النشرة الصباحية: تطبيق التوقيت الشتوي 2025 رسميًا.. سعر الذهب اليوم بعد الانخفاض الكبير وحالة الطقس    وزير الحرب الأمريكي: الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن مصالحها بقوة    حالة الطقس اليوم الجمعة.. خريفي والتحذير قائم    مستشار وزير السياحة الأسبق: المتحف المصري الكبير مشروع قومي يجسد الإبداع المرتبط بالتراث    وزير السياحة والآثار: المتحف الكبير تجربة حضارية كاملة.. ومصر قِبلة السياحة الثقافية في العالم    الدولار الأمريكي عند أعلى مستوى في 3 أشهر عالميًا.. وارتفاع أسعار بقية العملات الأجنبية اليوم الجمعة 31-10-2025    أسعار اللحوم بشمال سيناء اليوم الجمعة    وزير الاستثمار: التضخم أخطر مرض يجعل المواطن يئن ويتألم.. ونجحنا في خفضه من 40% إلى 12%    «زي النهارده».. وفاة أمين هويدي 31 أكتوبر 2009    «لا يصلح للأهلي.. اطمنوا يا جمهور الزمالك».. إبراهيم سعيد يفتح النار على حسام عبدالمجيد    «زي النهارده».. استقالة مهاتير محمد من حكم ماليزيا 31 أكتوبر 2003    «كانوا نايمين».. مصرع 3 شقيقات وإصابة شقيقهم في انهيار سقف غرفة عليهم    تراجع أسعار الذهب عالمياً في بداية تعاملات الجمعة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 31 كتوبر    فارق عمر يتجاوز 20 سنة.. من هي هايدي خالد زوجة المخرج هادي الباجوري؟ (تفاصيل)    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة منتخب مصر ضد ألمانيا في نهائي كأس العالم لكرة اليد للناشئين    بعد إعلان ترامب.. «فانس» يدافع عن التجارب النووية وبيان مهم ل الأمم المتحدة    «آخره السوبر.. مش هيروح بالزمالك أبعد من كدة».. أحمد عيد عبد الملك يوضح رأيه في فيريرا    أقرب محطة مترو للمتحف المصري الكبير 2025 وسعر تذكرة الدخول للمصريين والأجانب    باكستان وأفغانستان تتفقان على الحفاظ على وقف إطلاق النار    من "هل عندك شك" إلى الدبكة العراقية، كاظم الساهر يأسر قلوب جمهوره في موسم الرياض (فيديو)    كيف تسببت روبي في اعتذار إلهام عبدالبديع عن دور مع الزعيم عادل إمام؟    موعد صلاة الجمعة اليوم في القاهرة والمحافظات بعد تغيير الساعة في مصر 2025    قوات الاحتلال تداهم عددًا من منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم العزة في بيت لحم    حبس 7 أشخاص لقيامهم بالتنقيب عن الآثار بمنطقة عابدين    حالته حرجة.. ضبط السائقين المتهمين بإصابة عامل دليفري في حادث كورنيش الإسكندرية    هيجسيث يأمر الجيش بتوفير العشرات من المحامين لوزارة العدل الأمريكية    كان بيضربها بعد أيام من الزواج.. والدة فتاة بورسعيد ضحية تعدي طليقها عليها ل«أهل مصر»: سبّب لها عاهة بعد قصة حب كبيرة    مصدر مقرب من حامد حمدان ل ستاد المحور: رغبة اللاعب الأولى الانتقال للزمالك    هبوط اضطراري ل طائرة في «فلوريدا» ونقل الركاب إلى المستشفى    الطيران ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال ضيوف افتتاح المتحف المصري    موعد وشروط مقابلات المتقدمين للعمل بمساجد النذور    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل محافظ القاهرة لتهنئته بانتخابه لرئاسة المجلس    مواعيد المترو الجديدة بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر رسميًا    وفري فلوسك.. طريقة تحضير منعم ومعطر الأقمشة في المنزل بمكونين فقط    لا تهملي شكوى طفلك.. اكتشفي أسباب ألم الأذن وطرق التعامل بحكمة    عاجل- الهيئة القومية لسكك حديد مصر تُعلن بدء العمل بالتوقيت الشتوي 2025    مفاجأة الكالتشيو، بيزا العائد للدوري الإيطالي يتعادل مع لاتسيو قاهر "يوفنتوس"    ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    علاء عز: خصومات البلاك فرايدي تتراوح بين 40% و75%    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    سقوط هايدى خالد أثناء رقصها مع عريسها هادى الباجورى ومحمد رمضان يشعل الحفل    مواقيت الصلاة فى الشرقية الجمعة حسب التوقيت الشتوي    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    واشنطن بوست: ترامب أراد هدية واحدة في آسيا ولم يحصل عليها هي لقاء كيم جونج    مندوب الإمارات أمام مجلس الأمن: الجيش السوداني والدعم السريع أقصيا نفسيهما من تشكيل مستقبل السودان    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    السد يكتسح الريان بخماسية في كلاسيكو قطر    في غياب حجازي.. نيوم يعود للانتصارات بفوز شاق على الخلود    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    محافظ القاهرة يهنئ رئيس مجلس الشيوخ بتوليه المنصب    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا لست دمية ولا أنت
نشر في أكتوبر يوم 31 - 10 - 2010

أعطت الممرضة المولود لأمه «زينب» فوضعته فى حجرها وهى تنظر للمرضة نظرة تقول: ما هذا؟ وماذا أفعل به؟ لم تكن تجربة «زينب» مع الأمومة تجربة عادية، فقد خُلق فى أحشائها، وهى فى قمة التعاسة والضياع، وقد ذاقت مع زوجها عذابا يفوق قدرة البشر. وبعد صبر طويل أملا فى أن ينصلح حاله كما يقولون، صممت على الطلاق. وبينما كانت فى شدة السرور بقرارها، وتتطلع للحياة والحرية من جديد، اكتشفت أنها حامل، وتكاتف عليها الأهل ينصحونها بأن تبقى من أجل الطفل، فرضخت كارهة، وامتلأت نفسها منذ ذلك اليوم بالغضب والنفور من هذا الطفل الذى كان يعنى لها سلاسل من حديد تطوق رقبتها، وقدميها، ويديها.
لم تُفلح نظرات وابتسامات الطفل البرىء فى أن تُدخل على «زينب» أى بهجة أو فرحة، فقد كانت مشاعرها قد ضربت فى مقتل، فكانت تتعامل مع الطفل بما يرضى ضميرها، ولكن لم يكن يعنى لها أكثر من عبء ثقيل، وكأن حياتها مع أبيه بوحشيته وقسوته قضت على كل قدرة لها على الحب، حتى لوليدها. الأكثر مرارة من هذا هو أنها لم تكن تشعر بأنه ابنها بقدر ما كانت تشعر بأنه قطعة من أبيه، وبالتالى لا يستحق منها إلا نفس النفور. وعلى مستوى أعمق من انخراطها فى مأساتها، كان قلب «زينب» يتمزق حزنا على هذا الطفل «اليتيم» معنويا، فأمه ليست إلا جسد بلا روح، وأبوه غارق فى ملذاته وشهواته.
طبيعة أقوى من كل المشاعر المريضة/u/
بعد سنوات من تلك العلاقة الجافة بين الأم وابنها بلغ «صابر» - وهذا اسمه - نحو السابعة. وطوال هذه السنوات كان كل شىء فى تصرفات «زينب» ينطق بالقول له:«أنا لم أكن أريدك.. ومازلت أرفضك». ومع ذلك بدأ «صابر» من جانبه، وعلى صغر سنه، يشعر بآلام أمه، ويحاول أن يدخل عليها السرور بكل مداعباته الساذجة، وحيله الطفولية، فيعطيها بعضا من الحلوى التى معه، أو يحكى لها قصة مضحكة، أو يساعدها فى أعمال المنزل دون أن تطلب منه، أو يرفض الذهاب للعب مع أصدقائه حتى لا يتركها وحيدة.
تدريجيا بدأت مشاعر «زينب» تلين، وأخذت تتعلق بولدها، وتمضى معه لحظات جميلة. وكلما كبر عاما، تنمو علاقتهما بصورة رائعة، حتى صارت «زينب» تشعر أن ولدها هو أكبر نعمة أنعم الله بها عليها، بل وبدأت تستعيد توازنها النفسي، وتسترجع حيويتها، وتتفتح لها أبواب للسعادة والتحقق لم تكن تراها من قبل. أما «صابر» وقد بلغ الخامسة والعشرين، فيشهد له كل المقربين منه بأنه شخصية سوية، متوازنة، معطاءة، مرنة. كما أنه ورغم قسوة أبيه عليه يعامله بمنتهى الاحترام والحب، ولكن دون أن يتفق معه أو يتاثر بسلبياته وانحرافه.
وقصة «زينب» و»صابر» إن دلت على شىء فهى تدل على أنه رغم ما يؤكده علم النفس من التأثير السلبى الخطير على الإنسان إن لم يأخذ احتياجاته العاطفية المطلوبة فى الطفولة، إلا أن هناك عنصرا إضافيا -يشير إليه أيضا علم النفس الروحى - وهو أن الإنسان ليس دمية تحركها الخيوط الخفية، أى الصدمات، وأخطاء الآخرين، وليس «روبوت» تبرمج على شىء ثابت ليس عليه إلا تنفيذه. فداخل الإنسان منطقة عميقة، قوية وسوية، قادرة على أن تجعله - كما الحال مع «صابر» - يقابل المشاعر المريضة، بمشاعر أخرى سليمة وسوية فيساعد الآخر - كما حدث مع «زينب» - على الشفاء. فقد ظهر مع «صابر» تأثير تلك القوة العظيمة التى منحها الله للإنسان. وهى تظهر بقوة أيضا مع عباد الله الصالحين، ومن قبلهم الرسل والأنبياء.
طفولة لا تغيب.. ونضج جديد/u/
نستخلص من هذا أنه لا يمكننا أن نقول إن كل متاعبنا ونحن كبار سببها الوالدان، أو أن ما حدث لنا ونحن صغار يعنى أنه رسم لنا مصيرا محتوما لا يمكننا الفرار منه. فطبيعة الشخص نفسه لها دور أساسى فى التفاعل بصورة تؤدى إلى النتائج النهائية: سلبا وإيجابا. والأخبار السارة التى يحملها لنا علم النفس الروحى هى أنه حين يكتسب الوالدان أو أحدهما الوعى السليم، يستطيعان إصلاح ما أفسداه من قبل. ذلك لأن القوة السوية داخلهما إذا اُستقبلت جيدا من الأبناء فهى تعتبر بمثابة عملية «خلق جديد»، وهذا معنى «الشفاء.
والخبر السار أيضا هو أن الإنسان نفسه الذى لم يتلق احتياجاته الأساسية من أبويه، فعنده أدوات للتواصل مع القوة العميقة الخلاقة داخله، فتعيد إفراز طاقة الشفاء المعنوية، فيصبح - فى أى سن - كطفل يتلقى كل احتياجاته المعنوية. الوسائل لذلك هي: أولا: الفهم السليم، أى الخروج من مصيدة الشعور «أنا ضحية والدىّ». ثانيا: إقامة صلة بالله مصدر كل الرحمة والحب، وما رحمة الأبوين إلا بضعة ضئيلة من تلك الطاقة الكونية المتاحة لمن يطلبها. ثالثا: إقامة علاقات مع البشر والمخلوقات قوامها الحب الخالص والرعاية المتبادلة.
اغفر لوالديك.. يبرك أبناؤك/u/
كل أم أو أب هو حلقة موصولة بأبويه من ناحية، وبأبنائه من الناحية الأخرى. وشفاؤه أو استواؤه النفسى مرهون بتصليح العلاقة فى الاتجاهين. مفتاح الإصلاح من جهة الآباء هو الغفران إن شعر أنهم أخطأوا فى حقه، ومفتاح الإصلاح مع الأبناء هو الاحتواء والاتساع والحب غير المشروط. الغفران للأبوين معناه إدراك أنهما تصرفا وفقا لما يعلمانه، وإن كان ما يعلمانه قليلا أو قد حمل أذى، فمن منا معصوم؟ ومن منا يعرف الصواب المطلق؟ ومن منا يضمن أنه لا يؤذى أحدا بمشاعره المريضة وهو لا يدرى؟ هذا الوعى يجعل الإنسان يتحول من السخط والغضب واللوم لوالديه إلى الدعاء لهما أسوة بسيدنا إبراهيم عليه السلام حين قال:«ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب». وهذا الطلب للغفران يفتح الباب للشخص نفسه، أن تُزال من أعماقه الآثار السلبية عليه التى سببها خطأ الوالدين.
أما الحب غير المشروط مع الأبناء فيعنى أننا نقدرهم ونحترمهم فى ذاتهم، وليس لأنهم صورة منا، أو صورة نحبها، ويعنى أيضا الرعاية المستمرة ليكونوا أنفسهم، لا أن يكونوا امتدادا لنا. وهذا الوعى يجعلنا ندعمهم حتى لو اختاروا شيئا مختلفا عما نريده نحن لهم. وحين يخطئون نساعدهم على اكتشاف الخطأ دون تعنيف أو إقلال من شأنهم، وأن نعطيهم الفرصة لأن يعبروا عن أنفسهم بحرية ونستمع لهم، ونشاركهم أحلامهم واهتماماتهم. الأبوان لا يستطيعان ذلك إلا حين يكونون هم أنفسهم خاضوا رحلة الشفاء من تأثيرات الماضى.
الثمار التى نجنيها هى وجود علاقة سوية بأبنائنا لها هذه الملامح:
1-كل فرد يصبح متحققا ويساعد الآخرين على التحقق. 2- تتكون عند كل فرد حساسية أكبر تجاه مشاعر واحتياجات كل الأطراف. 3- تصبح حياتهم خالية من اللوم لبعضهم البعض. 4- يحلون كل مشاكلهم بتفاهم وسلام. 5- يعبر الجميع عن كل مشاعرهم مهما كانت دون إيلام بعضهم البعض. 6- تتسم العلاقة بأنها حب متواصل ورعاية متبادلة، لا مجرد واجبات مادية.
هذه ليست مواصفات مدينة فاضلة أو يوتوبيا، إنها ثمار واقعية لأناس بذلوا الجهد المطلوب لتحقيق التواصل الإنسانى الحقيقى الذى هو منبع سعادة لا تضاهيها أى سعادة أخرى.
تدريب: تأمل نفسك كحلقة وصل بين أبويك وبين أبنائك أى نوع من الابن أو الابنة لوالديك، وأى نوع من الآباء والأمهات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.