مرت مصر بأحداث جسام عقب ثورة 25 يناير كان هدفها تدمير الثورة وضرب الاستقرار ومع كل حادث بدءا من موقعة الجمل ومسرح البالون وشارع محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء حتى مذبحة بورسعيد يتم تشكيل لجان لتقصى الحقائق إلا أنه على مدار نحو عام لم تقدم هذه اللجان أى نتائج ولم تتوصل إلى حقائق حول معظم الوقائع المؤسفة وكانت كل الاتهامات تصب فى خانة «الطرف الثالث» او «اللهو الخفى».. «أكتوبر» التقت نخبة من الخبراء الاستراتيجيين وأساتذة القانون لتسليط الضوء على دور ونتائج لجان تقصى الحقائق.فى البداية يؤكد الدكتور محمد حسانين أستاذ القانون الجنائى ان الوضع فى مصر محبط بعد الفشل فى كشف حقائق عدد من القضايا المهمة ونتساءل لماذا الغموض من جانب الحكومات التى تولت المسئولية بعد الثورة هل هناك ضغوط عليها أم لا؟ وإذا كان لايوجد ضغوط فأين الحقائق فى جميع الوقائع التى حدثت عقب الثورة وأنا أرجح أن جميع الأحداث طرفها واحد ليس خارجيا كما يقال ولكنه داخلى وهم أتباع النظام السابق على رأسهم سوزان مبارك والتى تجتمع يومياً داخل شقة على طريق الاسماعيلية الصحراوى مع مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وأعضاء سابقين بلجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل ورجال أمن سابقين يقومون بالتخطيط لكل هذه الوقائع بمساعدة البلطجية المأجورين الذين كونهم اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة المنحل وحبيب العادلى لحماية الحزب الوطنى أثناء الانتخابات. فقد تشكلت أول لجنة بعد الثورة لكشف غموض مقتل شهداء 25 يناير، وأكدت فى تقريرها أن الشرطة أساءت تقدير الموقف وتعاملت مع المتظاهرين بعنف وأطلقت الرصاص عليهم ودهستهم بالسيارات الشرطية خاصة فى أحداث 28 و29 يناير. كما جاء التقرير ليؤكد أن علاء وجمال مبارك وصفوت الشريف وأحمد فتحى سرور وبعض رجال أعمال الحزب الوطنى خططوا لموقعة الجمل ولم تأخذ النيابة بهذا التقرير، وإلى الآن رغم حبس بعضهم على ذمة هذه القضايا لم يحاسب أحد بل إن شهداء الثورة فى ازدياد دون الوقوف على السبب الرئيسى لهذه الوقائع. كما أن وزير الداخلية يؤكد أن رجال الشرطة لم يطلقوا أى نار على المتظاهرين ونرى العديد من الجرحى والقتلى فإذا قلنا إن هناك طرفا ثالثا هو الذى يقوم بإشعال فتيل الفتنة بين الشعب والشرطة والجيش فلماذا لم يتم القبض عليه حتى الآن فالشرطة هى المسئولة عن حماية كل مواطن مصرى وعن كشف المجرمين فى كل واقعة. لذلك أرى أن لجان تقصى الحقائق فاشلة وليس لها أية أهمية لدى جهات التحقيق كما هو متبع فى دول أجنبية فهى بذلك مضيعة للوقت والمال ولم تقدم المعلومات التى كان ينتظرها الشعب وأهالى شهداء الثورة فهناك لغز فى اختيار أعضاء لجان تقصى الحقائق وأيضا فى دفن أسرار الوقائع بدلا من كشفها للشعب، وإذا كانت هناك شفافية فلماذا لا يكون من هذه اللجان ممثلون عن شهداء الثورة والشعب ليكشفوا التلاعب فى هذه اللجان ومع افتراض غياب التلاعب فإنه يجب الضغط على الحكومة والنائب العام للأخذ بتقرير اللجنة، وإلا يتم إلغاؤها أفضل. لاجديد وأوضح اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمنى أنه بالفعل تشكلت لجان بعد الثورة لكشف غموض عدد من الحوادث لكنها لم تقدم شيئا جديدا بل إن المعلومات لدى الشعب اكثر من المعلومات التى جاءت بها هذه اللجان. على الجانب الآخر هناك لجان نجحت إلى حد كبير فى جمع معلومات خطيرة وقدمتها إلى المسئولين، والحكومة ولم تفعل بها شيئا حتى الآن، فلجنة تقصى الحقائق التى تشكلت عقب الثورة أدانت العنف المفرط مع المتظاهرين وكشفت الاجتماعات السرية التى جمعت بين الرئيس السابق ورئيس حكومته أحمد نظيف ووزيرى الداخلية والإعلام يوم 20/1/2011 بالقرية الذكية للتخطيط فى كيفية الخروج من هذه الأزمة حتى لو تتطلب الأمر استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين وكشفت أيضا عن اجتماع طارئ لحبيب العادلى مع مساعديه للتخطيط لإفشال هذه المظاهرات فى جميع ميادين مصر واكد التقرير أن هناك مخططا كبيرا لقتل المتظاهرين فى موقعة الجمل قاده علاء وجمال مبارك وصفوت الشريف وسرور وعز والفقى وقيادات الحزب الوطنى المنحل وزعيم البلطجية الذى حصل على تفاصيل الخطة والتعليمات بعد الاجتماع، ولم يؤخذ بهذا التقرير أيضا ولم يحاسب أحد. وهناك لجنة لتقصى الحقائق تشكلت لأحداث كنيسة إمبابة وكنيسة المريناب ثم أحداث ماسبيرو، ومسرح البالون وكانت النتيجة تحميل اللهو الخفى المسئولية عن قتل شهداء الثورة ولم يقدم حتى الآن الطرف الثالث للمحاكمة وهذا يؤدى إلى احتقان الموقف واشتعال غضب أهالى الشهداء لأنهم يشعرون بذلك أن دماء أبنائهم رخيصة وراحت غدرا دون تقديم الجانى.وهناك معلومات تؤكد أن أحداث مسرح البالون وشارعى محمد محمود ومجلس الوزراء تمت بترتيب مسبق واكد مصدر أمنى أن نقل الحجارة إلى موقع الحادث تم من خلال سيارات لا تحمل لوحات معدنية، كما كان يوجد مجموعة من الأشخاص يحملون أسلحة نارية ويقومون بضرب الثوار والشرطة والجيش لإشعال نار الفتنة بينهم وإحداث بلبلة واضطراب فى مصر فهناك مخططات لضرب الاستقرار والاقتصاد سواء من منظمات خارجية، كما رأينا بعض المنظمات الحقوقية المشبوهة التى تم ضبط مخططات تقسيم مصر فى مقاراتها وهناك من بالداخل يحاول قلب الثورة لأغراض شخصية، ورغم كل ذلك لم تقدم لجان تقصى الحقائق معظم هذه المعلومات إلى الجهات المسئولة لذلك أرى عدم تشكيل لجان أخرى لتقصى الحقائق لو شكلت تكون بصفة قانونية حتى يؤخذ بتقريرها، وعلى مجلس الشعب الاهتمام بهذه اللجان وتقديم المعلومات للجهات الحكومية وإذا لم تستجب على البرلمان تقديم استجواب وسحب الثقة من أى وزير تقاعس عن واجبه فى العمل فى كشف الحقائق للشعب، لأننا نمر بأزمة ثقة حقيقية فى كل شىء، فالشعب حتى الآن قلق على مستقبل مصر لأننا نسير بشكل بطىء لتحقيق أهداف الثورة، كما يشعر الشعب بإحباط شديد لإحساسه بأن هناك غموضا وتقاعسا فى كشف الحقائق حتى الآن، فالثور مستمرة حتى تتحقق مطالب هؤلاء والشعب المصرى يقظ لأهدافه وعلى الحكومة سرعة تقديم الجناة فى جميع حوادث قتل المتظاهرين وآخرها مذبحة بورسعيد التى راح ضحيتها شباب وأطفال ليس لهم انتماء سياسى حتى يشعر أهالى الضحايا أنهم أخذوا حقوقهم من المتهمين. إهمال المعلومات وِأشار اللواء فاروق المقرحى الخبير الأمنى إلى ان هناك لجانا نجحت وقدمت معلومات خطيرة لم يؤخذ بها حتى الآن وأخرى فشلت فى تقديم أى معلومات جديدة وكانت لجان شرفية فقط، وأرى أن عمل لجان تقصى الحقائق فشل بسبب عدم شرعية تشكيل هذه اللجان قبل انعقاد جلسات مجلس الشعب فكل اللجان التى تشكلت قبل المجلس كان عملها تطوعيا وشرفيا وليس له سند قانونى حتى يؤخذ بالمعلومات التى تقدمها، كما أن هناك العديد من اللجان تشكلت لكشف معلومات خطيرة عن أحداث شارعى، محمد محمود ومجلس الوزراء وموقعة العباسية والفتنة الطائفية وأحداث ماسبيرو وأخيراً بورسعيد ولجنة تقصى الحقائق التى تم تشكيلها حول التمويل الأجنبى للجمعيات والمنظمات غير الحكومية التى تمارس نشاطها داخل مصر بغرض قلب الثورة وتقسيم مصر وهذا أمر خطير وقد نجحت اللجنة فى تقديم معلومات أفادت أجهزة الأمن. ولكن جاءت لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب لأحداث بورسعيد مخيبة للآمال ولأهالى الضحايا لأنها لم تقدم معلومات تكشف من وراء هذه المذبحة واكتفى التقرير بمعلومات عامة لا تفيد القضية وحتى الآن لم نعرف من المسئول عن هذه المذبحة وبالرغم من تعدد لجان تقصى الحقائق بعد الثورة إلا أن نسبة نجاحها لا تتعدى 20% فقط، لأن اللجان لا تملك السند القانونى لجمع المعلومات وإجبار جهات التحقيق الأخذ بها. وأكد أن الوضع الآن اختلف فدور مجلس الشعب هو تشكيل اللجان من أعضاء المجلس لجمع المعلومات عن أى واقعة ثم رفع التوصيات إلى الحكومة والجهات المختصة وعلى مجلس الشعب مراقبة تنفيذ هذه الجهات لهذه التوصيات وإن لم تنفذ يقوم المجلس من خلال شرعيته الرقابية بتقديم استجواب وسحب الثقة وأن لم يفعل ذلك يكون هو المسئول الأول عن التقاعس. ويؤكد ناصر أمين عضو مجلس حقوق الإنسان أن المجلس يسلم نسخا من تقاريره إلى الحكومة ووزارتى الداخلية والعدل والنائب العام ومجلس الشعب إن كان منعقدا، وبالفعل قام المجلس بتشكيل عدة لجان لتقصى الحقائق منذ أحداث يناير 2011 حتى أحداث مذبحة بورسعيد وكان دور هذه اللجان مهما لمعرفة حقيقة ما تم من جرائم أما التنفيذ فمسئولية الجهات المختصة فالسبب فى عدم كشف الحقائق هى الحكومة وجهات التحقيق وليس اللجان، فنحن قدمنا معلومات كاملة تفيد أى جهة تحقيق لم يؤخذ بها ولا نملك قرار محاسبة الجهات الحكومية فى تقصيرها فى كشف المعلومات والحقئق. وأطالب بتفعيل دور لجان تقصى الحقائق الخاصة بالبرلمان لأن مجلس الشعب ذو صفة شرعية وله أدواته التى يمكن بها محاسبة هذه الجهات سواء وزير الداخلية والعدل ووسحب الثقة منهم لأن أعضاء لجان مجلس الشعب يتمتعون بحصانة كاملة وهذا لا يتوفر فى اللجان الأخرى.