ما تردد مؤخرا على لسان نجم نجوم السلفيين وفتى فتيانهم عبد المنعم الشحات حول أديب مصر العظيم وفخر مفكريها وشعبها نجيب محفوظ، لا يفترق كثيرا عما ردده أحد أسلافه على مسامع الشاب الجاهل الذى وجه له عدة طعنات فى رقبته فى 14 أكتوبر عام 1994! فلم يكن هذا الشاب قد قرأ شيئا لنجيب محفوظ وبالطبع لم يعرف قيمته، بل ربما يكون قد اعتبر فعلته جهادا فى سبيل الله، ولكن الله جل علاه جسد معجزته الإلهية فى أديبنا العظيم، حتى إن الجراحين الذين عملوا على إنقاذ حياته تعجبوا من نصل السكين الذى اخترق رقبته متحاشيا أوردة وشرايين قاتلة ما كان لأبرع الجراحين أن يتمكن من تحاشيها، لكنها إرادة الله وعبرته، التى لم يعتبر بها هؤلاء المتطرفون! هؤلاء يجب ألا نضيع وقتنا معهم فى تعريفهم بقيمة نجيب محفوظ وفضله على الأدب العربى، ولا بمصريته وسماحته وزهده، الذى كان خير تجسيد للثقافة والحضارة المصرية العظيمة! لكن هناك أمر يثير الحيرة! لماذا نجيب محفوظ تحديدا هو الذى يتعرض لكل هذه الهجمة الشرسة والمنظمة على مدى عقود؟ فلنفس الأسباب كان يمكن الهجوم على توفيق الحكيم أو إحسان عبد القدوس أو يوسف إدريس أو غيرهم من مفكرينا وأدبائنا، ولكن لأن نجيب محفوظ هو من حصل على نوبل، وهو من ترجمت أعماله لمئات اللغات، وهو من انتشر عالميا كواحد من أعظم مبدعى الإنسانية طالته تلك السهام! الأمر إذا ليس صدفة، وليس لأن أدبه يحض على الإباحية أو الإلحاد كما يدعى هؤلاء، ولكن لمكانته العالمية الرفيعة المشرفة للأدب المصرى، كان من الضرورى تحطيم تلك القيمة التى يفخر بها المصريون، وحتى لا يبقى شىء يفخرون به! ربما يكون هذا جزء من الصفقة التى قبض بموجبها هؤلاء ملايين الدولارات، فيقومون بتحطيم وتشويه منظم لكل ما هو عظيم فى مصر! لا أعتقد أن السيد عبد المنعم الشحات قد قرأ شيئا من أدب نجيب محفوظ، وحتى لو قرأ فإنه لن يفهم، وحتى لو فهم فلن يعترف بأنه على خطأ لأنه قد اتخذ موقفا مسبقا ومنغلقا على الدنيا وما فيها من إبداع!