رفع العلم الفلسطينى أعلى مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» يمثل لحظة فارقة فى تاريخ النضال السياسى والدبلوماسى للسلطة الفلسطينية، كما أنها خطوة مهمة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة وتمثل أداة ضاغطة للولايات المتحدة للعدول عن استخدام حق الفيتو لإجهاض الحلم الفلسطينى، كما أن عضوية فلسطين باليونسكو تفتح كل الملفات التى تدين إسرائيل فيما يتعلق بتهويد الأقصى والأماكن المقدسة. بداية أكد د. محمد خالد - المستشار الثقافى لسفارة فلسطين فى القاهرة- أن رفع العلم الفلسطينى فوق مقر منظمة اليونسكو هى خطوة لها دلالة سياسية وثقافية، مشيرا إلى أن فلسطين بها مناطق تعتبر متحفا وتحتاج إلى حماية دولية للحفاظ على التراث الإنسانى العظيم، مؤكدا أن حجم التأييد الدولى لفلسطين يزداد فى العالم. ووصف المستشار الثقافى الدول التى امتنعت عن التصويت فى «اليونسكو» بأنها تخشى من بطش الولاياتالمتحدة، قائلا إنه على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تعيد النظر فى قراراتها تجاه فلسطين، موضحا أن هناك مماطلة للاعتراف بدولة فلسطين فى مجلس الأمن، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة إذا استخدمت الفيتو فى مجلس الأمن ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية ستسوء صورتها فى نظر العالم، موضحا أن فرنسا ستصوت بالإيجاب فى الأممالمتحدة لأن الدول الكبرى لا تبدل مواقفها. وأضاف أن اليونسكو انتصرت لثقافتها وللضمير العالمى، وكانت تعلم أن الولاياتالمتحدة ستقطع دعمها، مؤكدا أن على الدول العربية الوقوف إلى جانب هذه المنظمة التى تعبر عن الضمير العربى. مشيرا إلى أن بعض الإسرائيليين اعترفوا بتفوق الدبلوماسية الفلسطينية وحملوا نتنياهو المسئولية، والآن إسرائيل معزولة عن العالم، مؤكدا أن اليونسكو من أهم المؤسسات الدولية، كما أن القضية الفلسطينية ولدت فى الساحة الدولية. وأوضح أن تصويت 107 دول لصالح فلسطين يعطى انطباعا بأن العالم كله مع فلسطين بما فى ذلك الدول التى امتنعت عن التصويت، الأمر الذى يفتح آفاقا واسعة أمام الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة، مشيرا إلى أن المشكلة الوحيدة التى يمكن أن تواجه الفلسطينيين فى مجلس الأمن هو الفيتو الأمريكى، مؤكدا أنه فى حالة التصويت فى الأممالمتحدة سيكون التصويت مشابها لما جرى فى اليونسكو. خطوة للأمام ومن جانبه أكد د. طارق فهمى- رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط أن رفع العلم الفلسطينى أعلى مقر منظمة اليونيسكو يعد خطوة إلى الإمام نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة، مشيدا بالجهود التى تقوم بها الدبلوماسية الفلسطينية من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، موضحا أن انضمام فلسطين لمنظمة اليونيسكو إنجاز خطير حيث إن هذه الخطوة ستسمح لمنظمة اليونيسكو بفتح كل الملفات التى تدين إسرائيل خاصة ملف الأراضى العربية المحتلة وما يجرى فى المسجد الأقصى ومسألة تهويد القدس والأماكن المقدسة مضيفا أن منظمة اليونيسكو ستسعى لإجهاض مخطط تهويد القدس، وذلك قبل 20 نوفمبر 2020 الموعد المحدد للانتهاء من المشروعات الاستيطانية فى القدس. وعلق د. طارق على التهديدات الأمريكية بوقف الدعم الأمريكى لمنظمة اليونيسكو قائلا إن هذه التهديدات لن تصل إلى مرحلة التنفيذ، مؤكدا أنها مجرد تهديدات إعلامية فقط وإرضاء لإسرائيل. وأضاف أن إسرائيل تعتبر قبول فلسطين كعضو كامل فى منظمة اليونيسكو بمثابة هزيمة لها، ولذلك قامت حكومة نتنياهو بتشكيل لجنة لتطويق الخطوات الفلسطينية المقبلة التى تسعى إلى الانضمام للمنظمات الأخرى الدولية، كما قامت حكومة نتنياهو بالإعلان عن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة فى الليكود فى 31 يناير المقبل، وذلك من أجل ترتيب الأوراق الإسرائيلية من الداخل طبقا لما يحدث على الساحة الفلسطينية. وفى السياق ذاته أكد السفير حسن عصفور أن حصول فلسطين على العضوية الكاملة باليونسكو يعد انتصارا وإنجازا تاريخيا فى إطار الجهود العربية والفلسطينية التى تعمل على قبول عضوية فلسطين الكاملة فى الأممالمتحدة.. موضحا أن هذا الأمر يؤكد من جديد اصطفاف شعوب العالم والدول المحبة للسلام إلى جانب الحق الفلسطينى، كما يعد أيضا انتصارا للعدالة التى غابت عن القضية الفلسطينية منذ عقود. وأوضح أن الفرحة الفلسطينية لن تقف عند حدود رؤية علم الوطن يرتفع شاهقا بجوار ما يقارب 200 علم لدول عدة، ولكن تلك الراية التى استشهد من أجلها وتحتها عشرات آلاف من أبناء الشعب كى تبقى شاهقة فشعب فلسطين يتطلع إلى تصحيح مساره المخطوف والمغتصب من قبل المحتل الإسرائيلى. وأضاف أن عقاب الولاياتالمتحدة لمنظمة اليونيسكو على قرارها بتصحيح المسار المخطوف منذ 63 عاما بقبول فلسطين دولة عضوا كامل العضوية، يأتى وفقا لقانون تشريعى للكونجرس يقضى بوقف أى تمويل لأى مؤسسة تعترف بفلسطين، والمبلغ وفقا لما يقال يقارب 70 مليون دولار سنويا، وسبق لواشنطن أن أوقفت تمويلها لليونيسكو وغابت عن المشاركة ما يقارب ال20 عاما، واستمرت المنظمة ولم تنته وظل الخاسر هو الغائب. يذكر أن اليونسكو أسست عام 1945، وتضم 193 دولة، ولها أكثر من خمسين مكتبا تمثيليا فى أرجاء العالم. وتتألف من هيئتين إداريتين هما المؤتمر العام والمجلس التنفيذى. وتتمثل أهداف المنظمة فى الإسهام بتحقيق التنمية المستدامة مع تأمين التعليم الجيد للجميع والقضاء على الفقر وبناء السلام وإقامة حوار بين الثقافات وإرساء ثقافة السلام وتعزيز التنوع الثقافى من خلال التربية والعلوم والثقافة بالإضافة إلى بناء مجتمعات معرفة استيعابية من خلال المعلومات والاتصال.