هل يعود الطرفان إلى المحادثات مجددا أم يتجدد القتال بينهما ليجر هذه المرة قوى إقليمية على رأسها تركيا وروسيا ... سؤال يطرح نفسه بعد فشل قمة قازان فى التوصل إلى اتفاق يمهد لإعداد اتفاقية سلام شامل لإنهاء عشرين عاما من النزاع الأرمنى الاذربيجانى حول إقليم ناجورنو كاراباخ. والاتفاق الذى كان من المنتظر أن يوقع عليه الرئيسان الأذربيجانى إلهام علييف والأرمنى سيرج سركسيان بعد محادثاتهما فى مدينة قازان الروسية برعاية الرئيس الروسى دميترى ميدفيديف يعتبر نسخة معدلة من «مبادئ مدريد» التى قدمتها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، وسطاء مجموعة مينسك الخاصة بتسوية قضية كاراباخ، للطرفين فى عام 2007 . وكان ينص على التزام الطرفين بعدم استخدام القوة لحل النزاع وانسحاب القوات الأرمنية من المناطق الأذربيجانية التى احتلتها حول كاراباخ ونشر قوات حفظ سلام دولية، إضافة إلى نقاط أخرى مثل حق اللاجئين من الجانبين فى العودة إلى الإقليم، والاتفاق على وضع مؤقت لكاراباخ يوفر الأمن، مع الوعد بإجراء تصويت فى المستقبل بشأن الوضع النهائى له. وقد تبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بالمسئولية عن فشل القمة، حيث قال بيان لوزير الخارجية الأرمنى إدوارد نالبنديان إن قمة قازان لم تحقق انفراجا لعدم قبول أذربيجان بآخر نسخة من اتفاق المبادئ الأساسية وطلبها إجراء نحو عشرة تعديلات بنص الاتفاق، بينما ألقى رئيس إدارة العلاقات الخارجية بالرئاسة الأذربيجانية نافروز حامدوف باللائمة على «الموقف غير البناء للجانب الأرمنى فى عدم تحقيق تقدم جاد». ويعود النزاع بين البلدين الجارين إلى عام 1991 (بعد انهيار الاتحاد السوفيتى) عندما أعلن الإقليم الذى تسكنه أغلبية أرمنية الانفصال عن أذربيجان مما أدى بالحكومة الأذربيجانية إلى إرسال قوات عسكرية فى محاولة لاستعادته. وبدورها ساندت أرمينيا أرمن كاراباخ لتبدأ حرب دامية بين الجمهوريتين الواقعتين جنوب القوقاز تسببت حتى الآن فى وقوع أكثر من 30 ألف قتيل ونزوح نحو مليون شخص، فبالرغم من أن الطرفين توصلا إلى وقف لإطلاق النار فى عام 1994 فإن هذه المنطقة الجبلية تشهد منذ ذلك الحين اشتباكات متقطعة بين الجانبين. وعلى الرغم من الضغوط الأمريكية الروسية الفرنسية من أجل وضع حد للنزاع الذى يهدد خطوط أنابيب الغاز والنفط الممتدة لأوروبا، إلا أن الفشل كان متوقعا فى ظل تمسك كل من الطرفين بموقفه وهو ما بدا واضحا قبل انعقاد القمة ففى لقاءين أجرتهما شبكة يورونيوز الإخبارية مع الرئيسين الأذربيجانى والأرمنى، أكد علييف على كون كاراباخ جزءاً لا يتجزأ من أرض أذربيجان ولم يبد أى استعداد لمنح الإقليم ما هو أكثر من حكم ذاتى موسع، بينما تحدث سركسيان عن رفض أرمينيا لخضوع الإقليم مجددا لأذربيجان مشددا على حق المنطقة فى تقرير مصيرها. وبالنظر إلى التوتر الذى شهدته المنطقة خلال الشهور الماضية بسبب الحرب الكلامية بين الطرفين، فإن فشل قمة قازان يزيد المخاوف من تجدد القتال بين الطرفين فبعد يومين من فشل المفاوضات جدد علييف تعهده باستعادة كاراباخ، إن «الحرب لم تنته».