لو اننا جمعنا تحت سفح الأهرامات في نهار مشرق البسمات طيب النسمات جميل القسمات.. كل ما لدينا الآن.. وكل ما بقي لنا تحت الشمس.. وكل ما نملكه الآن تحت سمائنا وتحت سمعنا وبصرنا حتي آخر نسخة من عظام المبدعين وخيار المفكرين الذين رسموا لنا خريطة الفكر والأدب والشعر.. ووضعوا لنا وللدنيا كلها نظريات فجر الضمير المصري قبل الزمان بزمان.. ومعهم عباقرة هذه الأيام في الفن والطرب والمسرح والسينما.. لو اننا جمعنا أحفاد هؤلاء العظام تحت سفح الهرم.. لم نترك أحدا ولم ننس أحدا.. لو اننا جمعنا آخر من بقي لنا حيا يرزق من طابور هؤلاء المبدعين العظام.. طبعا لن يكون بينهم من صنعوا فجر الضمير المصري.. وقالوا للدنيا كلها استيقظي يا صبية فقد بدأ عصر التنوير أمثال: آني وأمينوبي العظيم وستب حتب الذين رفعهم المصريون في زمانهم إلي مرتبة الأنبياء والرسل.
ولن يكون بين صفوفهم بالطبع من رفعوا إلي عنان السماء ابداع مصر واسم مصر وأدب مصر وشعر مصر وفن مصر وعلم مصر بكسر العين تربية وتعليم مصر وطب مصر وموسيقي مصر وغناء مصر ولوحات مصر في دروب الفن التشكيلي من رسم ونحت وعمارة.. وكل من صنع مجد مصر والمصريين الذين علموا الدنيا ما لم تعلم.. يعني بإختصار شديد سوف نجمع آخر من بقي لدينا من سلالة عبقريات الزمن الذي ولي وراح.. وليس هذا الزمان ببعيد.. باختصار يعني كل الأحياء في كل درب وصوب.. وحتي لا يبقي الجميع ينتظرون صوت البروجي وهو يطلق علي جموع الملأ الجالس في الانتظار تحت سفح الهرم الأكبر معجزة كل زمان وكل عصر وكل آوان بروجي نوبة صحيان.. ويعلن علي الملأ وهم نفس جموع الطلبة والطالبات الذين دعوني في جامعاتهم لكي أحضر ندوة عنوانها: مصر إلي أين؟ وقد آثروا هذه المرة أن يكون اللقاء تحت سفح الهرم معجزة كل زمان وكل مكان ورمز الحضارة المصرية وكتاب الانسان المصري للدنيا كلها حتي يرث الله ملكوت الأرض والسماء. .............. .............. قال المنادي: ها هو أمامكم مقعد الشعر خاليا.. من يجلس عليه الآن.. وقد كان يجلس عليه فى الزمن العبقري: أحمد شوقي+ حافظ إبراهيم+ صلاح عبد الصبور+ إبراهيم ناجي ومن قبل هؤلاء جلس عليه: المتنبي+ المعري+ بشار بن برد أبو فراس الحمداني+ ابن زيدون.. يتساءل المنادي من تحت سفح الهرم: من ترونه جدير بالجلوس علي مقعد الشعر في بلدنا الآن؟ قالت فتاة طويلة القامة ذات ضفائر وعيون في لون سواد الليل: ليس لدينا من يكتب الشعر العربي الموزون ذا القوافي.. من بعد صلاح عبد الصبور وابراهيم ناجي.. أما علي ساحة الشعر المرسل فإن لدينا اثنين: فاروق جويدة وعبد الرحمن الأبنودي.. تتدخل فتاة من بين الصفوف بقولها: ونسيتم مصطفي الضمراني؟ قال قائل: هذا شاعر غنائي يكتب أجمل الأغاني ولكن بالعامية المصرية. {النتيجة كما أعلنها المرصد الطلابي: لا يوجد شاعر حقيقي الآن في قامة شوقي والمتنبي والمعري وبشار بن برد وحافظ إبراهيم وصلاح عبد الصبور! صوت المنادي يعود يدوي: طيب ومن فى الأدب.. يعني القصة والرواية.. هل لدينا من يجلس علي مقعد كان يجلس عليه في الزمن الجميل. طه حسين وتوفيق الحكيم وعباس العقاد. ومحمود تيمور واحمد امين.؟ الحضور كلهم في صوت واحد: لا أحد! يسأل المنادي: يعني يظل المقعد شاغرا؟ الحاضرون في صوت واحد: نعم.. وحتي اشعار آخر! ........... ........... مازلنا تحت سفح الهرم.. صوت المنادي يعلن لنا سؤاله الكبير: هل لدينا الآن روائي عظيم في حجم نجيب محفوظ ويوسف السباعي أو يوسف ادريس أو يحيي حقي؟ الحاضرون كلهم في صوت واحد: لا أحد! المنادي يعد سؤاله: هل لدينا قصص عظيمة مثل الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي أو الأيام لطه حسين.. أو الثلاثية لنجيب محفوظ.. أو أهل الكهف وعودة الروح لتوفيق الحكيم.. أو رد قلبي والسقا مات ليوسف السباعي؟ الجميع في صوت واحد: لا يوجد! صوت المنادي تحت سفح الهرم يزعق بأعلي صوته: هل لدينا كاتب في علوم الأدب والشعر والقصة من هو في قامة: عباس محمود والعقاد صاحب العبقريات؟ الجميع في صوت واحد: لا يوجد! المنادي يعود يسأل ويتساءل: هل لدينا كاتب محلل عظيم مثل أحمد أمين في تحليلاته الدينية للقرآن والسنة وكتب السيرة؟ الجواب: لا يوجد! المنادي يعود من جديد: هل لدينا الآن كاتب وقصاص وعالم ومحلل اجتماعي فذ من هو في حجم وقامة الدكتور مصطفي محمود صاحب الباع الذراع في كتب الدين والأدب وأحوال المجتمع وابحاره في عالم العلم والإيمان كتابة وعلي الشاشة الصغيرة؟ قالت فتاة تكتب الشعر والقصة: أنه أكثر الكتاب والأدباء والمصلحين الاجتماعيين ثراء وغناء في بحور الفكر والعلم والفلسفة وابحاره بنا علي الشاشة الصغيرة من خلال برنامج العلم والإيمان.. أين زمانك يا دكتور مصطفي محمود؟ يعود المنادي يسأل: هل يوجد الآن من يجلس علي كرسيه الخالي؟ الجواب يقوله الحاضرون كلهم في صوت واحد: لا يوجد! ........... ........... قرص الشمس غيبه الهرم الأكبر ولكن بقي نور النهار يملأ الساحة ويكحل العيون باليقظة والصحيان.. يسأل طالب مشاغب قولا لا فعلا: لقد أخذتنا الحمية والحماس إلي دخول درب الأدب والشعر والقصة ونسينا بقية قائمة الفنون؟ يسأله الطلاب في صوت جهوري هز الساحة كلها: زي ايه كده؟ قال: زي الرسامون والنحاتون العظام؟ يسأل طالب خبيث النوايا طيب القلب: زي ما يكل انجلو وبيكاسو وفان جوخ؟ قال صاحبنا: لأ زي محمود مختار وصلاح طاهر وصاحب لوحة بنت البلد للفنان محمود سعيد؟ قال الجميع: عندك حق والله! أتدخل أنا بقولي: لا يا جماعة مازال علي الساحة فنانون عظام وفنانات تشكيليات عظيمات.. أنا أزور كل المعارض لكبار الرسامين القدامي والجدد.. وأشعر أنه مازال علي الساحة فنانون عظام وفنانات أيضا.. بس نتعطف عليهم بما هو أكثر من نظرة اعجاب! ........... ........... قبل أن ينفض الجمع العظيم الذي يبحث عن الحقيقة وعن أصحاب المعالي في عالم الأدب والشعر والقصة والرواية.. قال قائل: يا جماعة احنا نسينا أهم حاجتين؟ يسأل الحاضرون: أيه هما؟ قال: نسينا الغناء والسينما والمسرح؟ صوت المنادي يعود يسأل: هل لدينا من يجلس علي كرسي أم كلثوم؟ قالوا: لا أحد! ردت طالبة من آخر الصفوف: ممكن آمال ماهر تسد شوية من فراغ أم كلثوم! يسأل المنادي من جديد: هل لدينا من يجلس علي كرسي عبد الوهاب؟ الجواب: لا يوجد! المنادي يعود يسأل: طيب فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ؟ الجواب نفس الجواب السابق: لا أحد! فتاة تسأل من آخر الصفوف: طيب أسمهان وليلي مراد؟ الجواب نفس الجواب: لا يوجد! السؤال من آخر القاعة: طيب وأفلام زمان زي رد قلبي+ العزيمة+ شباب امرأة+ الأرض+ السقا مات+ باب الحديد+ بداية ونهاية+ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية؟ الجواب: نفس الجواب..لأ! السؤال: طيب ممثلين زمان زي يوسف وهبي وزكي رستم وأنور وجدي ونجيب الريحاني وشكري سرحان ورشدى اباظة وإسماعيل يس وأمينة رزق وفاطمة رشدي وفاتن حمامة وشادية؟ الجواب يهز القاعة: لا يوجد! وقفنا في انتظار آخر سؤال من شاب لئيم النوايا: ده حتي الراقصات يا باشا كانوا آخر أدب والله هتبقي مين دلوقتي زي سامية جمال واللا تحية كاريوكا واللا سهير زكي؟ فتاة أخري : حتي موجة أفلام العري والمخدرات والبلطجة اللي مالية السينمات مافيش دلوقتى رقص شرقي حقيقي.. صدقني! .............. .............. ويبقي السؤال حائرا: هل انتهي زمان الفن الجميل.. هل نضب نهر دولة الأدب والشعر والسينما الجميلة والطرب الأصيل؟ هذا السؤال أتركه لكم لكي تقولوا لنا نولع الشموع وننصب الأفراح.. واللا نرمي كرسي في الكلوب ونقول يا رحمن يا رحيم؟ من عنده الجواب فليتفضل! ومازلنا نجدف في نهر الابداع والمبدعين!{ Email:[email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى