فى الوقت الذى تؤكد فيه التقارير والبيانات أن بالمجتمع الإسرائيلى نسبة كبيرة من الأمراض الجنسية وعلى رأسها الإيدز بسبب وجود نسبة كبيرة من «المثليين» الذين تسمح لهم الحكومة الإسرائيلية بإقامة مهرجانات واحتفالات سنوية بتل أبيب، ظهر كتاب «سفارى» الإسرائيلى ناقدا لهذا المجتمع المنحل، حاملا بداخله قصة فريدة من نوعها، تعتبر فى حد ذاتها صوتا غير عادى فى الأدب الإسرائيلى المعاصر لم يظهر له مثيل من قبل على الرغم من أن مؤلفته «جوليا برمنتو» هى فتاة شابة مغمورة ولكنها تعرض فى كتابها صوتا جديدا وشجاعا تواجه به الواقع الحقيقى لإسرائيل من الداخل، إلا أن الإسرائيليين أطلقوا عليه كتاب «قليل الأدب». فقد ركزت جوليا فى قصتها على الإباحية، وتتحدث حبكتها على حد قولها عن حالة الهياج والسلبيات التى تعيشها إسرائيل بالإضافة إلى الأوصاف الجنسية الصريحة وانتشار الفساد والمخدرات والتعطش للعنف والقسوة، بين جيل يعانى من اللامبالاة، يمارس الجنس المثلى سواء بين الرجال أو النساء. مؤكدة أن كل ذلك يحدث بإسرائيل منذ نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة. وكانت صورة غلاف «سفارى» من أكثر الاشياء التى أثارت الجدل بين القراء فى إسرائيل، فقد استخدمت جوليا صورا لطائر يقف على غصن شجر وأزهاره من حلوى كعك الشيكولاتة، فهى صورة ليس لها أية علاقة تربطها بالفوضى الحضرية والموضوعات الجنسية المحمومة التى تنتظر القارئ بين طيات صفحاته، قائلة إن هدفها الوحيد هو سرعة الترويج لكتاب ليس من السهل الحصول على ناشر له. وفى حديث مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت جوليا إنها استغرقت ثلاث سنوات من عمرها فى كتابة سفارى، وكان شاغلها الشاغل حينها مراقبة الشخصيات والعلاقات الاجتماعية والمشاهد التى تدور حولها، خلقت منها أبطال حالة الهياج التى تتحدث عنها حبكة قصتها وهما هاجر بكمان ولوى كوك، إمراتان تدور حياتهما فى غابة يعيش فيها مجموعة كبيرة ممن يتعاطون المخدرات والكحول ويمارسون الجنس المثلى، ولكن جوليا أرادت أن تصنع لهما الخلاص فى نهاية كتابها ولكن عن طريق الحب الذى لم تستطيعا الحصول عليه فى النهاية. وقد حاولت جوليا من خلال قصتها أن تقود مسيرة معارضة، إلا أنها كانت معارضة «فوضاوية»، ولكنها استطاعت بها كسر عقد اللسان والأغلال والحواجز التى تخفى وراءها الحقيقة الإسرائيلية المتعفنة، بصراحة وبشجاعة وبدون تردد. والجدير بالذكر أنه لم يكن كتاب سفارى أول من وصف مدينة تل أبيب بسدوم وعامورة، إلا أن هناك فيلما سينمائيا عرض فى مهرجان القدس فى 28 أبريل الماضى، يدعى «اليوم الثالث» ولكن على عكس كتاب سفارى، لاقى الفيلم إقبالا وردود فعل قوية من قبل الجماهير الإسرائيلية، فقد نجح اليوم الثالث فى وصف الحياة فى تل أبيب هذه الأيام بصورة قاسية للغاية على أنها شبيهة بالحياة التى كانت عليها سدوم وعامورة، واصفا إلى أى مدى المجتمع الإسرائيلى أصبح مجتمعا ذكوريا كارها للمرأة يهدف دائما إلى تعذيبها جسديا ونفسيا، متحولين إلى جماعة من مثليى الجنس.