تواصل دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والاثار والسياحة العراقية، استقطاب وتقديم الطاقات والكفاءات المسرحية الرصينة، في المشهد المسرحي العراقي بكل تمظهراته، لاسيما كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، التي تنطوي على العديد من المسرحيين الفاعلين في مختلف التخصصات. وفي هذا الاتجاه احتضنت الدائرة وقسم المسارح فيها، العديد من العروض المسرحية الجادة، ومن بينها المسرحية الجديدة "الأقوى"، التي عرضت الأحد الماضي، المصادف الحادي والعشرين من هذا الشهر، على خشبة مسرح الرافدين في بغداد، والمسرحية من تمثيل الفنانين: فائزة جاسم، وآن خالد، ورحمن مهدي، وتمثل رؤية جمالية للمخرج والأكاديمي الدكتور ياسين الكعبي، الذي قام على إعدادها عن نص "الأقوى" للكاتب السويدي أوغست سترنبيرغ . الكعبي تحدث عن الفكرة والمعالجة الدرامية للمسرحية قائلا: التجربة تصدت لنص الكاتب سترنبيرغ "الأقوى"، وهو نص يكاد يحسب على نصوص "المونودراما"، إلا أنني تعاملت معه برؤية جمالية لم تقف في حدود بنيته الدرامية تلك، كما أنني خففت من وطأة الحكاية الاجتماعية التي تتصدر نص المؤلف، لصالح ما يسبره من حكايا مستترة، يمكن أن تنفتح على الواقع الفكري، الذي يهيمن اليوم على المشهد المحلي، والدولي للأزمة الإنسانية. وأوضح مؤكدا: أردنا من خلال عرضنا أن نناقش فكرة القوة ومفهومها وموجباتها وعللها، وذلك بوصف أن لكل صراع أطرافاً، ولكل طرف مصدر قوة مختلف، لاسيما عندما يكون المصدر فكرياً، فمن هو الأقوى (السالب أم الموجب)، أما جمالياً فإن عملي يأتي تواصلاً مع مشروعي الذي بدأته (عام 2005)، في تأسيس ورشة فنون المسرح في كلية الفنون الجميلة، والذي يهدف الى البحث عن أسرار التجربة المسرحية بجميع عناصرها. وأشار الى أن رسالة العرض تتركز في أنه: متى ما أدركنا أن التنوع في الفكر، والعرق، والدين، والطائفة، والمذهب، هو دليل عافية، وأن التواصل مع الآخر يعني أننا قطعنا شوطاً كبيراً باتجاه الإنسانية، حينها فقط سندرك أننا لسنا محتاجين أن نكون الأقوى. وعن خياراته على صعيد الممثلات والممثلين أكد المخرج د. ياسين الكعبي: في جميع تجاربي دائماً أنتمي الى (مدرسة الممثل) بوصفه العنصر الأكثر تصدراً لحمل دلالات العرض المسرحي، لذا من الطبيعي أن يصبح الممثل جسداً وصوتاً هو بؤرة معالجاتي الإخراجية، فيأتي الإشتغال مع الممثل على وفق (الحفريات، والنحت) ومحاولة تجاوز النمطية، وبخصوص (الممثلات) ففي كل تجاربي لا أشترط على الممثلين اشتراطات فنية كبيرة، سوى الرغبة والالتزام والتحمل. وختم المخرج د. ياسين الكعبي حديثه: "الأقوى" تجربة لذيذة جداً، وإنسانية بامتياز، حاولنا من خلالها أن نقدم عملا أكاديميا فيه رائحة المسرح العراقي، الذي تأسس على عناصر وأفكار ومبادئ الجيل الأول من أساتذتنا في مسرحنا الأصيل، الذين رصوا بنية مسرحية عريقة .