استبعد عدد من خبراء القانون الدستورى ورجال القضاء احتمال عودة مجلس الشعب بحكم من المحكمة الإدارية العليا، مؤكدين أنه لا توجد مشروعية قانونية أو دستورية لأن المحكمة الإدارية يجب أن تسلم بما قضت به المحكمة الدستورية العليا، بينما رأى البعض أنه لو صدر حكم بإعادة البرلمان سيكون ضربة للقانون وإساءة للقضاء والديمقراطية. يؤكد د. جابر نصار أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة أن إمكانية عودة مجلس الشعب بحكم قضائى من المحكمة الإدارية العليا يعد ضربا من ضروب المستحيلات لأن المحكمة ليس مطروحا عليها عودة البرلمان وفقا لحدود الدعوى ببطلان الانتخابات، أما السبب الثانى هو أن المحكمة الإدارية العليا لا يمكن بحكم اختصاصها أن تتعرض لحكم المحكمة الدستورية العليا التى تعتبر جهة قضائية أخرى مستقلة عنها. وأوضح أن الدعوى التى تنظرها المحكمة الإدارية العليا وفقا للإجراءات القضائية لابد أن تدخل فى مرحلة الفحص ويمكن أن تستغرق هذه الخطوة 3 شهور أو أكثر، لذلك لا يمكن لهذا التمنى أو الأمنية أن يكون له ظل من الحقيقة، ولكن من الناحية السياسية قد تكون له مواربة لإصدار قرار سياسى مرة أخرى بعودة البرلمان أو وضع نص انتقالى فى الدستور بعودة مجلس الشعب مرة أخرى، وذلك ما يفسر إصرار حزب الأغلبية بعودة مجلس الشعب للإفلات من الاستحقاقات الانتخابية التى وعدوا بها الشعب الذى انتخبهم. ويضيف أن الأقرب إلى التصور أن تقضى المحكمة بعدم قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعن من الناحية القانونية ولا صلة لذلك بعودة مجلس الشعب لا من قريب أو من بعيد. ويرى المستشار محمد عزت عجوة - رئيس محكمة الاستئناف ورئيس مجلس إدارة نادى قضاة الإسكندرية - أن هذا الاحتمال ليست له من المشروعية فى شىء، لأن الواقع القانونى الحالى يؤكد أن حكم المحكمة الدستورية العليا له حجيته واحترامه وقوة التنفيذ وهو منفذ ونافذ بقوة القانون، وأيضا تأكد ذلك فى حكم المحكمة الدستورية العليا فى الإشكالات الخاصة بالتنفيذ التى قدمت إليها وفصلت فيها على الفور وتم تنفيذ ذلك على الفور. ويضيف أن الشق الثانى هو هل تملك المحكمة الإدارية العليا أن تصدر حكما على خلاف ما قضت به المحكمة الدستورية العليا؟ فهذا أيضا يتطلب الترقب والتريث إلى أن يصدر حكم المحكمة الإدارية العليا إيجابا أو سلبا حسبما تضمنه أسباب هذا الحكم وعلى وجه العموم إذا كان ما هو معروض على المحكمة الإدارية العليا يغاير ويختلف تماما عن مضمون وموضوع الدعوى الدستورية والحكم الذى صدر فيها فإنه فى هذه الحالة لا يتعارض مع ما صدر عن المحكمة الدستورية العليا. ويضيف أن المحكمة الإدارية العليا لا تملك إلغاء أو تعديل حكم المحكمة الدستورية العليا ولا يوجد فى مصر أى محكمة أو شخص أو أى جهة أى كانت تستطيع إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا ولا حتى خارج مصر وحتى الأممالمتحدة لا تستطيع أن تلغى حكم المحكمة الدستورية العليا أو توقف تنفيذ الحكم. ويؤكد أن المحكمة الإدارية العليا هى التى تقرر طبيعة تكييف الدعوى التى أمامها وتحديد طلبات الخصوم فيها على النحو الذى تنتهى إليه، لأنه اختصاصها حصريا ووحدها فهى التى تحدد طبيعة الدعوى التى أمامها وحسب ما تراه المحكمة نفسها. ويرى المستشار ياسر رفاعى المحامى العام الأول ورئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة أن المحكمة الإدارية العليا لا تملك إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا أو تعديله أو تفسيره والذى له الحق الوحيد فى التفسير هو المحكمة الدستورية العليا، وقد قامت بالتفسير لحكمها فى حيثياته، ولذلك لا يجوز للمحكمة الإدارية العليا أن تعقب على حكم المحكمة الدستورية العليا، ولكنها تحكم فى اختصاصها فقط فهى بمثابة محكمة الاستئناف بالنسبة للقضاء الإدارى ومجلس الدولة وما فى يدها أن تقضى بعدم الاختصاص لأنه لا تعقيب على أحكام المحكمة الدستورية العليا. ويضيف المستشار رفاعى أن المحكمة الإدارية العليا لابد أن تسلم بما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن ولا أحد يستطيع أن يعدل فى حكم المحكمة الدستورية العليا طبقا للقانون والدستور. ويؤكد أنه فى حالة اتخاذ قرار بعودة مجلس الشعب سواء الكل أو الثلثين فهذا يعتبر قرارا سياسيا وليس قضائيا وسوف يطعن عليه ويحكم ببطلانه بكل تأكيد، وهذا هو ما يروج له البعض، لأنه من الناحية القضائية والدستورية لا يجوز إعادة مجلس الشعب مرة أخرى ولا تملك أى محكمة ذلك. سقطة قانونية يؤكد المستشار سعيد برغش- نائب مجلس الدولة وعضو مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة أنه من المستحيل أن تصدر محاكم مجلس الدولة حكما بإعادة مجلس الشعب مرة أخرى بما فيه المحكمة الإدارية العليا، لأنها لا تملك إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا. ويضيف أن المحكمة الدستورية العليا قد مارست اختصاصها وبناء على حكمها، فقد أغلقت الباب أمام عودة مجلس الشعب لأنه بنى على أساس قانون غير دستورى وأصبح باطلا. وأوضح أن ما يتردد عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى حكم الدستورية العليا وإعادة المجلس إلى الحياة مرة أخرى هو سقطة قانونية لأن المحكمة الإدارية العليا لا تملك ذلك ولا تستطيع ذلك. ويؤكد أن القضية هنا قضية «مشروعية» لأن الذى يرفع أى دعوى يكون له مصلحة فيها، أما فى القضاء الإدارى والدستورى فالمصلحة هنا تعلقت بدستورية قانون وأثارت هذه الدعوى دستورية قانون الانتخابات وشبهة عدم الدستورية، ومارست المحكمة الدستورية اختصاصها هنا فى هذه الدعوى والذى لا ينازعها فيه أحد ولا محكمة إدارية أو قضاء إدارى. وأكدت المحكمة الدستورية العليا أن القانون غير دستورى، وهنا نتوقع حكما بانتهاء الخصومة فى الدعوى لأن القضية أصبحت غير ذات موضوع وأصبح النزاع منتهيا، وقد تم القضاء بعدم دستورية القانون وهو موضوع الدعوى. ويضيف المستشار برغش أن ما يتردد عن إعادة مجلس الشعب مرة أخرى بحكم قضائى هو نوع من الغباء القانونى والسياسى، فمجلس الشعب تم حله بحكم قضائى ولم يتم حله بقرار من رئيس الجمهورية أو غير ذلك. وهنا نؤكد أن المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة لا تملك إصدار حكم بإعادة مجلس الشعب لأن موضوع الدعوى قد انتهى بحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون موضوع الدعوى حتى لو تنازل المدعى عن دعواه، لأن الدعوى أصبحت قضية مشروعية وهذا هو القول الفصل وما عداه غباء قانونى وعدم فهم للقضاء المصرى الدستورى والإدارى والعادى. ضربة للقانون ويرى المستشار علاء شوقى- رئيس محكمة جنايات الجيزة ورئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة - أن احتمال عودة مجلس الشعب مرة أخرى يمثل ضربة للقانون وإساءة بالغة للقضاء ككل وإساءة للديمقراطية والشرعية الدستورية والقانونية. ويضيف أن المحكمة الدستورية العليا قضت بحل مجلس الشعب وتم تنفيذ الحكم، فما الهدف من وراء إعادته مرة أخرى إذا كنا نؤمن بالديمقراطية والشرعية الدستورية والقانونية فى المجتمع، وهنا يجب أن نؤكد أن حكم القضاء يجب أن يكون محترما من الجميع. ويؤكد أن المحكمة الدستورية العليا هى أعلى محكمة فى دستورية القوانين وهى المحكمة الوحيدة التى تقضى مرة واحدة بعد أن تتصدى لها مرة واحدة ولا تملك أى محكمة أخرى إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا. ويضيف أن المحكمة الإدارية العليا ليس لها سلطان على أحكام المحكمة الدستورية ولا تملك ذلك، إنما ينصب سلطانها فقط على المحاكم الإدارية الأدنى درجة مثل محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة، فالمحكمة الإدارية العليا هى بمثابة محكمة النقض الإدارى التى ترسى القواعد والمبادئ الإدارية والتى تملك إلغاء الأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإدارى أو تأييدها، ولكن لا سلطان لها البتة من قريب أو بعيد على أى قضاء دستورى.