في عام 1898 في مقبرة بالقرب من سقارة، عثر على كشف أثري اختلف الباحثون في شكله ومنهم من أرجعه إلى أن الفراعنة كانوا من أوائل الشعوب الذين عرفوا الطيران ومجسم الطائرات. تم وضع المجسم في المتحف المصري تحت رقم 6447 في القسم الذي يضم هياكل الطيور في مصر القديمة كما يؤكد الباحث الأثري علي باشا، لافتًا إلى أنه تم وضع المجسم في المخازن منذ ثمانينيات القرن الماضي. كانت وزارة الآثار مجبرة على وضع مجسم الطائرة الفرعوني في المخازن بعد شيوع كتابات تنشر الخرافة، التي تذهب إلى أن الفراعنة توصلوا لصنع الطائرات الحديثة، ووصلوا إلى الفضاء والقمر، بخاصة أن كل من يشاهده يلاحظ اختلافه عن بقية هياكل الطيور الأخرى. يظهر المجسم الفرعوني الاختلاف في أن الأجنحة مستقيمة وكذلك المؤخرة، أما الجسم فليس له أرجل مثل باقي الطيور، كما يؤكد علي باشا، مضيفًا: إن جسم الطائرة الفرعوني حين أخضع للفحص بعد 50 سنة من اكتشافه ظهر أن هناك علامات محفورة كتبت بالخط الهيروغليفي (وتعنى هدية آمون) وآمون في مصر القديمة معناه الخفي وهو رب الهواء والرياح. "المصري القديم عرف أصول الطيران ولكن لم يعرف الطائرة".. هذا مايوضحه الباحث الأثري فرنسيس آمين، لافًتا إلى أن العلم يوازيه اللاعلم، والخرافة تجذب الانتباه أكثر من العلم، على حد وصفه، لذا كانت وزارة الآثار آنذاك مجبرة على رفع المجسم الذي جعلوه أول نموذج للطائرة الحديثة من العرض كي لا تتأصل الخرافة وتتأسس في العلم الأثري. كان المصري القديم يفترض في معتقداته عن السماء ولونها الأزرق أنه سيسبح فيها بمركب في العالم الآخر، فيما حفلت رسومات للآلهة بجعلها بأجنحة تطير، بخاصة الآلهة الإناث؛ حيث كان رمز من يمتلكن الأجنحة رمزا للعدالة والحماية. يقول أمين:إن في اللغة المصرية القديمة لفظ حمى ويحمي، كان يكتبها ويرسمها المصري القديم بشكل جناح، وهي رمز يعطي الحماية، وهذا ماحدا بجميع الحضارات، بل والأديان، أن تنظر للجناح على أنه حماية، فإحدي مقاطع مزامير التوراة تقول إنني أسير في ظل جناحيك. تقول الأسطورة الإغريقية أن ديدالوس حين وقع عليه عقاب من الملك، ودخل في المتاهة التي بناها كان من المستحيل عليه أن يعرف طريق الخروج منها، وبعد تفكير وجد أن الحل الوحيد للخروج من المتاهة هو الطيران، كما تقول الأسطورة. قام ابنه إيكاروس بجمع الريش الذي يجده وقام ديدالوس بصنع أجنحة، وألصق الريش بواسطة الشمع، وحين أصبحا مستعدين للطيران قال ديدالوس لولده إيكاروس: يجب أن تطير على إرتفاع معتدل، لا تطر على ارتفاع منخفض، حتى لا تفسد الرطوبة أجنحتك، ولا تطر عاليًا حتى لا تذيب الشمس أجنحتك، ابق قريبا مني لتكون بأمان. وبوجه تبلله الدموع ويدين ترتعشان قبل ابنه لآخر مرة ثم طار مع ابنه إيكاروس، وخرجا من المتاهة، وحين شاهدهم أحد الرعاة ذهل وظن أنهم من الآلهة، لأنهما يطيران، وبدأ الحماس يدخل في نفس إيكاروس حين وجد نفسه يطير فعلا، فنسي نصيحة والده و طار عاليًا فأذابت الشمس أجنحته وهوى نحو البحر وغرق. يوضح فرنسيس أن الإغريق كانوا يقولون إن بيدلوس تربى في مصر، وأنه تعلم فن النحت من المصريين القدماء، مما يؤكد أن كل الحضارات أخذت عن مصر رمز الحماية كجناحين، وحتى قصة عصافير الجنة، حيث تقول الأسطورة إن الجنة خلقت صورة من مصر. توجد في اللغة الهيروغليفية 500 وضع مختلف للطيور، هذا مايوضحه فرنسيس أمين، مضيفًا: لاتوجد كتابة في تاريخ العالم بأحجامها وأشكالها وأوضاعها كان للطيور وأشكالها هذا الوضع إلا في الفرعونية القديمة؛ فحين يكتب المصري كلمة يدخل يضع الطائر يدخل في الحظيرة وكان الطائر ذاته هو أداة التعريف التي تعني حرف الألف. حين رسم المصري لفظ العثور رسم الطائر ومنقاره، وحين رمز للعظمة وضع طائرا بذيل، وإذا أخطا الفنان وجعل الذيل مستديرًا فإنه يعني كل الأشياء السيئة، بينما حين أراد ان يرمز لكلمة الأم رمز لها بطائر الرخمة، أي أنثى الصقر، التي حين يضعها الملك على جبهته مع الثعبان ترمز لحمايته، حيث ظلت رمزًا أبديًا لمصر العليا. يقول فرنسيس إن المصريين جعلوا خاتم العرش على شكل طائر الرخمة، ولا يخلو معبد من وجود الطيور المجنحة التي تحمي السماء، لافتا إلى أنه في المقابر رسومات لبعض الثعابين المصرية تطير لتحمي الرجل المتوفى. الأسطورة الفرعونية تقول إن إيزيس تنكرت في هيئة الطائر، كي تجامع أوزوريس، وظل الطائر الذي يحمي العرش بجناحية محفورا على المعابد، حيث تؤكد الأسطورة أن حورس قام بالدفاع عن الإله رع إله الشمس، فاستحق المكافأة، وهي أن يكون الشمس المجنحة حيث لا يوجد معبد مصري يخلو من الشمس المجنحة. يؤكد علي باشا أن المعارض الأثرية في الخارج كانت تنقل عن طريق السفن، لافتا إلى أن أول معرض تم نقل محتوياته الأثرية عن طريق الطائرة الحديثة كانت بعض محتويات الملك توت عنخ آمون في ستينيات القرن الماضي.