انطلقت عجلة التطهير نحو منظمات المجتمع المدنى فى حملة موسعة قامت بها الرقابة الإدارية وأعضاء من النيابة العامة وقوات الأمن ضد أفرع بعض المنظمات الدولية فى مصر منها المعهد الجمهورى التابع للحزب الجمهورى الأمريكى والمعهد الديمقراطى الدولى التابع للحزب الديمقراطى الأمريكى، ومنظمة بيت الحرية الأمريكى والمركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة وتحفظت على المستندات والأوراق بمكاتب المنظمات بالقاهرة واستمرت عملية فحص الأوراق لمدة ثلاث ساعات تبعها تشميع مقار الجمعيات والمنظمات الدولية، سادت بعدها حالة من الرعب داخل أروقة المنظمات والجمعيات الأهلية المتعاونة مع المنظمات الأمريكية التى تمت مهاجمة مقارها والتحفظ عليها. وبدأت الاجتماعات تدور داخل القاعات المغلقة فى محاولة منهم لشن حملة دولية ضد النظام المصرى حاليا فى محاولة للفكاك من الاتهامات المتوقعة ضدهم طبقا للوقائع التى تحويها أوراق هذه المنظمات. إحدى الجمعيات التى تم تشميع مقارها يرأسها عضو معين بالمجلس القومى لحقوق الإنسان.وأكد مصدر حقوقى ل أكتوبر أن أقصى عقوبة يمكن أن تعاقب بها المنظمات العاملة بالتعاون مع المنظمات الأمريكية هى الغلق لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر فقط أو توقيع مخالفة إدارية ضدها وهو الأمر الذى يطرح تساؤلا حول كيفية مواجهة مخالفات بعض منظمات المجتمع المدنى فى المستقبل ليكون لها دور فاعل فى المجتمع بدلا من الدور الهدام الذى تقوم بها بعض تلك المنظمات. ماتزال المفاجآت تتوالى ومنها ما تردد حول قيام السفارة الأمريكية بدعوة بعض نشطاء المجتمع المدنى وأصحاب الجمعيات والمنظمات التى تتلقى تمويلا من أمريكا إلى اجتماع فى السفارة للاتفاق على نوعية واتجاه الأجوبة التى سيجيبون بها عن أسئلة المحققين أثناء جلسات التحقيق التى ستعقد معهم خلال هذا الأسبوع والتى ستبدأ أولها اليوم الأحد، حيث من المفترض أن يمثل بعضهم أمام المستشارين أبو زيد والعشماوى بناء على طلبات الحضور التى أرسلت لهم من أجل المثول أمام المحقق والرد على الأسئلة التى تتعلق بقانونية التمويل وشرعية النشاط وأهدافه. من بين الجهات التى أرسلت لها طلبات حضور للتحقيق- وسوف يمثلون اليوم وعلى مدار هذا الأسبوع وخلال الأيام القليلة القادمة سيتم الكشف عن أرصدتهم فى البنوك لمعرفة أصلها من أين جاءت ولمن جاءت وكيف جاءت- مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ومؤسسة الدولية للنظم الانتخابية وجمعية السادات للتنمية والرعاية ومؤسسة المشرق للتنمية والسكان وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء وجمعية شموع لحماية المعاقين والمركز الدولى الأمريكى للصحفيين والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى ومركز المصريين للدراسات الديمقراطية والمنظمة الأفريقية لحقوق الإنسان والجمعية المصرية لنشر الوعى القانونى ومؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية. وأيضا منظمة الخدمات الكاثوليك ومؤسسة آفاق جديدة للتنمية الاجتماعية ومركز الأدهم للصحافة الالكترونية بالجامعة الأمريكية والمركز الدولى للصحفيين والمعهد الدولى لحقوق الإنسان وجمعية تنمية الديمقراطية ومركز ابن خلدون لدراسات التنمية، وابن خلدون للدراسات التنموية وشركة صندوق ابن خلدون الشعبى وهيئة دعم الناخبات المصريات وسعد الدين محمد إبراهيم وشريكته وأحمد محمد إبراهيم رزق والمصرية لدعم التنمية الديمقراطية بالقاهرة، ومركز التنمية ودعم المؤسسية والمعهد الديمقراطى القومى والمعهد الجمهورى الدولى والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى والجمعية المصرية لحقوق الإنسان وجمعية النهوض بالمرأة والتنمية «أوتاد» ومركز جسر الحوار والتنمية والميزانية ومرصد حقوق الإنسان ومركز تقديم المساعدة القانونية للمرأة المصرية. وتشمل القائمة أيضا مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف وايجبت كامبيتر- بثينة محمود بركات وشركاءها وريهام أحمد فؤاد عفيفى وناصر أمين عبد الله وجاسر حسين عبد الرازق وشريكه ومحمد حسين جبر شلبى وشريكه وأحمد سيف الإسلام عبد الفتاح وأحمد صلاح الدين على عطية وعمرو عفيفى محمد سليمان وشادى عبد الكريم محمد أمين وصلاح الدين حسين سليمان عبد الخالق وورثة حسين سليمان عبد الخالق وسعيد عبد الحافظ وبهى الدين محمد حسن وعماد رمضان محمد إبراهيم ومحمد على محمد زراع وجمال عبد العزيز عبد الصمد شرف وجمعية التنمية البشرية والمركز الدولى للعدالة والدعم القانونى والدعوة ومركز العدالة والمواطنة لحقوق الإنسان وجمعية سوا للتنمية. وعن خطورة هذا الملف ومدى تأثيره على الوضع فى مصر حاليا. يرى محمد عثمان المحامى والقيادى السابق بحزب العمل أن المنظمات الحقوقية فى ظل المتغيرات العالمية وفى ظل الثورة أصبح وجودها ضرورة لأنها تتصدى للأنظمة الفاسدة وتدعم حقوق الإنسان وهذا ما يجعلها مستهدفة. وفى هذه الحالة ندعمها إذا تعرضت لأى عدوان يعيق أداء رسالتها على الوجه الأكمل، لكن هذا مشروط بأن تتصف بالنزاهة والشفافية للقائمين على أمر تلك المنظمات وتحديدا من النواحى المالية لأنه تلاحظ فى الآونة الأخيرة أن بعض القائمين على هذه الجمعيات أفرغوها من مضمونها وأصبحت جمعيات عائلية وأسرية لدرجة أنه أحيانا تجد الأسرة الواحدة تدير أكثر من جمعية بأنشطة مختلفة ومسميات مختلفة، والملاحظ أيضا أن بعض القائمين على أمر هذه الجمعيات تحولوا إلى ميلونيرات وأصحاب قصور وفيلات. من الأموال المخصصة للجمعيات من الجهات المانحة وهذا الأمر يجب التصدى له وإعادة تصحيح الأوضاع وفرض رقابة حقيقية على الأنشطة المالية لهذه الجمعيات حتى لا تتحول الجمعيات هدفا للباحثين على الثراء، وفى هذه الحالة تخرج الجمعيات والمنظمات الحقوقية عن الرسالة التى أنشئت من أجلها. قيد التحقيق أما نجاد البرعى المحامى ومدير مؤسسة تنمية الديمقراطية فيقول إن موضوع التمويل الأجنبى مطروح للتحقيق الآن، وهناك لجنة تقصى حقائق تعمل فى هذا الموضوع وعلينا أن ننتظر ما تسفر عنه التحقيقات. ويضيف البرعى أن التحقيقات هى التى ستحدد من الجانى ومن المجنى عليه، ونفى أن تكون لهذه التمويلات علاقة بما يحدث من فوضى فى الشارع المصرى. حدث مكرر أما محمد محيى رئيس جمعية التنمية الإنسانية فيرى أن موضوع الاتهامات الموجهة لمنظمات المجتمع المدنى أمر مكرر، فمن وقت لآخر تظهر هذه الاتهامات وخاصة عند ظهور أحداث مثل أحداث ماسبيرو ومحمد محمود وأحداث شارع مجلس الوزراء، فهناك محاولة لتخوين هذه المنظمات وخاصة بعد تصريحات وزير العدل، وذكر منظمات باسمها والربط بينها وبين الأحداث الأخيرة. وأضاف محيى أن منظمات المجتمع المدنى التى تعمل ولها تاريخ وليس لها علاقة بما يحدث من شغب وعنف، فهذا ليس عملها وكان الأولى أن يقدم لنا وزير العدل نتائج تحقيقات ماسبيرو ومحمد محمود وشارع مجلس الوزراء. تاريخ قديم ويرى شادى عبد الكريم مدير مركز الحقوق للديمقراطية أن منظمات المجتمع المدنى فى مصر لها تاريخ يرجع إلى ما قبل 1952 وكان نشاطها يقوم على التبرعات العائلية وعندما قامت ثورة 52 وتم تأميم الأملاك ثم القضاء على منظمات المجتمع المدنى وبداية من الثمانينات كان هناك احتياج شديد لدور المجتمع المدنى لذلك عاد المجتمع المدنى تدريجيا بعد أن كان العمل الأهلى متقدما فى الشارع المصرى ومن 1986 بدأت المنظمات المصرية تتلقى تمويلا من الخارج ولم تقم المنظمات الأهلية بعمل مخالف لعمل المجتمع المدنى ولم تطبّع مع إسرائيل، وكنا نعمل على مدار الثلاثين عاما الماضية من خلال الواقع المصرى وليس من خلال الواقع الأجنبى. وتساءل شادى: لماذا فى هذا التوقيت بالذات ظهر من يلقى هذه الاتهامات على منظمات المجتمع المدنى وخاصة كبرى الجمعيات التى تعمل فى الخير، ولها تاريخ طويل فى العمل الأهلى إلا أن يكون هناك متغير حدث نتيجة ظهور قطاع من المجتمع المدنى كان يعمل بآلية ونظام وتغير هذا النظام بالكامل وماذا يعنى هذا التغير؟ وهل هناك أهداف وراء هذا التغير؟ جهات رقابية ومن جانبه يرى محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان أن جمعيات المجتمع المدنى عليها رقابة من وزارة التضامن الاجتماعى والجهة المانحة، وهناك العديد من الجمعيات التى تعمل منذ عشرات السنين ولم يؤخذ عليها أى من الملاحظات التى تخص هذه التمويلات وخاصة أن هذه الجمعيات تعمل من خلال برامج تهدف إلى مساعدة المواطن سواء على المستوى الاقتصاى أو غيره، فهناك العديد من القرى التى يصل خط الفقر فيها إلى أكثر من 50% وإلى جانب ذلك تعمل هذه الجمعيات على تثقيف الأفراد والمواطنين فى الكثير من الحقوق والواجبات المتعلقة بحياتهم اليومية ومدى فاعلية هؤلاء الشباب فى المجالات المختلفة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو غيرها من المجالات التى تحتاج إلى مساهمة تلك المنظمات الأهلية والتى لها باع طويل فى العمل الخيرى، ولكن هناك بعض المنظمات التى تعمل على خلفية دولية ولها أهداف غير معلنة والتى ظهرت فى الآونة الأخيرة وخاصة بعد ثورة 25 يناير والتى حصلت على تمويلات من الخارج بأرقام ضخمة هى التى ساهمت فى إحداث هذا اللغط والشغب من أجل تنفيذ أجندات أجنبية تهدف إلى ضرب استقرار مصر فى تلك المرحلة المهمة المصيرية، لذلك يجب أن تعمل الحكومة على إظهار تحقيقات سريعة وتنشر فى أقرب وقت فى الصحف والفضائيات ليعرف الرأى العام ما يحدث على أرض الواقع والتحقيق مع هؤلاء المتورطين فى تلقى تمويلات من الخارج من أجل إحداث فتنة فى البلاد ومحاكمتهم.