شبح الانفصال والتقسيم يهدد دولة عربية أخرى إذ إنه بمجرد الإعلان عن تأسيس اتحاد فيدرالى لبرقة الليبية التى تمتد من حدود مصر شرقا إلى إقليم سرت غربا تستمد شرعيتها من الدستور الذى أقر فى عهد الرئيس الراحل إدريس السنوسى عام 1951 حتى علت الأصوات المنددة والمستهجنة لفكرة الانفصال، حيث تكمن خطورة هذه الفكرة وهذا التوجه فى أنه قد يكون مقدمة لتقسيم البلاد مرة أخرى وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل سبعين عاما عندما تم تقسيم ليبيا إلى ثلاث ولايات هى برقة وطرابلس وفزان، خاصة بعد إعلان المجلس الأعلى الانتقالى لبرقة بقيادة الشيخ أحمد الزبير السنوسى رئيس الإقليم أنه سيحدد موعدا للاستفتاء على الفيدرالية فى الإقليم فى خطوة مشابهة للاستفتاء الذى أدى لانفصال جنوب السودان فى تسارع لفرض أمر واقع والتى طرح معها العديد من الأسئلة لماذا يريد البرقيون الانفصال؟ وهل يتكرر سيناريو السودان فى ليبيا؟ حيث يبرر المؤيدون لفكرة انفصال برقة والتى دعمها التكتل الفيدرالى المكون من جبهة إنقاذ ليبيا وأعيان قبائل برقة بعدد من الأسباب من ضمنها اختيار رئيس الوزراء من المنطقة الغربية، وتعيين 80% من السفراء من المنطقة الغربية، خاصة مصراتة والزنات وطرابلس وتجاهل الإقليم، واختيار رئيس الأركان الليبى دون إعطاء ضباط برقة العلم، بالإضافة إلى اختيار عدد أعضاء المؤتمر 120 من الغرب من أصل 200 على عكس ما كان يحدث خلال عهد الملك إدريس السنوسى، حيث كان يتم اختيار 20 عضوا لكل إقليم بالتساوى. كما يبرر المؤيدون خطوتهم هذه بالفشل الذريع للدولة المركزية وسياسات المجلس الانتقالى الليبى الاستبدادية والتهميش الذى تعانى منه منطقتهم على الرغم من أن عائدات النفط والغاز اللذين يستخرجان من أرضها تمثل مصدرا رئيسيا للدخل القومى لعموم ليبيا. ويؤكد الشيخ السنوسى رئيس الإقليم اعتزامه إجراء استفتاء حول إعلان شرق ليبيا إقليما فيدراليا، مؤكدا أن الفيدرالية لا تعنى التقسيم وأن وحدة ليبيا خط أحمر لا يمكن تجاوزه. مشددا على أن الإعلان لا يدل على انفصال ولا على تقسيم، إنما على رغبة السكان فى تسيير أمورهم الحياتية فى هذا الجزء من ليبيا. يأتى فى ظل هذا ضبابية المرحلة الانتقالية التى تعيشها ليبيا وعدم قدرة الجيش على قمع هذه الحركة الانفصالية التى يرى فيها الكثيرون أنها أحيت مخطط تقسيم الشرق الأوسط الذى بدأ بالعراق ثم تقسيم السودان وليبيا واليمن.. وأخيرا سوريا. من جهته يحذر شريف حافظ أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية من خطورة الوضع الحالى فى ليبيا، مؤكدا أنه نوع من إعادة رسم الشرق الأوسط ومخطط رسمه اليمين الأمريكى المتطرف لخدمة مصالح إسرائيل. وقال إنهم بدأوا بالسودان وقبلها العراق وانقضوا حاليا على ليبيا، مشيرا إلى ضرورة أن تصحح الثورات العربية أخطاءها وتتوحد داخليا للخروج من الأزمة، موضحا أنه لا يمكن خروج ليبيا من هذه الحالة إلا بالتفاوض. وأنه لابد أن يخرج الإقليم بمكاسب حقيقية على الأرض وأن يكون لها دور فى ليبيا وأن يعى الليبيون أنه لا صوت يعلو فوق صوت ليبيا، وإلا فلن تكون برقة الأخيرة. أما د. ناصر العرفى الأستاذ بجامعة بنغازى فعلى الرغم من تأكيده على ضرورة خروج ليبيا من المركزية فإنه فى الوقت ذاته يؤكد أن الحل ليس فى الفيدرالية، إنما فى اللامركزية المؤثرة والفاعلة التى تجعل للأقاليم والمحافظات مشاركة فاعلة فى البرامج المختلفة للدولة، وأن يكون هناك توزيع للأدوار وأن تكون لها آليات تنفيذية فاعلة.