كشف المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات الرئاسية عن أسرار انسحاب المحكمة الدستورية من اللجنة التأسيسية للدستور التى شكلها البرلمان. وأكد سلطان فى حوار تنفرد به «أكتوبر» أن المحكمة الدستورية بصفتها الحارس الأمين على الدستور المصرى، لن تعود إلى اللجنة التأسيسية إلا إذا حدث تغيير حقيقى فى اللجنة يرضى جميع أطياف المجتمع. وفيما يتعلق بالدعوى التى تمت إحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا من المحكمة الإدارية العليا والخاصة ببطلان انتخابات الثلث الفردى لمجلس الشعب، قال رئيس الدستورية العليا إن هذه الدعوى مازالت فى مرحلة التحضير تمهيداً لإحالتها إلى هيئة المفوضين بالمحكمة ومن ثم تحديد رئيس المحكمة الدستورية العليا لجلسة النظر فى الدعوى. وفى ثنايا الحوار، أجاب المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا عن أسئلتنا حول انتخابات رئاسة الجمهورية والعدد المتوقع للمرشحين الفعليين، وفكرة الرقابة الدولية على الانتخابات ومطالبات البعض بعزل النائب العام وأعضاء المحكمة الدستورية العليا بحجة تعيينهم فى عهد الرئيس السابق، وغير ذلك من القضايا.. * فى البداية أعلنت المحكمة الدستورية العليا انسحابها من الجمعية التأسيسية للدستور؛ فما الأسباب الحقيقية وراء هذا الانسحاب؟ ** فى البداية لما وجهت إلينا دعوة للمشاركة فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وتم عرض الدعوة على الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا فوافقت على المشاركة فى وضع الدستور على أساس دعم الوطن على أن يتضمن جميع المبادىء الدستورية التى تنظم سلطات الدولة والحقوق والحريات التى تربط بين أفراد المجتمع جميعاً بمختلف فئاتهم والمحكمة الدستورية هى أولى الجهات التى تدعم وتعمل على حقوق الحريات العامة لجميع المواطنين فى مصر وفى نفس الوقت كل سلطة تباشر اختصاصاتها فى حدود الدستور والقانون، وبالتالى لا يوجد أولى من المحكمة الدستورية فى المشاركة فى صنع الدستور ولديها الخبرة الكاملة فى عملية صياغة الدستور من منطلق أنها تنظر فى دستورية القوانين ولديها الخبرة التامة فى مثل هذه الأمور. وقد رشحت المحكمة الدستورية أحد السادة نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا للمشاركة فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وهو المستشار على عوض نائب رئيس المحكمة، وهو من أقدم نوابها ومن الشخصيات التى تتمتع بخبرة كبيرة فى مجال صناعة وصياغة الدستور. ولكن المحكمة الدستورية العليا فوجئت بعد ذلك بحدوث خلافات بين جميع طوائف المجتمع وحدوث انشقاقات وخلافات بين فئات المجتمع وبين الأحزاب محددة لهذا الانتخاب مما تسبب فى نشوب هذه الخلافات وتفاقمها بين جميع الفئات والأطياف فى المجتمع. وحينما دبت هذه الخلافات بين طوائف المجتمع والأحزاب والاتجاهات المختلفة والنقابات. آثرت المحكمة عدم المشاركة فى الجمعية التأسيسية وقررت الجمعية العمومية للمحكمة انسحاب ممثلها المستشار على عوض من الجمعية التأسيسية للابتعاد عن هذه الخلافات من منطلق أن تنأى المحكمة بنفسها عن هذه الخلافات المتفاقمة. نحن دُعينا للمشاركة وقد قبلنا المشاركة ولكننا وجدنا خلافات كثيرة ففضلنا عدم المشاركة وانسحاب ممثلنا حتى لا ندخل فى هذه الخلافات فى ظل هذه الظروف غير المناسبة لإشراك المحكمة الدستورية العليا فنحن لا نشارك فى عمل فيه مثل هذه الخلافات خاصة أنه يمكن وصول هذه الخلافات إلى المحكمة الدستورية وتصبح المحكمة هى الحكم الفاصل فى مثل هذه الخلافات ونظر مدى دستورية ذلك من عدمه. وهذه هى الحقيقية الكاملة ويجب أن يعلم الجميع أن المحكمة الدستورية العليا بتاريخها ومنذ نشأتها هى حامية الحقوق والحريات وأنها أصدرت من الأحكام الكثيرة التى لم تراع فيها إلا مصلحة الوطن فقط ولم تتأثر المحكمة بأى طرف فقد حكمت المحكمة الدستورية العليا قبل ذلك بحل البرلمان (مجلس الشعب) مرتين لعدم دستوريته كان آخرها الحكم بحل مجلس الشعب عام 1998. وأحب أن أؤكد هنا أن المحكمة لا تراعى فى أحكامها. إلا أحكام الدستور والقانون والمصلحة العليا للوطن، والمحكمة الدستورية العليا تطبق أحكام الدستور والقانون مائة فى المائة ولا تبعد عن حكم الدستور والقانون قيد أنملة. وهى ملتزمة بأحكام الدستور والقانون وأن يكون أى طعن على أى نص قانونى تكون فيه المحكمة مقيدة بالفصل فى عدم دستوريته أم لا بنص الدستور والقانون وتاريخها معروف وأحكامها واضحة فى هذا الشأن، وأى طعن فى نص قانونى إذا كان هذا النص يخالف الدستور أو يتعارض مع الدستور فإن المحكمة الدستورية تقضى بعدم الدستورية على الفور ومهما كان هذا النص أو الذين يتعلق بهم النص، فالذى يهمنا هنا أولاً وأخيراً وثانياً وثالثاً هو مدى دستورية القانون المطعون عليه من عدمه. الطعن على المجلس * ما هو السيناريو القادم فى الدعوى المحالة إليكم من المحكمة الإدارية العليا الخاصة ببطلان مجلس الشعب وأقصد بطلان الثلث الفردى من المجلس؟! وماذا عن اتهام البعض بأن المحكمة تتأثر بالتدخلات الخارجية لإصدار أحكام معينة؟! ** لا أستطيع الرد على هذا الاتهام المخجل ممن أطلق أو لوح به. فنحن ننأى بأنفسنا عن الرد على أى اتهام من أى معتوه، فتاريخ المحكمة الدستورية العليا معروف للكافة على مدى تاريخها منذ إنشائها. أما عن الدعوى التى أقيمت أمام مجلس الدولة فقد أحيلت إلينا من المحكمة الإدارية العليا، ووصلتنا يوم 21 فبراير الماضى وقيدت فى قلم الجدول، ولازالت مستمرة فى استكمال الاجراءات وهى حالياً فى مرحلة التحضير ولم تدخل إلى هيئة المفوضين حتى الآن. أما عن موضوع الدعوى فهى تطعن على النص القانونى المنظم لعملية الانتخابات البرلمانية ومدى دستورية النص مع الإعلان الدستورى من عدمه ومجرد إحاله الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا تدخل فى الجدول ويتم قيدها، وإعلان الخصوم بقيد الدعوى ليقدم كل خصم من الخصوم أوجه دفاعه ومستنداته لقلم الجدول ثم بعد أن تنقضى المواعيد الخاصة بالإعلان، وكل الاجراءات بتبادل المستندات يتم إحالة أوراق الدعوى إلى هيئة المفوضين بالمحكمة ويقوم رئيس هيئة المفوضين بعرضها على أحد السادة أعضاء هيئة المفوضين لدراسة الأوراق وإعداد تقرير عن الدعوى يتم عرضه على رئيس هيئة المفوضين بعد الانتهاء من التقرير والذى يقوم بدوره بعد الاطلاع على التقرير بعرضه على رئيس المحكمة لتحديد جلسة لنظر الدعوى. وأؤكد هنا أن كل حرف فى كل كلمة فى نص قانونى يطعن بعدم دستوريته يتم دراسته وفحصه دراسة دقيقة وقانونية ودستورية لمعناه وبيان مدى اتساقه مع النصوص الدستورية. * أعود وأسال سيادتك لماذا لم تعودوا إلى الجمعية التأسيسية للدستور مرة أخرى خاصة أنه لا يوجد بالجمعية إلا قلة محددة من فقهاء الدستور؟ ** لم نعد إلى الجمعية التأسيسية مرة أخرى لأننا لم نر أى شىء قد تغير حتى نعود مرة أخرى. وحتى الآن لم يحدث أى جديد وإذا طرأ جديد وتم توجيه الدعوة إلى المحكمة الدستورية العليا لتقوم بدورها وللمشاركة فى عمل الجمعية التأسيسية لصياغة ووضع الدستور فسيتم عرض هذه الدعوة على الجمعية العمومية للمحكمة وهى التى تقرر ملاءمة مشاركة المحكمة الدستورية العليا فى وضع الدستور والأمر ستوقف على المتغيرات التى ستطرأ على الجمعية التأسيسية لأن المحكمة الدستورية العليا ليست طرفاً فى أية خصومة مع أى فصيل فى المجتمع لأن جميع الأطياف فى المجتمع سواسية أمامنا ولأن الجميع أبناء وطن واحد، فالجميع يلجأ إلى المحكمة الدستورية العليا كملاذ قضائى ودستورى أخير لإحقاق الحق وإعلاء كلمة الدستور فى النهاية. * يطاللب البعض بعزل أعضاء المحكمة الدستورية العليا ورئيسها وتطهير القضاء وعزل النائب العام لأنهم تم تعيينهم جميعاً فى عهد النظام السابق.. فما رأيكم فى هذا الموضوع؟ ** جميع قيادات مصر معينة بقرارات جمهورية من رئيس الجمهورية السابق والسؤال: هل تجلس كل قيادات البلد فى المنازل ولا تعمل ؟! وهل يعنى هذا أن نقيل كل القيادات المسئولة لأنها عينت فى ظل النظام السابق، نحن بذلك نهدم أركان الدولة إن لم يكن هو هدم الدولة. وهذا هو القصد من وراء هذا الكلام والتشكيك فى قيادات القضاء بما فيها المحكمة الدستورية العليا والنائب العام وغيرهم. إن هذه الدعاوى والادعاءات والأقاويل والمطالبات تمثل هدماً لأسس الدولة، من ينادى بهذا لا يريد خيراً لهذا البلد وكل من يقولون هذا الكلام لا يعرفون القانون ولا يعرفون النظام المؤسسى فى الدولة ولا يدركون التطبيق القانونى الصحيح وهذا ليس معناه أننا نترك من ارتكب أى جرائم فمن أفسد أو ارتكب جريمة أو فعلاً يعاقب عليه القانون، هنا وجب محاسبته وعقابه أيا كان. أما دعوى تطهير القضاء وعزل القضاة وعزل النائب العام فهى تصدر عن أناس لا يعرفون حكم القانون ولا يحترمون السيادة الخاصة بكل سلطة فى المجتمع ويجب عدم اتهام أى سلطة إلا بدليل ويجب عدم تدخل أى سلطة فى الدولة فى شئون سلطة أخرى فى الدولة. 20 مرشحاً على الأكثر * ما هو التقرير الذى سيصل إليه عدد المرشحين الفعليين للرئاسة بإنتهاء فترة التقدم للانتخابات وماذا تتمنى فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر؟ ** فى تقديرنا قد يصل عدد المرشحين المؤكدين فى انتخابات الرئاسة إلى 20 شخصية من المرشحين حتى نهاية اليوم الأحد، وقد وصل العدد قبل 4 أيام إلى 10 مرشحين أما ما أتمناه أن تخرج مصر من هذه الأزمة بسلام، وينعم عليها برئيس جمهورية يحفظ لها أمنها وسلامتها بإذن الله ويكون شخصاً وطنياً يستحق ذلك عن جدارة ومستحوذاً على ثقة الجماهير. * ما الاجراءات التى تتخذها اللجنة فور تليقها لأوراق الترشيح؟ ** الاجراءات التى تتخذ تجاه أى مرشح يتقدم بأوراقه تتمثل فى الإجراء الأول الذى تقوم به اللجنة وهو إخطار جهتين، هما وزارتا الخارجية والداخلية ممثلة فى مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية، للتأكد من انطباق شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وفحص مدى توافر الشروط فى المرشح خاصة فى الشرطين الآتيين: جنسية والديه: بأن يكون من أبوين مصريين لا يحمل أى منهما أى جنسية أجنبية غير المصرية وأنه أولاً يحمل الجنسية المصرية، أما الشرط الثانى فهو الاقرار الثانى الذى يقر فيه بأنه غير متزوج من غير مصرية (أجنبية) وهذان الشرطان يتم التحقق فى مدى توافرهما، وإرسال خطابات رسمية لهذه الجهات السيادية فى نفس يوم التقدم بالأوراق الرسمية وحتى الآن لم يرد لنا أى أخطار من أى جهة رسمية من هاتين الجهتين. وقد تم إرسال خطابات المرشحين الخمسة الأول إلى وزارتى الخارجية والداخلية وهم أحمد محمد عوض د. عمرو موسى وحسام خير الله وأبو العز الحريرى، وقد كان عمرو موسى قد تقدم بتأييد توكيلات من الناخبين فى حين أن الآخرين تقدموا بتأييد حزبى وجاء الرد من الخارجية والداخلية بعدم الاستدلال على أى منهم أو أحد والديهم بحمل أى جنسية أخرى غير المصرية أو أى منهم تزوج بزوجة غير مصرية أو تحمل جنسية أخرى غير الجنسية المصرية، أما المستشار هشام البسطويسى ومحمود حسام وعبد المنعم أبو الفتوح وحازم أبو إسماعيل فقد تم إرسال الخطابات ولم نتلق الرد حتى الآن، لأن الرد يستغرق ما يقرب من أسبوع أو أكثر بقليل ونحن ننتظر هذه الردود. * ولكن ماذا يتم فى مرحلة فحص التوكيلات، وما هى الجهة التى تقوم بذلك؟ ** تتم مراجعة التوكيلات التى يحررها الناخبون للمرشحين على الكمبيوتر وقد قامت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة بإحضار أحدث الماكينات لحفظ ومراجعة أوراق التوكيلات من ألمانيا واليابان، واكتشاف مدى التلاعب فيها من عدمه ونحن نطلب من مندوبى المرشحين وفى حضورهم ألا يغادروا اللجنة القضائية العليا للانتخابات إلا بعد انتهاء المراجعة الكاملة والفرز والحفظ على الكمبيوتر نفسه كاملاً وعدم مغادرة اللجنة إلا بعد انتهاء جميع هذه العمليات، وقد استغرق فحص توكيلات د. عبد المنعم أبو الفتوح مدة يومين وحتى ثانى يوم التقديم وقد استغرق فحص توكيلات عمرو موسى مدة يومين أيضاً أما المرشح حازم أبو إسماعيل فقد استغرقت عمليات الفحص مدة 48 ساعة وقام المندوبون الخاصون بالمرشح بالمبيت فى اللجنة ولم يغادروها إلا فى ثانى يوم وهو نفس ما حدث وتكرر مع عمرو موسى فقد استمر مندوبون حتى اليوم الثانى وأيضاً الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ولم ينصرف المندوبون إلا بعد الفرز والعدُ والترقيم والرصد بعد ادخال ذلك على الكمبيوتر. لا للرقابة الدولية * ما رأيكم فى الرقابة الدولية على انتخابات رئاسة الجمهورية؟! وهل اللجنة توافق عليها أم ترفضها؟ ** نحن دولة مستقلة ذات سيادة ولا نقبل إطلاقاً كلمة رقابة أو مراقبة دولية على انتخاباتنا لكننا نرحب بأية متابعة للعملية الانتخابية من أية منظمة حقوقية مرخص لها بالعمل فى مصر سواء منظمة محلية أو دولية أو أجنبية بشرط أن يكون مرخصاً لها من الجهات المختصة بذلك فى مصر، ونحن على استعداد لتسهيل مهمتها فى المتابعة ونحن نتمنى أن يرى العالم كله العملية الديمقراطية ودقتها فى الممارسة الصحيحة والدقيقة فى الانتخابات الرئاسية فى كل مراحلها ومدى الممارسة الديمقراطية التى ستتم بها وتتميز بها منذ بدايتها وحتى انتهائها. * المحكمة الدستورية جلساتها علنية؛ كم عدد جلساتها فى السنة أو فى الشهر وما هو دورها فى سن القوانين ووضع الدستور؟! ** المحكمة الدستورية العليا هى بمثابة حارس الدستور الذى يلجأ إليه المصريون للفصل فى دستورية القوانين والمحكمة الدستورية تؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات لذلك يلجأ إليها الجميع فى طلب تفسير النصوص القانونية أو القوانين واللجوء إلى المحكمة الدستورية هو اتجاه لصحيح الدستور والقانون الذى لا يغلّب فئة على أخرى. والمحكمة تعقد جلستها العلنية شهرياً ويجوز أن تنعقد أكثر من مرة فى حالة الضرورة.