حدث في مثل هذا اليوم 25 أغسطس| ميلاد محمود دياب.. وتحرير باريس من النازية    في شهر عيد مولد الرسول.. تعرف على أفضل الأدعية    جيه دي فانس: روسيا قدمت تنازلات كبيرة لإنهاء الحرب الأوكرانية    مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة.. الأهلي وليفربول    نقل وزير الكهرباء للمستشفى إثر تعرضه لحادث سير.. وإصابة 4 أشخاص من موكبه    حار رطب على أغلب الأنحاء.. الأرصاد تكشف حالة طقس اليوم الإثنين 25 أغسطس    جهات التحقيق بكفر الشيخ تأمر بتشريح جثمان شاب توفى على يد نسيبه داخل مغسلة سيارات    حبس المتهمين ببيع المواد المخدرة في المطرية    رسميا تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. الكليات والمعاهد المتاحة أدبي والحد الأدنى المتوقع «قائمة كاملة»    وفاة المخرج عمرو سامي    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025    حسام حبيب: سأقف بجانب شيرين حتى عودتها للساحة الفنية من جديد    بحماية قوات الاحتلال.. مستوطنون يهاجمون منازل المواطنين جنوبي الخليل في الضفة الغربية    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. حكم الزمالك.. ورحيل المترجي    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 25 أغسطس    ضبط معمل تحاليل مخالف للاشتراطات ويدعو المواطنين للتبرع بالدم في سوهاج    إذا سئمت حرارة الصيف.. انتظر قليلا: الخريف يبدأ 20 سبتمبر    عقاقير السمنة.. دور فعال في الوقاية من السرطان    ترامب يستعد للقيام بأول زيارة إلى إسرائيل منذ 8 أعوام    المكتب الإعلامي في غزة: 96% من سكان القطاع بلا مأوى وسط تفاقم الكارثة الإنسانية    اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء إلى 6 قتلى و86 جريحًا    محافظ الدقهلية يوقف تاكسي شهرًا لمخالفة العداد ومطالبة راكب بزيادة    عاجل أول بيان رسمي حول حادث وزير الكهرباء    محاكمة 11 متهمًا في قضية خلية داعش الهرم الثانية اليوم    إثيوبيا تفتح بوابات سد النهضة.. و"شراقي": البحيرة امتلأت والتخزين فى بحيرة ناصر مُطمئن- صور    "ثلاثي هجومي".. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة غزل المحلة بالدوري    وليد خليل: غزل المحلة يسير بخطى ثابتة ونثق في قدرات لاعبينا أمام الأهلي    محمود سعد عن أنغام: لم تُجري 3 عمليات جراحية وتحسنت حالتها الصحية    نشرة التوك شو| إقبال كبير على "دولة التلاوة".. والأرصاد تكشف توقعاتها لحالة طقس الفترة المقبلة    باسم نعيم: نقرأ عن رفض العدو .. وحماس: نتنياهو يعرقل الاتفاق .. ومع التجويع والابادة أين الرد يا وسطاء ؟!    من "ألسن" للسوشي.. مريم تغزو الشرقية ب"لفائف الأحلام" (صور)    نقابة الصحفيين: نتابع واقعة القبض على الصحفي إسلام الراجحي    سعر البطيخ والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025    الجرام يسجل أقل من 4000 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 بالصاغة    بثنائية فلاهوفيتش وديفيد.. يوفنتوس يبدأ الموسم بثنائية ضد بارما    وزير الرياضة يكشف كيفية تطبيق قانون الرياضة الجديد وموقف الوزارة من أزمة أرض الزمالك    «مستشهدًا ب الخطيب».. نجم الإسماعيلي السابق يطالب بحل مجلس نصر أبو الحسن    جيرو يمنح ليل فوزا قاتلا على موناكو    مزاد علني لبيع سيارات وبضائع متنوعة خاصة بجمارك مطار القاهرة    توقعات الأبراج حظك اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025.. «الحمل» أمام خطوات جريئة تفتح له أبواب النجاح    تبدأ الإثنين.. صرف معاشات شهر سبتمبر 2025 بعد قرار التأمينات الاجتماعية (تفاصيل)    إعلام سوري: أصوات انفجارات بالتزامن مع اشتباكات عنيفة في العاصمة دمشق    جولة الإعادة ب انتخابات الشيوخ 2025.. الآن بدء تصويت المصريين في نيوزيلندا    الريحان والنعناع.. طرق طبيعية للتخلص من الناموس ولدغاته المزعجة    يفسد المظهر ويؤثر على تدفق المياه.. 3 مكونات لتنظيف الحنفيات من الجير والرواسب    محافظ بني سويف يستقبل السكرتير المساعد الجديد ويؤكد: المرحلة القادمة تتطلب تكثيف العمل الميداني    باريس تستدعي السفير الأمريكي لدى فرنسا.. وصحيفة: يسير على خطى نتنياهو    وكيل الصحة ببني سويف يتفقد وحدة الإسكان الاجتماعي الصحية بمنطقة ال 77 فدانًا شرق النيل    استشهاد المعتقل محرم فؤاد .."منصات حقوقية تدين استمرار نزيف الأرواح بسجون السيسى    جامعة قناة السويس تبحث الخطط الدراسية واستعدادات انطلاق العام الجامعي الجديد    السياحة والآثار تحسم الجدل حول أول يوم لدخول الجماهير المتحف المصري الكبير عقب الافتتاح الرسمي    حدث بالفن | وفاة ممثل والتطورات الصحية ل أنغام وأزمة شيرين وياسر قنطوش    حفل هيفاء وهبي في بيروت.. نجاح جماهيري وإبهار استثنائي    هل يحرم استخدام ملابس المتوفى أو الاحتفاظ بها للذكرى؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    وكيل وزارة الأوقاف: المولد النبوي فرصة للاقتداء بأخلاق وتعاليم النبي    هل يجوز نقل الموتى من مدفن لاخر؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشرق: جبران ومي وفي الغرب روبرت واليزابيث
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 06 - 2018

شهد العصر الفيكتوري في إنكلترا ميلاد واحدة من أجمل علاقات الحب في القرن التاسع عشر، وإحدى أشهر قصص الغزل في تاريخ الأدب الأوروبي والعالمي جمعت الأديبين الشهيرين روبرت براوننغ واليزابيث باريت، اتسمت بصفات الوفاء والتضحية والصدق والواقعية، تبادل فيها الشاعران الإنكليزيان رسائل تفيض برحيق الحب والوداد والطرب، وتطفح بأسمى عبارات الامتنان والتقدير والإجلال.
تشابه علاقتي جبران وبراوننغ
ولعلّ ما يثير الانتباه ونحن نتأمل هذه القصة، ونقرأ بين أسطر خطاباتها، ونجول بين كلماتها، ونسبح في مجاري معانيها، أوجه التشابه بينها وبين علاقة جبران خليل جبران ومي زيادة.. تشابه يرحل بنا من منتصف القرن التاسع عشر إلى مطلع القرن العشرين، ومن ضباب الجزر البريطانية إلى ثلوج الولايات المتحدة ودفء الشرق الأوسط، ليحط بنا في عالم جبران ومي زيادة الضبابي.
فكلتا العلاقتين جمعت بين أديبين. وكلتاهما تضمنت تبادل الرسائل، لتندرج بذلك ضمن أدب الرسائل وأدب الحب، وهو فن قائم بذاته، مستقل عن الأصناف الأدبية الأخرى، له جمالياته المميزة وأدواته الخاصة.
وكلتاهما أثارت إعجاب الجماهير، وأنظار الباحثين، واهتمام المحللين، وأسالت من الحبر الكثير.
علاقة منبعها الإعجاب
ما يلفت الانتباه في علاقة مي زيادة بجبران أنها نشأت من إعجاب. فمع أنّ مي زيادة كانت محاطة بكوكبة من كبار الأدباء في الشرق من أمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وعباس محمود العقاد ومصطفى عبد الرازق، فقد أثار اهتمامها أكثر الأديب المهجري الذي لمع نجمه في سماء أمريكا، بمقالاته وأفكاره ومواقفه المختلفة المتأثرة بالبيئة الجديدة.
وبعد اطلاعها على كتاب «الأجنحة المتكسرة» الصادر عام 1912، بعثت له برسالة عبرت له فيها عن إعجابها بفكره وأسلوبه، لم يتأخر جبران عن الرد عليها، لتنمو بينهما بعد ذلك علاقة تدرجت من الإعجاب إلى التودد، أثْرَت المكتبة العربية بأروع ما كُتِب في أدب الرسائل.
وبعيدا عن أمريكا والشرق الأوسط، وفي أوروبا وبالتحديد الجزر البريطانية، نشأت علاقة مماثلة جمعت الأديبين إليزابيث باريت وروبرت براوننغ.
فقد أعجب الشاعر روبرت براوننغ بأشعار إليزابيث باريت، فعبّر لها عن ذلك في أول رسالة كتبها لها بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 1845، جاء في مستهلها: «أحب أبياتك الشعرية بكل قلبي، آنسة باريت.» وقد تدرجت المراسلة من حب الأشعار إلى حب الشاعرة نفسها.
كانت باريت آنذاك في أواخر الثلاثينيات من عمرها. وقد عُرفت منذ صغرها بشغفها بالمطالعة وموهبتها في الكتابة، إذ أنها بدأت تقرأ الروايات ولم تتجاوز سن السادسة، وبدأت دراسة اللغة الإغريقية ولم تتجاوز العاشرة، وشرعت في التأليف ولم تتعد الرابعة عشرة من عمرها بإصدار ديوان ملحمي بعنوان «معركة الماراثون» (1820).
فبلغت شهرة عالية تعدت حدود الجزر البريطانية، فاقت شهرة حبيبها براوننغ.
سجل حافل برسائل الحب
وبالمقارنة مع رسائل جبران إلى مي التي تمَّ جمعُها في كتاب «الشعلة الزرقاء» وعددها 37 رسالة خلال علاقتهما الطويلة، فقد تبادل براوننغ وباريت 573 رسالة حب خلال فترة قصيرة، تُحفَظ نسخها الأصلية المكتوبة باليد في معهد (ويلزلي) في ولاية ماساتشوستس الأمريكية.
فقد قامت كارولين هازارد رئيسة معهد ويلزلي بشراء هذه الرسائل، وفي سنة 1930 تبرعت بها للمعهد، حيث بقيت إلى يومنا هذا.
قال روبرت براوننغ لإليزابيث باريت في إحدى هذه الرسائل: «أشعر بأنه لو كان بوسعي أن أجدد نفسي، كأن أحوّل نفسي إلى ذهب، فإني مع ذلك لن أشتهي أن أكون أكثر من مجرد موضع الماس الذي يتحتّم عليك أن ترتديه دوماً».
وها هي إليزابيث باريت ترد عليه بأجمل وأصدق عبارات الامتنان والتقدير والحب الذي يجعل الحبيب يشعر بأنه منصهر في الآخر وملك له: «والآن أصغ إليّ بدورك.. لقد أثَّرتَ فيّ تأثيرا أعمق مما كنت أتصور. لقد خفق قلبي غبطة لحضورك اليوم. فمن الآن فصاعدا، أنا لك في كل شيء».
الحب الحقيقي يكره التأخير
يقول الفيلسوف الروماني لوكيوس سينيكا: «الحب الحقيقي يكره التأخير ولا يحتمله». وقد سارت هذه العلاقة الغربية وفق هذا المبدأ ولم تخالفه ، فبينما صرف جبران عشرين سنة في مراسلة مي زيادة بدون نتيجة، فقد عجّل روبرت براوننغ إلى لقاء إليزابيث باريت بعد خمسة أشهر فقط من انطلاق المراسلة. وتواصلت رسائل الغرام بينهما بين سنتي 1845 و1846.
ولم يكد يمضي عشرون شهرا على بداية المراسلة، التي تبادل فيها الشاعران مئات الرسائل التي تفيض بمشاعر الحب والحنان والشوق الصادقة، حتى تزوجا في السر يوم 12 سبتمبر/أيلول 1846.
فقد كان والدها المستبد يعارض زواجها، ما دفعها إلى عقد القران في الخفاء. وبعد الحفل الذي حضره سرا بعض أفراد أسرتها، فرّا من لندن إلى إيطاليا.
فغضب منها والدها وحرمها من الميراث.
وفي إيطاليا عاشت مع زوجها لمدة 15 سنة إلى أن توفيت في يوم 29 يونيو/حزيران 1861 في حضن زوجها.
لا تدعها تنتظر
يقول مثل إنكليزي «لا تدعها تنتظر لأنك تعلم أنها ستفعل». عشرون سنة هي المدة التي صرفها جبران في مراسلة مي زيادة من غير أي اجتهاد للقائها، عدا في عالم خيالي بعيد عن الواقع الذي كان يعيشه رفقة نخبة من النساء على رأسهن حبيبة الروح في أمريكا ماري هاسكل التي خصَّها ب325 رسالة حب. في المقابل، عشرون شهرا هي كل ما كان يحتاجه روبرت براوننغ وإليزابيث باريت لتجسيد لقاء أبدي بعد لقاء أول خلال خمسة أشهر فقط من بداية المراسلة.
ولم يكن تجسيد هذا اللقاء وهذا الرباط الأبدي هينا، فقد تطلَّب ذلك التضحية وقبول الزواج سرّا وتحمل أعباء المغامرة والهروب إلى إيطاليا والاحتراق بنار البعد عن الأوطان والحنين إلى الأهل والأحباب والحرمان من الميراث.
وبينما رحل جبران بمي زيادة إلى عالم ضبابي صنع قضبانه بيديه، فإن براوننغ رحل بحبيبته إليزابيث باريت إلى إيطاليا، فمنحها فرصة السفر والتجوال والاكتشاف وعيش تجارب جديدة.
ولعلّ خير ما نستخلصه من تجربتي جبران – مي وبراوننغ – باريت هو أنّ «الحُبّ لَيْسَ مُطْلَقاً كَلاماً مَعْسُولاً يُرَدِّدُهُ اللِّسَان، وإنّمَا مَشَاعِرٌ صَادِقَةٌ تَتَجَلَّى في سُلُوكِ الإنْسَان».
ومشاعر المحبة تجلت في سلوك براوننغ وفي قراره مصارحة إليزابيث باريت بحبه لها وبرغبته في أن يكون معها وهو ما تجسّد بفضل الإرادة سريعاً، خلال أشهر من بدء العلاقة.
وبينما آلت علاقتة جبران مي زيادة الغامضة إلى مهب الريح وآلت بسيدة الأدب في الشرق مي زيادة إلى السجن والجنون، فإن علاقة براوننغ وإليزابيث باريت توّجت بالزواج والسعادة.
كَتَب لها براوننغ صباح يوم الزفاف رسالة تاريخية قال لها فيها: «إنك بلا ريب تتوقعين بعض الكلمات القليلة. فماذا ستكون يا ترى؟ حينما يمتلئ القلب سيفيض، لكن هذا الامتلاء سيظل خفيا في الأعماق، وستعجز الكلمات عن التعبير عن مقدار معزتك في نفسي. فأنت عزيزة كل المعزة على قلبي وروحي.
أمضي بوجداني إلى الماضي، فألفي أنك، في كل نقطة، وكل كلمة، وكل إشارة، وكل حرف، وكل لحظة من لحظات الصمت، كنتِ بالنسبة لي المرأة المثلى الكاملة.
لا، لن أغير كلمة، ولا نظرة.. فكل أمل وهدفي هو الحفاظ على هذا الحب وليس الوقوع منه. أكتفي بهذا القدر يا أعز البشر. لقد منحتني أكبر دليل عن الحب الذي بوسع المرء أن يمنحه لغيره. إنني ممتن وفخور.. إلى أبعد الحدود.. فقد توجت بك».
_______________________
٭ كاتب جزائري مقيم في بريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.