رغم استمرار فوران بركان ايسلندا وتعطل الطيران في أجزاء من أوروبا إلا أن منطقة الشرق الأوسط في أمان منه حتي نهاية الصيف. حيث سيمنع التيار النفاث فوق البحر المتوسط بين عبوره من أوروبا لمنطقتنا وسيظل الغبار حبيسا في قارة أوروبا حتي مطلع الشتاء, كما يشير خبراء الطقس مؤكدين أنه إذا حدث هذا البركان في الشتاء لكان الوضع اختلف تماما, حيث ستحمل الرياح القادمة من الغرب للشرق غباره بكثافة لمصر ومنطقة الشرق الأوسط, ومن المتوقع حدوث ذلك مع امتداد نشاطه للشتاء, إذ ما يحدث في أوروبا سيحدث لدينا في المنطقة, ولذلك يجب أن نكون علي استعداد مع دراسة الاحتمالات المختلفة من خبراء الطقس ولاننتظر وقت انتقال الغبار إلينا, ويكشف العلماء أن البراكين ظاهرة طبيعية مفيدة للتنفيس عن باطن الأرض, كما أن لها دور في طبقات الجو حيث إن الغبار يلعب دورا مهما في حدوث ظاهرة النهار, ويوجد آلاف البراكين لكن النشيط منها نحو516 بركانا. وحول القراءة المستقبلية لخرائط الطقس يقول الدكتور حسين زهدي خبير الأممالمتحدة في مجال الأقمار الصناعية والمناخ ورئيس هيئة الأرصاد الجوية سابقا: إن ظاهرة ثورات البراكين ظاهرة طبيعية, ومن الصعب التنبؤ بحدوثها أو استمرار شدتها, وليس بركانا ايسلندا أو شيلي من أقوي البراكين التي انفجرت فهناك علي مدي التاريخ كانت هناك براكين أشر وللعلم أيسلندا بها ما يقرب من30 بركانا وليس أقواها هذا البركان, وسحب الغبار البركانية قد تستمر في الغلاف الجوي لفترات طويلة حتي بعد انتهاء ثورة البركان وارتفاع البركان الحالي وصل لأكثر من11 كيلومترا, فوق معظم دول شمال أوروبا وجزء محدود من دول جنوب أوروبا, وهذا يدل علي أن جزءا من الرماد البركاني في الأجواء وصل لطبقة الاستراتوسفير التي تبدأ بنحو ارتفاع8 كيلومترات من سطح الأرض فوق الشمال الأوروبي, وهي طبقة ساكنة ومستقرة يصل سمكها من8 إلي50 كيلومتر فوق سطح الأرض, ويمكن أن يستمر الغبار البركاني بها وتحتفظ هذه الطبقة بالغبار البركاني لفترات طويلة تصل لسنوات. وتؤثر سحب الغبار البركاني بشكل مباشر علي انخفاض حرارة الغلاف الجوي, حيث تعمل هذه السحب علي تشتت أشعة الشمس وانعكاس جزء منها مما يساعد علي إضعاف الطاقة الحرارية التي تصل لسطح الأرض من أشعة الشمس المباشرة, حيث إن الغلاف الجوي لا يتأثر مباشرة بأشعة الشمس, وإنما يكتسب حرارته من تلامسه مع سطح الأرض ومن الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من الأرض نتيجة ارتفاع حرارة الأرض, وهذا ما حدث مع البراكين السابقة وتم رصد حرارة الأرض بعد بركان شيلي الأخير الذي بدأ عام2008, وأدي لانخفاض حرارة الأرض في العامين الآخرين, ومن المتوقع أن يتسبب بركان أيسلندا في المزيد من انخفاض حرارة الغلاف الجوي, لأن الغبار الخاص ببركان شيلي مازال عالقا في طبقة الاستراتوسفير, ويسمي هذا الغبار عكارة جوية علي المدي الطويل, حيث يحمل أجساما وذرات صلبة, وهذه العكارة الجوية تلعب دورا هاما في عملية حدوث النهار, والليل ولذلك لبراكين أهميتها في حدوث النهار لأنه في الأصل الكون كله مظلم لكن وجود العكارة الجوية يتسبب في تشتت الأشعة الزرقاء من الطيف الشمسي فيتحول شكل السماء كأنها زرقاء, وعندما تكون الشمس عند الأفق في فترات الشروق والغروب يكون لون السماء أحمر نتيجة مرور الشعاع الشمسي بالقرب من سطح الأرض فيصطدم بالعكارة المحتوية علي أجسام صلبة يزيد حجمها عن ذرات الغبار في أعلي الغلاف الجوي ويزيد قطرها عن طول موجة الطيف الأحمر, فتشتته فيتحول لون السماء للون الأحمر أو ما يسمي الشفق, ومع ابتعاد الشمس يأتي الظلام الكوني, وعند خروج رواد الفضاء خارج الغلاف الجوي لايرون إلا سوادا, وتصبح الشمس نجما مضيئا مثل باقي النجوم. ويضيف الدكتور حسين زهدي أن الرياح عملت في طبقات الجو العليا من طبقة التروبوسفير علي انتشار غبار بركان أيسلندا فوق أجواء الدول التي تقع في مسارات هذه الرياح ونظرا لأن الرياح تتحرك بشكل عام من الغرب للشرق وفقا لحركات دوران الأرض حول محورها, فقد انتشر الغبار البركاني من جزيرة أيسلندا باتجاه الشرق ليغزوا دول شمال أوروبا التي تقع في مسار الرياح الغربية خلال فصل الربيع, حيث تكون هي الرياح السائدة في منطقة شمال أوروبا في طبقات الجو العليا فيما بين3 كيلومترات أعلي سطح الأرض إلي6 كيلومترات وذلك علي شكل موجات طويلة يصل طولها لنحو8 آلاف كيلومتر بالاتجاه الأفقي بينما تتأثر منطقة جنوب أوروبا والبحر المتوسط برياح غربية علي شكل موجات قصيرة يطلق عليها الموجات الثانوية من هذه الموجات الطويلة إذ يبلغ طولها في المتوسط نحو4 آلاف كيلومتر علي المستوي الأفقي, وهذا الوضع للغلاف الجوي لايسمح بتبادل الكتل الهوائية بين شمال أوروبا وجنوبها علي نطاق واسع إلا من خلال الموجات الثانوية القصيرة, ولذلك كان انتشار سحابة الغبار البركاني بشكل واسع ومؤثر علي معظم دول شمال أوروبا وإن كان تأثرها محدودا علي جنوب أوروبا, ونحمد الله أن ثورة البركان لم تحدث خلال فصل الشتاء وفقا لكلام الدكتور زهدي الذي يتميز بالمنخفضات الجوية التي تعبر البحر الأبيض المتوسط من الغرب للشرق ويعقبها غزو للهواء البارد القادم من شمال أوروبا لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط, وإذا حدثت ثورة البركان خلال الشتاء لكانت السحابة البركانية تغطي سماء منطقتنا وما حولها, وفي الصيف لاخوف من استمرار ثورة البركان علي منطقة الشرق الأوسط لعدم وجود أي تبادل للكتل الهوائية بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط لوجود التيار الهوائي النفاث تحت المداري الذي يقع علي ارتفاع نحو12 كيلومترا فوق خط عرض35 درجة شمالا في شمال البحر المتوسط, ويعمل كحاجز بين حركة الغلاف الجوي شمالا وجنوبا. ويتمني أن تقف ثورة البركان قبل حلول فصل الشتاء القادم حتي لاينقلب علينا غبار البركان مع الرياح الشتوية الشمالية. ويتوقع بعض العلماء أن يحدث انفجار بركاني آخر في أيسلندا قريبا, وللعلم رغم قوة بركان شيلي إلا أن تأثيره علي العالم والملاحة الجوية غير محسوس لبعده عن العالم لوجوده في نصف الكرة الجنوبي بمنطقة نائية وبعيدة عن الأنشطة البشرية. والغبار الناتج عن البركان الواحد أكثر بأضعاف من الملوثات الناتجة من النشاط الإنساني علي الأرض, إلا أن نواتج التلوث الصناعي خطيرة, وتنزل علي شكل أمطار حمضية فتلوث التربة والأجواء, وللعلم طبقة الأوزون توجد في طبقة الأستراتوسفير التي تبعد عن الأرض نحو12 كيلومترا في المتوسط ويوجد طبقة عازلة تفصل بينها وبين طبقة التروبو سفير القريبة من سطح الأرض, والطبقة الفاصلة بها تغير في التدرج الحراري وتمنع اختراق الملوثات, إلا في وجود التيار النفاث, وللعلم تقل درجات الحرارة بالارتفاع بمعدل من7-10 درجات في كل كيلومتر, وبالعكس تزيد درجة الحرارة بالارتفاع في طبقة الاستراتوسفير التي تمتد إلي ارتفاع50 كيلومترا فوق سطح الأرض ويوجد في داخل الاستراتوسفير غاز الأوزون.