«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى حديث لم ينشر مع الراحل الدكتور صوفى أبوطالب (3-3): لماذا اختار السادات «مسيحياًًًً» ليكون أول أمين للحزب الوطنى
نشر في أكتوبر يوم 04 - 03 - 2012

فى الجزء الثانى من الحديث الذى تم تسجيله منذ حوالى 12 عاماً كشف لنا الراحل د. صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب الأسبق ومستشار الرئيس السادات عن حكايات طريفة بينه وبين الرئيس السادات منها أن الرئيس الراحل عاد من القدس- وتلك الزيارة الشهيرة لإسرائيل- ليشهد على عقد زواج ابنته. وعن المحادثات التليفونية التى جرت بينهما أثناء التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد. ولماذا أراد السادات أن يقلب مصر طوبة على طوبة فى ذلك الوقت؟.
وفى الجزء الأخير من الحديث أجاب أبوطالب عن سؤال مهم شغل الكثير من السياسيين فى ذلك الوقت وهو لماذا اختار السادات «مسيحياً» ليكون أول أمين للحزب الوطنى.. ولماذا عارض البعض اختيار د.صوفى رئيساً لمجلس الشعب؟!
كما يكشف عن علاقته بالأحزاب المعارضة وبالحركات الطلابية خاصة الإسلامية منها.. وأسرار أخرى كثيرة فى السطور التالية..يستكمل د. أبوطالب حديثه قائلاً: شُكل الحزب الجديد، وشُكلت أمانة هذا الحزب، واختار السادات فكرى مكرم عبيد، أميناً لها، وكان ذلك لهدفين، الأول لأنه مسيحى، فلا نظهر وكأننا متعصبون ضد المسيحيين، والهدف الثانى أن هناك بقية باقية من اسم مكرم عبيد باشا وهنا الاتجاهات الوفدية الموجودة، سوف تكون مع السادات، وهذا حزب وطنى.
وكانا هدفين مقبولين فى ذلك الحين، وبدأ الحزب فى ممارسة عمله واختيار أعضائه. وبقدر المستطاع يبتعد عن القيادات التى كانت موجودة فى حزب مصر، وهذه كانت نشأة الحزب.
وبعد ذلك تغير كل ذلك، وتهدم، والذى حدث أن حزب مصر، هو الذى شكل الحزب الوطنى بصورته الجديدة وتغيرت الوزارة وتولى رئاسة الوزارة الجديدة الدكتور مصطفى خليل واختير منصور حسن وزيراً وفكرى مكرم عبيد أمينا للحزب.
ولم يكن د. صوفى أبوطالب فى الصورة من كل هذا الذى حدث، ولكنهم سألوا الرئيس السادات، فى أحد الاجتماعات بفندق سان ستيفانو بالإسكندرية، أُمال الدكتور صوفى أبو طالب فين؟..
فقال لهم الرئيس السادات: لأ.. الدكتور صوفى له حاجة مهمة.. وبدأ الرئيس السادات يرتب الأمور، بحيث يكون الدكتور صوفى أبوطالب رئيساً لمجلس الشعب..
ولم تكن هذه عملية سهلة أبداً، ذلك أن الحرس القديم كله كان متضامناً ومتكاتفا وحول سيد مرعى رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت.
بالإضافة إلى العلاقة الخاصة التى تربط السادات بالمهندس سيد مرعى، وبمجرد إحساسهم بأن الرئيس السادات، بدأت اتجاهاته لاختيارى رئيساً لمجلس الشعب، بدأوا فى ممارسة ضغوطهم عليه، وبضرورة استبقاء سيد مرعى فى رئاسة مجلس الشعب، واستبعاد د. صوفى أبوطالب، والأسانيد والمبررات كانت كثيرة، منها أن خبرة د. صوفى أبوطالب قليلة، وأن سيد مرعى عاصر كل الأحداث بدءاً من ثورة التصحيح وما بعدها وحتى ذلك الوقت، و..، و.. والجميع فى جانب وصف سيد مرعى. والضغوط كثيرة جداً. وقد عرف د.صوفى أبوطالب بكل ذلك فيما بعد وليس فى وقتها.
وحدد الرئيس السادات اجتماعاً فى استراحته بالقناطر الخيرية لاختيار الهيئة البرلمانية، ولاختيار رئيس مجلس الشعب..
وذلك قبل أن يصدر قراراً بحل مجلس الشعب برئاسة سيد مرعى..
وفى الاجتماع ظل الرئيس السادات يتحدث.. ويتحدث ويقول عن المواصفات الواجب توافرها فى رئيس مجلس الشعب المصرى للمرحلة الجديدة، وظل يُعيد ويزيد فى هذه المواصفات حتى قال له أحد الجالسين ويكون اسمه صوفى أبوطالب.. فقال له السادات: نعم..
ولم يخف الرئيس السادات من سيد مرعى أو يخشاه.. حيث وصف د.صوفى أبوطالب الرئيس السادات بأنه كان لا يخاف من أحد ولا يخشى أحداً.. وكانت موافقة الجميع على الاقتراح بأن يتولى د. صوفى أبوطالب رئاسة مجلس الشعب وأولهم الرئيس السادات، وتم انتخاب صوفى أبوطالب رئيساً لمجلس الشعب.. أى أن د. صوفى أبوطالب أصبح رئيساً لمجلس الشعب قبل أن يصدر الرئيس السادات قراراً بحل مجلس الشعب..
وبدأت رئاسة د. صوفى أبوطالب لمجلس الشعب، وهو شخص يعتبر أو يكاد يكون غريباً عن المجموعة التى تدير كل الأمور سواء فى مجلس الشعب أو فى الحكومة، لأن نفس المجموعات التى كانت تدير الأمور قبل عام 1971 هى نفس المجموعة بعينها التى تدير الأمور بعد عام 1971، فيما عدا شخص الرئيس السادات، وتقريباً ذات الوجوه، هى.. هى التى فى الوزارة، وهى.. هى التى فى مجلس الشعب، صحيح حدث تغيير فى انتخابات مجلس الشعب عام 1971، وجاء مجلس عام 1976 مختلفاً، لكن معظمها نفس الوجوه القديمة، الذى كان «اتحاد اشتراكى»، والذى كان هيئة التحرير، فجاء د. صوفى أبوطالب غريباً عليهم..
صوفى والطلاب
أما علاقة د. صوفى أبوطالب بالطلاب، وبعض أعضاء هيئة التدريس المنتمين للتيار الإسلامى المتطرف، وتعامله معهم عندما كان رئيساً لجامعة القاهرة، حيث كانت الجماعة الإسلامية المتطرفة قد بدأت تتصاعد فى ذلك الوقت، وكانت منظمة جداً وقتها، واشتد ساعدها، وأصبحت قوية والساحة قد خلت لهم تقريباً، فكان محور المظاهرات من هؤلاء وليس من غيرهم، ذلك أن تيار اليسار، والشيوعيين والناصريين بدأوا يضعفون أمام التيار الإسلامى المتطرف، فكان د. صوفى أبوطالب ملتزماً وزملاؤه فى الجامعة، بأن يكون هناك باستمرار لقاءات أسبوعية فى المدينة الجامعية، سواء بالنسبة للطلبة أو الطالبات.
ويكون هناك حوار طويل ومستمر وبلا أية تحفظات فى كل ما يطرحونه من موضوعات.
وكان ذلك بمبادرة من د. صوفى أبوطالب، وليس بناءً على توجه من النظام، ذلك أن هذه الجهة الوحيدة التى يمكن أن تثير القلاقل فى الجامعة وهى أكثر وأقوى القوى الطلابية، وينجحون فى انتخابات اتحاد الطلاب، فكان يرى أن من مصلحته كرئيس جامعة ومن مصلحة النظام أن يكون هناك استيعاب لهؤلاء الناس، وأن تكون هناك علاقة طيبة معهم، حتى لا يثيروا المشاكل فلم يكن من سبيل سوى الحوار مع هؤلاء وليس الأمن.. وكان ذلك يتم أسبوعياً..
بجانب هذا الحوار الأسبوعى كان هناك حوار آخر شبه يومى، ينتهى د. صوفى أبوطالب من عمله فى الجامعة، وبعد ذلك يبقى لساعات ليستقبل جماعات من الاتحادات الطلابية، ومعظمهم كان من أعضاء الجماعات الإسلامية، وتجرى حوارات وما كانوا يقولونه اليوم، تجىء فى اليوم التالى جماعة أخرى تقول غيره، وهكذا فكان هناك خيط مستمر مع هؤلاء الطلاب، والاتحادات بحيث عندما يريدون عمل شىء قد يكون خروجاً عن القانون يحضرون للدكتور صوفى أبوطالب أولاً، ويقول لهم هذا جائز وذاك غير جائز وهكذا، مما كان له كبير الفائدة فى تهدئة المواقف والأمور داخل الجامعة وقتها..
ولم يكن د. صوفى أبوطالب يعتبر نفسه محتويهم - على حد ما قاله لنا، لأن هؤلاء صعب احتواؤهم، ولكن يمكن أن يقال إن خيط الحوار كان موجوداً بدلاً من اللجوء لوسائل العنف..
تغيير النظام
كان الرئيس السادات، يريد تغيير النظام الموجود كله، بما يتفق مع الأوضاع الجديدة، والمرحلة الجديدة، وهذه التغيرات كانت تتم بأسلوب ديمقراطى سياسى حزبى سليم، مشروعات القوانين المهمة، التى بها تغيرات جذرية، حيث كانت تتم الاجتماعات لمناقشتها فى الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى، يتناقشوا ويعدلون ويتحدثون، وما ينتهوا إليه من رأى يتفقوا عليه ويطرحونه فى مجلس الشعب، ويكون نواب الحزب الوطنى على دراية به، وما هو الاتجاه العام؟ وكثيراً ما كان يحدث أن بعض مشروعات القوانين المهمة الجذرية، والتى تحوى وجهات نظر متعددة، كثيراً ما كان يحدث أن تغير الحكومة وجهة نظرها نتيجة للمناقشات التى كانت تحدث فى الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى.. أسلوب آخر.. كان من وقت لآخر إحدى المحافظات ونواب محافظة من المحافظات، يدعون أعضاء مجلس الشعب برئاسة د.صوفى أبوطالب لتناول طعام الغداء فى نادى مجلس الشعب ويتحول هذا الغداء بطريقة غير مباشرة إلى نوع من النقاش والحوار السياسى، ودون أن يشعرهم د. صوفى أبوطالب بأنه أستاذ يحاضر لهم، يكون حواراً بين طرفين، وفى نفس الوقت، كل الأفكار التى يريد أن يقولها د. صوفى أبوطالب، ويوضحها لهم، سواء من حيث النظام البرلمانى، وشكله، وطريقة المساءلة، وكيفية تحضير الاستجواب، وكيفية تحضير السؤال، العمل البرلمانى نفسه فى الممارسة، لأن عدداً كبيراً منهم لم يكن لديه سابق خبرة وهناك عدد كبير لديه خبرة، ولكن ليس لديه دراسة سياسية أو قانونية بالموضوع، فكانت فرصة للتثقيف السياسى القانونى المتبادل بين د. صوفى أبوطالب وبينهم، دون أن يشعر أحد منهم بأن د.صوفى أبوطالب يلقى عليهم محاضرة.. وهذا كان أسلوباً خاصاً بالدكتور صوفى أبوطالب، وكان يأتى بثمار كثيرة فى كيفية الأداء والعمل البرلمانى، بالإضافة إلى إيجاد نوع من الأُلفة الفكرية والانسجام الفكرى بين الجميع وبعضهم..
المعارضة وأبوطالب
ولكن كيف كان تعامل د. صوفى أبوطالب مع أحزاب المعارضة والتى كانت قوية فى ذلك الوقت.. وحسبما ذكر لنا د.صوفى أبوطالب أنه بالفعل كانت المعارضة قوية، وممثلة لبرلمانيين ممتازين، وكانوا موضوعيين جوهرياً، ورغم وجود البعض ممن يجيدون الاستعراض السياسى، وكان د.صوفى أبوطالب بخبرته يعرف إذا كان أحدهم سوف يتحدث، فبماذا سوف يتحدث.. وبالتالى يرسل ورقة صغيرة مكتوبة لإحدى قيادات الحزب الوطنى، يقول له فيها: استعد لكى ترد عليه، وكان ذلك يمثل راحة فى المناقشة، سواء من جانبه أو من جانب الآخرين، وكان ذلك يجعل بعض أحزاب المعارضة غير راض، ويقولون بأن د.صوفى أعطى أو منح لأعضاء المعارضة وقتاً أطول منهم، ويوضح لهم د. صوفى بأنهم أغلبية وفرصتهم أكبر، ويمكن أن يجرى تصويتاً عبر أى شىء لصالح أى مشروع موجود، والأفضل أن الذى يعارض الحكومة يقول ما عنده داخل البرلمان، ويتم الرد عليه، ذلك أنه لو أحجم عنه الكلام داخل البرلمان، فسوف ينشره فى صحف المعارضة، ولن تكون هناك فرصة للرد، وهنا يكون الرأى العام لديه صورة كاملة من الطرفين، وكان ذلك واجباً لتأصيل النظام الديمقراطى وغرسه فى النفوس.. وذلك بأن يتم إعطاء المعارضة الفرصة كاملة كى تعبر عن وجهة نظرها وبذلك يتم التأصيل للعمل البرلمانى الحقيقى..
وحدثت فى هذه الفترة (واقعة) مهمة جداً، فى إطار تأصيل العمل البرلمانى وتأصيل الديمقراطية، بعد انقضاء فترة طويلة تجاوزت عشرين عاماً، من الحكم الشمولى والحكم الفردى، ونحن نريد نظاماً ديمقراطيةً ليس سهلاً، والرئيس السادات بدأ خطوة غير مسبوقة وغير مألوفة فى العمل السياسى، ذلك أنه استجمع كل قيادات الحزب الوطنى، وأعلن عن قيام حزب العمل، وقال انضموا لحزب العمل.. أعضاء من قيادات الحزب الوطنى، ينضمون لحزب العمل، فلم ينضم غير عدد محدود جداً، وكان ذلك أمراً طبيعياً، لأن أعضاء أى حزب يعنيهم أن يكونوا أعضاء فى حزب الحكومة أو الأغلبية، وذلك لأجل مصالحهم ومصالح جماهيرهم، وهذه طبيعة البشر، الحزب السياسى يعنى مصالح..
وعقد الرئيس السادات اجتماعاً وقال توزع استمارات عضوية لحزب العمل، وهذا من الناحية الدستورية والقانونية لا يجوز، ولكن كان له أثره السياسى، ذلك أن الجماهير تعودت من قبل على الاتحاد الاشتراكى والحزب الواحد، وأن من يخرج عن هذا التنظيم يستحق مالا تحمد عقباه.. لأ.. أنا رئيس الدولة.. أعلن أمامكم: انضموا لحزب العمل، رغم أنه حزب معارض، وإلا فلن تقوم الديمقراطية، فكان المعنى السياسى كبيراً جداً، رغم أن ذلك لا يدخل تحت أى بند من بنود القانون أو الدستور..
وترتب على ذلك أن عدداً ليس كبيراً، ولكنهم من (الكوادر) والسياسيين انضموا لهذا الحزب..
كانت تلك المرحلة تمثل إعادة نظر فى كل التشريعات الجذرية الحاكمة، سواء من الناحية السياسية أو من الناحية القانونية، لمواجهة الأيديولوجية الجديدة الخاصة بالانفتاح الاقتصادى والانفتاح السياسى..
وترتب على ذلك تعديلات كثيرة جداً فى القوانين الحاكمة، وأسلوب الرئيس السادات فى هذا الشأن، كان عبارة عن أن القوانين الحاكمة الأساسية أو المواقف الأساسية الحاكمة، يفكر فيها ويتأمل فيها، و(يقلبها) فى دماغة حتى تنضج فى ذهنه.. ثم يدعو مجموعة العمل السياسى، التى كانت تتشكل فى ذلك الوقت من رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، وبعض الوزراء، وفى كل المشروعات كان الرئيس السادات لا يطرح شيئاً للمناقشة، إلا بعد أن يكون قد نضج فى ذهنه تماماً، ولا أياً من الموضوعات على الإطلاق، ويحضر به إلى الاجتماع جاهزاً..
يطرح عليهم فى الاجتماع الفكرة أو الموضوع ولا يتحدث أو يقول عن وجهة نظره، ولا أحد يستطيع أن يستشف من وجهه ولا من طريقة حديثه ماذا فى ذهنه إطلاقاً.. إطلاقاً..
الموضوعات البسيطة والخفيفة.. يمكن لأحد أو للبعض أن يستشفها، وهو نفسه كان (يسر بها).. أما الموضوعات التى بها أخذ وعطاء.. لا.. ويدور النقاش.. فإذا نضج الموضوع يتم اتخاذ قرار.. وإن لم ينضج الموضوع خلال المناقشة، يؤجل الرئيس السادات الجلسة.. واثنتين وثلاث جلسات.. وشهرين وثلاثة أشهر لأنه موضوع جذرى، مثل موضوع المدعى الاشتراكى، وموضوع المحكمة الدستورية العليا.. بعدما ينتهى النقاش، يقول الرئيس السادات، أنا كنت من الرأى الذى انتهيتم إليه، وهذا طمأننى..
بعدما ينتهى الاجتماع، كانت هناك مقولة يكررها الرئيس السادات بعد أى قرار مهم: (إيه العبارة؟).. احنا دلوقت اتفقنا، لا أريد أحد يخرج ويقول دول عملوا.. وعملوا.. اللى منكم غير قادر على الدفاع عن هذا القرار، بعد الجلسة، فليقل من الآن.
ويختار الموقع الذى يريد أن يعمل فيه، ولكن خلاف واختلاف بين أشخاص الحزب الواحد لأ.. وأنا لا أعتقل أحداً، ولا أخفى أحداً وراء الشمس، وأمامكم أمثلة كثيرة كانوا يعملون معى، اختلفنا فى الرأى ولم يمسهم سوء، فمن الآن الذى غير موافق على الدفاع أو غير قادر أو غير مطمئن أو غير متأكد من الدفاع عن هذا القرار يقول من الآن.. وهذه كانت عبارة يكررها دائماً وأبداً بعدما ننتهى إلى قرار فى أى أمر من الأمور الأساسية الحاكمة، وكان يتولى الوزارة فى ذلك الحين الدكتور مصطفى خليل، وكان التعاون تاماً بين د. صوفى أبوطالب كرئيس للبرلمان، وبين د. مصطفى خليل كرئيس للحكومة، وبين مجلس الشعب ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.