«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزام السحب يمطرنا بفيضان الخير

برغم ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة خلال الفترة الماضية من الصيف فأنه كما يؤكد علماء الطقس ان هذا الوضع دورة طبيعية نتيجة عدة عوامل طبيعية متداخل منها تيارات الكتل الهوائية ودوران الأرض والشمس والبقع الشمسية. وكلما زادت حرارة الجو جاء الخير حيث تزيد كمية الفيضانات كما حدث في الفترة الماضية ليس فقط في الحبشة والسودان بل وفي الهند وباكستان ويعزي ذلك إلي حدوث شتاء نشط في نصف الكرة الجنوبي حيث عبرت الكتل الهوائية الباردة القادمة من الجنوب لنصف الكرة الشمالي ونتيجة لحركتها الشديدة وبرودتها وزيادة وزنها أزاحت في طريقها حزام السحب المطيرة نحو الحبشة والشمال السوداني والهند وباكستان‏..‏ لكن من اليوم ستنكسر الحرارة ويتراجع الفيضان‏.‏
وقد أجري خبراء الأرصاد الجوية عدة دراسات لفيضان النيل منها دراسة تمت علي أكثر من‏110‏ سنوات وأخري علي نحو‏150‏ سنةوهما تؤكدان اننا نمر بالنسة الثالثة من السنوات السبع العجاف‏,‏ لكن كشف المنحني الذي توصل له العلماء منذ عام‏1987‏ عن أن فيضان النيل آمن حتي عام‏2070‏ وبرغم السنوات العجاف إلا أن الفيضان سيكون فوق المتوسط وسوف يشهد تزايدا خلال السنوات المقبلة حيث ستنتهي السنين العجاف بعد‏4‏ أعوام‏,‏ ومن المتوقع ألا تقل كمية المياه هذا العام عن‏95‏ مليار متر مكعب‏,‏ مع العلم بأن الفيضان المتوسط يكون‏80‏ مليار متر مكعب‏,‏ وكان أعلي فيضان في عام‏1998‏ حيث وصل إلي‏125‏ مليار متر وسجلت في هذا العام نفسه أعلي درجات الحرارة‏.‏
حول ارتباط ارتفاع الحرارة بفيضان النيل ومدي استمراريته‏,‏ وماذا تكشف الدراسات المستقبلية‏,‏ وخرائط الطقس المختلفة؟
يقول الدكتور حسين زهدي خبير الأرصاد الجوية ومستشار الأمم المتحدة للأقمار الصناعية والأرصاد إن حرارة الصيف وفيضان النيل مرتبطان ببعضهما وهذه القضية تحتاج لتوضيح حيث يتصور البعض ان فترات ارتفاع الحرارة الماضية بسبب نشاط الإنسان علي الكرة الأرضية وهذا كلام عارمن الصحة‏,‏ لأن الذي يتحكم في درجة الحرارة والرطوبة وشدة الفيضان وهطول الأمطار عوامل متعددة سواء جوية وتيارات وكتل هوائية وبقع شمسية ودوران الأرض والشمس ويوضح أن مصر من حيث التصنيف المناخي فهي تقع في المنطقة تحت المدارية في النصف الشمالي من الأرض ويحدها من الشمال منطقة العروض الوسطي التي تتميز باعتدال المناخ في جنوبها والبرودة في شمالها‏,‏ كما يحد الجمهورية من الجنوب المنطقة المدارية التي تقع بين خطي‏20‏ درجة شمالا و‏20‏ درجة جنوبا‏,‏ وتتميز بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة علي مدار العام‏,‏ وتعد مصر بحكم موقعها المناخي مسرحا لتصارع الكتل الهوائية الباردة القادمة من الشمال والكتل الهوائية الساخنة القادمة من المناطق المدارية ووسط أفريقيا أو من الهند‏,‏ ويتوقف ذلك علي الحركة الظاهرية للشمس‏,‏ ففي فصل الصيف تتحرك معها الكتل الهوائية الساخنة والرطبة إلي الشمال بسبب تعاقد الشمس علي مدار السرطان‏,‏ وتؤثر بشكل فعال علي أجواء مصر‏,‏ وفي فصل الشتاء تتعاقد علي مدار الجدي فيندفع معها الهواء البارد القادم من الشمال ويتسبب في برودة الجو وتكون السحب وسقوط الأمطار‏.‏
حزام السحب المطيرة
ويؤكد أنه يوجد عوامل كثيرة تتحكم في مناخ نصف الكرة الشمالي وتؤثر علي طقس مصر منها عاملان بارزان لهما خاصية الاستمرار طوال العام‏,‏ الزول منطقة التجمع بين المداري والتيار النفاث تحت المداري بالقرب من خط الاستواء نتيجة تلاقي الرياح التجارية الشمالية مع الرياح التجارية الجنوبية‏,‏ وينتج عن تلاقي الكتلتين تكون حزام من السحب الرعدية المطيرة تدور حول الكرة الأرضية بصفة مستمرة طوال العام‏,‏ وهو المصدر الرئيسي للمياه العذبة في معظم أنهار العالم ومنها نهر النيل سواء في المنابع في بحيرتي فيكتوريا وألبرت أو فيضان النيل‏,‏ ويتحرك حزام السحب المطيرة إلي الشمال والجنوب وفقا للحركة الظاهرية للشمس حيث يبلغ أقصي موقع له في الشمال في فصل الصيف فوق شمال السودان وهضبة الحبشة ويتسبب في فيضان النيل‏.‏
الحاجز الطبيعي
أما العامل الثاني المؤثر علي طقس مصر هو التيار النفاث تحت المداري وهو احدي السمات الرئيسية لمناخ شمال الكرة‏,‏ ويتكون من رياح عاتية عالية السرعة إذ تتعدي أكثر من‏400‏ كم في الساعة‏,‏ ويقع علي ارتفاع‏12‏ كم من سطح الأرض‏,‏ ويوجد طوال العام حول الأرض‏,‏ ويتذبذب موقعه شمالا وجنوبا وفقا لفصول السنة‏,‏ فيبلغ أقصي موقع له في الجنوب شتاء فوق خط عرض‏27‏ مارا بمنتصف الصعيد‏,‏ وشمالا فوق خط‏35‏ فوق جنوب أوروبا وشمال البحر المتوسط وموازيا له‏,‏ ونظرا للسرعة الكبيرة للرياح في محور التيار النفاث واتجاهها الذي يتوازي تقريبا مع خطوط العرض ولذلك فهي تعمل كحاجز يمنع الهواء البارد من الانتقال من الشمال إلي المناطق التي تقع جنوب التيار النفاث ومنها المنطقة العربية‏,‏ وهذا ما يفسر الحرارة الشديدة التي تعرضنا لها خلال فصل الصيف‏.‏
ويوضح الدكتور حسين زهدي أن التيار النفاث الآخر تحت المداري فوق وسط الصعيد وجنوب شبه الجزيرة العربية وليبيا والجزائر يسمح بغزو الهواء البارد القادم من شمال أوروبا وروسيا للأجزاء الشمالية من المنطقة العربية‏,‏ وهذا التيار يؤدي لندرة حدوث الأمطار في جنوب الصعيد والدول العربية‏.‏
ازاحة الحزام
وخلال هذا الصيف يمكن القول بأن السبب الرئيسي وراء تكرار حدوث الموجات شديدة الحرارة فوق منطقة الشرق الأوسط ومعظم مناطق أوروبا‏,‏ فتعدت الحرارة في موسكو‏40‏ درجة مئويةو واستمرت نحو شهر‏,‏ وحدثت حرائق في الغابات يمكن أن يعزي إلي حدوث شتاء نشط في نصف الكرة الأرضية الجنوبي والذي استمر لفترات متلاحقة في الفترة الأخيرة إذ عبرت الكتل الهوائية الباردة القادمة من شتاء نصف الكرة الجنوبي في اتجاه نصف الكرة الشمالي بحركتها الشديدة نظرا لبرودتها وزيادة وزنها فأزاحت في طريقها حزام السحب المطيرة إلي الشمال‏,‏ فهطلت الأمطار بغزارة علي الحبشة والسودان‏,‏ بل ووصف فوض شمال الهند وتسبب في فيضانات عنيفة ومستمرة حتي الآن وهذا ما تكشف عنه خرائط الطقس بالأقمار الصناعية الحديثة‏.‏
وبسؤاله وما سبب سخونة الطقس في أوروبا وروسيا؟ وهل هذا تغير مناخي أم دورة عادية؟
يؤكد الدكتور زهدي أن ما يحدث دورة مناحية طبيعية رغم ما نراه من تغير عنيف في الطقس ولا يجب أستغلاله بأنه تغير مناخ الكرة الأرضية‏,‏ وذلك لأنه في مناطق عدم الاستقرار العنيف‏,‏ كما هو في منطقة حزام السحب المطيرة‏,‏ يصعد الهواء لأعلي لمسافة رأسية تتعدي‏12‏ كم أعلي سطح الزرض فيصل لسقف طبقة التروبوسفير وهو ما يسمي بحاجز التروبوبوز فكيف عن الصعود ويتجه نحو الشمال أو الجنوب‏,‏ ويصاحب صعود الهواء لأعلي انخفاض في الحرارة‏7‏ درجات لكل كيلو متر واحد‏,‏ ونظرا لدوران الأرض حول محورها‏,‏ ووفقا لنظرية هادلي فإن الهواء يبدأ في الهبوط لأسف علي مسافة تبعد‏30‏ درجة خط عرض من منطقة الصعود وترتفع الحرارة أثناء الهبوط بمعدل‏10‏ درجات لكل كيلو متر‏,‏ وبذلك ترتفع الحرارة والرطوبة بمنطقة الهبوط أوروبا وروسيا والشرق الأوسط وهو ما يعرف بالتسخين الذاتي للهواء ولا دخل للنشاط الانساني فيه‏.‏
كتل ساخنة واحتباس حراري
وخلال هذا الصيف كما يصف تحرك حزام السحب المطير لأقصي وضع له شمالا حول خط‏20‏ درجة في مرات عديدة محدثا فيضانات عنيفة بالسودان والحبشة وشمال الهند وواكب ذلك استمرار هبوط كتل الهواء الساخن فوق روسيا وأوروبا مما تسبب في استمرار ارتفاع درجات الحرارة‏,‏ ونتيجة لسكون الرياح وتأثرت مصر بها وهذا أدي أيضا لتركيز الملوثات في الغلاف الجوي القريب واحتباس الحرارة داخل المدن وهذا ما شعرنا به وظهر واضحا‏,‏ ومع استمرار التيار النفاث تحت المداري في أقصي وضع له فوق غرب أوروبا لفترة طويلة هذا الصيف مما حال دون دخول أي هواء بارد من مناطق شرق ووسط أوروبا لفترة طويلة‏,‏ ويصل الهواء بالتالي لمصر من المنطقة العربية فظل الطقس حارا‏..‏ وقد سبق وان حدث هذا الوضع عام‏2006‏ عند انعقاد كأس العالم بألمانيا وتأثر الجمهور بشدة‏,‏ ويعد صيف عام‏1998‏ أسخن فصول الصيف حيث سجل أعلي درجات حرارة وأعلي فيضان إذ بلغ نحو‏125‏ مليار متر مكعب‏,‏ ومن المتوقع ان يكون هذا العام نحو‏90‏ مليار متر مكعب وهي كمية فوق المتوسط‏.‏
دراسة مطولة
وترجع أهمية فيضان النيل كما يوضح الدكتور حسين إلي ان مياهه تشكل‏85%‏ من ايراد النيل وهو يجذب اهتمام الباحثين والعلماء العاملين في مجال الأرصاد الجوية المصرية وهناك العديد من الأبحاث التي تمت في هذا الاتجاه‏,‏ ومنها بحث مهم أجراه بعض خبراء الهيئة أثناء رئاستي لها للتنبؤ طويل المدي بفيضان النيل باستخدام طريقة التحليل الطيفي اعتمادا علي تحليل بيانات تاريخية موثقة لايراد النيل لفترات طويلة سابقة لمدة‏120‏ عاما‏,‏ وتم التوصل منها الي ان فيضان النيل يتعرض الي‏10‏ دورات لها فقرات مختلفة وهي دورة كل‏7‏ سنوات كما جاء في القرآن الكريم في سورة يوسف‏,‏ وهناك دورات‏9‏ سنوات وأخري‏14‏ و‏18‏ و‏21‏ و‏33‏ و‏40‏ و‏65‏ و‏84‏ و‏155‏ كما تمت محاكاة منحني الفيضاننات عن طريق معادلة جبرية من الدرجة الثالثة بعد سلسلة من التجارب باستخدام الكمبيوتر وأمكن التنبؤ بمنسوب الفيضان حتي عام‏2070,‏ وتم وضع خريطة زمنية له ورغم انتهاء الدراسة منذ عام‏1987‏ وحتي الآن ما يقرب من ربع قرن تأكد صحة النتائج ومطابقتها لحد كبير جدا للواقع‏..‏ ورغم مرورنا حاليا بالسنة الثالثة من السنوات العجاف إلا ان الفيضان ونحمد الله فيها كان متوسطا وفوق المتوسط‏,‏ وسيستمر الفيضان بعد هذا العام في الارتفاع التدريجي حتي عام‏2070‏ وستنتهي السنوات العجاف عام‏2014,‏ وستكون هناك ذروة عام‏2018,‏ وليس معني زيادة الفيضان في وقت من الصيف بشدة انه سيستمر علي هذا المعدل باقي الفصل حيث من المتوقع ان يتقلص مع انخفاض الحرارة ابتداء من غدا ويقل نشاط شتاء نصف الكرة الجنوبي المسبب لكل هذا السيناريو‏.‏
وينبه الدكتور زهدي الي ان الغلاف الجوي عبارة عن دورات وليس وحده المسئول عن المناخ بل يتوقع علي بعض العناصر الأخري منها المحيط المائي والغطاء الثلجي والنباتي والتفاعل بينهم‏,‏ بالاضافة الي العناصر الكونية مثل أوجه الشمس‏,‏ واختلاف عدد بقعها التي تقل فيها درجة الحرارة نحو‏1800‏ درجة عن سطح الشمس الذي تبلغ حرارته‏6‏ الاف درجة مئوية‏,‏ كما ان الشمس تدور حول محورها مرة كل‏11‏ سنة‏,‏ ومعني ذلك اختلاف المناخ من عام لآخر لكن هناك أشياء ثابتة مثل الدورة السنوية بفصولها الأربعة‏,‏ ومن العوامل المؤثرة في المناخ وزاوية ميل محور الأرض غير ثابتة فتختلف الحرارة في الأيام‏,‏ ومحور الأرض نفسه غير ثابت بل يقوم بعمل حركات مغزلية تؤثر علي مناخ الكرة الأرضية‏,‏ وبشكل عام المناخ يعد من العمليات المعقدة لدرجة كبيرة ويدخل فيه عناصر كثيرة جميعها طبيعية‏.‏
ويشير الي انه عند حدوث الفيضان بمصر كان أبناء مصر قبل السد العالي يطلقون مقولة زفتة الفيضان ويظهر حمو النيل نتيجة انسياب المياه علي ضفتي النهر وفي الحقول وكان يصاحبها شعور بزيادة الحرارة نتيجة لزيادة الرطوبة التي تكون شديدة في شهر سبتمبر‏,‏ وهذا يبين مدي ارتباط الفيضان بالحرارة والرطوبة‏.‏
وأثبتت أبحاث الدكتور حسين زهدي عالميا انه كلما زاد فرق درجات الحرارة بين أسوان والخرطوم زاد معدل الفيضان لان الهواء البارد القادم من شتاء النصف الجنوبي يكون قد وصل شمالا للخرطوم وتمكن من إزاحة حزام السحب المطيرة لأقصي وضع فوق الحبشة وشمال السودان وزيادة الفيضان‏,‏ وفي الفترة السابقة من الصيف تعدي فرق درجات الحارة بين أسوان والخرطوم‏10‏ درجات وهو رقم كبير‏,‏ وسوف يقل الفرق خلال الأيام المقبلة وينخفض الفيضان‏,‏ ويقول ادعوا ربنا ان يستمر الحر حتي يتزايد الفيضان‏.‏
ومن ناحيته يقول الدكتور محمد عيسي رئيس هيئة الأرصاد الجوية وصاحب مدرسة في هذا المجال إن ما يحدث من درجات حرارة عالية في الفترة الماضية من الصيف بسبب عومل طبيعية وليس تغير مناخي كما يدعي البعض‏,‏ ومعروف ان فيضان النيل يرتبط بدرجات الحرارة المرتفعة وقد قامت مجموعة عمل علمية بأبحاث لمدة‏150‏ سنة علي فيضان النيل انتهت عام‏2008‏ وشارك فيها معي كل من الدكتور عاصم عفيفي من معهد البيئة والمناخ بمركز البحوث المائية والدكتورة نهلة صادق من معهد بحوث النيل‏,‏ وأكدت وجود دورة كل‏7‏ سنوات لكن هناك دورات أخري عديدة وفيضان هذا العام أعلي من المتوسط‏,‏ وهذه الدراسة أثبتت أيضا اننا نمر بالعام الثالث من الدورة‏,‏ ويري ان البراكين تحت المحيط تلعب دورا في تسخين مياه المحيط وبالتالي رفع درجة حرارة غلاف الكرة الأرضية ويتوقع ان تكون أعلي سنة فيضان وفق هذه الدراسة عام‏2127‏ وسيبلغ الفيضان‏150‏ مليار متر مكعب‏,‏ ومنحني هذه الدراسة يؤكد ان الفيضان في تزايد وليس في تراجع خلال السنوات القادمة ولفترة طويلة زمنيا‏.‏
ويكشف الدكتور محمد عيسي عن انه تم تشكيل مجموعة كبيرة تضم كبار علماء وخبراء الأرصاد الجوية في مجال المناخ أشارك فيها وتضم العالم الدكتور حسين زهدي والدكتور عبد المنعم عبد الرحمن والدكتور أحمد عادل عبد الحليم وأساتذة علوم الفلك والأرصاد الدكتور عبد الرحمن لاشين والدكتور محمود ابراهيم لاعداد موسوعة عن مناخ مصر تكون أمام الباحثين والهيئات المستفيدة منها‏.‏
ومن داخل معمل الأرصاد الجوية يتحدث الخبير وحيد سعودي مدير التنبؤات بهيئة الأرصاد الجوية مؤكدا ان موجات الحرارة التي مرت بنا شيء طبيعي خلال فصل الصيف علي مصر وبعض مناطق العالم وان جاءت درجات الحرارة العظمي المسجلة علي معظم انحاء البلاد لأكثر من اسبوعين اعلي من معدلاتها بمعدل من درجتين لثلاث درجات ومما زاد الاحساسا بارتفاع درجات الحرارة ارتفاع الرطوبة لتصل في الصباح الباكر والساعات المتأخرة من الليل علي القاهرة الي‏90%,‏ وعلي السواحل الشمالية وصلت الي‏95%,‏ وستظل الرطوبة مرتفعة خلال الشهر الماضي كعادتها لكن ستقل الحرارة لتصل لأقل من‏33‏ علي القاهرة منذ الأربعاء الماضي مع تراجع فيضان النيل وانخفاض فارق درجات الحرارة بين أسوان والخرطوم‏.‏
وتشير خرائط الطقس الي تأثر بلادنا بما يسمي بامتداد منخفض الهند الموسمي والذي يكون مصحوبا برياح معظمها شرقية الي شمالية شرقية قادمة من الهند ثم شبه الجزيرة العربية وهي مناطق شديدة الحرارة في هذا الوقت من العام مما أدي لارتفاع درجتي الحرارة والرطوبة ويؤكد ان الهيئة بها احدث الاجهزة وهناك اتصال بدول العالم المتقدمة وغيرها في مجال الأرصاد الجوية ويتم بناء توقعات الخبراء من خلال تحليل خرائط الطقس والتوزيعات الضغطية السطحية وطبقات الجو العليا بالاضافة لصور الأقمار الصناعية‏,‏ وبعد دراسة مخرجات النماذج العددية الصادرة من الأنظمة الحديثة الموجودة بالهيئة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.