وزير التموين: غرفة عمليات لمتابعة الأنشطة التموينية خلال إجازة عيد الأضحى    مقرر أممي: منع إسرائيل لدخول المساعدات إلى غزة يعد انتهاكًا للقانون الدولي    في أول أيام العيد.. مصرع طالب غرقا ببني مزار بالمنيا    الملايين يصلون «الأضحى» بالساحات والمساجد فى القاهرة والمحافظات    وزير التموين: استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية خلال أيام العيد    كل أهداف الترجى التونسى فى كأس العالم للأندية (فيديو)    بعد غيابه عن مشهد التتويج.. حسين لبيب يحتفل بحصد الزمالك لقب كأس مصر    مباراة المغرب ضد تونس مباشر اليوم.. الموعد والمعلق والقنوات الناقلة    بوروسيا دورتموند يحاول التعاقد مع بيلينجهام قبل مونديال الأندية    سعر الفراخ اليوم الحمعة 6 يونيو 2025    الأسهم الأمريكية تصعد بعد تقرير الوظائف القوي.. وستاندرد آند بورز 500 يلامس مستوى 6000    حاملًا سلاحًا في بوستر «7DOGS».. ويُعلق: «زيزو مش في الفيلم.. أنا في الأهلي»    أرقام موسم عيد الأضحى في 10 سنوات: تامر حسني الأكثر استمرارية وكريم وعز يتصدران الإيرادات    جولات العيد في المنيا.. وكيل وزارة الصحة تتفقد عددا من المستشفيات وتطمئن على جاهزيتها    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    محافظ الدقهلية يزور الأطفال الأيتام في أول أيام عيد الأضحى    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشرق: جبران ومي وفي الغرب روبرت واليزابيث
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 06 - 2018

شهد العصر الفيكتوري في إنكلترا ميلاد واحدة من أجمل علاقات الحب في القرن التاسع عشر، وإحدى أشهر قصص الغزل في تاريخ الأدب الأوروبي والعالمي جمعت الأديبين الشهيرين روبرت براوننغ واليزابيث باريت، اتسمت بصفات الوفاء والتضحية والصدق والواقعية، تبادل فيها الشاعران الإنكليزيان رسائل تفيض برحيق الحب والوداد والطرب، وتطفح بأسمى عبارات الامتنان والتقدير والإجلال.
تشابه علاقتي جبران وبراوننغ
ولعلّ ما يثير الانتباه ونحن نتأمل هذه القصة، ونقرأ بين أسطر خطاباتها، ونجول بين كلماتها، ونسبح في مجاري معانيها، أوجه التشابه بينها وبين علاقة جبران خليل جبران ومي زيادة.. تشابه يرحل بنا من منتصف القرن التاسع عشر إلى مطلع القرن العشرين، ومن ضباب الجزر البريطانية إلى ثلوج الولايات المتحدة ودفء الشرق الأوسط، ليحط بنا في عالم جبران ومي زيادة الضبابي.
فكلتا العلاقتين جمعت بين أديبين. وكلتاهما تضمنت تبادل الرسائل، لتندرج بذلك ضمن أدب الرسائل وأدب الحب، وهو فن قائم بذاته، مستقل عن الأصناف الأدبية الأخرى، له جمالياته المميزة وأدواته الخاصة.
وكلتاهما أثارت إعجاب الجماهير، وأنظار الباحثين، واهتمام المحللين، وأسالت من الحبر الكثير.
علاقة منبعها الإعجاب
ما يلفت الانتباه في علاقة مي زيادة بجبران أنها نشأت من إعجاب. فمع أنّ مي زيادة كانت محاطة بكوكبة من كبار الأدباء في الشرق من أمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وعباس محمود العقاد ومصطفى عبد الرازق، فقد أثار اهتمامها أكثر الأديب المهجري الذي لمع نجمه في سماء أمريكا، بمقالاته وأفكاره ومواقفه المختلفة المتأثرة بالبيئة الجديدة.
وبعد اطلاعها على كتاب «الأجنحة المتكسرة» الصادر عام 1912، بعثت له برسالة عبرت له فيها عن إعجابها بفكره وأسلوبه، لم يتأخر جبران عن الرد عليها، لتنمو بينهما بعد ذلك علاقة تدرجت من الإعجاب إلى التودد، أثْرَت المكتبة العربية بأروع ما كُتِب في أدب الرسائل.
وبعيدا عن أمريكا والشرق الأوسط، وفي أوروبا وبالتحديد الجزر البريطانية، نشأت علاقة مماثلة جمعت الأديبين إليزابيث باريت وروبرت براوننغ.
فقد أعجب الشاعر روبرت براوننغ بأشعار إليزابيث باريت، فعبّر لها عن ذلك في أول رسالة كتبها لها بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 1845، جاء في مستهلها: «أحب أبياتك الشعرية بكل قلبي، آنسة باريت.» وقد تدرجت المراسلة من حب الأشعار إلى حب الشاعرة نفسها.
كانت باريت آنذاك في أواخر الثلاثينيات من عمرها. وقد عُرفت منذ صغرها بشغفها بالمطالعة وموهبتها في الكتابة، إذ أنها بدأت تقرأ الروايات ولم تتجاوز سن السادسة، وبدأت دراسة اللغة الإغريقية ولم تتجاوز العاشرة، وشرعت في التأليف ولم تتعد الرابعة عشرة من عمرها بإصدار ديوان ملحمي بعنوان «معركة الماراثون» (1820).
فبلغت شهرة عالية تعدت حدود الجزر البريطانية، فاقت شهرة حبيبها براوننغ.
سجل حافل برسائل الحب
وبالمقارنة مع رسائل جبران إلى مي التي تمَّ جمعُها في كتاب «الشعلة الزرقاء» وعددها 37 رسالة خلال علاقتهما الطويلة، فقد تبادل براوننغ وباريت 573 رسالة حب خلال فترة قصيرة، تُحفَظ نسخها الأصلية المكتوبة باليد في معهد (ويلزلي) في ولاية ماساتشوستس الأمريكية.
فقد قامت كارولين هازارد رئيسة معهد ويلزلي بشراء هذه الرسائل، وفي سنة 1930 تبرعت بها للمعهد، حيث بقيت إلى يومنا هذا.
قال روبرت براوننغ لإليزابيث باريت في إحدى هذه الرسائل: «أشعر بأنه لو كان بوسعي أن أجدد نفسي، كأن أحوّل نفسي إلى ذهب، فإني مع ذلك لن أشتهي أن أكون أكثر من مجرد موضع الماس الذي يتحتّم عليك أن ترتديه دوماً».
وها هي إليزابيث باريت ترد عليه بأجمل وأصدق عبارات الامتنان والتقدير والحب الذي يجعل الحبيب يشعر بأنه منصهر في الآخر وملك له: «والآن أصغ إليّ بدورك.. لقد أثَّرتَ فيّ تأثيرا أعمق مما كنت أتصور. لقد خفق قلبي غبطة لحضورك اليوم. فمن الآن فصاعدا، أنا لك في كل شيء».
الحب الحقيقي يكره التأخير
يقول الفيلسوف الروماني لوكيوس سينيكا: «الحب الحقيقي يكره التأخير ولا يحتمله». وقد سارت هذه العلاقة الغربية وفق هذا المبدأ ولم تخالفه ، فبينما صرف جبران عشرين سنة في مراسلة مي زيادة بدون نتيجة، فقد عجّل روبرت براوننغ إلى لقاء إليزابيث باريت بعد خمسة أشهر فقط من انطلاق المراسلة. وتواصلت رسائل الغرام بينهما بين سنتي 1845 و1846.
ولم يكد يمضي عشرون شهرا على بداية المراسلة، التي تبادل فيها الشاعران مئات الرسائل التي تفيض بمشاعر الحب والحنان والشوق الصادقة، حتى تزوجا في السر يوم 12 سبتمبر/أيلول 1846.
فقد كان والدها المستبد يعارض زواجها، ما دفعها إلى عقد القران في الخفاء. وبعد الحفل الذي حضره سرا بعض أفراد أسرتها، فرّا من لندن إلى إيطاليا.
فغضب منها والدها وحرمها من الميراث.
وفي إيطاليا عاشت مع زوجها لمدة 15 سنة إلى أن توفيت في يوم 29 يونيو/حزيران 1861 في حضن زوجها.
لا تدعها تنتظر
يقول مثل إنكليزي «لا تدعها تنتظر لأنك تعلم أنها ستفعل». عشرون سنة هي المدة التي صرفها جبران في مراسلة مي زيادة من غير أي اجتهاد للقائها، عدا في عالم خيالي بعيد عن الواقع الذي كان يعيشه رفقة نخبة من النساء على رأسهن حبيبة الروح في أمريكا ماري هاسكل التي خصَّها ب325 رسالة حب. في المقابل، عشرون شهرا هي كل ما كان يحتاجه روبرت براوننغ وإليزابيث باريت لتجسيد لقاء أبدي بعد لقاء أول خلال خمسة أشهر فقط من بداية المراسلة.
ولم يكن تجسيد هذا اللقاء وهذا الرباط الأبدي هينا، فقد تطلَّب ذلك التضحية وقبول الزواج سرّا وتحمل أعباء المغامرة والهروب إلى إيطاليا والاحتراق بنار البعد عن الأوطان والحنين إلى الأهل والأحباب والحرمان من الميراث.
وبينما رحل جبران بمي زيادة إلى عالم ضبابي صنع قضبانه بيديه، فإن براوننغ رحل بحبيبته إليزابيث باريت إلى إيطاليا، فمنحها فرصة السفر والتجوال والاكتشاف وعيش تجارب جديدة.
ولعلّ خير ما نستخلصه من تجربتي جبران – مي وبراوننغ – باريت هو أنّ «الحُبّ لَيْسَ مُطْلَقاً كَلاماً مَعْسُولاً يُرَدِّدُهُ اللِّسَان، وإنّمَا مَشَاعِرٌ صَادِقَةٌ تَتَجَلَّى في سُلُوكِ الإنْسَان».
ومشاعر المحبة تجلت في سلوك براوننغ وفي قراره مصارحة إليزابيث باريت بحبه لها وبرغبته في أن يكون معها وهو ما تجسّد بفضل الإرادة سريعاً، خلال أشهر من بدء العلاقة.
وبينما آلت علاقتة جبران مي زيادة الغامضة إلى مهب الريح وآلت بسيدة الأدب في الشرق مي زيادة إلى السجن والجنون، فإن علاقة براوننغ وإليزابيث باريت توّجت بالزواج والسعادة.
كَتَب لها براوننغ صباح يوم الزفاف رسالة تاريخية قال لها فيها: «إنك بلا ريب تتوقعين بعض الكلمات القليلة. فماذا ستكون يا ترى؟ حينما يمتلئ القلب سيفيض، لكن هذا الامتلاء سيظل خفيا في الأعماق، وستعجز الكلمات عن التعبير عن مقدار معزتك في نفسي. فأنت عزيزة كل المعزة على قلبي وروحي.
أمضي بوجداني إلى الماضي، فألفي أنك، في كل نقطة، وكل كلمة، وكل إشارة، وكل حرف، وكل لحظة من لحظات الصمت، كنتِ بالنسبة لي المرأة المثلى الكاملة.
لا، لن أغير كلمة، ولا نظرة.. فكل أمل وهدفي هو الحفاظ على هذا الحب وليس الوقوع منه. أكتفي بهذا القدر يا أعز البشر. لقد منحتني أكبر دليل عن الحب الذي بوسع المرء أن يمنحه لغيره. إنني ممتن وفخور.. إلى أبعد الحدود.. فقد توجت بك».
_______________________
٭ كاتب جزائري مقيم في بريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.