القاهرة تتفوق على بيروت وتتصدر رأس القائمة كأكبر مركز لتزوير الكتاب فى العالم العربى خلال الفترة الأخيرة، وتحوّل منطقة وسط البلد وسور الأزبكية إلى بؤر لتوزيع الكتب المزورة، فرئيس مباحث العاصمة يرفض طلباًَ من رئيس مباحث المصنفات الفنية بمداهمة أماكن التزوير قائلاً له إبعدونا عن ميدان التحرير الآن، والهمة العالية التى تشهدها ساحة النشر اليوم فى التصدى للتزوير يرجعها الخبثاء وهم كثر إلى احتراق دور النشر الكبرى أخيراً بنيران التزوير?. كانت اليونسكو ل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة. قد اختارت يوم 23 أبريل من كل عام ليكون اليوم العالمى للكتاب، وذلك منذ سبعة عشر عاما وتحديداً فى عام 1995، وذلك للتعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب وللمؤلف ولأجل تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب، وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التى لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعى والثقافى بالإنسانية. واحتفالاً بهذا اليوم العالمى للكتاب، نظمت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين التى يرأسها الكاتب الصحفى علاء العطار ندوة بعنوان مواجهة التزوير وحماية حقوق المؤلف، بغرض التركيز على التزوير فى الكتاب بكافة صوره وأشكاله التى تهدد الكتابة والنشر، خاصة فى ظل الظروف الأمنية التى تعانى منها البلاد، مما أثر بالسلب على حجم الإنتاج الفكرى والثقافى والأدبى فى الآونة الأخيرة، حيث تجرأ عدد كبير من أصحاب المطابع وموزعى الكتب، بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية بشبكة الإنترنت، على الاعتداء على حقوق النشر والتأليف عن طريق الطبع والنسخ الورقى والإلكترونى بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، قد شارك فى هذه الندوة الروائى الكبير بهاء طاهر والناشر محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين و د. جمال التلاوى نائب رئيس اتحاد الكتاب، وأدارها الكاتب الصحفى حلمى النمنم ورئيس مجلس إدارة دار الهلال الذى كشف أن القاهرة أصبحت أكبر مركز لتزوير الكتاب فى العالم العربى، رغم أنها فى الماضى كانت تحارب التزوير الذى كان مركزه بيروت، وأشار إلى أنه بحكم منصبه كنائب رئيس الهيئة العامة للكتاب عام 2010 أشرف على معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى كان الظاهرة اللافتة فيه هو تزوير الكتب، ويرى أن أهون أنواع التزوير هو الذى يتعلق بالاعتداء على حقوق النشر بمعنى أن يطبع صاحب مطبعة الكتاب كما هو لكن بسعر مخفض وهو تزوير على حد قوله يسهل مواجهته والتعامل معه، لكن التزوير الأخطر برأيه هو إعادة نشر الكتب التى قد عدَّل مؤلفها عليها وتدارك ما كان كتبه فيها، مثل أحد كتب الكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل» بعنوان الطريق إلى رمضان الذى تحدث فيه عن خلافه مع موسى صبرى ووجهة نظره فى حرب أكتوبر حينها، وقد كتب مقدمته عام 1974، ثم أصدر هيكل كتاباً فى مجلدين عن حرب أكتوبر، مغايرين لما كان قد كتبه فى هذا الكتاب، وكأنه يراجع أفكاره، ثم نرى الكتاب الصادر منذ أربعين عاماً، وهو أمر غير حقيقى، كذلك هناك تزوير عبر حذف اسم المؤلف أو وضع اسم مؤلف آخر على الكتاب. ويواصل النمنم شهادته بأن أحدث كتاب مزور هو كتاب دكتور طه حسين فى الشعر الجاهلى، رغم أن حسين أعاد تعديله وأصبح عنوانه «فى الأدب الجاهلى»، إلا أن الكتاب الموجود فى السوق حالياً هو الذى صدرت طبعته الأولى عام 1926. أما الكتاب والأديب الكبير بهاء طاهر فقد أوضح أنه كان ضحية لعمليات التزوير التى تضيع من خلالها حقوق المؤلف، عندما قامت إحدى دور النشر الأجنبية بطباعة واحد من كتبه دون الرجوع إليه، وكانت طبعة غير جيدة وأنقذه وقتها محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين حين كتب مذكرة أثبت فيها عبر الأسانيد القانونية أن هذا يعد اعتداء على حقوقه الأدبية ولكن هذا لم يمنع الخسارة المادية الفادحة. وتحدث رئيس اتحاد الناشرين محمد رشاد عن أهمية اليوم العالمى للكتاب وضرورة للاحتفال به عن طريق عقد حفلات التوضيح والتوعية فى المدارس بأهمية هذا اليوم وزيارة كبار الكتاب. والأدباء للمدارس للتوعية بأهمية القراءة، لأن التنمية الثقافية هى طريق النهضة والسبب الرئيسى فى تراجع النشر هو انخفاض القراءة فى مصر. وأكد رشاد أن بيروت كانت أكبر عاصمة عربية فى تزوير الكتب حتى أن وفداً من اتحاد الناشرين منذ سنوات بعيدة أحرق فىأحد ميادين بيروت 3 عربات محملة بالكتب المزورة لأحد كبار المزورين فى بيروت، لافتا إلى أنه رغم أهمية سور الأزبكية الكبيرة لكونه حافظاً لذاكرة الثقافة المصرية، إلا أن اتحاد الناشرين ضد مشاركته فى معرض الكتاب، لأنه أكبر بؤرة لتزوير الكتب، وهو المنفذ الوحيد لرواد المعرض فى شراء الكتب المزورة والانصراف عن دور النشر، وكشف رشاد أنه طلب من رئيس مباحث المصنفات عمل حملة مداهمة لبائعى الكتب المزورة فى وسط البلد التى تفرش الكتب على الأرصفة، فرد عليه بأن هذا يحتاج إلى موافقة مباشرة من رئيس مباحث العاصمة، وأنه لا يستطيع فى هذه الظروف الأمنية الخاصة أن يذهب ويطلب منه مثل هذا الطلب مضيفاً له لو سمحت ابعدونا عن ميدان التحرير الآن. ويشير رشاد إلى أن صناعة النشر فى مصر تتعرض منذ سنوات لصعوبات بالغة، ففى السبعينيات من القرن الماضى، كنا نطبع 20 ألف نسخة من كتب الأطفال، أما الآن فنطبع 5 آلاف نسخة فقط نظراُ لانخفاض عدد القراءة، والأسرة هى التى تتحمل المسئولية فى ذلك، مؤكداً أن الكتاب الإلكترونى ليس السبب فى القضاء على الكتاب الورقى، وينبه إلى أن تدهور صناعة النشر فى مصر ترجع لوجود جماعات منظمة للتزوير، وقد حصرهم الاتحاد فوجدهم يتمركزون فى القاهرة والإسكندرية، وأحدهم ضابط فى الشرطة برتبة عقيد، مؤكداً أن جريمة التزوير ليس اعتداء على الناشرين فقط، هو قتل للإبداع والفكر داخل المجتمع، مشيراً إلى أن القارىء يتحمل جزءاً من رواج الكتب المزورة نظراً لعدم وعيه بأهمية الملكية الفكرية وضرورة الحفاظ عليها وهو يتطلع فقط إلى الكتاب ذى السعر المنخفض. فالشاعر محمد البغدادى تأكد أن القوانين قاصرة عن حماية الكتب من التزوير وأن الأهم من تغليظ عقوبة التزوير هو متابعة تنفيذ القوانين التى يجب أن تتعامل مع مرور الكتب مثل تزييف العملة وضرورة مصادرة أدوات التزوير والتزييف وأن يشارك اتحاد الناشرين وزارة التربية والتعليم فى تصميم ونشر الكتاب المدرسى للحصول على طفل قارئ بدلاً من الكتب المدرسية التى تقدم وجبة دسمة لإفساد الذائقة الفنية لجموع الطلاب.