لم تعلن بعد أى جهة مسئوليتها عن مقتل السفير الأمريكى فى بنغازى وإن كانت مصادر مطلعة قد رجحت ل «أكتوبر» أن يكون اقتحام القنصلية الأمريكية فى بنغازى قد جاء ردا فى نفس اليوم على مقتل «أبويحيى الليبى» الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة، بينما تدور الشبهات حول تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى وأنصار الشريعة الإسلامية والموالين للقذافى، ولكن يبقى السؤال وماذا عن حصار السفارات الأمريكية فى اليمن وتونس ومصر؟ وماذا عن تداعيات هذا الحادث؟ وهل ستبدأ واشنطن فى بناء قواعد حربية لها بحجة مطاردة القاعدة فى الدول العربية؟ لم تقف واشنطن طويلا أمام الإدانة والتحذير، وإنما أطلقت المدمرة الحربية فى اتجاه ليبيا لمساعدة الحكومة الحالية وكانت واشنطن قد أعطت تعليماتها بتحرك مدمرتين صوب الساحل الليبى، لإعطاء إدارة الرئيس باراك أوباما المرونة لأى عمل فى المستقبل ضد أهداف فى ليبيا. والمدمرتان كلتاهما مسلحتان بصواريخ توماهوك التى استخدمها حلف شمال الأطلسى بشكل واسع ضد الدفاعات الجوية لقوات الزعيم الليبى المخلوع معمر القذافى العام الماضى. وفى وقت سابق قال مسئولون حكوميون أمريكيون، إن الهجوم الذى تم فيه قتل السفير الأمريكى وثلاثة دبلوماسيين آخرين فى بنغازى بشرق ليبيا من المحتمل أن يكون نفذ بتدبير وتنظيم مسبقين. وقال المسئولون إن ثمة دلائل تشير إلى احتمال ضلوع أعضاء جماعة متشددة تطلق على نفسها «أنصار الشريعة» فى تنظيم الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى. وأضافوا أن بعض التقارير الواردة من المنطقة تشير أيضا، إلى احتمال ضلوع بعض أعضاء تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى. وكان مجلس الأمن قد انعقد فى نفس اليوم وأدان الهجوم على مقر السفارة الأمريكية فى القاهرة وإنزال علم الولاياتالمتحدة، وكذلك اقتحام القنصلية الأمريكية فى بنغازى ومقتل السفير الأمريكى ثلاثة آخرين. وجهت السلطات الليبية إصبع الاتهام إلى أنصار النظام السابق للعقيد معمر القذافى وتنظيم القاعدة بالوقوف وراء الهجوم الذى استهدف مساء الثلاثاء القنصلية الأمريكية فى بنغازى وتم خلاله قتل أربعة أمريكيين بينهم السفير. وقال رئيس المؤتمر الوطنى العام الليبى محمد المقريف فى مؤتمر صحفى فى طرابلس، إن هذا العمل الإجرامى قد تزامن مع عدة محاولات يقف وراءها من يسعون إلى عرقلة التجربة الديمقراطية فى بلادنا ومحاولة الحيلولة دون أداء المؤتمر الوطنى العام والحكومة لدورهما الحقيقى». ولم يذكر المقريف القاعدة بالاسم وأن كان هذا التنظيم هو الذى تبنى هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة. وشدد على أن الشعب الليبى الذى أبهر العالم بثورته لن يسمح بأن تتحول ليبيا إلى مكان للانتقام والإرهاب والفوضى. ومن جانبه، أدان الرئيس الأمريكى، باراك أوباما الهجوم لكنه أكد أن ذلك لن يدفع واشنطن إلى قطع علاقاتها مع طرابلس. وقال أوباما، فى كلمة أدلى بها فى حديقة البيت الأبيض، وإلى جانبه وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، «إن الولاياتالمتحدة تدين بأشد العبارات هذا الهجوم الشائن والمروع. إننا نعمل مع الحكومة الليبية لتوفير أمن دبلوماسيينا». وإلى ذلك، قدم رئيس المؤتمر الوطنى العام الليبي، محمد المقريف، اعتذاراً «لحكومة الولاياتالمتحدة والشعب الأمريكى» بعد مقتل السفير الأمريكى فى بنغازى. وأكد أن انتخابات رئاسة الحكومة ستجرى فى موعدها وقال إن ليبيا لن تسمح أن تكون أراضيها مسرحاً لعمليات انتقام «جبانة». يذكر أن المؤتمر الوطنى العام الليبى انتخب رئيس وزراء جديداً للبلاد يتوقع منه أن يركز أساساً على استتباب الأمن. وقد تعاقب المرشحون الثمانية لهذا المنصب، وبينهم زعيم تحالف الليبراليين محمود جبريل ومرشح الإسلاميين وزير الكهرباء الحالى عوض البرعصى. وقد وقع الاختيار على المرشح للمنصب مصطفى أبو شاقور نائب رئيس الوزراء الحالى عبد الرحيم الكيب وهو مرشح يعتبر مقرباً من الإسلاميين. وكانت أعمال عنف انطلقت فى بنغازى احتجاجاً على فيلم أمريكى مسىء للرسول، بدعوة من تنظيمات متشددة، أدت إلى اقتحام السفارة وإضرام النار فيها وقتل موظف قنصلى. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إنه لا يوجد أى مبرر لأعمال العنف التى طالت القنصلية الأمريكية. فيما أعربت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، فى بيان أن الولاياتالمتحدة تدين بأقسى العبارات هذا الهجوم ضد بعثتها الدبلوماسية. السفير ستيفنز عمل كممثل لأمريكا لدى المجلس الوطنى الانتقالى الليبى فى بنغازى خلال الثورة، ثم كسفير لبلاده فى ليبيا، وأعرب فور توليه مهامه عن سعادته الغامرة بمشاهدة شعب ليبيا ثائراً على حكم النظام الليبى السابق، وأنه يفخر بمشاركته فى نهضة ليبيا الحديثة فى طريقها إلى الحرية والديمقراطية، وعن سعيه لبناء علاقة قوية بين الولاياتالمتحدة وليبيا، وعن تطلعه لرؤية ليبيا جديدة تدار فى ظل مؤسسات حكومية قوية.