وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    وزير الخارجية خلال جولة مع رئيس الوزراء الفلسطيني في معبر رفح: لا لمخططات التهجير    أوتشا: نحو 86% من مساحة غزة تخضع لأوامر إخلاء أو مناطق عسكرية    نطور في المطور بمناهجنا    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    زيلينسكي: سيتم البت في مسألة الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    لو فعلها ترامب!!    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    السوبر السعودي: خورخي خيسوس «عقدة» الاتحاد في الإقصائيات    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    ما صحة إدعاءات دولة إسرائيل «من النيل إلى الفرات» في التوراة؟ (أستاذ تاريخ يوضح)    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ديون بابا للضرائب ونجم شهير صدمنا برده عندما لجأنا إليه (فيديو)    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    قد يسبب تسارع ضربات القلب.. 6 فئات ممنوعة من تناول الشاي الأخضر    إنزال الكابل البحري «كورال بريدج» في العقبة بعد نجاح إنزاله في طابا    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    أحدث صيحات موضة الأظافر لعام 2025    60.8 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    رئيس وزراء السودان يوجه نداء إلى الأمم المتحدة بشأن مدينة الفاشر ويطالبها بالتدخل فورا    رئيس نادي طنطا يؤكد حرص النادي على تنظيم حضور الجماهير ويثمن دور الجهات المختصة    تأكيدًا لمصراوي.. نقل موظفين بحي الهرم في الجيزة على خلفية مخالفات بناء    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    "رشاقة وفورمة الساحل".. 25 صورة لنجوم ونجمات الفن بعد خسارة الوزن    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    العمراوى حكما لمباراة سيراميكا وإنبى.. وعبد الرازق للجونة والمحلة فى الدورى    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر ال 18 لمنتدى البحوث الاقتصادية يؤكد: الفساد «آفة» التنمية !
نشر في أكتوبر يوم 08 - 04 - 2012

هذه الواقعة دائماً ما يرويها ممثلو صندوق النقد والبنك الدولى كدليل على الفساد المستشرى فى دول الشرق الأوسط، والذى غالبا ما يتم بشكل مقنن.. والواقعة تقول إن وزيراً للنقل والبنية الأساسية ذهب لزيارة دولة شرق آسيوية والتقى نظيره هناك والذى طلب منه أن ينظر من شباك مكتبه إلى الكوبرى المجاور للمبنى.. وأخبره بأن هذا الكوبرى تكلف فى الأوراق الرسمية 5 مليارات دولار، ثلاثة منهما صرفت بالفعل على إنشاء الكوبرى واثنان دخلا فى جيب الوزير.
ومرت الأيام وجاء الوزير الآسيوى ليرد الزيارة لزميله الشرق أوسطى فطلب منه الأخير أن ينظر من شباك مكتبه فرأى أرضاً فضاء.. وعندما سأله الأول عن الموضوع أخبره الثانى بأن دراسات الجدوى لإقامة منطقة صناعية على هذه الأرض تكلفت 5 مليارات دولار دخلت كلها فى جيبه!
ولا ندرى مدى حقيقة تلك الواقعة من عدمه ولكنها تشير بوضوح إلى آفة الفساد المنتشر فى بعض الدول النامية ومنها الدول العربية بالطبع.. وما يرتبط بذلك من عدم عدالة توزيع لثمار التنمية فى تلك الدول.. وهو ما حاول المشاركون فى المؤتمر الثامن عشر لمنتدى البحوث الاقتصادية مناقشته لتحديد ماهية الفساد، وكيفية قيامه، وطرق مكافحته.
ويقول د. أحمد جلال مدير المنتدى إننا ركزنا فى المؤتمر على العلاقة بين الفساد والتنمية.. وذلك بدراسة الأسباب وصور الفساد وطرق المعالجة؟.. فضلا عن دراسة الظاهرة وحجمها ومقارنة الدول ببعضها، وأيهما أقل أو أكثر فسادا، وهل يتركز الفساد فى الدول النامية وحدها أم أنه موجود أيضاً وبذات القدر فى الدول المتقدمة؟.
ويضيف د. جلال أنه من المعروف أن هناك فساداً إدارياً يتمثل فى التعاقدات والمشتروات الحكومية والتراخيص، إلى جانب الفساد السياسى الناتج عن استغلال المنصب أو الصفة.. والاثنان يعنيان حصول البعض على أموال أو مكاسب مختلفة بغير مبرر.. وهو ما يعنى فى النهاية الخلل فى توزيع الموارد المتاحة بشكل عادل.
ويضيف د. جلال أننا اكتشفنا من خلال الأوراق ومداخلات المشاركين فى المؤتمر أن الرشوة فى الدول النامية دائماً ما تتم من تحت الترابيزة، بينما تكون فى الدول المتقدمة بشكل معلن أى أنها مقننة!
وقال أحمد جلال إنه من الصعب قياس الفساد فى الوطن العربى لأنه لا يوجد إحصائيات ولا تصورات لأجهزة قياس مستوى الفساد فى الشرق الأوسط، ولكن توجد أمثلة واضحة للفساد مثل الفساد فى القطاع العام حيث يمكن مقارنة الأرباح التجارية والمالية ما بين مؤسسات القطاع العام والخاص وخاصة فى مصر، فالفرق واضح ما بين المؤسستين ونسبة الفساد فى القطاع العام أعلى بكثير من القطاع الخاص.
ويرى د. عبد اللطيف أحمد رئيس مجلس أمناء المنتدى أن الفساد آفة تصيب جميع المجتمعات فى العالم، والأهم فى هذا المجال هو المتابعة والشفافية فى مكافحة أسباب الفساد ومحاسبة المسئولين عن هذا الوباء، فمن المعروف أن الفساد يؤثر سلبا على النمو الاقتصادى كما أنه يصيب المواطنين بالإحباط.. لأن المواطن عندما يشعر بأن حقوقه ليست محفوظة بحكم الطبيعة ودون ممارسات خاصة على حساب الآخرين.. فسوف يشعر بأنه خارج المجتمع ويبدأ فى ممارسات تخل بمنظومة العمل المتبعة.
ويعترف د. عبد اللطيف بأن معالجتنا لهذه الآفة ليست كما يجب وكما هو موجود فى الدول الأكثر رقياً، فمثلاً عندما شعر محافظ البنك المركزى السويسرى بأن زوجته استفادت بشكل غير مباشر من خلال بيع عملات أجنبية دون علمه.. قدم استقالته على الفور.. لأنه يحترم القوانين وآداب الوظيفة العامة.
ويؤكد د. عبد اللطيف أن الدول العربية تعانى من نوعين من الفساد - الإدارى والسياسى- كما هو موجود فى بعض الدول الأخرى، ولكن فى غياب المتابعة والمحاسبة العادلة.. ليست فقط للفاسد ولكن للمفسد أيضاً.. فسوف يظل الفساد موجوداً.. موضحاً أن العبرة ليست بسن القوانين ولكن بالالتزام بتطبيقها.. فجميع الدول العربية لديها قوانين تمنع الممارسات الخاطئة للمرور فى الشوارع.. ولكن من يلتزم بها؟.. فوجود القوانين لا يعنى تحقيق المطلوب بقدر ما هى التزام أخلاقى وتربية مجتمعية ومتابعة ومحاسبة جادة للمخطئ.
قياس الفساد
بينما أكد د. بول كوليير أستاذ الاقتصاد بجامعة أكسفورد أن الفساد الاقتصادى أكبر بكثير مما نعتقد بشكل عام إلا أنه يرى من الصعب قياس الفساد، وأن ما يتم قياسه يجب أن ينبع من تشخيص ما يمكن القيام به فى حيال ذلك، ويترتب على هذا ضرورة التركيز على الدولة لإرساء القواعد والعمليات التنظيمية والتركيز على تغيير قيم الناس ومنظماتهم.. وبالنسبة للقطاع العام تحدث كوليير عن التكاليف المتعلقة باثنتين من قضايا الفساد والعوامل التى تدعم مثل هذه الممارسات، فالأولى تخص بلداً فى غرب أفريقيا لم يفصح عنه، حيث أعطى وزير التعدين حقو? التنقيب لإحدى الشركات وجلبت هذه الصفقة مكاسب مالية لهذا الوزير، وليس للحكومة، علماً بأن الصفقة تبلغ قيمتها حوالى (10) مليارات دولار وتمثل أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلى الإجمالى السنوى لهذا البلد.. وفى هذا المثال كانت الإغراءات بالنسبة لهذا الوزير هائلة فى حين أن الشركة كان بإمكانها أن تدفع رشاوى بأرقام فلكية وستظل بإمكانها تحقيق مكاسب كبيرة، ويقول كوليير إنه مالم يكن هؤلاء الناس قديسين فإنهم استسلموا لهذا النوع من الإغراء، وخصوصاً فى النظام الذى يخلو من العقوبات المقابلة لهذا النوع من السلوك!!
أما القضية الثانية فتتعلق بشركة بريطانية لبناء الجسور حيث تمت إدانة هذه الشركة من قبل مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة بتهمة دفع رشوة لمسئول جامايكى للتعاقد على بناء جسور واستمرت هذه الرشاوى لمدة خمس إلى سبع سنوات وأعطت المتهم يوسف هيرت الوسائل المالية اللازمة لدخول المعارك السياسية الذى أصبح فى نهاية المطاف وزيراً للنقل.. ويقول كوليير إن تكلفة الفساد هنا تعتبر غير مباشرة، حيث إن وجود هذا الوزير الفاسد منع من لديه نزاهة ورغبة حقيقية لخدمة الجمهور بشكل جيد من الوصول لهذا المنصب!!
وينتج عن هذا ما يعرف بتأثير الاختيار الذى يؤدى إلى سيطرة الأقوياء على النظام السياسى بدلاً من الذين لديهم القدرة والرغبة على خدمة الوطن والجمهور..
ويضيف أن التعامل مع الفساد بهذا الحجم ليس بالأمر السهل وسياسة مكافحة النار بالنار لم تحقق النجاح دائماً عند التعامل مع هذه المسألة..
وقال كوليير إن العمليات التنظيمية وسيلة حاسمة لإزالة بعض الحوافز التى تدعم الفساد ولاسيما الأوسع نطاقاً، كما أن المناقصات العلنية والتنافسية هى إحدى الطرق الأنسب للقطاع العام، ولكن يجب أن تكون مدعومة من خلال أنظمة مراقبة سليمة، إذ بدون هذه العملية المستمرة للمراقبة سيظل المال العام الأكثر تضرراً من الممارسات الفاسدة.. وعلى سبيل المثال «أنجولا» لديها عملية مناقصة تنافسية لبناء الطرق وذلك كوسيلة للحفاظ على انخفاض التكاليف فى كثير من الأحيان ولكن هذه الطرق ستكون عديمة الفائدة بعد بضع سنوات.. إذ إن عملية إرسائ?ا لم تتم على أسس مستقرة.. ويمكن لعملية المراقبة المستمرة لأعمال التشييد أن تقضى على هذا النوع من الممارسات ولكن مثل هذه المراقبة تعتمد بشكل كبير على الموارد.. ويقول كوليير إن هذا النوع من الممارسات سيكون على المدى الطويل مدمراً للتنمية الوطنية..
وربط كوليير هذا النوع بالفساد بأخلاق وقيم العاملين داخل العديد من المنظمات والمؤسسات مثل المدارس والمستشفيات، مؤكداً أنه إذا تم تبديل هؤلاء العاملين بأفراد أخلاقهم أرقى سوف يحدث تغييرات فى العملية الاقتصادية وأعطى كوليير مثالاً على دراسة عن التعليم فى نيجيريا، حيث أوضحت أن هناك نسبة عالية من الأطفال فى سن العاشرة من عمرهم، لا يجيدون القراءة ويرجع ذلك إلى أن العديد من المعلمين لا يستطيعون القراءة أيضاً، ومنهم معلمون غير مؤهلين لتعليم القراءة والكتابة على الإطلاق ومن المثير للاهتمام أن هؤلاء المعلمين لديهم ش?ادات للتدريس مما يشير إلى أن بعض المعلمين قد حصلوا على شهادتهم من خلال وسائل غير أخلاقية..
المراقبة بالحرية
وأكد دانيال كوفمان من معهد بروكينجيز أن قياس الفساد صعب للغاية لأنه مرتبط بأخلاق أفراد العاملين فى المؤسسات الحكومية ولحل هذه الأزمة أو المشكلة فلابد من وجود حرية أكثر وديمقراطية، وإفساح المجال لإبداء الرأى والمساءلة القانونية والرقابة الإدارية على المنظمات الحكومية وتكوين جمعيات أهلية لمراقبة فساد الحكومة!!
وقد تطرق المشاركون فى المؤتمر السنوى ال 18 لمنتدى البحوث الاقتصادية إلى كيفية محاربة الفساد، وفى هذا السياق يؤكد زياد أحمد بهاء الدين عضو مجلس الشعب المصرى على الحاجة إلى النظر إلى اتخاذ التدابير المختلفة لمنع الفساد فى المستقبل وفى هذا السياق أشار إلى المبادرة المصرية للوقاية من الرشوة والدور الذى ينبغى أن يضطلع به البرلمان فى هذا الصدد..
وأضاف أن محاربة الفساد فى البلدان النامية تمثل تحدياً ومع ذلك يمكن أن تكون المعلومات أداة قوية للغاية فى الكشف عن الفساد وخاصة فى البلدان التى تمر بمرحلة انتقالية.. وتوازن المعلومات بين الحكومة والمواطنين إلى حد كبير لصالح الحكومات.. فحق الحصول على المعلومات عن الفساد يعزز الشفافية.
كما أكد سردار سايان أستاذ الاقتصاد بجامعة الاقتصاد والتكنولوجيا بتركيا على ضرورة وجود مناهج جديدة لقياس الفساد فى أجزاء مختلفة من العالم وذلك باستخدام المسح الذى يستند إلى تصورات علمية وبحثية لحل هذه الكارثة التى يعانى منها كثير من دول العالم..
وقال إن البرامج السياسية لمحاربة الفساد هى وسيلة فعالة لمكافحته.. وهناك طرق مختلفة فى محاربة الفساد وتعزيز الشفافية من بينها المساءلة الأفقية كما هو محدد فى العلاقة بين المهام التنفيذية والتشريعية فى الحكم والفصل بين السلطات ومراجعة الحسابات الاجتماعية وإنتاج المعلومات واستراتيجيات السوق المفتوحة وتخفيض الموارد من خلال القنوات الرسمية..
وقال براتاب ميهتا رئيس مركز للبحوث السياسية بالهند إن مكافحة الفساد تكون فعالة إذ توافرت الممارسات الجيدة والناجحة والتى تنص على تحديد نظام عملى مثل (RTI) كما حدث فى الهند وهو الحق فى الحصول على المعلومات للمواطنين..
ونوه المؤتمر إلى أن المؤسسات والمنظمات الأهلية وغير الرسمية قد تكون حليفاً فى محاربة الفساد.. حيث إن الفساد يحتاج إلى المزيد من الفهم وخاصة فى الاقتصادات التى تمر بمرحلة انتقالية، فالقطاع غير الرسمى فى كثير من الأحيان محارب للفساد ونتيجة لذلك غالباً ما يتم التعامل مع هذه المؤسسات غير الرسمية من قبل المجتمع الدولى للسياسات.. ومع ذلك هناك أدلة متزايدة على أنه ينبغى إعطاء القطاع غير الرسمى أهمية أكثر عن التفكير فى التعامل مع هذه القضية، وقد أكد كل من ليزا أندرسون أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية ومشتاق خان أ?تاذ الاقتصاد بجامعة لندن.. أن ما يعرف عن الفساد الاقتصادى هو تسريب البضائع والمصالح العامة لتحقيق مكاسب خاصة هو تعريف مشترك وهو مفهوم عصرى للفساد حيث يقوم على التمييز الواضح بين الحياة الخاصة والعامة ويقوم على افتراض أن هناك نظاما سياسيا واجتماعيا فى المكان الذى لا ينبغى فيه أن تستخدم لتحقيق مكاسب شخصية.. فهذا يعنى أن الفساد الاقتصادى مرتبط بالفساد الأخلاقى.. وتنتشر هذه الظاهرة فى جميع أنحاء العالم وخاصة البلدان النامية هذا التمييز بين المجالين العام والخاص ليس واضحاً كما أصبح الخلط بين تعريف الفساد الاقتص?دى والفساد الأخلاقى مما أدى إلى وجود بلبلة لصانعى السياسات ومما أدى إلى اختلال السياسات التى تسعى إلى التصدى للفساد.. ولذلك فلابد من وجود مؤسسات أهلية لمحاربة الفساد الأخلاقى من أجل إصلاح الفساد الاقتصادى.
بعد الثورات العربية.. الطريق ليس واضحا
على هامش المؤتمر عقد المنتدى مجموعة من ورش العمل لمعرفة الأسباب التى أدت إلى حدوث الثورات الجماهيرية العربية وعرض تجارب الدول التى نجحت فى تخطى مرحلة التمويل الديمقراطى مع دراسة كيفية الاستفادة منها.
واتفق المشاركون على إنه لا يمكن معرفة النتائج التى سيسفر عنها الربيع العربى، ولكن هناك العديد من الدروس التى يمكن استخلاصها من التاريخ ومن التجارب الناجحة فى مجال التحول الديمقراطى.
وقد عرض كل من ستيفن كوزاك وإيفان سميث (من جامعة هارفارد) النتائج الأولية لبحثهما.
وتبين من خلال هذه البيانات ان الثورة المصرية يمكن اعتبارها «حركة احتجاجية غير منظمة لديها عدد من الخصائص المختلفة بما فى ذلك حقيقة أنه نادرا ما يكون ناجحا من الناحية السياسية. وعندما ينجح فإنه يميل إلى الإطاحة بالقادة السياسيين ولكنه يجد صعوبة فى التخلص من الأنظمة تماما. كما شرح اسحاق ديوان (جامعة هارفارد كينيدى) كيف تغيرت الصفقات الاستبدادية التى كانت تقوم عليها الانظمة الاستبدادية السابقة عبر الزمن، حيث أصبحت الطبقة الوسطى غير راضية عن رأسمالية المحاسيب والتى كانت غير قادرة على توزيع الثروات بشكل عادل.?وكانت النتيجة أن الطبقة الوسطى بدأت فى تشكيل تحالف جديد مع من هم من خارج هذا النظام، وقد يشكل هذا التغيير أسسا لاتفاق اجتماعى وسياسى فى المستقبل.
وتحدث مشتاق خان (جامعة لندن) عن الحاجة لبناء المؤسسات التى تعمل فى بيئة ديمقراطية قادرة على المنافسة ودمج الفقراء وأن يكون النمو أكثر شمولاً.
وهناك تمييز واضح بين خطاب المنظمات الديمقراطية والممارسة الفعلية كشفت عنه جيليان شويدلر (جامعة ماساتتشوستس) من خلال بحث مقارن لها بين اليمن والأردن، وقد بدأت الأردن الممارسات الهيكلية الشاملة فى تحولها إلى الديمقراطية فى حين أن اليمن على الرغم من الخطاب المتوهج فشلت فى تحقيق الاعتدال والشمولية.
وإذا كانت مصر وتونس تتجنبان لعنة التصنيف المرتبطة بنوع الحركات التى أسفرت عن تغيير النظام فإنه ليس هناك شك فى أن هناك حاجة للخيال السياسى. ويرى براتاب مهتا (مركز للبحوث السياسية بالهند) ضرورة وجود حلول وسطى تسعى لضمان توزيع الثروات على نحو أكثر توازنا من قبل من هم فى مراكز السلطة، وبعبارة أخرى فإن النخبة يجب أن تكون أكثر شجاعة وتضمن إدارج مختلف أصحاب المصالح فى هذه الانظمة الجديدة.
ومن بين التحديات الأساسية التى تواجه كلا من تونس ومصر أن التغييرات التى أحدثتها هذه الثورات لم تكن متوقعة ولم تكن هناك خطط مسبقة لتحقيق التحول الديمقراطى السلس وقد خلق هذا سلسلة من التحديات. وركز حازم الببلاوى (نائب رئيس الوزراء السابق) على أهمية مكافحة تلك الأمور التى تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة قبل التركيز على بناء دعائم الديمقراطية فربما ينبغى أن تأتى الممارسة أولا.
***
بول كوليير: مصر بحاجة لقوانين صارمة لمكافحة الفساد
يقول بول كوليير أستاذ الاقتصاد بجامعة أكسفورد إن الثورات التى تقودها الشعوب العربية والتى أسفرت عن الربيع العربى تعد لحظة فاصلة فى التاريخ الحديث للمنطقة العربية وأن الأنظمة السابقة فى مصر وتونس وليبيا ارتبطت بشكل وثيق بانتشار الفساد وبعدم عدالة توزيع الدخل على الأفراد، فالفساد المنظم فى هذا النطاق يميل إلى نقل المعايير والقيم فى المجتمع من أعلى لأسفل.
ويقول إنه لابد من وجود قوانين صارمة لحل مشكلة الفساد فى مصر، ولابد من وجود رقابة من الدولة لإرساء القواعد والعمليات التنظيمية على المؤسسات الحكومية للحد من الفساد ولابد من وجود أجهزة معنية من قبل الحكومة والدولة لقياس مستوى الفساد سواء على مستوى الصحة والتعليم والاقتصاد والغذاء حتى لا تعود مصر إلى عصر مبارك، حيث سيطر هو وعائلته على جميع موارد الدخل والثروة والبورصة وذلك لعدم وجود رقابة صارمة على مصدر أمواله..
كما أن التحول الديمقراطى وحرية إبداء الرأى ستساعد على حل أزمة الفساد السياسى والاقتصادى.. كما أن وجود العديد من الأحزاب والتكتلات السياسية فى مصر يعكس وجود ديمقراطية بشكل صحى وسليم وذلك قد ينعكس بشكل واضح وصحى على تعافى الاقتصاد المصرى من الفساد!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.