هل يختنق العالم؟ أو يتعرض للغرق؟ وما سر الحرائق الكبرى والفيضانات المدمرة فى الصيف الواحد صيف 2010؟ ثم هل يكفى فهم الطقس وتحولات العواصف والأعاصير على سطح الكرة الأرضية لشرح التيارات الهوائية النفاثة التى تمضى من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وتدفع بالحرارة الزائدة فى اتجاه القطبين وبالتالى تجذب الهواء القطبى البارد فى اتجاه المناطق الساخنة؟ هذه الأسئلة كلها مطروحة منذ أسابيع، فى الوقت الذى تتعاقب الحرائق والفيضانات فى أنحاء متفرقة من العالم، وهى الأسوأ منذ ثلاثة عقود، وتتوزع فى أرجاء الشرق والغرب معا، وكأنها ترسم منذ الآن الطريق إلى النهاية. .. ويسجل المراقبون أن الانحرافات الطقسية فى صيف 2010 استهدفت دولتين نوويتين هما روسياوباكستان بصورة أساسية وروسيا تاريخيا هى بلد العشرين تحت الصفر، ولم يحدث على مدى أكثر من قرن ومنذ بدأ تدوين الحرارة فى العالم، أن ارتفعت درجات الحرارة فى روسيا إلى المستوى الذى تسبب فى الحرائق الأخيرة. ومع المشاهد المرعبة التى تأتى من بلد الصقيع التقليدى يأتى نبأ انفصال كتلة هائلة من الجليد فى المحيط المتجمد الشمالى دلالة أخرى على جرائم الإنسان المعاصر بل الدول المعاصرة. .. ويقول الخبراء إنه لو تمكنت روسيا من تهريب سلاحها النووى اليوم من غضب الطبيعة، فليس من المعلوم كيف سيكون غضب الطبيعة فى المرة المقبلة، ولو وقعت الحرائق فى باكستان فإنها ستكون أقل قدرة على اتخاذ إجراءات سريعة مثل روسيا. ومن دون مبالغة قد تتحول كارثة طبيعية فى أية لحظة إلى كارثة نووية بخطأ أو تقصير بشرى، وأية منطقة فى العالم لن تكون فى منأى عن احتمالات غضب الطبيعة الذى يتخذ أشكالا متعددة بواسطة الأنهار والرياح والحرارة المرتفعة أو التلوث الناتج عن التفاعلات الكيميائية، والطبيعة لا تعرف العقلية الرأسمالية التى لوثت المناخ العالمى وستثأر من الأغنياء وسوف يضيع فى طريق ثأرها الفقراء. بين عامى 2000 و2009 شهد العالم سلسلة فيضانات غير مألوفة أودت بحياة عشرات الآلاف من الضحايا. فى هاييتى 2665 ضحية، والهند 1200، وبنجلاديش 1110، والهند تكراراً فى أعوام 2007 و2008 و2009 شهدت 1103 و1063 و992 قتيلا على التوالى، والجزائر 921 وقبلها فى أعوام 2000 و2004 فى بعض المناطق الآسيوية وأيضاً فى موزمبيق، لكن الفيضانات التى اجتاحت باكستان وأغرقت خمس مساحتها أى ما يعادل المساحة الكاملة لبريطانيا العظمى، وشردت أكثر من عشرين مليونا من سكانها، أطفالا وعجائز ونساء مهددين بالمرض والموت، كما شردت عشرات ومئات الآلاف فى مناطق آسيوية أخرى.. هذه الفيضانات هى الأسوأ منذ أكثر من عقد كامل، وهى مرشحة للتكرار فى فصول الصيف المقبلة. وما يقال عن الفيضانات يقال عن الحرائق التى اجتاحت المناطق الشمالية الباردة فى عز الصيف، فيما يشبه الإعصار المقابل فى النصف الشمالى من الأرض، وهو إعصار أدى ويؤدى إلى تغيرات مفاجئة فى الطقس خلال الأسابيع والأشهر والفصول، وكأن هناك علاقة ما بين الجفاف فى روسيا والفيضانات فى باكستان، وبين النار فى الشمال والماء فى الجنوب. وتقول مديرة الوكالة الأوروبية للبيئة جاكلين مكجلايد إن الاحتباس العالمى سجل 8 درجات مئوية خلال قرن، فيما سجلت أوروبا معدلات متفاوتة ووصل المعدل فوق المحيط المتجمد الشمالى إلى 6 درجات وارتفاع معدلات الحرارة الممتد من جرينلاند إلى اليونان ارتفاع لافت، وفصول الصيف القادمة يمكن أن تكون ساخنة بالمقارنة مع القرن الماضى، الأمر الذى يمكن أن يعرض القسم الشمالى من أوروبا للجفاف، وبعض أجزاء أوروبا الأخرى للفيضانات، وهذه النبوءة مقلقة خاصة أن هناك دولا أوروبية تعانى حاليا من شح الموارد المائية كأسبانيا وقبرص وبلجيكا وبلغاريا وبريطانيا وإيطاليا. ويحذر الباحث ستيفان هليجات من معهد التوقعات الجوية لمنطقة المتوسط من أنه إذا لم يكن فى الإمكان توفير الكثير من الماء فسنشهد انخفاضا ملحوظا فى نسب العائدات من المياه حتى أننا قد نضطر لوقف زراعة القمح حول المتوسط وما يثير القلق أيضا هو ارتفاع مستوى المياه فى المحيطات بين 0.7 متر ومتر واحد، خاصة أن نصف سكان حوض المتوسط يعيشون فى مناطق ساحلية وستواجه ثلاث مناطق فى أوروبا خطرا محدقا وهى هولندا وساحل بحر الشمال أى لندن والمنطقة الممتدة بين برشلونة ومرسيليا حيث يزيد تآكل التربة من هشاشة الأراضى، أما شواطئ لا نجدوك روسيون الفرنسية وقد تختفى كليا.