من مرور ما يقرب من شهرين على ظهور أولى حالات الإصابة بالكوليرا فى هايتى ، إلا أن الوباء مازال متفشيا وينتشر بشكل أسرع مما كان متوقعا نتيجة لتدهور الظروف الصحية وتأخر المساعدات الدولية .. وقد حذرت الأممالمتحدة من إمكانية استفحال الوباء حيث لا يستبعد المسئولون الطبيون ارتفاع عدد المصابين إلى 650 ألفا خلال الأشهر الستة المقبلة، بل يتوقع الخبراء فى مجال الصحة استمرار تهديد الوباء لهايتى مدة أطول مما كان يعتقد حيث أكد خبير الأوبئة الأمريكى توماس آدامز أن البكتيريا تظل على قيد الحياة فى المناطق المدارية مدة أطول منها فى المناطق الأخرى، ويمكن أن تستعيد نشاطها وحيويتها ثانية خلال موسم الأمطار الذى يحل قريبا، الأمر الذى يزيد من شقاء سكان ذلك البلد الكاريبى الفقير الذى لم يتعافى بعد من آثار الزلزال المدمر الذى ضربه مطلع العام الحالى وأسفر عن مقتل 230 ألف شخص وتشريد مليون آخرين مازالوا يعيشون فى مخيمات للاجئين. ومن جانبه دعا بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولى إلى الاستجابة السريعة لتلبية الاحتياجات الملحة والعاجلة للمنكوبين، مشيرا إلى أن هايتى لم تحصل حتى الآن إلا على نسبة 20% فقط من المساعدات التى دعت الأممالمتحدة إلى تقديمها لهذا البلد المنكوب والتى تقدر ب164 مليون دولار. وذكر بان أن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الطواقم الطبية. وبينما تقول البيانات الصادرة عن وزارة الصحة العامة فى هايتى إن وباء الكوليرا- حتى كتابة هذه السطور- أودى بحياة أكثر من ألفي شخص منذ بدء انتشاره وأصاب أكثر من تسعين ألف آخرين، تخشى فرق الإغاثة الدولية أن يكون عدد الإصابات الفعلية أكبر بكثير مما تم الإبلاغ عنه ذلك أن الكوليرا تنتشر فى الأحياء الفقيرة والمناطق الريفية، حيث يتعذر على السكان الوصول إلى المستشفيات. وجدير بالذكر أن هايتى تعتبر الدولة الأفقر فى النصف الغربى من العالم حيث يبلغ عدد سكانها نحو عشرة ملايين نسمة يعيش 80% منهم على أقل من دولارين يوميا. وكانت الحالات الأولى للإصابة بالكوليرا قد ظهرت منتصف أكتوبر الماضى ولم يتضح حتى الآن كيف وصل الوباء إلى هايتى التى لم تشهد تفشى الكوليرا فيها منذ أكثر من قرن كامل، لكن هناك مزاعم بين الهايتيين بأن الوباء انتشر نتيجة لتسرب مياه القاذورات إلى نهر ارتيبونتى الذى يستخدم المواطنون مياهه للشرب والاستحمام من صهاريج خاصة بقاعدة للقبعات الزرقاء النيبالية العاملة فى إطار بعثة الأممالمتحدة فى هايتى والمكونة من نحو 11 ألفا من قوات حفظ السلام الدولية، الأمر الذى أدى إلى اندلاع مظاهرات ضد الأممالمتحدة وأعمال عنف استهدفت جنودها فى أنحاء متفرقة من هايتى وأسفرت عن مقتل وإصابة عدة أشخاص من الجانبين مما تسبب فى عرقلة حهود الإغاثة، وذلك بالرغم من أن الفحوصات التى أجريت على مراحيض القاعدة العسكرية النيبالية جاءت نتائجها سلبية ولم تظهر أدلة على حمل أى من الجنود النيباليين للعدوى وإن كانت التحاليل المخبرية التى أجراها المركز الأمريكى لمكافحة الأمراض والوقاية منها على التركيبة الوراثية لجرثومة الكوليرا المنتشرة حاليا بهايتى أكدت أنها تعود إلى سلالة موجودة فى جنوب آسيا، لكنه لم يشر إلى البلد الذى يمكن أن تكون قد جاءت منه. ويرجح الخبراء فى الصحة أن يكون الوباء قد انتقل إلى هايتى فى أوج جهود الإغاثة الإنسانية بعد الزلزال المدمر حين أرسلت نحو عشرة آلاف منظمة غير حكومية الأفراد والإمدادت إلى الدولة. ومع تدفق ملايين الأطنان من المساعدات على هايتى لعدة أشهر قد يكون من المستحيل اقتفاء أثر من أو ما حمل المرض إلى البلاد، خاصة أن الكوليرا لا تزال تشكل مشكلة عالمية، فوفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية يصل عدد الإصابات بالكوليرا على مستوى العالم سنويا إلى نحو 5 ملايين حالة، فى حين يبلغ عدد الوفيات نحو 100 ألف حالة وفاة.