«دلائل الإعجاز» و«أسرار البلاغة».. أشهر كتابين في التراث اللغوي والبلاغي عند العرب، وأهم مرجعين في دراسة إعجاز القرآن ونظرية «النظم» التي صاغ ملامحها وتصوراتها الكاملة البلاغي الفذ عبد القاهر الجرجاني (المتوفى 471 ه). في القاهرة، وعن الهيئة العامة لقصور الثقافة، صدرت طبعة جديدة من الكتابين، عن سلسلة «الذخائر»، طبعة مصورة عن النسخة التي صححها محمد رشيد رضا. الكتابان، وهما ما هما في حقل الدراسات اللغوية والجمالية للغة القرآن الكريم، تجاوزت شهرتهما حدود العالم العربي، وصارا من كنوز التراث الإنساني بعدما كشفت الدراسات اللغوية الحديثة أسبقية عبد القاهر الجرجاني في نظراته اللغوية والبلاغية للغة القرآن وعلوم اللغة بشكل عام.. وعقدت المقارنات الدقيقة والعميقة بينه وبين أعلام القرن العشرين من أمثال السويسري دو سوسير، رائد علوم اللسانيات الحديثة، والبريطاني برتراند راسل فيلسوف الرياضيات المنطقية، والأميركي نعوم تشومسكي صاحب نظرية النحو التوليدي، وغيرهم. اللغوي والبلاغي الفذ عبد القاهر الجرجاني صاحب الكتابين؛ عبقرية لغوية وجمالية فذة أنتجتها الثقافة العربية في القرن الخامس الهجري، وكان المرحوم الدكتور محمد مندور يعد الجرجاني «من ذلك النفر القليل من أعلام العرب القدماء الذين تخطوا عصرهم وسبقوا إلى نواحٍ من البحث اللُّغويّ والجمالي لا يمكن فهم فضلهم فيها وبلورة هذا الفضل وبنائه في كل موحد متجانس إلاَّ في ضوء ما انتهت إليه الأبحاث العالمية في علوم اللُّغة والجمال». نال الكتابان، ومع بزوغ النهضة العربية الحديثة، اهتماماً فائقاً من رموز هذه النهضة وأعلامها وكان الشيخ الإمام محمد عبده أول من التفت إلى عبقرية الجرجاني وقيمة ما قدمه في كتابيه، فقام بإخراج نشرة معاصرة صححها بنفسه وعلق عليها. ثم قام تلميذه محمد رشيد رضا بإخراج نشرة أخرى بتصحيحه، وعنها صدرت طبعة قصور الثقافة الجديدة، ثم كانت أتم وأكمل طبعة للكتابين تلك التي قرأها وعلق عليها وقارن بين نسخ مخطوطاتها المرحوم محمود شاكر. ومن بين المعاصرين، قدم المرحوم نصر أبو زيد واحدة من أهم وأقيم القراءات العلمية لعبد القاهر الجرجاني وكتابيه «الدلائل» و«الأسرار» في دراسته المعنونة (مفهوم النظم عند عبد القاهر الجرجاني).