبر الجارى. وبداية من اعتصام الأطباء ثم موظفى جامعة الإسكندرية إلى إضرابات سائقى النقل العام والميكروباص مرورا باعتصام بدو مطروح وتظاهرة مستشارى هيئة قضايا الدولة. ترصد «أكتوبر» فى هذا التحقيق أهم الإضرابات والاحتجاجات التى تسببت فى إرباك حركة الحياة اليومية للمواطنين على مدار الأسبوع الماضى فى القاهرة والجيزة ومحافظات غرب الدلتا. ويظل السؤال قائما: هل تنجح هذه الإضرابات فى إصلاح ما أفسده النظام السابق؟.. أم أن ظروف البلد وإمكانياته الحالية لن تسمح بتلبية طلبات المحتجين الذين يتصورون أنها يمكن أن تحل بين عشية وضحاها؟ صرخات المرضى.. وجراح الأطباء دموع أم تبحث عن يد حانية تخفف من وجع رضيعها وآلام عجوز أرهقه المرض والزمن ونالا من صحته الكثير.. وصرخات بسطاء لا يطلبون من الحياة إلا من يتلقف أياديهم ليعبر بهم الجراح إلى طريق التعافى.. كان هذا حال المستشفيات فى مصر على مدار الأيام الماضية بعد الإضراب الذى قرره بعض الأطباء للمطالبة بعدد من المزايا المالية والإدارية، فضلا عن قانون كادر.. على أبواب مستشفى الجلاء للولادة التقينا سحر على التى تقول مات الطفل فى بطن أختى نعمة على منذ أربعة أيام بعد أن أقنعونا أنه لا خطورة على حياتها وتركوها دون أدوية أو اهتمام وهى مريضة بالسكر والضغط حتى بدأ لونها فى التغير واشتكينا وتشابكنا مع الأطباء حتى قرروا إجراء عمليه لها لاستخراج الجنين الميت فى حين اشتكت ماجدة إبراهيم من كثرة المحسوبية داخل المستشفى قائلة: لابد من دفع المال لأى سبب، فرغم دفعنا ثمن تذاكر الزيارة حتى نطمئن على ابنتنا التى ولدت حديثا إلا أننا ندفع للممرضين والعمال للاهتمام بابنتنا وللنظافة والمتابعة وغيره فكل شىء بالمال حتى دخول الحمام. أما د.محمد إسماعيل الشريف- مدير عام المستشفى فاستنكر الإضراب قائلا أنا ضد الإضراب لأننا لسنا فى مرحلة تستدعى إضرابات وإن كانت المطالب مشروعة إلا أن المواطن البسيط وحده الذى يدفع الثمن، فلابد لنا أن نهتم بتحسين الخدمه التى نقدمها أولا حتى نستحق أن نطالب بتلك المطالب التى لا شك أنها ستزيد من الأعباء المادية للدولة وكان من الأجدر المطالبة بالمساواة مع باقى القطاعات فبدلا من المطالبة بكادر خاص كان أفضل المطالبة بإلغاء باقى الكوادر التى تمت إقرارها للتساوى بحيث تصبح الزيادة للتميز فى العمل فمن حقنا أن نطالب بعدالة التوزيع. ويضيف رغم أن الإضراب قائم إلا أنه لم تحدث أى حالات إضراب لدينا ليس فقط لأننا تابعون للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، ولكن أيضا لأن الإضراب غير إجبارى، كما جاء فى خطاب الجمعية العمومية، ورغم التهديد بالإحالة للتحقيق لمخالفة قرار الجمعية العمومية إلا أننا لا نتقاعس عن تأدية خدمتنا للمواطنين. أما مدير مستشفى أحمد ماهر التعليمى، فقد رفض مقابلتنا ومنعتنا مديرة مكتبه قائلة ممنوع الدخول حتى لو أن أحد المرضى يموت فى حين استطعنا مقابلة د.محمد كمال رئيس قسم الطوارئ والاستقبال والذى أبدى تأييده التام للإضراب، كما سمح لنا بالتجول والتصوير بالقسم وهناك حاورنا شباب الأطباء، يقول د.جاد أحمد البرى أحد أطباء الجراحة بالاستقبال نعمل بكل طاقتنا فى إسعاف المواطنين بقسم الطوارئ، ومتابعة العلاج الشهرى للأمراض المزمنة فى الخميس من كل أسبوع، كما جاء بخطاب نقابة أطباء القاهرة ولا يوجد إضراب إلا بأقسام العيادات الخارجية وهى التى تخص الحالات العادية اليومية. إضراب رحيم وفى مستشفى المنيرة كان العمل جاريا إلا من العيادات الخارجية التى سادها الهدوء وهناك قابلنا د.أسامة محرز- رئيس قسم الجراحة ومدير العمليات بالمستشفى الذى يقول إضرابنا لا يضر بالمريض فهو إضراب رحيم، فأقسام الاستقبال وعمليات الطوارئ والعناية المركزة والحضانات والغسيل الكلوى والولادة تعمل بالكامل. وأضاف: سوف نواصل ضغطنا بالإضراب حتى نحصل على مطالبنا بإنشاء كادر الأطباء لزيادة الأجور الهزيلة المضحكة، فأجر الطبيب الشاب لا يتعدى 400 جنيه فقط ومقابل البيات 5 جنيهات. أما بدل العدوى 25 جنيهًا أى أن الطبيب الذى يتعامل مع المشارط والدم ومباشرة المريض أقل عرضة للعدوى من موظفى البنوك الذين يتقاضون بدل عدوى لتعاملهم مع الأموال الورقية 600جنيه. ويضيف د.أسامة نطالب أيضا بضمان حماية المستشفيات بإقامة شرطة متخصصة حتى لا نتعرض للاعتداء، كما نتمنى بحث حقوق الممرضات والتى يرتبط عملهن بالطبيب ارتباطا وثيقا وهى فئة مظلومة فى المجتمع دائما تعمل معاملة سيئة رغم المجهود الذى تبذله والمسئولية الخطيرة التى تلقى عليها فلولا انضباط مواعيد الدواء والإشراف على حالة المريض فلا جدوى من عمل الطبيب ولا نجاح لأية عملية جراحية ومن واقع خبرتى أرى الممرضة المصرية من أقوى الكفاءات التمريضية فى العالم لا ينقصها إلا حقها المادى والأدبى. تحقيق المطالب من جانبه قال الدكتور خيرى عبدالدايم نقيب الأطباء إن الهدف من الإضراب هو تحقيق المطالب المالية والإدارية من خلال مشروع قانون كادر الأطباء، موضحا أنه مع إضراب محدد المدة لا تزيد على أسبوعين لمصلحة الإضراب والأطباء، لأن استمراره إلى ما لا نهاية فى غير مصلحة المرضى والأطباء، مشيرا إلى أن القرار يحمل فى طياته مصالح لبعض الأشخاص وأن تنفيذه على أرض الواقع صعب. مشيرا إلى أن هناك اتصالات بينه وبين الرئاسة والوزارة يرجو أن تؤتى ثمارها، كما طلب أن يصدر قرار بقانون لإقرار مشروع الكادر الجديد. وشدد النقيب العام على أن النقابة ستحمى الأطباء المشاركين وغير المشاركين فى الإضراب لأن حق الإضراب وحق العمل يكفلهما القانون، إلا أن النقابة لابد أن تستمع لأقوال من خرق قرار الجمعية العمومية الطارئة التى أقرت الإضراب. وقال: إن الإضراب لن يتم تعليقه إلا بعد استجابة الحكومة، لمطلب الأطباء بإقرار كادر لهم وأن تعليقه يوم الخميس الماضى كان لصرف الأدوية فقط. وأضاف عبد الدايم الأطباء يشعرون بأنهم لم يأخذوا حقهم طوال الأعوام الماضية، وأن كل رئيس ورؤساء الوزارات ووزراء الصحة على مدار العقود الماضية قال إنه مع الكادر، ولكنه لم يفعل شيئًا ولم يقدم شيئًا للأطباء. وأكد نقيب الأطباء أن النقابة تقدمت بقانون للوزارة يشمل النواحى المالية والإدارية، وأن النقابة والأطباء لا يريدون إقرار الجانب المالى حاليًا، وموافقون على إقراره من العام القادم فى الميزانية القادمة، ولكنهم يريدون تأكيدًا كتابيًا بكادر الأطباء، وأعرب عن شعوره بأن الحكومة لا تريد أن تأخذ الخطوة البسيطة التى لا تكلفها مليمًا واحدًا حتى تُشعر الأطباء بأنها تُعاونهم على الوصول إلى أهدافهم. وأكد الدكتور إبراهيم مصطفى، مساعد وزير الصحة والسكان، رئيس لجنة الأزمات، أن الوزارة نبهت على جميع المستشفيات التابعة لها ضرورة استمرار الخدمة المقدمة للمواطنين بجميع المنشآت والحرص على عدم توقفها. وقال: إن وزارة الصحة لاتزال تتابع الموقف أولاً بأول من خلال الغرفة المركزية الخاصة بلجنة الأزمة مع وضع أطقم الأطباء الاحتياطيين على أهبة الاستعداد فى جميع المديريات، استعداداً لسد أى عجز قد يحدث فى أى مستشفى. وأكد أن وزارة الصحة تتفهم مطالب الأطباء وأن الرئيس محمد مرسى فى لقائه بممثلين من النقابات السبع العاملة فى مجال الصحة تفهم مطالبهم ووعده بحلها, وقال إنه تم تشكيل لجنة لدراسة الكادر بالأطباء والفريق الصحى والذى سيطبق على مراحل وسوف تنهى اللجنة من إعداده خلال شهرين أو ثلاثة على الأكثر وقال إن لجنة الكادر التى أصدر الوزير قرار بتشكيلها تضم ممثلين من 7 نقابات مهنية العاملة فى مجال الصحة وهى تقوم حاليا بإعداد الكادر والذى سيطبق فى المرحلة الأولى على أطباء التكليف والنواب والمساعدين.