أثار مسلسل «الحسن والحسين» جدلا فقهيا واسعا، وطالب الأزهر الشريف بمنع عرضه، وهو ما أيده وزير الإعلام أسامة هيكل، معربا عن رفضه التام لعرض المسلسل وموجها رسالة تحذير شديدة اللهجة لجميع القنوات الفضائية المصرية التى أصرت على عرضه خلال الشهر المبارك.. والسؤال هنا هو هل يجدى قرار منع العرض على القنوات الفضائية المصرية أو يمنع مشاهدة العمل الذى يذاع على العديد من الفضائيات العربية؟.. وهل من حق الأزهر أو أى مؤسسة دينية منع عمل درامى؟ وهل نجاح مسلسلات الأنبياء والصحابة يمكن أن يساهم فى نشر المذهب الشيعى بمصر؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه من خلال هذا التحقيق.. * فى البداية يقول الناقد نادرعدلى: بالرغم من منع الأزهر لعرض هذه النوعية من المسلسلات مثل يوسف الصديق ومريم العذراء و المسيح فإنها انتشرت فى الفترة الأخيرة، بل وحققت نجاحا كبيرا، والغريب أنه بالرغم من تصدى الأزهر لتلك الأعمال إلا أنهم لم يتخذوا موقفا صارما منها، وتم عرض بعضها على عدد من القنوات الفضائية المصرية، وكل ما سوف يفعله الأزهر هو رفع قضية ضد أسرة المسلسل، وحتى يتم النظر فى تلك القضية سيكون قد تم عرض العمل بالكامل، وبالتالى فإن هذا القرار غير مُجدٍ، والمطلوب من الأزهر أن يتخذ موقفا آخر غير هذا الموقف. * من جانبه يرى الكاتب والناقد رفيق الصبان أن منع عرض مسلسل «الحسن والحسين» أمر غير صحيح وغير مُجدٍ، ففى كل الحالات العمل سيعرض وسيتم مشاهدته رغم أنف الجميع، فهذا العمل يؤرخ لفترة تاريخية مهمة وصعبة جدا ومن المفروض أن نعرف عنها الكثير، وأنا مع عرضه بكل حماس، فمسلسل «يوسف الصديق» عندما عرض لاقى نجاحا كبيرا، وكان من المفترض أن يتم عرض مسلسل «عمر بن الخطاب»، إلا أنه تم تأجيله للموسم الرمضانى القادم وهو مسلسل أردنى سورى نظرا لعرض مسلسل «الحسن والحسين» فى هذا الموسم. ونفى الصبان أن يكون هذا المسلسل أو غيره من الأعمال وسيلة لنشر المذهب الشيعى فى مصر. * ويقول المخرج على عبد الخالق: «مسلسل «الحسن والحسين» لم يظهر للنور إلا بعد إذن من علماء الدين الإسلامى الذين أجازوا عرضه.. إذن المسلسل لم يحرف القصة الحقيقية وإذا كان العمل غير صالح وبه كثير من التحريف، فالخطأ لابد أن يوجه إلى من أجازوا عرضه، أيضا المؤسسات الدينية كالأزهر من حقها أن تمنع عرض أى دراما، على الرغم من أننى شاهدت مسلسل «يوسف الصديق» وأعجبنى كثيرا، فالعمل قدم بشكل جيد جدا ومتقن جدا، فالمسلسل فسر لى شخصيا قصة يوسف الصديق بمنتهى السلاسة والوضوح حتى أن هناك أشياء كثيرة عرفتها عن طريق هذا العمل. * ويعبر الفنان «كريم كوجك» عن حيرته إزاء هذا الموضوع، ويقول: «بصراحة هناك أمور كثيرة غير مفهومة بالنسبة لتلك القضية.. فكيف يصدر وزير الإعلام قرارا بمنع عرض العمل، ثم نراه على العديد من الفضائيات المصرية والعربية، وكثيرا ما يصدر الأزهر العديد من القرارات بمنع أعمال ثم يسمح بعرضها مثل فيلم «الرسالة».. فكيف يحدث هذا ولماذا؟!، العمل يعرض ومن يريد أن يشاهده سيشاهده ومن يريد ألا يشاهده لن يشاهده، فالحرية متروكة للمشاهد أولا وأخيرا وهو الذى يحكم فى النهاية. * أما الناقدة ماجدة موريس فتقول: تحدثت مع العديد من علماء الدين ممن شاهدوا المسلسل، وأقروا بأنه متوازن ولا يحرف الأحداث أو يزور التاريخ، والعمل به اثنان من الفنانين الكبار وهما بطلا المسلسل «محمد المجالى» الذى يقوم بدور «الحسين» و«رشيد عساف» الذى يقوم بدور معاوية بن أبى سفيان، ومن بين هؤلاء العلماء الذين وافقوا على هذا العمل الضخم الشيخ القرضاوى وعدد كبير من علماء الدين الاسلامى، ولو كان هذا العمل سيسئ للدين الإسلامى أو السنة المطهرة لكانوا رفضوه وإلا سيكونون مناقضين لأنفسهم، وأيضا إذا كان هذا العمل سيساعد على نشر المذهب الشيعى بمصر لكانوا قد رفضوا عرضه ولم يوافقوا عليه، وهم الآن مسئولون أمام الله والناس عن فتواهم.. وأضافت ماجدة: «من وجهة نظرى هذا النوع من الأعمال الدرامية وخاصة تلك التى تقدم بشكل جيد ويرصد ميزانيات ضخمة لإنتاجها تساهم بشكل فعال فى نشر الثقافة الدينية والمجتمعية، وبالتالى فإن عرض تلك الأعمال يساعد على توصيل العديد من المعلومات الجيدة للمشاهد الذى لا يطلع جيدا، فالثقافة البصرية هى الأكثر انتشارا. * من جانبه يؤكد الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر أن الاعتراض على هذا العمل ليس بسبب تشخيص أهل البيت ولكن بسبب إثارة الفتنة، مشيرا إلى أن الظروف غير ملائمة فى مصر لذلك، أما عن تجسيد شخصية الصحابة الكرام فلا يوجد أى مشكلة فيه، فهو نوع من التوضيح وليس أكثر من ذلك، والوحيد الذى لا يُمَثَّل هو الله سبحانه وتعالى، ولكن الأزهر له رأى مختلف ويجب احترامه وهذا القرار من أجل صون الشخصيات العظيمة فى تاريخ الأمة، ولكن الأهم من كل ذلك هو الصدق فى نقل الأحداث وعدم تحريفها من اجل الحبكة الدرامية! *بينما أكد نقيب الأشراف السيد محمود الشريف أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدى تجاه عرض مسلسل «الحسن والحسين» لأن ذلك يعتبر من المحرمات ولأن التساهل فى هذا سيعرضنا لكارثة فيما بعد عندما يجسدون شخصية النبى محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما بات وشيكا، بعد أن أعلنت إيران عن إنتاج عمل ضخم لتجسيد شخصية النبى محمد صلى الله عليه وسلم.