يأتي الاحتفال بيوم الغذاء العالمي، يوم السبت المقبل، الذي يوافق ذكرى إنشاء منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"عام 1945، وسط تحديات وأزمات تتعرض لها معظم دول العالم وأهمها قضية توفير الغذاء وحماية المواطنين من الجوع. فقد ازداد عدد الذين يعانون من الجوع في العالم بمعدل 105 ملايين شخص في العام الماضي 2009 مقارنة بعام 2008، والعدد يتجاوز اليوم مليارًا، فهناك 642 مليون جائع يعيشون في آسيا والمحيط الهادي و265 مليونًا في إفريقيا جنوب الصحراء، و53 مليونًا في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، و42 مليونًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و15 مليونًا في البلدان المتقدمة. وتمثل الارتفاعات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية عائقا أمام جهود تقليص أعداد الجياع في العالم، ومن هنا حذرت منظمة الفاو في سبتمبر الماضي من خطورة تقلب الأسعار والتي تشكل تهديدا رئيسيا للأمن الغذائي. وأشار تقرير للمنظمة إلى أن التلف غير المتوقع للمحاصيل لدى بعض الدول المصدِّرة الكبرى كان من العوامل الأساسية وراء هذه الزيادة الحادة في الأسعار العالمية، بالإضافة للسياسات التي انتهجتها بعض الحكومات لمعالجة ذلك الوضع وحرائق الغابات زاد من الضغوط على الأسعار أيضًا. ويرى محللون أن ارتفاع أسعار الغذاء يرجع إلى تنمية الوقود الحيوي المستخرج من المحاصيل، والذي قوَّض، على نحو أكبر، إمدادات الغذاء، حيث وصل إنتاج الوقود الحيوي إلى أكثر من ثلاثة أضعاف من عام 2000 حتى عام 2007 طبقا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة، ومن المتوقع أن يتواصل الطلب على قصب السكر والذرة والبذور الزيتية والمواد الخام التي تضع الوقود الحيوي في ارتفاع في السنوات العشر القادمة، مما سيزيد من رفع أسعار الغذاء. كما أدت الأزمة المالية العالمية إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وأشارت تقارير دولية إلى أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 76% من عام 2006 إلى عام 2008 أضاف نحو 150 مليون نسمة من سكان العالم إلى قائمة الفقر ويموت أكثر من 25 ألف شخص بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة به يوميا في جميع أنحاء العالم وذلك في الوقت الذي تطالب فيه الفاو ب 83 مليار دولار سنويا لتوفير الغذاء لسكان الكرة الأرضية. وأشار "إلي هيرويوكى كنوما"، مساعد المدير الإقليمي لمنظمة الفاو في منطقة آسيا والمحيط الهادي، إلى تراجع الاستثمارات في القطاع الزراعي خلال العقود الثلاثة الأخيرة. ودلل كنوما على الحجم الضخم لأزمة أسعار الغذاء العالمية بالارتفاع القياسي في أسعار القمح الذي تراوح بين 60 و 80 % منذ شهر يوليو الماضي، بينما قفزت أسعار الذرة بمقدار 40% خلال الفترة نفسها، ولكنه أشار إلى أن حكومات الدول النامية ومؤسسات الغذاء الدولية بدأت تنتبه إلى ضرورة زيادة الاستثمارات في القطاع الزراعي ولكن هذه الجهود لا تزال غير كافيه لاحتواء الأزمة. وقد أظهرت معظم دراسات البنك الدولي وكثير من المنظمات والهيئات الدولية أن العبء المالي لتغير المناخ سوف تتحمله الدول النامية أثناء مسيرتها لتوفير الأمن الغذائي وسوف تتحمل هذه الدول من 75:80 % من تكاليف الأضرار الناشئة من تغير المناخ. وفى هذا الصدد أوضح تقرير لمنظمة الفاو أن التغيرات المناخية تؤثر على المحاصيل الزراعية وخاصة الأرز، كما أن محصول الذرة في شمال إفريقيا مثلا قد ينخفض بنسبة تتراوح بين 15 و25 % مقابل ارتفاع الحرارة بنسبة ثلاث درجات مئوية.