بالتزامن مع صدور الحكم بالسجن لمدة 15 سنة على هشام طلعت مصطفى فى قضية مقتل المطربة سوزان تميم، جاء قرار مجلس الوزراء الأخير الخاص بتنفيذ حكم بطلان عقد مدينتى المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية ومجموعة طلعت مصطفى وذلك بإلغاء العقد القديم وأعادة بيع الأرض بالأمر المباشر لذات المجموعة مقابل دفع 9.9 مليار جنيه، وذلك حرصا من الحكومة على حماية مناخ الاستثمار فى مصر، الذى من الممكن أن يتأثر سلبا فى حال سحب الأرض أو خلافه. أكد المهندس أحمد المغربى وزير الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية أن المقابل المادى المتفق عليه لأرض مشروع مدينتى وهو ألا يقل الثمن عن 9 مليارات و979 مليونا و200 ألف جنيه هو أكثر من عادل، لأنه تم تحديده بعد قيام وزارة المالية بتقييم الأرض بأرض مشابهة للمشروع وبنفس الظروف. أسلوب التصرف/U/ وقال المغربى فى بيان صحفى إن مشكلة «مدينتى» لم تكن فى النواحى المالية، وإنما فى أسلوب التصرف فى الأرض، الذى تم وفق القانون الخاص لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إلا ان الهيئة تنفيذا لتوصيات اللجنة القانونية قامت بإنهاء التعاقد المبرم بينها وبين الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى «مجموعة طلعت مصطفى» طبقا لأحكام المحكمة الإدارية العليا. وأضاف أنه لا تغيير فى أحكام ونصوص العقد السابق ل»مدينتي» ولا تغيير فى شروط أو ثمن البيع، وأن هذه القيمة التى تصل الى نحو 10 مليارات جنيه تعنى أن النسبة، التى ستحصل عليها الدولة مقابل ثمن الأرض وهى 7% من الأمتار، التى سيتم بناؤها فى هيئة وحدات سكنية لا تقل قيمتها عن هذا المبلغ وإنما ستزيد، مؤكدا أن سعر الأرض حددته لجنة من وزارة المالية، قامت بتقييم الأرض بالحالة التى كانت عليها وقت البيع، مستعينة فى ذلك بأرض مشابهة لمشروع مدينتى عام 2005 وبنفس المواصفات، وبالفعل تم تسعير المتر بنحو 300 جنيه للمتر وتحديدا 297 جنيها، ليصبح إجمالى سعر الأرض نحو10 مليارات جنيه. وشدد وزير الإسكان أن الحكومة فى تعاملها مع هذه الأزمة كانت تضع نصب عينها أن حجم الانفاق الشهرى بهذا المشروع 500 مليون جنيه منها 150 مليونا رواتب تدفع لأكثر من 150 ألفا من العاملين، مما يعنى أن هناك 150 ألف أسرة تستفيد من المشروع، وبالتالى كان الحرص على أن تكون التسوية تحقق - بالدرجة الأولى - مصلحة المواطن ثم المستثمرين، موضحا أن توصيات اللجنة تؤكد مدى الجدية، التى تتعامل بها الحكومة فيما يتعلق بتعاقداتها. «حالة القلق التى لازمت كل المعنيين بهذا المشروع تبددت تماما مع صدور هذا القرار الذى تزامن مع صدور حكم المحكمة فى قضية مقتل سوزان تميم، حيث انتهت المحكمة إلى معاقبة هشام طلعت مصطفى بالسجن لمدة 15 سنة، وبالتالى فإن الأمور تذهب إلى انفراجة تبعث على التفاؤل والسعادة» .. هكذا جاءت كلمات عادل عبد الرحمن محامى وأحد الحاجزين فى مشروع مدينتى. وأكد أن الرئيس مبارك عود الشعب المصرى على أن يكون دوما هو حائط الصد الأخيرة، التى تحمى مصالح المواطنين البسطاء، فإننى لا أتخيل الوضع لو تم تنفيذ الحكم بسحب الأرض من الشركة وإعادة طرحها فى مزاد علنى يحدد له ميعاد وتتسابق الشركات على المزايدة، ليكون الاضطراب وعدم الاستقرار الذى يتبعه دعاوى متعددة أمام مراكز التحكيم الدولي، وبالتالى حدوث المزيد من التعقيد. ووصف المحامى عادل عبد الرحمن التسوية التى توصلت إليها الحكومة بالعادلة لكونها تحقق الحماية لكل الأطراف ولا تضيع فى ذات الوقت حق الخزانة العامة، إلا أنه يطالب المسئولين بضرورة محاسبة المخطيء فى الحكومة، الذى خالف القانون، لكى لا يفلت المجرم بإجرامه والمخطيء بخطأه، فالمجموعة سوف تدفع ما يطلب منها لكن لابد من معاقبة الطرف الأخر. فى حين، قال محمود راتب –كابتن طيار بمصر للطيران وحاجز بالمدينة- لقد اصابنى القلق عند سماع حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان عقد تخصيص أرض مدينتى لأننى خشيت من ضياع أموالى ولكن بعد قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير الذى يعيد الأرض إلى مجموعة طلعت مصطفى مقابل دفع مبلغ من المال شعرت بالاطمئنان، وأن الحكومة فعلا كانت تستهدف من تسويتها للأزمة مصالح المصريين الحاجزين فى المشروع. ويرى المهندس عبد اللطيف حجازى أحد الحاجزين بمدينتى أنه سارع لحجز وحدة فى هذا المشروع لما رأه من تميز فى الاداء وجدية كاملة فى التنفيذ، وأن ميعاد حجزه للوحدة مر عليه 3 شهور أى مع بداية أزمة العقد، مشيرا إلى أن ثقته فى قدرة المجموعة على حماية مصالح عملائها وحرص الحكومة المصرية على احترام تعاقداتها دفعه للاستمرار فى استكمال إجراءات الحجز، خاصة اننى متخصص فى مجال المقاولات، وعلى يقين بأن مثل هذه المشروعات الكبرى لا تهتز بمثل هذه الأمور. وأشار إلى أنه هناك مواطنون قد تسلموا بالفعل وحداتهم السكنية فى المرحلة الأولى من المشروع بسبب ثقتهم العالية فى المشروع والتزام الشركة فى تنفيذ العقود، مؤكدا أن الشركة لم تطلب من اى حاجز أموالا إضافية بعد قرار رئيس مجلس الوزراء الذى يلزم الشركة بدفع 9.9 مليار جنيه لهيئة المجتمعات العمرانية. وعن اسعار الوحدات السكنية فى مدينتي، قالت سيدة تسلمت وحدتها بالمدينة مؤخرا ورفضت ذكر اسمها إن تجربة الشركة فى مدينة الرحاب هى التى دفعتنى للتفكير جديا فى السكن فى «مدينتي»، ولذلك كنت من أول الحاجزين بالمشروع، وعندما حجزت هذه الوحدة لم اكن أهتم بالسعر لتميز المشروع، فما يدفع فى مثل هذه الوحدات لا يكون مقابلا للشقة أو الفيلا بل مقابل الخدمات التى توفرها الشركة المنفذة للمشروع. قبول التسوية/U/ وبدورها، أعلنت مجموعة طلعت مصطفى كامل احترامها لقرار الحكومة الهادف لتنفيذ حكم قضائى نهائى بات، مؤكدة من أنها ماضية فى تنفيذ المشروع، الذى ثارت بشأنه مشكلات قانونية مؤخرا، وصدر فى حقه حكم ببطلان عقد تخصيص أرضه، إلا أن الرئيس مبارك أمر بتشكيل لجنة قانونية لدراسة الحكم وحل المشكلة بشكل لا يتعارض مع حكم المحكمة الإدارية، ولا يضر بالمساهمين بالشركة ولا الحاجزين فى المشروع ولا بمناخ الاستثمار فى مصر بشكل عام. ولفتت المجموعة - فى بيان لها موجه الى إدارة البورصة بالمجموعة – إلى إنها ملتزمة بما جاء فى قرار مجلس الوزراء، وبما يحفظ حقوق الحاجزين وحملة الأسهم وكافة الأطراف المعنية، والذى تضمن تنفيذ توصيات اللجنة القانونية المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2579 لعام 2010، وذلك بقيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإنهاء العقد المبرم بينها وبين الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى. وأشارت إلى أن المجموعة قبلت بقيام هيئة المجتمعات العمرانية بإبرام عقد جديد بذات الأحكام والنصوص الواردة فى العقد السابق، وبما لا يتعارض مع أحكام محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، وبما يضمن استقرار المراكز القانونية لجميع المتعاملين على مشروع مدينتى، مع الإبقاء على نسبة ال7% من إجمالى المسطحات السكنية التى سوف تسلم إلى الهيئة كما هى بدون تغيير. وأوضحت أن قرار رئيس مجلس الوزراء جاء تنفيذا لتوصية اللجنة التى عقدت تحت إشراف رئاسة الوزراء وأسفرت عن تحديد سعر جديد بواقع قيمة السداد العينى بحوالى 9.9 مليار جنيه بانتهاء المشروع، واستكمال كل مراحله، وأن يتم إعداد العقد الجديد على هذا الأساس. ومن جانبه، قال د. شوقى السيد المستشار القانونى للمجموعة إن الحل الذى توصلت إليه الحكومة يعد قرارا مسئولا أحدث صدى إيجابيا داخل وحارج مصر، خاصة لدى المستشمرين والمساهمين الأجانب فى المشروع، كما أحدث هذا القرار أثرا إيجابيا ايضا لدى المساهمين والحاجزين فى المشروع من المصريين. وأضاف أنه سيتم خلال أيام الانتهاء من دراسة المجموعة للمقابل المادى الذى حددته اللجنة الحكومية وهو 9.9 مليار جنيه كحد أدنى لقيمة ارض المشروع، والذى استند إلى أسس موضوعية نثق بها تماما، مشيرا إلى أن المجموعة سوف تتحمل مسئوليتها أمام المجتمع من خلال استكمال المشروع والتزامها بجميع تعاقداتها فيه مثلما تحملت الحكومة مسئوليتها تجاه المجتمع والاقتصاد القومى ومناخ الاستثمار فى مصر، لتدارك أخطار اقتصادية كانت سوف تحدث لولا هذا التدخل الرئاسى فى الموعد المناسب. منتهى الصعوبة/U/ فى حين أوضح د. مصطفى السعيد رئيس للجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أن تعامل الحكومة مع حكم بطلان عقد مدينتى قام على عدد من الاعتبارات يأتى على رأسها مصالح الأطراف المختلفة التى تقتضى استمرار المشروع وبقاء مجموعة طلعت مصطفى فى التنفيذ حرصا على المصلحة العامة، علاوة على ذلك ترجح الاعتبارات الاقتصادية بقاء الشركة الالتجاء إلى الحل الذى أقرته الحكومة لأن البيع بالمزاد العلنى ينطوى على صعوبات بالغة ترتبط بتقييم ما تم من منشآت فى المشروع، لكونه يحتاج إلى وقت طويل ويترتب عليه فى ذات الوقت تاثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد. وقال د. السعيد إن تقييم الأرض فى الوضع الحالى أمر فى منتهى الصعوبة لأن القيمة الآن تختلف عن القيمة فى 2005، لكن يبدو أن رغبة الشركة المنفذة للمشروع فى تسوية الأزمة دفعتها للتقييم الذى قيم سعر المتر بقرابة 300 جنيه للمتر، على الرغم من ان اعتراضها قد كان متوقعا سعيا لتخفيض التكلفة على المستثمرين والمشترين. وأضاف أنه فى مثل هذه الظروف لا يمكن إبدا البيع بسعر السوق، لأن نشاط الشركة كان له فعل السحر على زيادة أسعار الأرضى فى هذه المنطقة، لذلك كله لابد من أخذ كل ذلك فى الاعتبار عند تحديد السعر الجديد، مطالبا الحكومة بأن تتأنى حتى تصل إلى السعر العادل، الذى يحقق الضرورة الاجتماعية، والتى تتمثل فى المحافظة على حقوق المجتمع، والذين حصلوا على وحدات فى هذا المشروع. أراضى مصر/U/ أما الدكتور أبو زيد راجح رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان السابق فرفض ما كان يطالب به البعض من سحب الأرض من مجموعة طلعت مصطفى وطرحها للبيع بالمزاد العلنى لما كان يمكن أن يترتب على ذلك الإجراء من مغالاه فى سعر الأرض، وبالتالى إلحاق الضرر بحاجزى الوحدات فى المدينة، مشيرا إلى أن البنك الدولى وضع خطة من قبل لإدارة الأراضى فى مصر رصد فيها أمرا فى منتهى الخطورة وهو أنه هناك 39 تشريعا مصريا يتعاملون مع هذه القضية، وهذا ما يترتب عليه الفوضى التى يعيشها المجتمع. وطالب راجح بضرورة استغلال هذه الأزمة التى نجمت عن اخطاء ربما لا يسأل عنها المستمثر للمضى قدما فى سن قانون موحد للأرض فى مصر، خاصة أن قانون المناقصات والمزايدات لا يوجد به كلمة واحدة عن آليات التصرف فى الأرض، لأنه باختصار لم يكن موضوعا لهذا الأمر اصلا ولم يكن فى اعتبار واضعيه انه سوف يتعرض فى يوم من الايام للتصرف فى الأرض، مشيرا إلى أن تفادى وقوع مثل هذه الأزمات يحتاج إلى قانون موحد للأرض وجهاز قومى بعيد عن سلطة الحكومة يتولى رسم استراتيجيات وخطط التصرف فى الأرض، لتتولى الجهات التنفيذية تنفيذ هذه الخطط والاستراتيجيات.