بعد عام من انطلاق الثورة على نظام الأسد، نجد أن الأزمة السورية مازالت عميقة ومركبة.. بل معقدة أيضا، المأساة السورية لا تبدو لها نهاية فى الأفق القريب رغم كل المحاولات الدبلوماسية، فلا أحد من الأطراف المتصارعة قادر على حسم المعركة وتحقيق النصر، ولكن هناك بعض السيناريوهات المحتملة التى يمكن أن تسلكها المأساة السورية. الأول أن يستمر نظام الأسد فى القمع والسيطرة على البلاد، والثانى يذهب إلى احتمال نشوب حرب أهلية تمتد عدة سنوات، كما حدث فى لبنان فى السبعينيات، أما الثالث والمأمول فهو التوصل إلى هدنة بين جميع الأطراف تضمن قدرا من التعايش الهادئ، يفسح المجال أمام الجهود الدبلوماسية لتجد مخرجا من نفق الأزمة السورية المظلم. ورغم جهود جامعة الدول العربية ومساعى كوفى عنان موفد الأممالمتحدة إلى سوريا ولقائه بالأسد، فإن الواقع الدموى مازال يفرض نفسه على التراب السورى فى مختلف المدن وقلبها دمشق. ويبدو أن النظام السورى مازال يراهن على إمكانية كسب الصراع من خلال القوة الغاشمة دون التفكير فى الكوارث والمعاناة التى يواجهها الشعب السورى، وهو رهان أصبح فى موضع شك عميق، على الرغم من التأييد الروسى والصينى والإيرانى للنظام السورى، وهو الأمر الذى يشعره بالقوة وإمكانية الاستمرار. وعلى الجانب الآخر نجد أن المعارضة منقسمة وتتشكل أساسا من مجموعة من المعارضين المقيمين فى المنفى تحت مسمى الهيئة العامة للثورة. أما المعارضة الداخلية فهى المسئولة عن الخروج، وانضم إليها الضباط والجنود الذى انشقوا عن الجيش النظامى فيما يسمى بالجيش الحر، مشكلين جماعات مسلحة تحارب النظام السورى وجيشه. وقد نجحت المعارضة فى الحصول على تأييد عربى ودولى كبير، لكن غياب الرغبة أو صعوبة التنفيذ لأى تدخل عسكرى وضع حدودا للدور الخارجى وقلّص دوره على المجال الدبلوماسى فقط. وقد أظهرت المعارضة قدرتها على خوض معركة استنزاف طويلة ومكلفة ضد النظام السورى، ورغم جهود كوفى عنان من أجل إحلال السلام فى سوريا فإن تأكيدات الأسد لعنان أن أى حوار سياسى أو عملية سياسية لا يمكن أن تنجح مادامت تتواجد مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة. وقد عبّر عنان عن أمله فى أن يتمكن من العمل مع الحكومة السورية لإطلاق حوار دبلوماسى فى إطار عملية سياسية تعيد الاستقرار لسوريا. وكان عنان قد التقى مع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى القاهرة قبل توجهه إلى دمشق. وصرحت الخارجية الروسية بأن لافروف كرر دعوة موسكو لإنهاء العنف وبدء الحوار، وأكد معارضته للتدخل الأجنبى، وإذا كانت كل الأطراف تعارض التدخل العسكرى، فلابد من الضغط على الأطراف المتصارعة ودفعها إلى وقف إطلاق النار والدخول فى مفاوضات تقود لتشكيل حكومة انتقالية. ويتعين على الجميع أن يدركوا أن استمرار الأزمة السورية يعد تهديدا للمنطقة بأكملها يوشك على الانفجار.. فالتوافق على الحل السلمى هو السيناريو الوحيد الآمن والذى تدعمه الأممالمتحدة والجامعة العربية، لكن سرعة التنفيذ هى الأكثر إلحاحا من أجل إنقاذ الشعب السورى من المذابح اليومية التى يتعرض لها على يد نظام الأسد. ماجد بدران maged B.7 @yahoo.com