شهدت جلسة مجلس الشعب الأربعاء (7-4)، محاكمة عنيفة لسياسة الخصخصة من جانب أعضاء مجلس على رأسهم النائب الدكتور زكريا عزمى، الذى طالب بمحاكمة رئيس شركة المعدات التليفونية "عادل أغا"، قائلاً "مش هأشيل الدولة الشركات بعد الحرامية"، وأيده فى هذا الاقتراح عدد كبير من نواب الوطنى والإخوان والمستقلين، فيما سبح النائب المهندس أحمد عز ضد التيار وهاجم تقرير لجنة القوى العاملة ووصفه بعدم الدقة. وحدثت مواجهة بينه وبين حسين مجاور ورئيس اللجنة الذى دافع عن التقرير الذى أعدته اللجنة وأكد دقته ومبادئه، رافضاً لأى اتهامات لعمل اللجنة. تقرير مسيس وشكك النائب أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة فى صحة التقرير البرلمانى، مشيراً إلى وجود فارق بين تسييس الموضوع الاقتصادى والوصول إلى الحقيقة وهو ما يجعلنا نحتاج إلى قدرات ليست موجودة تحت قبة البرلمان، وأكد صعوبة الحكم على المستثمر حول ما إذا كن ارتكب واقعة التدليس من عدمها إلا بعد مراجعة القوائم المالية للشركة فى غضون الثلاث سنوات الأخيرة وشدد عز على إن حديثه ليس دفاعاً أو هجوماً على المستثمر وأكد "أنه بموجب ما قرأته فى الجرائد حول هذه الشركة بأنها تعانى من خسائر وهو ما يعنى تعرض المستثمر لضغوط فى السوق الاقتصادية". وعقب النائب حسين مجاور مقرر التقرير، قائلاً إن اللجنة البرلمانية قامت بإعداد التقرير بمنتهى الشفافية والأمانة مستندة فى ذلك إلى كافة الأوراق التى تثبت صحة واقعة التدليس، وقال "الدليل على صدق كلامى أن هذه الشركة عمرها ما خسرت قرش صاغ واحد"، ووجه كلامه للنائب أحمد عز وقال "نحن لن نؤلف كلاماً وعمرى ما هاجى على أحد فلجنة القوى العاملة وضعت الأمور فى إطارها العام"، لافتاً إلى أن المستثمر حقق مكاسب قدرها 30 مليون جنيه قام بتسديد ديونه منها، وعقب الدكتور فتحى سرور قائلاً دى حاجة ظريفة خالص إنه سدد ديونه من أرباح الشركة، وقال النائب حسين مجاور "مرة أخرى المستثمر المحترم أنا أول من أكون معه".
مسئولية فسخ العقد وحاول النائب أحمد عز التأكيد على صحة كلامه، قائلاً "أحياناً تسبقنا مشاعرنا ونقول بأن فلان لص أو نصاب والله أعلم بالحقيقة"، مشيراً إلى أن قيام المستثمر بإنشاء شركة أخرى ليس معناه هناك محاولة للغش والتدليس وأوضح أن حقوق العاملين تحتاج لمن يدافع عنها ولكن مع مراعاة مراجعة التقارير من الجانب المحاسبى والمالى، مشيراً إلى أن كل بلدان العالم لديها قوانين للحماية من الإفلاس، وشدد على أن الحكم الآن أمام النيابة العامة لتثبت إذا ما كان المستثمر مدلساَ من عدمته. وتساءل الدكتور فتحى سرور عن مسئولية فسخ العقد فرد عليه النائب حسين مجاور، قائلاً "الحكومة يا ريس هى المسئولة عن فسخ العقد، وحاولت عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة التدخل للحد من الاشتباك بين عز ومجاور لافته إلى أن النائب العام استصدر قراراً صباح الأربعاء (7-4)، بوضع اسم المستثمر العربى على قائمة الممنوعين من السفر مبينه إلى أن وزارة القوى العاملة لجأت إلى النائب العام بعد ما تأكدت من أن المستثمر خرج عن الإطار العام وبدأ يراوغ فى حقوق العمل لافتة إلى أنه قام بالتصرف فى أرباح الشركة". وأيدها فى ذلك الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات مبيناً إلى إنه تم الاتفاق مع المستثمر منذ شرائه للشركة بتوريد عدد التليفون الثابت، إلا أنه فى ظل المتغيرات التى يشهدها السوق المصرية وانتشار التليفون المحمول بدأ الطلب على التليفون الثابت يقل ومع هذا حاولنا مساعدة المستثمرين خلال فتح أسواق له فى العراق وليبيا إلا أن الشركة بدأت فى التعثر.
أفكار نبيلة وكوارث فيما أكد الدكتور مصطفى السيد رئيس اللجنة الاقتصادية، أن الأفكار النبيلة يمكن أن تتحول إلى كارثة وهذا ما حدث فى ملف الخصخصة، مشيراً إلى أن الفكرة كان مضمونها زيادة الاستثمار لكن ما حدث هو أن تنفيذها أدى لحدوث العديد من الكوارث، وأشار إلى أن الجشع الذى تمثل فى رغبته كثير من المستثمرين الذين حصلوا على أموال طائلة من خصخصة المصانع لا يمكن تركهم. وأشار اللواء سيد الجمال إلى أن هذه الشركة توجد على كورنيش النيل بمنطقة حلوان وكان لها دور فعال، حيث تضم كثيراً من العاملين بهذه المنطقة لكن ما حدث يجعلنا نضع المسئولية تحت طائلة قانون العقوبات، وشدد على ضرورة تطبيق قانون الطوارئ على صاحب المصنع لحين اتخاذ الإجراءات القانونية ضده حال ثبوت تغيير نشاط الشركة بهدف الإعفاء من الضرائب والرسوم. أوضح النائب كمال أحمد، أن ما تشهده الآن من ملف الخصخصة هو حصاد مر، ورد الدكتور سرور قائلاً طبعاً الاشتراكيين بيتشفوا دلوقتى وطالب بمحاسبة المستثمر مشيراً إلى أن الحكومة لم تحرص على مالها وتساءل هل نحاسب هذا فقط إنما إننا بحاجة إلى محاسبة كل المسئولين عن هذه الكارثة وطالب بفتح ملف الأسمنت مشيراً إلى أن هناك ما هو أسوء وأسوء من هذه الواقعة. أكد الدكتور مجدى علام، أن وزارة الاتصالات أعطت 2 مليار جنيه على مدار خمس سنوات كتسهيل بالأمر المباشر لمستثمر لا يحترم تعاقده وقال أن المستثمر يقوم بإنتاج معدات تليفونية يقوم ببيعها بأسعار مغالى فيها، وتساءل لماذا رفض البنك الحصول على 70% من حصة إنتاج المصنع ليضمن حقوقه، وأيد ما قاله الدكتور زكريا عزمى بضرورة إحالة مخالفات هذه الشركة للنائب العام لمحاسبته وطالب الحكومة بمراجعة أموال الشركة مع صرف مستحقات العاملين.
بيع وإغلاق وأشار النائب هشام مصطفى خليل إلى أن إدارة أصول الدولة يجب أن تتم من خلال شركات محترمة ومنظمة وقال من العيب أن تنعدم الأمانة لأنه فى النهاية مال الدولة والشعب المصرى، وأشار إلى أن بعض الفنادق تم بيعها ثم أغلقها أصحابها ولا نعرف عنها شيئاً. وطالبت النائبة ابتسام حبيب بضرورة مراجعة العقود وأيدتها النائبة سناء البنا متسائلة عن حقيقة بيع الشركة وخصخصتها طالما إنه شركة من الشركات الرابحة. وحاول النائب إبراهيم الجعفرى الاستناد إلى المعلومات التى أوردها فى استجوابه حول الخصخصة وطالب بضرورة الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه العبث بأموال الدولة، مشيراً إلى أن المسئولية السياسية فى هذا الملف تقع على عاتق الدكتور أحمد نظيف. وعقب الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات، لافتاً إلى أن هذه الشركة تم خصخصتها فى عهد الدكتور عاطف عبيد عام 1998 وتم توقيع العقد عام 1999 أى قبل تشكيل وزارة الدكتور أحمد نظيف أو تولى الدكتور نظيف لمنصب وزير الاتصالات ورد عليه النائب إبراهيم الجعفرى قائلاً "وما هو موقف الدكتور هانى عقل ومحمد توفيق البرادعى وتملكهم لأسهم فى الشركة".
محاكمة المتسببين وطالب النائب المستقل مصطفى بكرى بمحاكمة من تسببوا فى إهدار المال العام وفتح ملف الخصخصة كما قال زكريا عزمى، مشيراً أن المستثمر صاحب شركة المعدات التليفونية حقق أرباح تصل إلى 900 مليون جنيه وأنشأ بها شركة جديدة فى مدينة 6 أكتوبر للاستفادة من الإعفاءات، وأضاف أنا قلت له عندما كان فى اجتماع لجنة القوى العاملة أنت لص وحرامى ووعد بدفع مرتبات ثلاثة شهور وتراجع ثم قال للعمال "أنا لن أدفع مليما وأخبطوا رأسكم فى الحيط وقال بكرى إلى هذا الحد، وتساءل هل مصر دولة حكومة أم لا"، وتابع قائلاً: تعد سياسة خصخصة وإنما أصبحت مخصصة لدم المصريين وأضاف لقد تركت الحكومة هذا المستثمر يمص دمنا ليه وقال يجب عودة الشركة للحكومة. نفى وزير الاتصالات إمكانية عودة ملكية هذه الشركة مرة أخرى للشركة المصرية للاتصالات، مشيراً إلى أن عمل الشركة متخصصة فى مجال تصنيع المعدات وأكد أن هناك لجنة وزارية تتابع الموقف وستبدأ خلال الأسبوع القادم فى توفير فرص عمل 850 عاملاً هم عدد عمال الشركة وذلك بهدف الحفاظ على حقوقهم، وعقب النائب حسين مجاور قائلاً: الحق لابد أن يعود لأصحابه والبلد يأخذ حقه. وشدد وزير الاتصالات على أن الاستعداد لتسكين العمال ليس الغرض منه مؤازرة المستثمر وإنما للحفاظ على حقوق العاملين.
رفض للتأميم وشن الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، عضو مجلس الشعب هجوما حادا على برنامج خصخصة وحدات القطاع العام في مصر، الذي بدأت الحكومة تطبيقه منذ بداية التسعينات، مطالبًا بمحاكمة لهذا البرنامج المثير للجدل، وقال بنبرة غضب "لعنة الله على الخصخصة"، ملمحًا إلى وجود فساد شاب عمليات البيع لأصول الدولة في الكثير من القطاعات. وأضاف خلال الجلسة "صحيح أن الحكومة الحالية ما خصخصتش كثير لكن الحكومات اللي قبل كده باعت"، لكنه قال "أنا مش عايز أشيل الحكومة جرائم "حرامية الخصخصة وأنا بأقول حرامية ولو حبوا يرفعوا عليّ قضية سب وقذف أنا معايا حصانة برلمانية". ورفض اقتراح لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب اقتراح بتأميم الشركات التي تمت خصخصتها، وطالب بإحالة المسئولين عن فساد برنامج الخصخصة إلى النيابة العامة، خصوصا من قاموا ببيع شركتي المعدات التليفونية والزيوت والكتان، و"اللي عايزين يسقعوا أرض الكتان وأرض طره في مكان محترم على النيل"، مشيرا إلى أنه الحكومة أن تقول كلمتها وتحيل كل هؤلاء للنيابة العامة. وكانت وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي حاولت الاعتذار عن حضور جلسة الأمس حيث دارت مناقشات حول تقريرين للجنة عن مخالفات المستثمر السعودي عبد الإله محمد صالح الكعكي الذي اشترك شركة طنطا للزيوت والكتان، والمستثمرين المصريين الذين اشتروا شركة المعدات التليفونية في حلوان. وطالب حسين مجاور رئيس اللجنة تأجيل المناقشة لعدم حضور أي من الوزراء للرد إلا أن الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب رفض التأجيل، وصاح قائلا "لا يجوز للبرلمان أن يعطل أعماله بسبب غياب وزير أو وزيرة والوزير الغائب لا يلومن إلا نفسه، ولو انتظر المجلس لأصبح عصمة في يد الحكومة وأنا أضع تقاليد رقابية برلمانية لي ولمن بعدي".
استدعاء بالهاتف وحضر وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين على عجل هو ووزيرة القوى العاملة بعد أن تم استدعاؤهما بالهاتف من قبل الأمين العام للمجلس المستشار سامي مهران، حيث دافع الأول عن برنامج الخصخصة، واعتبره مجرد وسيلة لتحسين الأداء الاقتصادي للدولة وهي سياسة للحزب "الوطني" ولأمانة السياسيات بالحزب التي قدمت تقارير طالبت فيها بأن تكون هناك إدارة متوازنة لأصول القطاع العام بدلا من أن تكون الإجراءات مجرد نقل ملكية من عام إلى خاص. ووصف محيي الدين كلمة "خصخصة" بأنها عبارة "بغيضة ومصطلح منفر لكن لا يجب الهجوم على برنامج الخصخصة "عمال على بطال" لأن ذلك يمكن أن يهدد السلام الاقتصادي للدولة وللمجتمع". وكانت المفاجأة أن الوزير أيد تأميم الشركات التي يتم خصصتها في حال أخل المستثمرون ببنود التعاقد، وقال إنه لا مانع من اللجوء للتأميم لكن ليس على أسلوب الستينيات التي كانت تتم في إطار سياسي مختلف وكان يعني المصادرة، لكن التأميم ممكن أن يتم حاليا بهدف تحسين الأصول مثلما حدث عندما استرجعت الحكومة شركة "قها" من حوزة مستثمر اشتراها وعادت لقطاع الأعمال ومثلما حدث لشركات الري والشركة العربية للشحن. وقال إن ال 150 شركة المتبقية في برنامج الخصخصة وفي حوزة قطاع الأعمال تم سداد كافة مديونياتها التي بلغت 230 مليار، وتساءل: أليس ذلك نتيجة جيدة للخصخصة وتم تحويل حقوق الملكية فيها من سالبة إلى موجبة.