التاريخ المصرى يدعونا للقراءة فى ثورتين غيرتا نظام الحكم فى مصر، الثورة الأولى.. هى ثورة 23 يوليو 1952 والثانية 25 يناير 2011، ورغم أن الفترة الزمنية بين الثورتين قاربت على 60 عاما إلا أن الإرادة الشعبية نحو التغيير لم تهزمها السنون. ثورة 23 يوليو تضعنا أمام حركة جيش انضم إليها الشعب.. أما ثورة 25 يناير فنحن أمام ثورة شعب انضم إليها الجيش محافظاً على شرعية الثورة ومقدرات البلاد.. وهى أول ثورة فى تاريخ مصر يحدث خلالها خروج حاكم بإرادة شعب، إرادة ثوار الشعب.. شباب بدأ الثورة، ثم انضمت إليهم جحافل من كل الأعمار والأطياف، فاجأها ما صنعه الشباب، وأذهلهم ما حققوه.. ومن هنا كانت ثورة حقيقية.. طاهرة.. امتدت 18 يوما غيرت وجه الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر ولا تزال. القراءة فى ثورة 25 يناير بموضوعية.. تجعلنا نؤكد أننا أمام ثورة شعب نظيفة.. طاهرة.. حافظ خلالها الشعب على ممتلكاته ومقدرات بلده.. لم يقع الصدام، وكان الخوف من أن يصطدم الشعب بالجيش، ولم يحدث.. ولم يُقدم الثوار على إحراق مصر، فما حدث من حرائق أو أعمال تخريبية كان وراءه جهات أخرى خافت على ضياع نفوذ السلطة والثروة فأرادت إحراق مصر وهزيمة الثورة.. كل ما حدث من إحراق أو تدمير أو أعمال بلطجة كان بعيداً كل البعد عن الثورة والثوار. قراءة سريعة لابد بعدها أن نتجه للتفكير فى المستقبل، دعونا ننظر إلى ما بعد الثورة.. الثورة قامت ونجحت وغيرت وجه مصر، ولا بد أن نستثمر هذا النجاح نحو المستقبل.. هل يرضى أحد ما يحدث الآن من اعتصامات فى البنوك وتعطيل العمل فى المؤسسات بسبب التظاهرات الفئوية الاحتجاجية على صعيد مصر كله.. سوف تنشأ حالة من الفوضى لا يمكن معها تلبية مطالب المحتجين. دعونا نستمر الحوار الجاد مع الشباب ومع كل أطياف المجتمع.. دعونا نبدأ مرحلة العمل الجاد فى ظل وثوقنا الكامل واليقينى فى المؤسسة العسكرية.. فهى تعمل لصالح الدولة وليست لها أطماع فى السلطة.. وكل ما تبتغيه هو التسليم الآمن للسلطة فى مصر. دعونا نقرأ بعناية بيانات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولقاءاته مع لجنة تعديل الدستور ومع قيادات الفكر والرأى فى المؤسسات الصحفية.. وكلها قراءات تصب فى التأكيد على حرص المؤسسة العسكرية على الحفاظ على مقدرات الشعب.. وتهيئة مناخ الاستقرار والأمان مع تسليم السلطة للمؤسسات المدنية، فهذا هو الجيش المصرى الذى يتمتع بالسمعة الحسنة لدى أفراد الشعب، الجيش الذى تأسس منذ ولاية محمد على، ولاؤه تجاه شعبه ووطنه، لم تتلوث أياديه بدماء المصريين فى كل مراحله التاريخية، ارتبط ارتباطا وثيقا بكرامة الإنسان المصرى. ثم دعونا بعد ذلك نتحدث بطريقة محترمة عن مصر.. حديث يرقى للثورة ويرقى للثوار.. ويرقى لمصر.. دعونا نفكر فى المستقبل بكل طموحاته وأحلامه.. ضعوا كل الاتهامات وظواهر الفساد أمام القنوات الشرعية.. اتركوا النائب العام يعلن عن قضايا الفساد مع الاحتفاظ بكامل الحقوق والمطالب بمحاسبة الفساد والمفسدين، ولكن من خلال القنوات الشرعية التى نتقدم إليها (القضاء - النائب العام - النيابة العامة - الجهاز المركزى للمحاسبات - جهاز الكسب غير المشروع) وكلها جهات سوف تبحث فى قضايا الفساد وتعلن نتائج ما توصلت إليه أمام الرأى العام. فيجب ألا نتحول بالثورة إلى طريق يفقدها وهجها.. يجب ألا تتحول الصحف والفضائيات إلى شبه مظاهرات يومية لإعلان قوائم الفساد دون أن يكون هناك دليل أو اتهام قاطع من أية جهة قضائية.. وحتى لا تتحول مصر إلى محاكم تفتيش. نشر كل بيانات الفساد والحديث حولها هنا وهناك سوف يشغلنا عن مصر.. وعن ثورة مصر.. وعن مستقبل مصر.. سوف يبعدنا عن أهداف الثورة الحقيقية.. سوف يشغلنا عن عزمنا على قيام الدولة الديمقراطية وبداية الحياة البرلمانية الجديدة، وكذلك سوف تشغلنا الوقفات الاحتجاجية هنا وهناك عن مسيرة الإصلاح الاقتصادى وعن مسيرة التنمية وإعادة وجه الحياة الطبيعية لمصر. قادة القوات المسلحة حذروا من أن الموقف الاقتصادى صعب يستحيل معه تلبية مطالب المحتجين فوراً. نحن بلا شك مع المواطن فى أن يثور ويغضب لإسقاط النظام، ولكننا لسنا مع مجريات الأمور عندما تتداعى نحو إسقاط الدولة، فمصر لن تسقط أبداً. المجلس الأعلى للقوات المسلحة يأمل أن تنتهى مهمته ويقوم بتسليم السلطة لرئيس منتخب بصورة سليمة وحرة تعبر عن توجهات الشعب، وإلى سلطة تشريعية وتنفيذية منتخبه من الشعب وبشكل سليم أيضاً حتى نصل بمصر إلى جمهورية ديمقراطية. ولا شك أن الخطوة الصحيحة لتسليم السلطة من المجلس العسكرى إلى سلطة مدنية قد بدأت بتشكيل لجنة لإجراء تعديلات على بعض مواد الدستور تتعلق بانتخاب الرئيس وشروط الترشيح، وكذلك المادة التى تتعلق بالإشراف القضائى على انتخابات مجلس الشعب، وهى التعديلات التى يتم البناء عليها للتحول الديمقراطى فى مصر فى نهاية الفترة الانتقالية التى حددها المجلس العسكرى بستة أشهر. ونحن مع القوات المسلحة، ولا بد أن ندعم حرصها على الشرعية وحماية الدولة، ونؤكد معها أن الوقت الحالى دقيق، وليس وقت تصفية الحسابات أو تحقيق المنافع الخاصة، ولكنه وقت العمل من أجل مصر، مع ضرورة إيماننا جميعا كمصريين بمصداقية القوات المسلحة وقدرتها على تحقيق أمن مصر والمصريين، والقضاء على كل فساد، ولكنها فى واقع الأمر لا تمتلك العصا السحرية للقضاء على الفساد إلا أنها لن تسمح باى فساد أو إفساد جديد. *** ياما شفتك ع البعد عظيمة يا بلادى يا حرة يا كريمة بالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان بالأحضان يا شباب ثورتنا بالأحضان