وأن سياسة الرئيس المخلوع مبارك اعتبارا من عام 1988 وحتى سقوط نظامه فى ميدان التحرير فى 25 يناير الماضى كان كل هدفها هو بيع أصول مصر وتجريفها من أملاكها «ببلاش».. وأنه كان يستعين بكل الفاسدين من الوزراء ورؤساء الشركات ورؤساء الوزراء فى تنفيذ هذه السياسة الفاشلة.. وكان على رأسهم د. عاطف عبيد أول وزير لقطاع الأعمال الذى كان اسمه مع بداية السيتنيات «القطاع العام» وحتى صدور القانون 93 لسنة 1991 من مجلس الشعب.. ومن ورائه مختار خطاب ومعهم المكتب الفنى التابع لهما! وأشهد أن كل أدوات الرقابة البرلمانية التى استخدمها المعارضة والمستقلون على مدى 20 سنة سواء كانت استجوابات أو طلبات إحاطة أو أسئلة وقدمتها لوزراء النظام السابق- تحت القبة- لم تفلح فى التصدى لهذا السيل الجارف لبيع شركاتنا ومصانعنا بتراب الفلوس.. وأن النظام السابق بدلا من محاولة إصلاح هذه الشركات وإعادة هيكلتها وإنقاذها من عثراتها.. ووضع قيادات إدارية ناجحة على رأسها للنهوض بها.. كانوا مصممين بكل شدة على البيع وانحسار دور الدولة الاقتصادية! ??? وأذكر أيضا أن كل الإضرابات العمالية التى كانت تتم فى المحافظات.. أو حتى الذين تحركوا للقاهرة ليقفوا على رصيف مجلسى الشعب والشورى فى عامى 2009-2010 للدفاع عن حقوقهم لم تفلح معا فى التصدى لسياسة النظام البشعة فى تشريد العمال.. وزيادة نسبة الفقر بين الناس.. وكانت الحكومة تغض الطرف عن مطالبهم.. وتترك قوات الأمن المركزى تتعامل معهم بالقوة وإراقة دمائهم على رصيف البرلمان! ??? وأذكر أن آخر ما تصدى له النواب فى مجلس الشعب فى نهاية الدورة الخامسة من الفصل التشريعى التاسع فى أبريل 2010 كان مأساة شركة الكتان والزيوت بطنطا، وفضيحة شركة المعدات التليفونية بالمعصرة.. وتم استدعاء وزيرة القوى العاملة فى ذلك الوقت عائشة عبدالهادى ووزير الاستثمار د. محمود محيى الدين على عجل لحضور هذه المناقشات، حيث إن هاتين الشركتين كانتا تمثلان أبشع صور البيع أو الخصخصة! فشركة الكتان والزيوت تم بيعها فى عام 2004 لشركة الوادى لتصدير الحاصلات الزراعية المملوكة لرجل الأعمال السعودى عبد الإله محمد الكحكى بمبلغ 83 مليون جنيه على الرغم من أن لجان التقييم قدرت قيمتها بمبلغ 95 مليون جنيه.. كما أن الشركة كانت تحقق أرباحا خلال الثلاث سنوات الأخيرة قبل البيع بنحو 14 مليون جنيه، ورغم ذلك تم بيعها بالمخالفة للقواعد المنصوص عليها التى تحظر بيع الشركات الرابحة فى ذلك الوقت.. ولكنه الإصرار على البيع من رجال النظام السابق الفاسدين! ??? أما شركة معدات التليفونات بالمعصرة فإنها تمثل أبشع صور الفساد فى عمليات الخصخصة.. فالشركة المصرية لمعدات التليفونات أنشئت فى عام 1960.. وكان الهدف منها تطوير معدات الاتصال فى مصر.. وكانت تحقق أرباحا حتى نهاية عام 2000 تصل إلى 30 مليون جنيه سنويا.. ولكن شركة الصناعات الهندسية أعلنت عن بيع 90% من إجمالى أسهم الشركة لمستثمر أردنى وتخصيص 10% لاتحاد المساهمين بالشركة.. وتم بيع 80% من الشركة فى أكتوبر 1999 بمبلغ 99.2 مليون جنيه سدد منها المستثمر 27.3 مليون جنيه وباقى المبلغ على (6) أقساط. وكان الهدف هو تطوير معدات الاتصالات.. وزيادة دخل العاملين بها.. وأن الشركة المصرية للاتصالات أعطت للمستثمر عقود توريد بالأمر المباشر من الشركة بمبلغ 2 مليار جنيه على مدى 5 سنوات وحقق المستثمر من وراء هذه العقود أرباحا طائلة.. ومن كل التسهيلات التى قدمت له على طبق من ذهب! وبدلا من أن يقوم المستثمر باستثمار هذه الأرباح فى دعم الشركة الأم.. تركها تغرق فى الديون والخسائر- عن عمد- وقرر فتح شركة جديدة فى السادس من أكتوبر لأنه سوف يتمتع بإعفاءات ضريبية جديدة ويقوم من خلال هذه الشركة الجديدة بتوريد معدات الاتصالات إلى الشركة المصرية للاتصالات بأسعار مرتفعة جدا ومُبالغ فيها.. وحقق أرباحا أخرى بالملايين. وفى نفس الوقت عرض أراضى شركة المعدات بالمعصرة للبيع وسط احتجاجات العمال وإضرابهم.. وفى نفس الوقت طالب بتدخل الدولة لإنقاذ العمال.. منتهى البجاحة! ??? ولأننا كنا نعيش فى مسرحية هزلية- تحت القبة- يقوم النظام السابق بتوزيع الأدوار فيها بين رجاله.. نجد أن النائب السابق د. زكريا عزمى- والذى هو أحد أعمدة النظام الفاسد- يقف فى هذه الجلسة التى عقدت فى بداية أبريل 2010 ليطالب بمحاكمة عاجلة لبرنامج «الخصخصة» ويقول بأعلى صوته «لعنة الله على الخصخصة». ويضيف أن الحكومة الحالية يقصد- حكومة نظيف- ما خصخصتش كتير.. لكن الحكومات اللى قبل كدة باعت! ويتراجع عزمى بقوله: أنا مش عايز أشيل الحكومة.. ولكن يجب محاسبة حرامية الخصخصة وأنا أقول حرامية.. ولو حبوا يرفعوا علىّ قضايا سب وقذف «أنا معايا حصانة برلمانية» على حد قوله بالحرف الواحد! ولأن د. زكريا عزمى كان هو البوصلة التى كان يقيس عليها أعضاء الحزب الوطنى المنحل اتجاههم تحت القبة فقد هاجموا الخصخصة بكل قوة بعد أن أعطاهم عزمى الضوء الأخضر.. ولكن د. محمود محيى الدين وزير الاستثمار أراد أن ينبههم فى هذه الجلسة إلى أن برنامج الخصخصة مجرد وسيلة لتحسين الأداء الاقتصادى للدولة وأنها سياسة الحزب الوطنى، وأن أمانة السياسات هى التى طالبت فى تقاريرها بأن تكون هناك إدارة متوازنة لأصول قطاع الأعمال بدلا من أن تكون الإجراءات مجرد نقل الملكية من العام إلى الخاص! ??? واعترف محمود محيى الدين بأن كلمة الخصخصة كلمة بغيضة ولكن لا يجب الهجوم على الخصخصة «عمال على بطال» لأن ذلك يمكن أن يهدد السلام الاقتصادى للدولة وللمجتمع.. وحدث ما قاله محيى الدين بعد ذلك أن هذه الخصخصة هددت مستقبل مصر كلها وشردت عمالها! وسنواصل كشف كل قضايا الفساد فى الخواطر القادمة إن شاء العلى القدير.