أمريكا أرض الأحلام ، مقوله يرددها الناس دائما ، خاصه في مصر والكل يتهافت علي الحصول علي هجرتها أو فيزتها متخيلا إنها منتهى الحلم ، وأنه سيذهب إلى الكنز الذي سيملأ به خزائنه بالدولارات. . قرأت مؤخرا أن هناك أكثر من مليون وربع مصري تقدموا للهجرة العشوائيه لأمريكا عام ٢٠١٨ وهو أعلى رقم في العالم العربي كله رغم ان نصيب مصر من الهجرة لايتعدى ٣٥٠٠ فردا سنويا . لست أدري ما الأسباب الحقيقية التي دعت كل هؤلاء للهجرة، وإن كنت اؤمن أن لكل حالة أسبابها الخاصه إلا أن من المؤكد أن السبب الاقتصادي يحتل المركز الأول عند هؤلاء الذين يسعون نحو حياة أفضل. ولهؤلاء أقول أن أمريكا ليست أرض الأحلام كما خدعونا وقالوا لنا، أو كما يروج لها الإعلام الأمريكي، فهي ليست الأرض التي ننام ونسترخى فيها ثم نحلم ونتوقع أن يتحقق الحلم ونحن نائمين أو ممددين على الأرائك أمام الشاشات ، بل هي أرض الشقاء والتحدي الأعظم . فالمهاجر يواجه صعوبات شديده في البداية من حيث البحث عن السكن المناسب لأمكانياته الماديه التي أتى بها من بلده والبحث عن العمل الذي يكفل له ولأسرته حياة كريمة ، فيجد نفسه مجبرا على قبول أي عمل وبأدنى الأجور، حتى الحاصل على شهادات عليا فهي غير معترف بها في أمريكا، ولو كان يملك حرفة فلابد له من الحصول على رخصتها بعد القيام بدراسة بعض الكورسات المتخصصة فيها، ثم التقدم لإمتحان الولاية حتى يستطيع الحصول على الرخصة التي بدونها لا يمكنه العمل حتى لوكان من أمهر الصناع في بلده؛ لذلك معظم المهاجرين ممن لا طاقه لهم على مواصله الدراسه أو معادلة شهادتهم يعملون في أعمال يطلق عليها " كاچوال چوبس" Casual jobs"" أو " بلاك چوبس Black jobs " بأدنى الاجور، ومضطرون أن يعملوا في أكثر من عمل في ذات الوقت حتي يستطيعوا تغطيه مصاريف معيشتهم خاصه إيجار السكن الذي يُعتبر من أعلى بنود الصرف في أمريكا، ويلتهم تلثي مرتب ذوي الدخول المنخفضة. لذلك أمريكا ليست حلم للحصول على الثراء السريع، ولا هي الأرض التي تضربها فتقفز منها الدولارات إلى جيوبك ، أو حلم الحصول على الزوجة الأمريكية التي ستمنحك الجنسيه بدون مقابل .. فكل هذا هراء .. الفتاة الأمريكية لا تقترن إلا بالرجل الجاد والذي لديه عملا مضمونا و يستطيع أن يشاركها حياتها ماديا قبل معنويا ، لا الرجل العاطل الذي تأويه في بيتها وتصرف عليه، وتمنحه جنسيتها الأمريكية، حتى هذا الحلم أصبح أصعب وأبطأ بكثير عن ذي قبل وفقا لقيود القوانين الجديدة التي أطلقها ترامب حول المغتربين الجدد ، ولكن الحقيقة إنها أرض كل من لديه الطاقه على الجهد والدراسة والعمل الجاد والصبر والمثابرة حتى ينتقل من ذوي " الكاچوال چوبس" إلى الوظائف ذات المراكز التي يمكن أن يرتقي ويتقدم فيها سريعا بجهده وكفاءته وانتمائه لمكان عمله ، هي بلد تكافؤ الفرص والعدالة الإجتماعية الحقه دون الوقوع في فخ الطبقيه أو الطائفية أو العرقية، ولا ينجح فيها إلا صاحب النفس الطويل والذي تدرب على التعامل مع العقبات وما أكثر العقبات التي تقابل كل مغترب جديد، بإختصار خدعوك وقالوا أرض الأحلام، وهي في الحقيقه أرض الواقع بقانونه الإنساني من جد وجد ومن صبر نال .