قد تختلف طقوس استقبال رمضان من دولة لأخرى، وتتنوع مظاهر الاحتفال بهذا الشهر المبارك بتنوع الثقافات والحضارات، ولكن تظل روحانيات هذا الشهر الكريم واحدة يشعر بها المسلمون جميعاً في كل بقاع الأرض، وتتوحد قلوبهم على الطاعات، وإن اختلفوا في العادات والتقاليد، وفى الحلقة الثانية من سلسلة رمضان حول العالم، نحاول أن نستكشف مظاهر الشهر الكريم فى بعض الدول الإفريقية. فى السودان، تبدأ مظاهر الاحتفال بشهر رمضان قبل قدومه بشهرين، فمع حلول شهر رجب تبدأ الحركة فى الأسواق التى تزدحم ببضائع رمضان المعروفة، كما يتم تزيين البيوت وطلاؤها، وتبدأ المساجد فى إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار، ومع ثبوت رؤية هلال رمضان تنظم مسيرة مكونة من رجال الشرطة، وفرقة موسيقية عسكرية، ويتبعهم موكب رجال الطرق الصوفية، ثم فئات الشعب شبابا ورجالا، وتقوم بالطواف فى شوارع المدن الكبرى معلنة بدء شهر الصيام، ومن أهم مظاهر شهر رمضان فى السودان موائد الإفطار الجماعية التى تقام خارج المنزل، وحيث تأتى كل عائلة بطعام إفطارها جاهزا، ومع آذان المغرب يبدأ الجميع فى تناول الطعام معا، أما المساجد فتمتلىء فى ليالى رمضان بالمصلين من الرجال والنساء والأطفال خاصة فى صلاة التراويح، أما على المائدة الرمضانية، فتتعدد المأكولات والمشروبات التى يشتهر بها السودانيون، لعل أهمها «الآبريه» ويعرف أيضا ب «الحلو المر» وهو شراب يروى الظمأ، ويقضى على العطش الذى تسببه تلك المناطق المرتفعة الحرارة، و «الآبريه» كما يصفه أهل تلك البلاد عبارة عن ذرة تنقع بالماء حتى تنبت جذورها، ثم تعرض لأشعة الشمس حتى تجف، ثم تطحن مع البهارات، وتعجن، وتوضع على هيئة طبقات فى الفرن حتى تنضج، أما الأطعمة فأشهرها «الويكة» وهى نوع من البامية، و «ملاح الروب» عبارة عن لبن رائب ممزوج بقليل من الفول السودانى، بالإضافة ل» العصيدة» وهى من الوجبات التقليدية عند أهل السودان، وتتكون من خليط عجين الذرة المطهو. نفس مظاهر الشهر الكريم تتكرر تقريبا فى نيجيريا، حيث يستقبل المسلمون هناك الشهر الكريم بفرحة شديدة، ويطوفون شوارع المدن الرئيسية يدقون الطبول، ويردون الأغانى ابتهاجا بقدوم شهر الخير، وكما يحدث فى نيجيريا تتناول الأسر المتجاورة وجبة الإفطار معا، فتجمع الصوانى والأوانى من البيوت، وتوضع فى أماكن قريبة من المسجد، وبعد أن يؤدى الجميع صلاة المغرب جماعة، يجلس الرجال يتناولون إفطارهم معا، وتجلس النساء فى المكان المخصص لهن لتناول طعام الإفطار، ومن أشهر الأكلات الرمضانية فى نيجيريا « العصيدة»، و» الدويا» وتحضر من اللحم والأرز والقمح، وأيضا سلطة الخضراوات وتسمى « أذنجى»، أما عن المشروبات فأشهرها « الحوم» وهو المشروب الأساسى على مائدة الإفطار، ويصنع من الذرة ولونه أصفر، ويضاف إليه السكر. ولا تختلف كينيا كثيرا عن نيجيريا، حيث ينتظر المسلمون هناك شهر رمضان بفارغ الصبر، ويعتبرونه فرصة ذهبية لتجديد إيمانهم، والتقرب إلى الله، وتوثيق صلاتهم ببعضهم البعض عبر موائد الإفطار الجماعية، والجلسات المفتوحة بعد أداء صلاة التراويح، وتبدأ احتفالات مسلمى كينيا بشهر رمضان قبل بدئه، حيث تبدأ الأحياء المسلمة فى تزيين شوارعها، ووضع ملصقات تشير لبداية الشهر الكريم، وبعض النصائح الخاصة بالصيام والعبادات خلاله. وفيما يتعلق بأشهر الأطعمة التى يتناولها مسلمو كينيا فى رمضان، تأتى فى مقدمتها (النيازى والمهوكو) وهى أنواع من البطاطا المشوية الغنية بالسكريات والطاقة، أما المشروبات فأهمها ( الماتوكى) وهو نوع من الأعشاب التى يتم خلطها بالتمر والموز، وأيضا ( الأوجى) ويصنع من دقيق الذرة والماء المحلى بالسكر، وإذا انتقلنا لموريتانيا سنجد أن من أبرز التقاليد التى يحرص عليها الموريتانيون فى رمضان، قيام الرجال بحلق شعر الرأس، وهو تقليد أصيل هدفه التبرك بالشعر الذى ينبت فى شهر رمضان، أما عن أشهر أكلات الموريتانيين فى رمضان، فتشمل الحساء المعد من دقيق الشعير والماء وقليل من الزيت، بالإضافة لبعض الأكلات التقليدية كاللحوم وسلاطة الخضراوات والتمر، أما عن المشروبات فتأتى فى مقدمتها (أزريك) وهو الشراب المفضل لمختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية فى موريتانيا، ويتكون من الحليب الممزوج بالماء والسكر.