وكيل الرياضة بالدقهلية تعقد اجتماعا موسعا مع مديري الإدارات الداخلية والفرعية    «المركزي»: البنوك إجازة يومي الأحد والاثنين بمناسبة عيد العمال وشم النسيم    فى مواجهة التحديات    موعد صرف معاشات مايو 2024 بالزيادة الجديدة.. والاستعلام عن معاش تكافل وكرامة بالرقم القومي    السردية الفلسطينية!!    السفارة الروسية: الدبابات الأمريكية والغربية تتحول «كومة خردة» على أيدي مقاتلينا    رحيل كلوب.. الإدارة الجديدة.. والبحث عن تحدٍ مختلف    أنشيلوتي: ماضينا أمام البايرن جيد وقيمة ريال مدريد معروفة لدى الجميع    بسبب أولمبياد باريس.. مصر تشارك بمنتخب الناشئين في بطولة إفريقيا للسباحة للكبار    أمن المنافذ يضبط 19 قضية متنوعة و1948 مخالفة مرورية    حفل زفاف أسطورى    عبقرية شعب.. لماذا أصبح شم النسيم اليوم التالى لعيد القيامة؟    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    جامعة قناة السويس تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    أحلى فطائر تقدميها لأطفالك.. البريوش الطري محشي بالشكولاتة    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    وكيل تعليم بني سويف يناقش الاستعداد لعقد امتحانات النقل والشهادة الإعدادية    الشيخ خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    حجازي: نسعى للتوسع في «الرسمية الدولية» والتعليم الفني    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    بالتعاون مع المدارس.. ملتقى لتوظيف الخريجين ب تربية بنها في القليوبية (صور)    رئيس «هيئة ضمان جودة التعليم»: ثقافة الجودة ليست موجودة ونحتاج آلية لتحديث المناهج    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    الاقتصاد العالمى.. و«شيخوخة» ألمانيا واليابان    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    وزيرة الصحة يبحث مع نظيرته القطرية الجهود المشتركة لدعم الأشقاء الفلسطنيين    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



((راقصة)) شوقى فهيم
نشر في أكتوبر يوم 19 - 09 - 2010

تُعد عملية رسم شخصيات أى عمل أدبى من العناصر المهمة التى قد ترفع من قيمته، أو تهوى به إلى حد الفشل. ولربما تنطق الشخصيات بلسان الكاتب نفسه لتعكس أفكاره وآراءه، وقد تكون صورة مجتزأة أوضبابية لنفس الكاتب، لأنها كما ذهب «تشارلز ماى»:الشخصيات هى أقنعة اجتماعية فى قص واقعى، وتجليات رمزية فى قص رومانسى، وتتحول فى عملية السرد إلى «مجاز».
وتأتى «الراقصة» بقصصها العشر كمثال اهتم فيها كاتبها «شوقى فهيم» برسم شخصياته؛ النسائية منها على وجه الخصوص، لتتجلى فيها المرأة كأسطورة ورمز، فهى ايزيس، أوعشتار القادرة على منح الخصب والحياة، و هى المرأة الوطن بكل تناقضاته، وهى الملهمة التى ينبثق منها فيض النور والتنوير فى لحظات التجلى، أى أنها: «الظاهرة التى تجمع بين الأسطورة والدين». ولربما جاء تماس المرأة مع «الدين» فى المجموعة سببا لتحولها إلى أسطورة كنتيجة لصراع ليس لها فيه حيلة.
تعكس «الراقصة» احتفاء شوقى فهيم بالمرأة، وايمانه بدورها الفاعل فى الحياة، ولذلك جعل الشخصيات المحورية والرئيسية أنثوية بيدها قوة المنطق؛ تماما مثلما جعلها تتمتع بسحر الجمال الجسدى أيضا. ففى القصة الأولى تسيطر «جنفياف» على الأحداث من خلال تداعى الأحداث على لسان الحفيد الذى يُظهرها جميلة قوية، متعلمة، تدفع العشور من عمل يدها لضيقها من بخل زوجها الذى»: يساوم الرب فى مقدار العشور» وهى وحدها القادرة على الفعل الإيجابى ومجابهة أصعب المواقف خاصة تلك المتعلقة بالشرف ومحاولة الأخ التخلص من شقيقته، وهى أيضا التى تحافظ على حقوق الجيران عندما مات «الحاج عبد الكريم» لتؤجل حفل زواج ابنها. وفى المقابل تظهر الشخصيات الذكورية ضعيفة، هشة، شرهة، تقودها الحاجات البيولوجية على النقيض تماما من «جنفياف» التى تتصرف عن وعى وحكمة وحسن تدبير.
و«مارى» الجميلة تحولت إلى أسطورة فى قصة «شارعنا 1954»، والتى تحتوى أيضا على أكثر من خمس عشرة شخصية نسائية، تتصدرهن الحاجة «المقدسة» مريم . تزوجت «مارى» عنينا زواجا أبديا، وحين استجابت لنداء جسدها الفائر، كان لزاما أن تموت لتتحول إلى أسطورة تجسد الظلم والقهر باسم الشرف والدين، فما هى إلا أنموذج لأى فتاة تقع ضحية عادات وأعراف تمنع عنها الشكوى، وتعتبر شكواها خروجاً على التقاليد وانحرافاً يستوجب الحبس فى بيت الأب الذى لا يحركه سوى مشاعر الذكورة المتسلطة فى ابنته ومثيلاتها اللواتى لا خلاص لهن ولا فرار من حالة يرفضنها .
و«عائشة» التى عبرت عن شكرها وامتنانها لشفاء ابنتها العقيم، بصوم عابر للأديان، فتصوم صيام النصارى والمسلمين. وفى المقابل تأتى الشخصيات الذكورية قليلة العدد والأهمية ماعدا «موريس» الذى يمثل روح الشباب الثائر على الوضع المقلوب بعد قيام الثورة.
يمضى الكاتب ليقدم فى مجموعته نماذج بشرية عادية فى سياقات حياتية غير مفتعلة وطبيعة إلى أقصى درجة، لا تختلف بين أصحاب ديانة وأخرى حتى وهو يصف طقوس الاحتفال بليلة الغطاس وما خالطها من تورط مكرم مع ابنة خالته اعتماد كأى شاب وفتاة فى فورة الشباب، وفى ظروف احتفالية تغمر فيها السعادة القلوب، مثلما تختلط الأجساد بالمياه فتبرز مفاتن الفتيات وهن منتشيات برائحة الشواء وأعواد القصب التى يوفرها «محمود الخزاعى» لهم كعادة قديمة لعائلة الخزاعى.
ويستكمل الكاتب رسم شخصياته النسائية المميزة مثل «سلوى» البسيطة التعليم، ولكنه يضع على لسانها حكمة يؤسطر بها علاقتها مع ربها، فهى جميلة المظهر والجوهر تخجل من الحديث عن مشاكلها مع أى أحد مفضلة اللجوء إلى الله: « أنا لا أخجل حين اتكلم مع الله» .
وفى «الراقصة» التى تحمل المجموعة اسمها تظهر «مديحة» كمثال للجمال والشباب يتخلص منها عمها بعدما سمع أنها حامل، فى الوقت الذى يتمتع هو نفسه بعلاقة مع امرأة ما. مديحة تمضى مثل مارى ضحايا العفة والشرف. إذن لا يهم الاسم؛ فمارى مثل مديحة أو صفية؛ كلهن فى الهم إناث، مفعولا بهن، وإن فعلن، فلا مفر من يد الشقيق الذى يهب لغسل العار مثلما فعل «بشرى، باخته «اعتماد».
ومن الملاحظ أيضا تركيز «شوقى فهيم» على العقاب أو الجزاء الذى ينال المرأة دون الرجل، ليصور إرثا من الظلم يرى أن العقاب من نصيب المرأة، والنجاة من نصيب الرجل مهما فعل، وكأن الخطيئة أحادية القطب متعلقة بتلك المرأة الحية التى أخرجت أبانا من الجنة.
حتى فى أكثر قصص المجموعة عبثية وفانتازيا «مدام كارل « تكون كارل المسيطرة والتى تُسخر الجميع لخدمة «صافى» القطة، وكذلك «أحلام المالكى» الجميلة بعينيها السوداوين، تخترع حكايا فيصدقها رفيقها، متتبعا كلماتها كأسفار مقدسة، حتى بعد أن علم بقصة اختلاقها لكل ما تقول، فعندما يعمل القلب بقوة يتوقف العقل عن العمل حتى لو ظهرت حقيقة الخداع جلية واضحة، فما وقر فى القلب يظل مسيطرا على كل رؤى العقل.
تحدث الكاتب عن العلاقات الحقيقية دون أن يذكر كلمة واحدة من الكلمات الممجوجة والمستهلكة عن ديانة جنييفياف مثلا، وارتباطها الوثيق بعائلة محمود الخزاعى، فهو يعبر عما يريد بالمواقف، لا الكلمات الخطابية.
وهذا ليس بغريب على شوقى فهيم، فهو ليس مجرد اعلامى ارتبط اسمه بالبرنامج الثانى، وليس مجرد مترجم قدم إلينا أشهر أعمال كتاب أمريكا اللاتينية، وبعض أعمال كفافيس «فى انتظار البرابرة» وغيرها، ولكنه أيضا قاص يحمل فكرا تنويرا لا يعترف بالفواصل الاجتماعية ولا الجغرافية، أو حتى تلك الفواصل التى خلفتها عادات وتقاليد لا علاقة لها بالأديان أو المذاهب، لا هم لها إلا أن تضيق على الناس حيواتهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.