فقر.. جهل.. مرض.. أضلاع ثلاثة لمثلث يطلق عليه مثلث الرعب.. إنه يقف بالمرصاد لآلاف البشر بل ملايين.. مثلث كل ضلع من أضلاعه الثلاثة أقوى من الثانى.. ولنا أن نتخيل عندما يحاصر إنسانا داخله فإنه يعتصره ولا يتركه إلا بعد أن يقضى عليه.. وينهى حياته وحياة أسرته بالكامل.. هذا المثلث المرعب يجعل أى إنسان ينظر إليه من بعيد ويحاول الفرار منه، ولكن يا ويله من تسوقه الأقدار ويقع داخله فإنه هالك لا محالة.. وصاحب هذه المأساة هو عامل بأحد المصانع لم يتجاوز الثانية والأربعين من عمره.. ولكن لو نظرت إليه لظننت أنه تجاوز الستين.. بدأ حياته منذ نعومة أظافره عندما التحق للعمل بالمصنع وهو مازال صبيا وتم تدريبه حتى شرب المهنة واستطاع بكفاءة أن يتحمل المسئولية ويزيد دخله.. سنوات قليلة وبدأ يفكر فى تكوين أسرة ليرتاح قلبه، فقد كان يميل إلى إحدى بنات عمه.. رحبت الأسرة بالفكرة وباركتها وما هى إلا شهور قليلة استطاع خلالها أن يجهز منزلا صغيرا له ولعروسه وبدأت حياته وكان فى ذلك الوقت قد تخطى الخامسة والعشرين من عمره وما هى إلا شهور حتى رزقه الله بالابن فرح به ثم رزقه ببنت تلو الأخرى.. حتى وصلت ثلاث بنات.. كان يكافح من أجل الأولاد والزوجة وهو سعيد بأسرته.. سعيد بأطفاله.. ولكن كان هناك ما يعكر صفو حياته، فقد بدأت تظهر بعض الحبوب والبثور على وجهه.. اقترح عليه الأصدقاء الذهاب إلى عيادة المصنع.. شخص الطبيب الحالة بأنها مجرد حساسية جلدية ووصف له بعض الكريمات والأدوية وبالفعل خفت حدة الحالة التى يعانى منها.. مرت أسابيع ثم عاودته نفس الحالة عاد مرة أخرى لاستخدام نفس العلاج كل هذا وهو يحاول أن يطمئن نفسه وزوجته التى كانت تشفق عليه.. ولكن الحالة التى يعانى منها زادت وبدأت تظهر فى مناطق أخرى من الجسم، وأصبح العلاج غير ملائم اضطر طبيب المصنع أن يحوله إلى المستشفى العام الذى يقع فى محافظته.. تم إجراء تحاليل وأشعة وبدأ علاجا بطريقة جديدة، كما أخبره الطبيب الذى طلب منه عدم التعرض لأشعة الشمس.. ووضع له قائمة من الممنوعات حتى لا تتفاقم الحالة، بالفعل خضع لطلبات الطبيب.. وكان عليه أن يعاود العرض على الطبيب كل عشرة أيام لمتابعة الحالة، ولكن الحساسية تتزايد يوما بعد يوم.. ظل أكثر من عامين وهو يعانى منها حتى اضطر الأطباء إلى إجراء تحاليل وكانت المصيبة التى سقط على أثرها مغشيا عليه وعندما آفاق رفض أن يصدق ما قيل له.. فقد شخص الأطباء حالته بأنها ورم سرطانى بالجلد ومنتشر بجميع أجزاء الجسم وبسبب عدم أخذه قسطا من التعليم فإنه لم يفهم.. وفى النهاية خضع لأوامر الأطباء الذين طلبوا منه الالتزام بقائمة من الممنوعات وأخبروه بأن علاجه يجب أن يتم بالمعهد القومى للأورام فهو فى حاجة إلى أطباء متخصصين فى الأورام.. حمل حقيبته على كتف وهمومه وأحزانه على الكتف الأخرى، وخرج من منزله يجر ساقيه التى لا تكاد تحملانه من كثرة الحزن.. فهو حزين على نفسه من ناحية وعلى أولاده الأربعة من الناحية الأخرى، وكانت رحلة صعبة عليه وعلى أسرته.. وبدأ رحلة العلاج بالمعهد القومى للأورام بجلسات كيماوى وإشعاعى ثلاث مرات أسبوعيا.. ثلاث سنوات منذ بدأ العلاج بالمعهد احيل خلالها إلى المعاش بسبب حالته الصحية المتدهورة وأصبح المبلغ الذى يتقاضاه لا يكفى مصاريف أطفاله الأربعة والزوجة وخاصة أن ابنه الوحيد أصيب بنوبات صرعية ويحتاج إلى علاج.. هو راض بابتلاء ربه، ولكن الارتفاع الجنونى فى الأسعار ومعاشه الضئيل الذى لا يكفى اضطره إلى أن يرسل خطابا يطلب المساعدة ونحن بدورنا نناشد أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة مساعدة هذا الأب والوقوف بجواره حتى يستطيع أن يواجه محنته.. فمن يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية؟