أري أن وجود حراسة أمنية خارج المباني الجامعية وتكون دائمًا في وضع التأهب والاستعداد "ولا سيما انها موجودة بالفعل بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة" لا أظن أن حالة القلق من الحكم الحاسم من المحكمة الإدارية العليا بخصوص عدم شرعية تواجد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية داخل ساحات الحرم الجامعي في الجامعات المصرية.. يمكن أن يؤدي إلي حلول صحيحة وينزع فتيل أزمة متوقعة داخل الجامعات ويؤدي في نهاية المطاف إلي أن تحافظ الجامعات علي أمنها الداخلي بما يحتويه من معدات وأجهزة وبشر ايضًا في نفس الوقت يجعل الحرم الجامعي بحق ساحة للتعليم والبحث العلمي تحكمه معايير واضحة ومسئوليات محددة وفقًا للقانون ولا شئ غيره. وقبل الدخول في تفاصيل ما يجري للوصول إلي حلول مناسبة لابد أولاً من التذكير بأن عمر وجود الحرس الجامعي "بشكل رسمي" وصل إلي 29 عامًا داخل الجامعات وبالتالي حدث له حكم الاعتياد من وجوده من الجميع مثله في ذلك مثل المنشآت والمعامل والأجهزة والطلاب والأساتذة وهذا الاعتياد هو السبب الأول في حالة القلق لقصور "الغياب المفاجئ" للحرس بصيغته التي ألغتها المحكمة الإدارية العليا. ولن أقول مثلما قال الوزير د. عثمان محمد عثمان أن الجامعات المصرية لن تموت وتندثر إذا خرج الحرس الجامعي منها مثلما قال عن الطماطم وارتفاع أسعارها وارتفاع أسعار الخضراوات بضرورة لجوء الأسرة المصرية إلي حلول بديلة "الفوزن" بدلاً من التعود علي الأكل الصحي "الفريش" لأن مثل هذه المقولات والأمثلة لن توصل إلي حلول عملية وصحيحة تنزيل مخاوف كل الأطراف بل تزيد الأزمة سخونة بلا مبرر صحيح. وعلينا أن نقر أولاً أو ان نقتنع أن الحكومة الحالية ليست هي المسئولة عن وجود الحرس الجامعي ولم تصدر هي القرار بل انه حتي لم يصدر في عهد الرئيس مبارك وإنما صدر في أواخر سبتمبر عام 1981 واصدره اللواء النبوي إسماعيل وزير الداخلية في عهد الرئيس السادات، وكان ذلك عقب أحداث اعتقالات سبتمبر الشهيرة لرموز المعارضة المصرية والتي تجاوز عدد من اعتقلوا 1500 من رموز المعارضة والمفكرين والسياسيين وخوفًا من انتقال المعارضة إلي الجامعات المصرية وكانت الحركة الطلابية بها نشطة للغاية صدر قرار وزير الداخلية بإنشاء الحرس الجامعي في كل جامعة علي أن يتبع مدير الأمن في محافظة الاقليم وذلك في محاولة لوأد الفتن والقضاء علي أي معارضة أي أن ذلك تم لأسباب سياسية في ذلك الوقت واستمر منذ ذلك الحين.. وهو ما أدي بمجموعة من أساتذة الجامعات "مجموعة 9 مارس" وليسوا ايضا من الاخوان المسلمين إلي الطعن مؤخرًا علي قرار وزير الداخلية وعدم تناسبه مع احكام قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية. وبالتالي فإن الحكومة الحالية ليست هي المسئولة عن هذه الأوضاع حتي لو اعتدنا وجودها ولابد في النهاية طالما وجد قانون أن نحترم ما يحتويه من مواد سواء قبلنا بها أم لم نقبل أو فلنغير القانون نفسه حتي نكون صادقين مع أنفسنا ومع الغير ايضًا الاعتراف بهذه الحقائق أولاً يمكن أن يساهم في أن نبحث عن حلول عملية وصيحة ايضًا بدون انفعال. لأنه ما من شك أن القراءة الدقيقة للحكم وحيثياته لا تشعر منها موجة ضد أحد بقدر ما رأيت فيها حلاً لأشكالية وتناقضاً في إدارة المؤسسة الجامعية أي "فض اشتباك" كما يقال والآن اصبح كل مسئولاً بالجامعة وعلي رأس هؤلاء رؤساء الجامعات وعمداء الكليات مسئول بالفعل وبالقانون عما يحدث داخل جامعته لأنه أصبح هو صاحب القرار والمدير الفعلي المسئول وهنا لن نسمع تبريرات من هذه القيادات بأن هذا ليس رأينا أو انه لم يتخذ القرار الفلاني وأن تلك هي قرارات أمنية وقد يكون في بعض الحالات صحيحًا وفي بعضها الآخر الأمن برئ تماما مما يحدث. واعتقد أن هذا هو السبب في القلق الحالي الذي تعاني منه عدد من قيادات ومسئولي الجامعات المصرية وهو انهم اصبحوا في "وجه المدفع" مباشرة وانه اصبح هناك امكانية لمحاسبتهم ورؤية أفعالهم والسؤال عنها، وليس التخفي وراء ستار آخر اذن فالخلاف ايضا خلاف في الإدارة وتحمل المسئولية وتلك هي لامعضلة الآن التي يخشي من مواجهتها العديد من القيادات الجامعية وهي تحمل المسئولية الكاملة عن كل ما يحدث عن قناعة كاملة بأن القرار في النهاية سوف تتحمله هذه القيادات وليس أحد غيرها. النقطة الثانية انه عيب ان نعود لقراءة تاريخ الجامعة المصرية وخاصة في النصف الثاني من القرن الماضي وحتي الآن فسوف نجد انه حتي في أوقات عدم وجود حرس جامعي بقرار رسمي مثلما كان في حقبة الستينيات والخمسينيات لم يمنع الحركة الطلابية من التواجد ومن الاحتجاج علي الأوضاع مثلما حدث في الأحداث الطلابية عام 1968 وحتي حينما خرج الأمن من الجامعات عقب تولي الرئيس السادات الحكم في 1971 لم تمنع الحركة الطلابية من النشاط والتواجد بل والقيام بالمظاهرات والاعتصامات ايضًا مثلما حدث في الأحداث الطلابية عام 72، 1973 وطوال حقبة السبعينيات ولم تمنع ايضًا فرض الاخوان المسلمين للقوة والضرب داخل الجامعات وكان ذلك ايضًا بدعم من سلطة الدولة والرئيس السادات، وحتي الآن ففي ظل الحرس الجامعي ووجوده بقرار وزاري من الداخلية لم يمنع من نمو التيار المتطرف وعمل الاخوان المسلمين داخل الجامعات بل وقت قيامهم بالاستعراض العسكري لاثبات القوة داخل جامعة الأزهر في الأعوام الماضية أو منع احتكاكهم بالطلاب الآخرين ومحاولات قمع الاخوان للنشاط الطلابي وفرض آرائهم بالقوة والضرب والمنع ومحاولة سيطرتهم ايضًا علي الاتحادات الطلابية وفرض آرائهم وزيهم بالقوة علي الجميع أو حتي منع وجود الحرس من وجود "بعض السرقات" ولو كانت بسيطة داخل الجامعات. وفي نفس الوقت أن الترويج لفكرة أن الحرم الجامعي ساحة للاقتتال والسرقة وأن طلابهم مجموعة من البلطجية يجب حمايتهم قولاً بجانب الصواب لأن حالات التعدي علي ممتلكات الجامعة منذ انشائها وحتي الآن قليلة للغاية. لذلك أري أن وجود حراسة أمنية خارج المباني الجامعية وتكون دائمًا في وضع التأهب والاستعداد "ولا سيما انها موجودة بالفعل بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة" قد يفض اشتباك القلق الحالي ولأنه بالعقل والمنطق كل مؤسسات الدولة الهامة عليها حراسة من الخارج وليس من الداخل كما كان في حال جامعاتنا هذا بجانب أن توفير الأمن داخل الجامعات ليس معضلة فذلك يمكن أن يتم وفق لوائح محددة ويلتزم بها الجميع من طلاب ومسئولين يتحدد من خلال هذه اللوائح مسئولية الطالب والإداري والأستاذ وافراد أجهزة الأمن ومن خلال التطبيق الصارم للوائح النظام يمكن ضبط العملية الأمنية داخل الجامعات فاللوائح والقوانين وتنفيذها بدقة كفيل بمنع أي تجاوزات يمكن أن تحدث داخل الجامعة مع الأخذ في الاعتبار أن تكون إدارة للأمن الداخلي في كل جامعة وفق قواعد الاستعانة باصحاب الخبرات واعتقد أن المجتمع المصري به عناصر كثيرة ذات خبرة وعلي المعاش أو غيره تصلح لتولي المسئولية. المهم أن نبدأ التفكير في الحلول الصحيحة الي تنزع فتيل الأزمات فكما أن الجامعات ليست ساحة حرب فهي ايضًا ساحة للتعليم يجب علينا أن نحافظ عليها ونسعي لذلك وهناك العشرات من الحلول والاقتراحات المهم أن نبدأ وكل شئ في أوله صعب بحكم الاعتياد ايضًا.