كالعادة.. لا يخلو موسم الحج من أزمات ومشاكل تؤرق ضيوف الرحمن، وقد تمثلت هذا العام فى تكدس الحجاج أثناء تأدية المشاعر المقدسة بسبب النقص فى وسائل المواصلات خصوصاً أثناء النفرة من عرفات إلى منى، فضلاً عن مشاكل السكن والتكدس فى الموانئ، إلا أنه وبعد انتهاء موسم الحج بما فيه من مصاعب ومشقة وسلبيات تنصلت الهيئات وشركات السياحة من مسئولياتها عن التقصير فى رعاية الحجاج ويبقى الحاج هو الخاسر الوحيد من أخطاء وتخبطات حج القرعة أو السياحة. «أكتوبر» التقت أطراف المعادلة الصعبة ومسئولى رحلة الحج هذا العام لرصد أبرز ملامح المشكلة لتفادى حدوثها فى العام القادم. فى البداية وعن المشكلات التى واجهت بعثة الحج هذا العام يقول د. محمد عبدالفضيل القوصى وزير الأوقاف ورئيس البعثة: الظاهرة العامة التى اكتسب بها حج هذا العام هى «ظاهرة الافتراش» التى سدت الطرق وتسببت فى تأخر وصول الحجاج إلى المخيمات ووجود صعوبة فى وصولهم إلى المشاعر، وبالتالى زحام شديد فى أماكن الإقامة. وأضاف: الأمر الثانى يتمثل فى أن المساحة بطبيعتها ضيقة فى حين كان العدد الموجود أكبر من الطاقة الاستيعابية مؤكدًا أن الزحام ليس بجديد وهذا يحدث كل عام، لكن حان الوقت لوقفه مع هذا المشهد السيئ موضحًا أنه فى الوقت الذى حدثت فيه السلطات السعودية الطرق والكبارى إلا أنها أيضًا كانت مليئة «بالفرشية». وأشار إلى أنه من الصعاب التى واجهت الحجاج هذا العام مشاكل التسكين حيث كان من الملاحظ أن الفنادق التى تقع بالمنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكى الشريف مستوى الإقامة متواضعًا للغاية فى حين تجد أن هناك أخرى بعيدة عن الحرم المكى الشريف والإقامة بها مميزة مؤكدًا ضرورة المواءمة فى السنوات المقبلة بين قرب أماكن السكن للحجاج من الحرم والخدمة المقدمة بها. كما واجهت الحجاج مشكلة أثناء التصعيد من مكةالمكرمة إلى عرفات ومنه إلى المزدلفه ولكن كان هذا سبب قيام النقابة العامة للسيارات بنقض اتفاقها مع بعثة حج القرعة والخاص بتوفير حافلات لنقل الحجاج فى إطار ما يسمى بخدمة الرد الواحد مما أدى إلى تأخر نفرة الحجاج إلى المزدلفة ومنها إلى منى. ويحكى القوصى عن المواقف التى تأثر بها أثناء مروره على أفراد البعثة لتفقد أحوال الحجاج حيث يقول تألمت كثيرًا عندما وجدت سيدة كبيرة فى السن تجاهد لتزاحم الحجاج فقبلت رأسها كما رأيت بعض الحجاج تعرضوا لوعكات صحية وذهبت بهم إلى المستشفى مما أدى إلى صعوبة اتصالهم بالمناسك ويذكر أيضًا قائلا: أما الموقف الذى أدمى قلبى قابلت إحدى السيدات تائهة وقالت لى بالحرف الواحد «ما تسبنيش يا بنى» وبالفعل جمعنا لها المال وأوصلناها إلى ذويها ومنذ ذلك الحين كنت أحرص بنفسى على أن تصل أى سيدة إلى ذوبها وكنت لا أهدأ حتى أتأكد من وصولهن إلى ذويهن. هيئة للحج/U/ وطالب رئيس بعثة الحج لهذا العام ضرورة إنشاء كيان مستقل خاص بالحج فقط وشئون الحجاج عبارة عن هيئة قومية فيها كافة الجهات والوزارات المسئولة حتى لا يتفرق الأمر بين جهات متعددة وحتى تكون هناك رؤية واحدة توحد المعاملة بين الحجاج جميعًا ويكون هذا أمرًا ولغة للجميع حتى مسألة اختيار الحجاج.. وبالتالى تقل المشاكل والصعوبات التى يواجهها الحجاج هناك ولن أقول تنعدم مضيفاً أن الله سبحانه تعالى قال: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، والله سبحانه جل شأنه يعلمنا أن فى الحج مشقة وعلى كل حاج أن يوطن نفسه منذ البدء وأن يعلم جيدًا أن هناك مشقه فى الحج، وبالتالى يجب أن يكون الحاج قادرًا على أداء المشاعر، مضيفاً أن هذه الهيئة التى أطالب بإنشائها يتفق معى فيها كافة المثقفين والمتخصصين وبالتالى أصبحت مطلبا عاما. وأوضح أنه كان هناك تفاوت كبير بين الحجاج ماديا وخدميا وهذا أمر طبيعى مضيفا أنه كان أكثر اهتمامًا بحج البسطاء والمعروف بحج القرعة، وهذا الأمر يشغلنى جدًا خاصة وأن الخدمات التى تم تقديمها لحجاج القرعة ليست على المستوى المطلوب وتختلف عن الخدمات التى تم تقديمها لحجاج التضامن والجمعيات وحجاج السياحة، وهذه المشاكل يجب دراستها لوضع حلول لها حتى لا نقع فيها ونفى وزير الأوقاف فى النهاية وجود أية مشاكل بينه وبين رؤساء البعثات مؤكدًا أن د. صلاح هاشم بذل جهده الذى يشكر عليه وما أعلنت عنه من مشاكل وعيوب واجهت بعثة الحج لهذا العام إنما كانت لأننى على يقين بأن المسئول الأول لابد أن يطلب الكمال.. لكن تبين أن الناس فى حاجة إلى حملات توعية قبل موسم الحج بوقت كافٍ حتى تتوافر لديهم الرؤية التى تمكنهم من حسن التصرف فى كافة أماكن المشاعر المقدسة، كما لا يخفى علينا وألا تغفل أن أعداد الحج لهذا العام أكبر بكثير من الأعوام الماضية. وأضاف: بكل أمانة وصدق كل أدى دوره بقدر طاقته واستطاعته وفى حدود الامكانات المتاحة لكن المسألة تحتاج إلى توحيد الجهود وحتى تصب فى مصلحة الجميع.. فأنا أشارك جميع رؤساء البعثات «بعثة التضامن» وبعثة «الصحة» وبعثة «السياحة» حيث أمرنا تعالى بأن نشكر الناس إذا احسنوا.. قائلاً بالحرف: «وأنا لا أحب أن اكسب بنط على حساب الآخرين». وكان من أبرز ملامح موسم الحج هذا العام الانتقادات الشديدة الموجهة من أعضاء الجمعية العمومية بغرفة شركات السياحة، مؤكدين أن أداء هذه الشركات جاء مخيباً للآمال ولم ينجح مجلس إدارة الغرفة فى السيطرة على الرغبة الجامحة لبعض شركات السياحة فى تحقيق المكاسب المادية الكبيرة على حساب الخدمات المقدمة للحجاج حتى أن بعض الشركات حققت فى هذا الموسم أرباحاً صافية وصلت إلى عشرة ملايين جنيه. كما أن قرابة مائتى شركة سياحية معروفة فى القطاع تتاجر فى تأشيرات الحج مما يشير إلى حصول شركات السياحة على صفر فى موسم الحج». أعضاء عمومية شركات السياحة أكدوا أن كافة التصرفات التى حدثت فى موسم الحج هذا العام تصب فى مصلحة إنشاء هيئة محايدة تتبع وزارة الأوقاف بحيث تقوم بتوزيع تأشيرات الحج بالمجان على المواطنين مما يوفر ثمن التأشيرات الذى لو تم خصمه فى سعر البرنامج ستصل تكاليف الحج إلى عشرين ألف جنيه فقط للمستويات المتوسطة وهى ذات الأسعار الخاصة بالجمعيات الأهلية غير الهادفة للربح. كما طالبت هذه المجموعة من أعضاء الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة بمحاسبة لجنة السياحة الدينية بالغرفة من أجل إعادة السياحة إلى ارتباطها بالشارع المصرى وأن يصدروا أيضاً بياناً واضحاً حول حملة التوعية لحجاج السياحة عبر الفضائيات والتى تردد أنها وصلت إلى ستة ملايين جنيه تم إنفاقها خلال الشهر الأخير قبل الحج وكان الحجاج سافروا بالفعل. من جانبه يقول أحمد الخادم مستشار وزير السياحة ورئيس بعثة الحج السياحى إن البعثة لم تتلق أية شكاوى جوهرية من الحجاج، وتم تصعيد حجاج الشركات إلى مخيمات عرفات مباشرة دون المبيت ليلة التروية بمنى من خلال ما يقرب من 800 سيارة مكيفة وموديلات حديثة قامت الشركات بأستئجارها لراحة حجاجها إضافة إلى ارتفاع الخدمات المقدمة للحجاج عن الأعوام الماضية. كما تم التنبيه على مشرفى الشركات بأن يكونوا مرافقين للحجاج طوال تواجدهم بالمشاعر المقدسة سواء فى منى أو عرفات للتدخل الفورى لحل المشاكل. وقال عبد العزيز حسن رئيس الإدارة المركزية للشركات إنه تم تشكيل مجموعة عمل من أعضاء البعثة وتوزيعها على مخيمات مكاتب الطوافة التى تخدم حجاج السياحة وهى 14 مكتباً منها عشرة لحجاج الطيران وأربعة لحجاج البر وتم اختيار أعضاء مجموعات العمل من ذوى الخبرة الكبيرة فى الإشراف على الحج وتهدف هذه المجموعات إلى التواصل مع المطوفين والاطمئنان لاتخاذ جميع التدابير التى تضمن راحة الحجاج حيث تم توفير أجهزة لاسلكية وهواتف جوالة لكل أعضاء حجاج البعثة وربطهم بالمركز الرئيسى للتدخل الفورى عند حدوث مشاكل تواجه الحجاج، كما تم تزويد هذه المجموعات بأجهزة كمبيوتر محمولة تحتوى على جميع المعلومات عن حجاج السياحة وأماكن إقامتهم ومخيماتهم وذلك لإرشاد التائهين وتوصيلهم إلى معسكراتهم. وأوضح الخادم أن عدد الوفيات فى موسم الحج بين حجاج السياحة هذا العام بلغ 16 حالة ومفقودا واحدا. لجنة عليا/U/ وحول مشروع قرار إنشاء لجنة عليا للحج أكد أحمد الخادم مستشار وزير السياحة والمشرف العام على بعثة الحج السياحى أن أى تفكير فى وضع استراتيجية جديدة للحج لابد أن تضع فى الاعتبار أن هناك مايقرب من ألفى شركة سياحية تعمل فى تنظيم الحج والعمرة، وهذه الشركات مسجلة رسمياً وتدفع الضرائب وتساهم فى التنمية الاقتصادية وبالتالى فهى أحق من أية جهة لتنفيذ برامج السياحة الدينية ومنها الحج والعمرة. مشيراً إلى أن إبعاد السياحة عن تنظيم تلك الرحلات الدينية سيؤدى إلى دخول سماسرة التأشيرات والمكاتب غير المرخصة لهذا المجال وبالتالى تفقد الدولة الرقابة على المنظمين الفعليين للحج والعمرة. ويقول حسام الشاعر رئيس غرفة شركات السياحة إن القانون يمنح شركات السياحة الرسمية وحدها الحق فى تنظيم رحلات سياحية للمواطنين لأنها تخضع لرقابة صارمة من وزارة السياحة. مشيراً إلى ان هناك حكماً قضائياً يؤكد هذا الحق.