نجاحات هائلة على جميع الأصعدة هى المحصلة النهائية لمدة المغامرة التى لم تكن فى الحسبان والتى تبناها المسئولون فى الهيئة العامة للكتاب برئاسة د. أحمد مجاهد بإقامة معرضً للكتاب فى الفترة من 5 إلى 25 رمضان، لمدة عشرين يومًا فى مكان عشوائى كان مخزنًا للهيئة فى محطة الطاليبة بشارع فيصل أو بالأصح فى خرابة تبلغ 25 ألف متر مربع.. هذه النجاحات التى فاجأت الجميع سواء مسئولى الهيئة والناشرين المصريين والعرب الذين استجابوا للمغامرة والبالغ عددهم 85 ناشرًا، والجماهير الغفيرة التى ازدحمت بالمعرض، والمشاركين بفعاليات الأنشطة الثقافية والفكرية والفنية وحتى حركة البيع والشراء للكتاب التى دفعت رئيس الهيئة لصرف شهر مكافأة لجميع العاملين بها فرحة بهذا النجاح المدهش الذى جعل الذين تقاعسوا عن عدم المشاركة يندمون والذين قللوا من أهميته يعتذرون وجعل الجميع يدرس فكرة استمرار المعرض طوال العام.. ورصدًا لبعض فعاليات المعرض الرمضانى للكتاب وبعيدًا عن الأمسيات الشعرية للشعراء أحمد عبد المعطى حجازى وحسن طلب وحلمى سالم ومحمد إبراهيم أبو سنة ومحمد أبو دومة وأيضًا للشاعر سيد حجاب، وكذلك الحفلات الفنية التى تتنافس فيها فرق البنادرة وبراويز وسواقى والفرقة المصرية وفرق الأقاليم الموسيقية وفرق شباب ميدان التحرير.. نتوقف عند بعض الندوات الفكرية والأدبية: الكاريكاتير فى الميدان فن الكاريكاتير قبل الثورة كان الأكثر حضورًا فى فضح الفساد وأحوال البلد من خلال الكاريكاتير السياسى اللاذع الذى تناول الوزراء والشخصية السياسية، وقد شارك فى الندوة الفنانون عمرو فهمى ومحمد الشال وعمر فتحى وأدارها الفنان جمعة فرحات الذى نبه الحضور إلى ان الكاريكاتير بدأ فى مصر عام 1878م ثم حدث انقطاع وعاد فى عام 1905م وفى عام 1956 ظهرت أهم مدرسة فى الكاريكاتير المصرى، وهى روز اليوسف، وذكر الفنان عمرو فهمى أنه فن مصرى أصيل منذ عهد الفراعنة وليس إيطاليا أو أمريكا كما يشاع وأشار الفنان محمد الشال إلى رابطة رسامى الكاريكاتير التى شكلها مع زملاء له أثناء الاعتصام بعد موقعة الجمل وصنعوا بعلب الكشرى لوحات تقول ارحل والشعب يريد اسقاط النظام بهدف خلق ثقافة محتجة بين المتطاهرين،أيضا المعارض التى أقمناها معرض المترو ، وكان يصل عدد زائريه فى اليوم لأكثر من 500 ألف زائر أما الفنان عمر فتحى فقال إنه توقف عن العمل بالجرائد منذ عامين لعدم وجود حرية وشارك فى الثورة بالفن وهم مستمرون بهذه الروح. صحافة ما بعد 25يناير أهم ما قاله الكاتب الصحفى سعد هجرس فى هذه لندوة أن الثورة لم تصل للصحافة فقبل 25 يناير كان يوجد إعلام به تضليل وإعلام آخر يكشف التضليل وعلى الرغم من وجود الكثير من الحرية فإنها لم تكن مؤسسية وكان اصدار أى صحفية يستلزم موافقة أمن الدولة للحصول على الترخيص وكانت الاجراءات معقدة جدًا ومازالت هذه المشاكل موجودة حتى اليوم من خلال قوانين قضايا النشر وقانون عضوية النقابة وهذه كلها يجب أن تتغير ومعها المجلس الذى يشرف على الصحافة، وقال خالد البلشى رئيس تحرير جريدة البديل الإلكترونية إن القوانين القديمة مازالت تحكم حرية الصحافة ومازال قانون حبس الصحفيين ساريًا، وأكد أن كل المعلومات التى تكتب الآن سواء عن التقارير الصحية للرئيس السابق وأرصدة رموز النظام الساقط غير دقيقة. أزمة السينما شارك فى هذه الندوة السيناريست يشير الديك وناصر عبد الرحمن والمخرج أحمد ماهر وأدارها الناقد طارق الشناوى الذى قال انه فى عام 1963م عقدت ندوة بمصر عن أزمة السينما ونحن الآن فى 2011م، ولا نزال نسير فى الاتجاه نفسه وقال عن الرقابة على الأعمال إنه كانت هناك أعمال قبل الثورة - يجيزها الرئيس السابق بنفسه مثل الجردل والكنكة وجواز بقرار جمهورى والسفارة فى العمارة، وقال السيناريست بشير لديك إن أزمة السينما المصرية الآن مثل أزمة المجتمع المصرى وهذه لم تكن دولة إنما كانت عزبة منا يديرها مجموعة من الآفاقين وانعكس هذا الانهيار على السينما وتحولت إلى سبوية مثل كل شىء. التنظيمات النقابية وأكد فى هذه الندوة الفنان أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين أن الزمرة التى كانت تحكم مصر بمنطق الاستعمار كان يبدو كأن لديها أجندة خاصة تنفذها، فجعلت لكل شىء فى حياتنا سقفًا محدودًا وهو ما أثر بالسلب على الكثير من النقابات،وجعلها مهمشة ولم تسمع خلال عهد مبارك سوى صوت نقابة الصحفيين والمحامين، لكن صراخهما كان ينكسر على سلالم النقابة أمام عربات الأمن المركزى، وأضاف عبد الغفور أننا لو أجرينا أحصاء للمسلسلات الحالية، ربما لن نتمكن من الخروج بمسلسل واحد أو اثنين على قدر من الجودة والقيمة ضمن الأربعين مسلسلا، وذلك بسبب الفن الهابط الذى يسخف ويسطح عقول المصريين ويهدف إلى شغلهم عن أن القانون المصرى ملىء بالثغرات والسلبيات والقوانين المضادة مشيرًا «حفيت فى طرقات مجلس الشعب لسبع سنوات من أجل تعديل مادتين متناقضتين ولا حياة لمن تنادى. الرواية الآن أبدى الناقد د. محمد بدوى رئيس تحرير مجلة فصول دهشته من غياب تيمة الديكتاتور فى الرواية العربية، وأنه لا توجد حتى الآن رواية عربية كبيرة عن شخصية الديكتاتور التى تختلف بكل تأكيد عن شخصية الناس العاديين فى تكوينها ووعيها وتركيبتها النفسية فى حين أن نموذج الديكتاتور موضوع متكرر فى أدب امريكا اللاتينية التى تشبهنا كثيرًا فى ظروفها وكتابتها.. وقال الروائى جمال زكى مقار إن الرواية منذ زينب فى 1913م اعتمدت دائمًا على كفاح الشعب المصرى ضد قوى تقف أمام تقدمه وطالب الروائى بأن تفرز الاعوام الثلاثون التى حكم فيها مبارك ونظامه الذى خرب الحياة المصرية تخريبًا واسعًا فالفرصة الآن أمامنا لكشف مسلسل تحطيم الشخصية المصرية والاحزاب الكرتونية التى تخفت وراءها السلطة لتبين أنها تعمل بشكل ديمقراطى. وفى هذه الندوة ابدت الناشطة اسراء عبد الفتاح تفاؤلها بوضع مصر بعد محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ومساعديه على الرغم من ضبابية المشهد الحالى حيث لا أحد يعرف إلى أين تذهب مصر، فيما أكد د. شادى الغزالى حرب أن المحاكمة ليست للتشفى من مبارك، إنما عبرة لكل مسئول قادم داعيًا إلى أن يطهر كل مصرى الفساد من حوله من خلال موقعه بالوسائل السلمية القانونية، أما الناشط خالد تليمة فقد روى قصة بكائه مرتين منذ اندلاع الثورة الأول عند تنحى الرئيس المخلوع والثانية فى أول أيام رمضان بعد فض اعتصام ميدان التحرير بالقوة من قبل الجيش واتهام الثوار بأنهم سيكونون السبب فى خراب البلد على حد قولهم. يوميات ثورة الفل أما عن حفل توقيع كتاب يوميات ثورة الفل للمفكر نادر الفرجانى الصادر عن الهيئة وهو الكتاب الأول الذى تصدره الهيئة فى تاريخها للفرجانى والذى اعتبر صدور الكتاب دليلا على الثورة وتحرير هيئه الكتاب التى كانت مقيده بإطار محدد فى عهد الطاغية المخلوع، وقد ادار الفرجانى ندوه مواقع التواصل الاجتماعى والثورة التى شارك فيها محمد حسن عبد الحافظ وأسماء محفوظ وعبد الحكيم سليمان ومحمد عاطف مشددا على أن الشعب هو صاحب السيادة الحقيقية ومصدر السلطات وأن الضغط الشعبى الحالى هو السبيل الوحيد لإنجاح الثورة، فى حين كشف محمد حسن عبد الحافظ كيف استوعبت السلطة الغاشمة أسباب الثورات التقليدية وطريقتها وبدأت فى الإحتياط لها وتقديم المصدات التى تحمى السلطة من الانقلاب أو التغيير. وقال محمد عاطف إنه لم يكن يتخيل هذا التحول لهذه المنطقة الشعبية التى أقيم فيها المعرض وانه كان مخزنًا أو خرابة وأنه رأى معرضًا حقيقيًا للكتاب ورأى جمهورًا كبيرًا فى الندوة ويحملون كتبًا بين أيديهم.