ارتفاع أسعار الجملة في اليابان بنسبة 0.7% خلال الشهر الماضي    زلزال بقوة 4.8 درجة يضرب مقاطعة بوان فى كوريا الجنوبية    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    بدء إجراءات تفتيش طلاب الثانوية العامة بالجيزة قبل انطلاق امتحان الاقتصاد    الطقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء والعظمى في القاهرة 39 درجة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة سفاح التجمع المتهم بقتل 3 سيدات    مسؤولون إسرائيليون يعتبرون رد حماس على مقترح صفقة التبادل ووقف إطلاق النار سلبيا    السعودية تعلن وصول 5ر1 مليون حاج من خارج المملكة    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 12 يونية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 112 يونيو 2024    ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الأربعاء 12 يونيو    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    هل يشترط صيام يوم عرفة بصوم ما قبله من أيام.. الإفتاء توضح    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    جدول مباريات اليوم الأربعاء.. الجولة الرابعة من الدورة الرباعية المؤهلة إلى الدوري المصري    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    ET بالعربي: "خطوبة شيرين عبد الوهاب على رجل أعمال.. وحسام حبيب يهنئها    ارتفاع أسعار النفط وسط تفاؤل بزيادة الطلب    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    حكم الشرع في خروج المرأة لصلاة العيد فى المساجد والساحات    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    أيمن يونس: أحلم بإنشاء شركة لكرة القدم في الزمالك    رئيس لجنة المنشطات يفجر مفاجأة صادمة عن رمضان صبحي    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها في الأضحية والمضحي    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    تحرك جديد من الحكومة بشأن السكر.. ماذا حدث؟    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    والد طالب الثانوية العامة المنتحر يروي تفاصيل الواقعة: نظرات الناس قاتلة    "بولتيكو": ماكرون يواجه تحديًا بشأن قيادة البرلمان الأوروبي بعد فوز أحزاب اليمين    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    عاجل.. محمود تريزيجيه: لا تفرق معي النجومية ولا أهتم بعدم اهتمام الإعلام بي    تريزيجيه: حسام حسن مدرب كبير.. والأجواء أمام غينيا بيساو كانت صعبة    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه حسين ونجيب محفوظ... الأستاذ والتلميذ
نشر في نقطة ضوء يوم 12 - 07 - 2018

كانت ليلى رستم قد استعدّت كثيرا قبل إجراء تلك المقابلة.
أقل من ذلك الجهد الذي بذلته لن يرضي طه حسين وهو على أيّ حال انتقد، على الهواء، دعوتها الكتّاب العشرة إلى مناقشته فيما كان الاتفاق جاريا على خمسة.
قال ذلك أمامهم، هم كبار كتاب مصر ومفكّريها في ذلك الزمن. ليلى رستم قدّمت لكل من هؤلاء العشرة باسمه فقط، خاليا من أي تعريف يسبقه أو يدلّ على صفته الكتابية. نجيب محفوظ، وكان واحدا من هؤلاء العشرة، هو نجيب محفوظ فقط من دون أن يُعرَّف بأنه روائي، ومثله عبد الرحمن بدوي أو محمود أمين العالم لم يُعرّفوا إلا بأسمائهم.
وكانت ليلى رستم تعرف ماذا سيسأل كل منهم، حين يُعطى الدور، فتقول مثلا إن يوسف السباعي سيسأل عن كذا.
كان جليا ذلك التراتب بين الأستاذ الكبير وبين سائليه، إذ لم يكونوا محاوريه طالما أنهم اكتفوا جميعا بما سألوا. وطه حسين يجيب على ما يُسأل عنه، بلغة عربية فصيحة دائما.
السؤال الأول، حسب الترتيب المسبق، جاء من يوسف السباعي. كان سؤاله، هو الروائي، عن رأي الكاتب الكبير بالعامية لغةً للكتابة. في جوابه عاد طه حسين إلى القرن الثالث الهجري ذاكرا ما كان قاله الجاحظ عن ذلك بأن «لا بأس به إذا احتيج إليه».
لم يكن طه حسين ضد إدخال عبارات من العامية إلى النص الفصيح، لكن ليس إلى ما يفوق حدّ أن يفهم المغربي مثلا نصّا كتبه مصري أو عراقي.
قال أيضا إن الكلام على العامية والفصحى ليس جديدا في مصر، ومع ذلك لم يقدّم إضافة إلى ذلك السجال القديم بل كان ما قاله هو الكلام الأكثر شيوعا عنه.
ولم يعلّق أي من الحاضرين على ما قاله الأستاذ الكبير ولم يضف إليه. لم يقل أحد بأن هذا السؤال، وكذلك الجواب عليه، قد يكونان قائمين على مواقف سياسية وفكرية. لقد اكتُفي بالجواب البديهي الذي ما زال هو نفسه منذ أن طرح لأول مرّة في مصر.
وكانت تلك البديهية، بل والحيادية، حاضرة في الإجابة عن سؤال الالتزام، الذي طرحه محمود أمين العالم. هنا أيضا جرى الكلام على الالتزام حسب ما كان يمكن أن يقوله أرسطو مثلا.
لا ربط للالتزام بالسياسة أو بالعقائدية أو الحزبية. ثم لا أمثلة على ذلك، لا تذكير بحادثة مضت، ولا إن كان هناك داعون للأدب الملتزم في مصر، ولا إن كان السائل (محمود أمين العالم) آتيا من ثقافة لها مناصروها ودعاتها هناك.
أما نجيب محفوظ، الذي سيصبح بعد ذلك كاتب مصر الأول، بل كاتبها الخالد أو الأكثر خلودا من طه حسين الذي تكرّرت له هذ الصفة في المقابلة، فسأل عن رأي الأستاذ الكبير بالقصة الفلسفية. وقد حظي محفوظ، من بين كوكبة العشرة، بقول صريح، ومنحاز، من طه حسين.
قال إنه لا يحب آلان روب غريية (رائد الرواية الجديدة في فرنسا) ولا ناتالي ساروت فكلامهما، حسبه، «ثرثرة في غير فائدة». قصص ألبير كامو ثرثرة هي أيضا، وخصوصا روايته «الطاعون».
الرواية الوحيدة «الطبيعية» بين ما كتبه كامو هي «الغريب»، وكل ما سواها بلا معنى. ثم أن كامو متشائم. أبو العلاء المعري متشائم أيضا، لكن مع فارق في العمق كبير وهائل بين الإثنين.
ولم يجب محفوظ، ولم يعلّق.لا بد أن سطوة طه حسين كانت قاهرة آنذاك حتى يلتزم مفكرّو مصر وكتّابها الصمتَ المطبق بإزاء كل ما يسمعونه.
كانوا قد جاؤوا من تيارات أكثر حداثة مما يدعو إليه طه حسين، المجاهر بالتزامه المنهج الديكارتي التزاما لا محيد عنه، لكنهم ارتضوا جميعا بالسماع وعدم التعليق. هل هي المكانة الأدبية السابقة على مكاناتهم، هل هو منصب وزير المعارف الذي كان تولاه طه حسين، هل ذلك عائد إلى رغبة الجميع في لعب دور العائلة الواحدة المرغوب، أو المطلوب، في ذلك الزمن.
هل هو طه حسين نفسه، أقصد شخصيته التي كانت من القوة بحيث أن كتابا معاصرين له، من خارج أولئك العشرة، تساءلوا إن كانت في أهمية أدبه.
ما كنت أسعى إليه من الرجوع إلى تلك المقابلة هو مشاهدة اللقاء الذي جمع بين نجيب محفوظ وطه حسين. هكذا كتبت سائلا اليوتيوب: «طه حسين ونجيب محفوظ»، فجاءني ما وصفت بعضا منه أعلاه.
لا أعرف إن كان عالم نجيب محفوظ الروائي ما يزال حاضرا في ثقافة الجيل الحاضر، لكن الماضي الذي كرّس له طه حسين اهتمامه بات بعيدا إلى حدّ الغياب.
لم يعد المتنبي وأبو العلاء المعري والجاحظ حاضرين الآن، وهؤلاء كانوا في صلب اهتمام عميد الأدب العربي، إذ عملت العقود القليلة الأخيرة على استبعادهم بعد حضور لم يتوقف على مدى تلك القرون الكثيرة.
ثم أن زمن صدر الإسلام لم يعد، كما في زمن طه حسين، المجال الأول للكتابة.
لم تعد استعادة الماضي وتأويله الشغل الشاغل للكتابة والكتّاب، كما كان دأب طه حسين. بات الحال اليوم بين من يسعى إلى نسيان ذلك الماضي ومن يسعى إلى أن يعيشه كما هو، ومن دون ثرثرة الكتاب والمثقفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.