لعل أهم ما جاء من تعديلات فى قانون مباشرة الحقوق السياسية والتى صدرت كمرسوم بقانون من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. هو رفع يد وزارة الداخلية تماما عن الانتخابات العامة بكافة مراحلها المختلفة.. بداية من إعداد القوائم الانتخابية وحتى إعلان النتيجة. وأيضا إعادة العمل بالشعار الانتخابى «قاض لكل صندوق»، فضلا عن تشكيل لجنة قضائية دائمة لهذا الغرض تتمتع بالشخصية الاعتباريةالمستقلة ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس الجمهورية، فى حين حدد القانون اختصاصاتها بكل دقة. وأكد مرة أخرى أن اللجنة «قضائية» وإن كانت لها طبيعة إدارية لأنها تتشكل- طبقا للقانون- برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم نائبين لرؤساء محكمة النقض ومجلس الدولة واستئناف القاهرة، وهؤلاء الأعضاء ترشحهم المجالس العليا لكل جهة منهم ويخطر بهم وزير العدل.. للعرض على رئيس الجمهورية لإصدار قرار الجمهورى بتشكيل اللجنة، كما أن قراراتها والتى تصدر عنها تباعا طوال عملها.. أوجب القانون نشرها بالوقائع المصرية إلى جانب جريدتين صباحيتين واسعتى الانتشار. وقد نص القانون أيضا على أن تكون للجنة العليا للانتخابات أمانة فنية دائمة مقرها القاهرة ويصدر بتنظميها قرار من رئيس الجمهورية على أن يقوم رئيس اللجنة العليا بتشكيلها برئاسة أحد نواب رئيس محكمة النقض أو من فى درجته وعضوية عدد كاف من القضاة يختارهم مجلس القضاء الأعلى.. ومعهم ممثلون لوزارات الداخلية والاتصالات والتنمية المحلية يرشحهم الوزراء المختصون، ورئيس اللجنة العامة أيضا أن يطلب ندب من يرى الاستعانة بهم من العاملين بالدولة أو الخبراء المختصين. أما اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات، فقد حددها القانون بكل دقة بحيث تكون مسئولة عن عملية الانتخاب أو الاستفتاء من الألف إلى الياء كما يقولون،حيث عليها تشكيل اللجان العامة للانتخابات بكل محافظة برئاسة رئيس بمحاكم الاستئناف وعضوية مستشار بمجلس الدولة ورئيس بالمحكمة الابتدائية وأحد نواب رئيس هيئة قضايا الدولة وأحد نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية.. وهؤلاء أيضا يختارهم المجالس العليا للجهات التابعين لها. وللجنة العليا أيضا- بجانب تشكيل لجان الاقتراع والفرز وتعيين أمين لكل منها- وهذا هو الأهم لأنه يمثل الجمعية العمومية للناخبين- الإشراف على إعداد الجداول الانتخابية- من واقع بيانات الرقم القومى- وتنقيتها وتحديثها والإشراف على القيد فيها وتصحيح القيد إذا ظهرت به أخطاء. فضلا عن وضع وتطبيق نظام واضح للرموز الانتخابية بالنسبة لمرشحى الأحزاب والمستقلين، وتلقى البلاغات والشكاوى المتعلقة بالعملية الانتخابية والتحقق من صحتها وإزالة أسبابها. ثم وضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية والتى يحظر فيها استخدام الشعارات أو الرموز أو القيام بأى أعمال أو أنشطة دعائية ذات طابع دينى، أو تقوم على التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل.. فالكل سواء أمام القانون.. طبقا لمبدأ «المواطنة». وفى مجال الدعاية أيضا.. تختص اللجنة العليا بوضع قواعد توزيع الوقت المتاح- خاصة فى أوقات الذروة والتى ترتفع فيها نسبة المشاهدة- للبث التليفزيونى والإذاعى بغرض الدعاية الانتخابية- سواء كان ذلك فى الإعلام الرسمى (القومى) أو الخاص والمهم شرط المساواة التامة بين الجميع. وللجنة بالطبع إعلان نتيجة الانتخابات وتحديد مواعيد الانتخابات التكميلية إن وجدت- مع مراعاة أن الانتخابات العادية تحدد مواعيدها بقرار من رئيس الجمهورية.. وأخيرا للجنة إبداء الرأى فى مشروعات القوانين المتعلقة بالانتخابات. *** هذا عن اللجنة العليا للانتخابات.. تشكيلها واختصاصاتها الأساسية بشكل إجمالى.. ولكن ماذا عن الجمعية العمومية للانتخاب أى الناخبين؟ لقد نص القانون على وجوب إنشاء قاعدة بيانات للناخبين يقيد فيها تلقائيا كل من بلغ السن القانونية للانتخاب، وذلك من واقع بيانات الرقم القومى الموجودة بمصلحة الأحوال المدنية. وبالطبع يجب ألا يكون هناك مانع قانونى لحق الانتخاب مثل أن تكون قد صدرت ضده أحكام نهائية يترتب عليها حرمانه من مباشرة حقوقه السياسية ومنها هذا الحق «الانتخاب» أو كان قد فصل من عمله لأسباب مخلة بالشرف، وعلى النيابة العامة وجهات العمل المعنية الإبلاغ عن الأحكام أو قرارات الفصل المتعلقة بالناخبين إلى اللجنة العليا ووزارة الداخلية حتى تكون هناك فرصة لتعديل الجداول الانتخابية، ولكن حتى الدعوة للانتخاب لا يجوز إدخال أية تعديلات على قوائم الناخبين. هذا مع إعطاء الحق لكل ناخب فى إدراج اسمه فى تلك القوائم إذا لم يكن هناك مانع من ذلك أو أهملت الجهة الإدارية فى وضع اسمه أو وضعته خطأ. أما بالنسبة للعملية الانتخابية.. فالانتخابات العامة يتم تحديد موعدها بقرار من رئيس الجمهورية، وإذا كانت هناك انتخابات تكميلية فيحدد موعدها بقرار من رئيس اللجنة العليا، على أن تصدر القرارات قبل إجراء الانتخابات بثلاثين يوما على الأقل.. هذا وقد ألزم القانون اللجنة العليا للانتخابات بأخذ رأى- فقط- وزارة الداخلية عند تحديد عدد اللجان الفرعية ومقرراتها مع مراعاة أن تشكل هذه اللجان من رئيس من إحدى الهيئات القضائية ومعه أمين لجنة عضو من بين العاملين المدنيين بالدولة، مع جواز أن يرأس عضو الهيئة القضائية أكثر من لجنة فرعية وبما لا يجاوز ثلاث لجان فى مكان واحد.. كمدرسة أو ناد مثلا. *** والآن وصلنا إلى عملية الانتخاب نفسها وهنا يعطى القانون الحق للجنة العليا للانتخابات شطب اسم المرشح- لعضوية مجلس الشعب- من قائمة المرشحين فى الدائرة إذا خالف شروط الدعاية الانتخابية، وذلك بطلب من رئيس اللجنة العليا للانتخابات إلى المحكمة الإدارية العليا، وهنا تكون أمام موقفين: الأول أن تصدر المحكمة قرارها بشطب العضو من قائمة المرشحين قبل عملية الاقتراع فى تلك الحالة تستكمل إجراءات الانتخابات فى الدائرة بعد رفع اسم المرشح من القائمة. والثانية أن تصدر المحكمة قرارها بعد بدء عملية التصويت.. وإذا كان بعدم الشطب فلا مشكلة، أما إذا لم تفصح المحكمة عن قرارها فتستمر عملية التصويت لحين انتهاء المواعيد المقررة، بينما تقوم اللجنة العليا بوقف إعلان النتيجة إذا كان هذا المرشح المخالف حاصلا على عدد من الأصوات يسمح بإعلان فوزه أو دخوله الإعادة مع مرشح آخر، وإذا قضت المحكمة بشطبه تعاد الانتخابات بين بقية المرشحين. أما فيما يتعلق بحق المرشح سواء كان لعضوية مجلس الشعب أو الشورى فى اختيار مندوبين عنه فى لجان الاقتراع، فمن حقه أن يكون له مندوب فى اللجنة العامة (بالمحافظة) ومندوبا فى اللجنة الفرعية وبشرط أن يخطر بذلك كتابة، ولكن إذا بدأت الانتخابات ولم يكتمل عدد المندوبين إلى اثنين- عن المرشحين- يجوز لرئيس اللجنة استكمال العدد من الناخبين الحاضرين فى المكان. وفى جميع الأحوال يجوز أن تبدأ عملية الانتخاب إذا مضت ساعة على الميعاد المحدد دون أن يتقدم المرشحون بمندوبين عنهم، أو لم يتمكن رئيس اللجنة من استكمال من يحل محلهم، مع ملاحظة أن هناك مسئولية على أمين اللجنة بضرورة التوقيع فى كشف الناخبين أمام اسم الناخب الذى أدلى برأيه بما يفيد ذلك. أما بالنسبة لحفظ النظام فى مكان الانتخاب فهذه مسئولية رئيس اللجنة وله فى ذلك طلب معاونة رجال الشرطة، مع ملاحظة أنه لا يجوز لأى من هؤلاء الدخول إلى قاعة الانتخاب إلا بناء على طلب من رئيس اللجنة وأن يثبت ذلك بمحضر الإجراءات. *** تبقى الإشارة إلى أن ما قدمناه سلفا ليس إلا شرحا مبسطا لقانون الانتخابات العامة بعد تعديله، ويبقى أن نشارك جميعا فى أى انتخابات قادمة وأن نحكم ضمائرنا لاختيار الأصلح لخدمة البلاد والعباد.. فمصر مقبلة على مرحلة جديدة فى غاية الأهمية!