فوز محمد مرسى بمنصب الرئيس كان بمثابة إعلان الفرحة لدى تيارات الإسلام السياسى خاصة الإخوان المسلمين الذين شعروا بأن حلم الوصول للسلطة وقيام الخلافة أصبح واقعا قريبا، إلا أن هذا السيناريو أصبح كابوسا يطارد يقظة جيل من المختلفين مع توجهات وأفكار شيوخ الجماعة، وكانت الأحداث عبر السنوات الماضية محل صراع ومعارك فكرية وسياسية بينهم، وربما شعر هؤلاء أن فرصة الجماعة باتت متاحة لتصفية الحسابات معهم وما كبدوه من خسائر للجماعة خلال العهد الماضى، لاسيما أن الجماعة تحترف إقصاء الآخرين وعزلهم كما تريد دون أن تترك دليلا يثبت تورطهم فى ذلك، فهم أصحاب تاريخ طويل عاشوا لحظاته بين جدران السرية وغياهب التخفى لتحقيق مآرب الجماعة وأهدافها.ويأتى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى المقدمة إثر خلافات شهيرة بينه وبين الجماعة منذ أن كان رئيسا لجامعة الأزهر، وتصديه لطلاب الإخوان وفصل عدد منهم، وصراعه معهم حول قضية اختراق الأزهر وتحريف مرجعيته الوسطية، واعتراضه على قانون اختيار شيخ الأزهر الذى جاء تفصيلا لبعض الرموز المنتمية للجماعة وعلى رأسهم د. عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين وعضو مكتب الارشاد. وكذلك الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية الذى هاجم فكر الجماعة ومخططها عبر كتاباته، ويعتبره الإخوان أحد علماء السلطة، ومن ثم يجب الإطاحة به من هذا المنصب. وأيضا الشيخ محمد سعيد رسلان أحد القيادات السلفية بالمنوفية والذى قاد حملة شرسة على قيادات الإخوان على منابر المساجد واعتبرهم منحرفين عن التوجه الصحيح للإسلام. في المقابل يتهمه الإخوان بأنه أحد المنفذين لسيناريوهات أمن الدولة التى كانت تستهدف تشويه الجماعة وأفكارها. يضاف إليه الشيخ أسامة القوصى الذى يعتبر الإخوان والسلفيين خوارج هذا العصر وأنهم غيروا وبدلوا فى الفكر الإسلامى. ويأتى ثروت الخرباوى القيادى السابق بالإخوان فى المقدمة لكشفه الكثير من أسرار الجماعة وخططها وكواليس مايدور فى أروقتها بين القيادات عبر الصحف، وقد كشف ثروت بعض أسرار لقاءات الإخوان مع الأمريكان للضغط على المجلس العسكرى، وهو الحدث الذى تناقلته وسائل الاعلام بشىء من الاهتمام. ويليه مختار نوح وعبد الستار المليجى وخالد داود وهيثم أبو خليل الذين اعتبروا أن الإدارة الحالية للإخوان انحرفت بالجماعة عن مسارها الصحيح وأن الجماعة تتحكم فى أمورها شلة تسيطر على جميع الأوضاع ويقتسمون المناصب فيما بينهم . ويظهر بقوة أمامنا الكاتب وحيد حامد الذي رسم ملامح نشأة الجماعة وتاريخها خلال مسلسل «الجماعة» ولاقي انتقادات حادة من الإخوان واتهموه بتزوير تاريخهم. نفس المصير سيطبق على الزعيم عادل إمام الذى ينتظره حكم بازدراء الاديان وتشويه صورة الاسلاميين. يليهم الكاتب الصحفى عادل حمودة الذي قاد عبر صحيفة الفجر حملات ضد قادة الجماعة ومرشحها محمد مرسى ويعتبره الإخوان إحدى الشخصيات التى تتعمد تشويه صورة الاسلاميين على مدار تاريخه الصحفى. ثم الكاتب الصحفى حمدى رزق رئيس تحرير مجلة المصور والذي انفرد بنشر وثائق بخط يد خيرت الشاطر نائب المرشد تحت اسم « فتح مصر»، وقد أكد القضاء صحة هذه الوثائق بعد أن أقامت الجماعة دعوى ضده. وكذلك الكاتب الصحفى عبد الله كمال رئيس تحرير روزاليوسف السابق الذى شن هجوما على الإخوان من خلال وجوده فى منصبه إبان النظام السابق . يليه اللواء فؤاد علام نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق الذى لاقى أعضاء الجماعة على يديه أشد أنواع التعذيب فى مقرات أمن الدولة. ثم المخرج خالد يوسف الذى تبنى مبدأ التحرر الفكرى فى أعماله السينمائية التى ترى الجماعة أنها تخرج عن نطاق الإسلام ومبادئه، ونشر الانحلال بين المصريين، وربما اتخذت قيادات الإخوان قرارا بحظر أعماله. وهو نفس الموقف الذى ستواجهه المخرجة إيناس الدغيدى التى اشتهرت أعمالها بالخروج عن النص ولن تكون المذيعة هالة سرحان بعيدة عن قائمة المغضوب عليهم لخلافها الشديد مع أفكار الجماعة . يليهم النائب السابق محمد أبو حامد الذى اشتهر بخلافه مع الجماعة تحت قبة البرلمان، وأكد أن الجماعة اشترت سلاحا حتى تدخل فى مواجهة مع المجلس العسكرى اذا لم يأت مرسى فى منصب الرئيس. وكذلك المستشار أحمد الزند بعد أن شن هجوما حادا على الجماعة ورجالها نتيجة إهانتهم للقضاء وتعليقهم على حكم قضية قتل الثوار، كما أنه وقف بقوة ضد قانون السلطة القضائية الجديد الذي وضعه قيادات الإخوان وحاولوا تمريره من خلال البرلمان، ومن ثم يعتبره الإخوان من رجال مبارك وجاء فى منصبه بقوة الحرس القديم. يضاف إلى القائمة اسم لم يكن مطروحا من قبل وهو رجل الأعمال رضا إدوارد رئيس مجلس ادارة صحيفة الدستور والذي اتهم قيادات مكتب الارشاد بتنفيذ مخطط « حرق مصر» واقتحام السجون وأقسام الشرطة والمؤسسات السيادية إذا جاءت نتيجة الانتخابات فى صالح أحمد شفيق الأمر الذى دفع الفريق القانوني للجماعة بتقديم بلاغات للنائب العام تتهمه بتشويه صورة الإخوان وتلفيق الاتهامات والأكاذيب لهم. ثم الكاتب الصحفى عبدالرحيم على مدير المركز العربى للدراسات الاستراتيجية، والذى اشتهر بمهاجمته للإخوان عبر وسائل الاعلام المختلفة، والتى كانت تثير غضب قيادات مكتب الارشاد، كما أن عبد الرحيم هو كاتب الخطاب الشهير للفريق أحمد شفيق الذى أكد فيه أن تاريخهم ملىء بالدم وأنهم دعاة فتنة ومتورطون فى قتل الثوار. ولن يخرج عن هذه الدائرة د. ممدوح حمزة الذى أعلن اختلافه مع الجماعة وقادتها وصرح بأن الإخوان شاركوا فى قتل الثوار. يليهم المهندس حمدى الفخرانى الذي أقام دعوى قضائية لحل الجماعة وإلغاء حزب الحرية والعدالة. يضاف إليهم هدى عبد الناصر ابنة الرئيس جمال عبد الناصر والتى دعت المصريين إلى تأييد الفريق شفيق للحفاظ على مدنية الدولة وعدم تسليم البلاد للإسلاميين، والخلاف بين الجماعة وأبناء عبد الناصر عميق وقديم نتيجة ماشهده الإخوان فى سجون عبد الناصر وإعدامه للكثير من رموزهم ومحاولتهم اغتيال عبد الناصر فى المنشية. من جهته أكد مختار نوح القيادى السابق بجماعة الإخوان أن الإدارة الحالية للجماعة لديها الكثير من الخلافات مع النخبة السياسية نتيجة عدم انفتاحها عليهم وتعاملهم بمبدأ الخصومة مع الآخرين، وأن استمرار هذه الإدارة فى السيطرة على الجماعة لن يغير من الامر شىء بل ستزداد العدوات والخصومات وتتسع مساحة المعارضين للجماعة. أما هيثم أبوخليل القيادى السابق بالإخوان فأوضح أن مقاليد سلطة الإخوان فى أيدى شخصيات معينة وأن الجماعة سوف تتحرك وفقا لمصالح هذه المجموعة ومن الطبيعى أن يتم إقصاء من يخالفهم، ومكتب الارشاد سيكون الراعى الرسمى لرسم توجهات الدولة الجديدة، وبالتالى ستكون هناك شخصيات غير مرضى عنها. واستبعد عبدالرحيم على الباحث السياسى دخول الإخوان فى صراعات مع القوى السياسية لأن أمامهم الكثير من القضايا التى يحتاجون فيها إلى غيرهم، ومن ثم سيطلقون مبادرات لم الشمل وغيرها من الخطوات التى تحاول تحييد الآخرين تجاههم، فالإخوان أمامهم الجمعية التأسيسة وإعداد الدستور وتشكيل الحكومة، وكلها أمور تحتاج إلى يقظة، والحديث عن دولة محمد مرسى الآن كلام سابق لأوانه. عبد الستار المليجى القيادى السابق بالإخوان أكد أن الجماعة ستتهاوى بعد وصول مرسى للرئاسة ولن يكون هناك وجود لمكتب الارشاد وقيادته، فى ظل دولة القانون والأوضاع الجديدة، ومن ثم مسألة الخصومة غير واردة، والجماعة إن لم تقنن موقفها فسيضطر مرسى لاتخاذ هذا الإجراء حتى لايقع فى صدام مع الشعب.