على الرغم من التوقعات التى تشير إلى أن إنتاج القمح هذا العام يعد ثالث أكبر نسبة إنتاج فى التاريخ وأن أعداد من يعانون من الجوع حول العالم 925 مليون وهى نسبة أقل ب 98 مليون عن إحصائية العام الماضى جاءت الارتفاعات الأخيرة فى أسعار المواد الغذائية لتمثل عائقاً آخر أمام جهود تقليص أعداد الجياع فى العالم، حيث حذرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» فى اجتماعها الذى عقد فى الثانى من سبتمبر الماضى فى العاصمة الإيطالية روما والذى ضم 75 بلداً عضواً من خطورة تقلب الأسعار والتى تشكل تهديداً رئيسياً للأمن الغذائى. وذكر تقرير للمنظمة أن العرض والطلب العالمى من الحبوب ما زالا متوازنين بشكل كبير، وأن التلف غير المتوقع للمحاصيل لدى بعض الدول المصدرة الكبرى وما أعقبها من ردود فعل سياسية مقرونة بسلوكيات المضاربة المالية بدلاً من مراعاة أساسيات السوق الدولية كانت من العوامل الأساسية وراء هذه الزيادة الحادة فى الأسعار العالمية، بالإضافة للسياسات التى انتهجتها بعض الحكومات لمعالجة ذلك الوضع ومما زاد من الضغوط على الأسعار موجة الجفاف وحرائق الغابات فى روسيا الشهر الماضى. وما أدت إليه من تدمير مساحات كبيرة من الأراضى المزروعة بالقمح مما اضطرها إلى إصدار قرار بحظر تصدير الحبوب، كما أدت موجة الفيضانات التى اجتاحت باكستان وبعض الدول الأخرى فى آسيا إلى ارتفاع أسعار السكر والقمح وإلى إتلاف أكثر من مليون فدان من المحاصيل الغذائية. وحمل خبراء فى قطاع الغذاء من 75 دولة كلا من الشائعات والتعاقدات الآجلة فى الأسواق بالإضافة إلى تقصير الحكومات فى حماية محاصيلها مسئولية هذا الارتفاع كما رفضوا إلقاء اللوم على روسيا بوقفها تصدير القمح للخارج باعتباره حقاً مكفولاً لها لحماية السوق المحلية الروسية، وكشف تقرير «الفاو» أن أشد المتضررين من ارتفاع أسعار القمح عالمياً هى البلدان المستوردة التى يشكل لديها هذا المحصول الغذاء الرئيسى، كما ذكر التقرير أن ارتفاع الأسعار لم يكن متساو فى جميع المناطق حيث خلقت الأسعار ارتفاعاً لدى بعض البلدان فى حين سجلت انخفاضاً لدى البعض الآخر وفقاً للأوضاع المحلية السائدة فى كل بلد فقد سجلت أسعار القمح ارتفاعاً كبيراً فى يوليو وسبتمبر على نحو ملحوظ فى أفغانستان، منغوليا، وبنجلاديش، فى حين ظلت أسعار القمح مستقرة فى أمريكا اللاتينية، فى الوقت الذى تناقصت فيه أسعار الحبوب فى شرق وغرب أفريقيا وجنوبها، وفى آسيا التى يمثل فيها محصول الأرز الغذائى الأساسى سجلت الأسعار ارتفاعات خلال الشهرين الماضيين فى بنجلاديش وفيتنام فى حين تراجعت الأسعار فى الفلبين وتايلاند وسريلانكا. وأوصى خبراء «الفاو» بإيجاد آليات جديدة لتحسين مستوى الشفافية فيما يتعلق بتجارة الحبوب والتصدى للأخطار المرتبطة بتقلبات الأسعار التى تنعكس بشكل مباشر على الأسرة التى عادة ما تنفق ما بين 60- 70% من دخلها على الغذاء.