عندما كانت ثروة الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد 25 قرشاً قرر أن يسافر إلى القاهرة مادام يمتلك كل هذه الثروة.. ذهب مع صديق له إلى مولد السيدة زينب.. وكان خادم المسجد يحاول غلق ميكرفون المسجد فجاء صديقه وأعطى الخادم قرش صاغ لكى يفتح لزميله عبد الباسط الميكرفون.. وفتح الميكرفون بعد أن نال القرش صاغ.. ويحتضن الشيخ الميكرفون.. ويقرأ لمدة ساعتين.. فينبهر رواد المولد.. يعودون مرة أخرى إلى المسجد ليستمعوا إلى هذا القادم من صعيد مصر الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد.. وليصبح هو القارئ الثانى بعد الشيخ مصطفى إسماعيل.. قارئ مصر الأول اعتمد الشيخ عبد الباسط عبدالصمد فى الإذاعة سنة 1951 وكان عمره 19 عامًا وأصبح كل بيت فى مصر ينتظر تلاوته.. ومن خلال الإذاعة نال شهرة لا حدود لها.. ويصبح ابن أرمنت بصعيد مصر واحداً من أشهر قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم الإسلامى. زار الشيخ عبد الباسط معظم بلاد العالم.. وتعرف على طقوس تلاوة القرآن.. بعضهم يستمع إلى القرآن الكريم وهم وقوف.. وفى بلاد المغرب يقرأون القرآن فى صورة جماعية من كل الحاضرين.. وفى باكستان يقرأون فى جماعات.. كل مجموعة تقرأ جزءًا. يقال إن سبب شهرة الشيخ عبد الباسط زادت نسبة شراء أجهزة الراديو فى مصر والعالم الإسلامى حتى إن البعض كان يقول لبائع أجهزة الراديو: لو سمحت.. عاوز راديو ماركة عبد الباسط عبد الصمد بتاع مصر. لقد استحق الشيخ عبد الباسط أن يطلق عليه صوت مكة. كان جلالة الملك محمد الخامس من أشد المعجبين بصوت عبدالباسط حتى إنه تمنى أن يكون مغربياً لكى يقرأ أمامه كل يوم صباحاً ومساء. كان رد الشيخ عبد الباسط.. لا ولن أترك مصر أبداً مادمت حياً كانت الصداقة بين الشيخ وملك المغرب قوية.. ومن الدول التى زارها الهند.. زارها لإحياء حفل كبير لمناسبة كبرى.. فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض، وقد حنوا رؤوسهم إلى الأسفل ينظرون محل السجدة ويبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان بالدمع تأثراً بهذا المشهد. من أشهر المساجد التى قرأ فيها عبد الباسط هى المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوى بالمدينة والمسجد الأقصى بالقدس.. والمسجد الإبراهيمى بالخليل بفلسطين.. والأموى بدمشق.. علاوة على قراءته فى أشهر مساجد آسيا وأفريقيا والولايات المتحدة. يعتبر الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أول قارئ يستمع إليه أكثر من ربع مليون مسلم فى جاكرتا وقوفاً حتى مطلع الفجر أثناء زيارته لأندونسيا وللشيخ عبد الباسط له أولويات عديدة منها: أنه أول قارئ فى التاريخ الحديث والمعاصر يستقبله الرئيس الباكستانى فى المطار. وأول قارئ يشد من أزر المسلمين فى جنوب أفريقيا ويشد من روحهم المعنوية ويشعرهم بالعزة والكرامة والقوة. كان الشيخ عبد الباسط يعشق قراءة سورة يوسف وخاصة فى الآية الرابعة (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) . يرجع السبب فى عشقه لهذه الآية هو أنه أنجب أحد عشر من الأبناء منهم أربع بنات وسبعة ذكور. يقول الشيخ عبد الباسط محمد عبدالصمد إن صداقتى للملك محمد الخامس كانت مضرب الأمثال للجميع.. فقد كان يتصل بى ليخبرنى بموعد حضوره إلى القاهرة.. ويطلب من وزارة الخارجية أن أكون واحدًا من مستقبليه فى المطار. لم أستغل هذه الصداقة إلا فى الخير فقط.. فقد أعطيت لصديقى محمد الخامس أن الإنسان المصرى قنوع ومتواضع ولا يعرف الاستغلال ولا يعرف إلا المحافظة على كرامته.. لأن كرامة الإنسان المصرى هى من كرامة وطنه.