لا مفر أمامنا من القيام بثورة أخرى مماثلة لثورة 25 يناير على التعليم لتطويره بشكل جذرى ليتمشى مع مفاهيم ما بعد ثورة الشباب وما حملته من معان يجب أن تتضمنها أساليب التعليم والمناهج الدراسية فى الأيام المقبلة ومنها مفهوم الحرية ومفهوم المسئولية ومفهوم الديمقراطية. فأولى الخطوات لتحقيق ديمقراطية حقيقية هو إصلاح التعليم.. وتعليم الديمقراطية له مواصفات أهمها قبول الرأى والرأى الآخر وعدم التشبث بالرأى وحُسن الاستماع.. فالديمقراطية ليست معناها الفوضى وإنما التعبير عن الرأى بدون خوف. والحقيقة إذا نظرنا إلى أساليب التعليم والمناهج الدراسية الحالية لدينا فى مصر نجد أنها لا تحقق ذلك.. وأن مدارسنا وجامعاتنا غير مؤهلة لتحقيق هذا. وإذا نظرنا أيضاً للمعلم نجده هو الآخر قد ساهم فى تخريج أجيال لا تهتم بالشأن العام.. فكل همه هو إعطاء الدروس الخصوصية وحشو دماغ الطالب بالمناهج المقررة وتدريبه على الأسئلة المتوقعة فى الامتحانات وبالتالى ساهم فى تكريس ثقافة الحفظ وعدم التفكير أو إبداء الرأى. والحل هو إحداث ثورة على المناهج وأساليب التدريس بحيث لا تصبح المعلومة هى الهدف النهائى ولكن البحث عنها ونقدها هو الهدف حتى لا يتحول الفصل إلى مدرس يلقن وطلاب يرددون خلفه. ولابد من أن تتحول فصولنا إلى ورشة عمل وندوات للرأى والرأى الآخر يعبر فيها الكل عن رأيه وينتقد أفكار الآخرين ويحاول الجميع التوصل إلى المعلومة الصحيحة بطرق سليمة فى ضوء مجموعة من القواعد والمعايير التى تؤكد على قول الحقيقة واحترام الرأى الآخر المختلف بأسلوب حضارى. فالأمر يتطلب إدخال مواد متعلقة بالدور السياسى وهذا موجود فى مدارس الغرب والدول الديمقراطية ويتعلق بالدور الذى يلعبه الإنسان وهو ما يعرف (بالتربية المدنية) يقوم على تدريس الدستور ومواده وبنوده المختلفة كما يتناول مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وحقوق وواجبات المواطن ويتم تدريس هذه المادة فى شكل أنشطة وليست منهجاً حتى يقبل عليها الطلاب من خلال الاحتكاك بمؤسسات الدولة المختلفة وكبار المسئولين. وأيضاً أن تخصص المدارس والجامعات جداول وحصص لتعليم تبادل الأفكار والحوار من خلال تخصيص غرف للحوار تكون مهمتها الإجابة عن أسئلة الطلاب وإقامة الحوار معهم بأسلوب ديمقراطى منظم. وأيضاً الأمر يتطلب إدخال القيم الأخلاقية فى مناهجنا لأن مصر دولة دينية مسلمة ومسيحية وتعليم قيم احترام الكبير وتقدير رموز الوطن لأن مصر دولة مؤسسات.