نستطيع أن نعدد الآلاف من العمليات المهمة والعظيمة التي بدأت في ظهيرة يوم السادس من أكتوبر ولم تنته إلا بعد فك الحصار عن مدينة السويس في 29 يناير 1974.. منذ عدة سنوات وأثناء احدي الأزمات الغذائية المعتادة .. قام عدد من السادة الوزراء باستقبال شحنة لحوم مستوردة من احدي الدول الأفريقية وللأسف لا اذكر اسم الدولة.. لكنني لا يمكن ان أنسي منظر معالي الوزراء وهم يقفون في تشريفة رسمية وضلوع اللحم تدخل عليهم ليحتضن كل وزير( فخدة ) ويبتسم للمصورين ويطمئن المواطنين علي ان لحمتهم حمرا ومن غير شغت .. ولا اعرف كيف تمت المراسم البروتوكولية لهذا الاستقبال وهل تم حجز معالي الوزراء في الثلاجة ام استقبلوا اللحمة في الهواء الطلق .. وأثناء الاحتضان والمصافحة هل تم تعقيم اللحمة ام السادة الوزراء !! .. علي أي حال كان المشهد السياسي حينها أكثر من معبر فلأول مرة تستقبل لحمة العجول والخرفان استقبال الوفود الدبلوماسية رفيعة المستوي وجموع الشعب تحتفل تحت قيادة المسئولين بتلك الملحمة الحمراء .. وتوالت القصص حول هذا الوفد الدبلوماسي الذي شفط من المجمعات الاستهلاكية في أيام قليلة ولم يتشرف معظم أبناء الوطن بالتعرف عليه اومصافحته اوحتي تذوق الشوربة .. ولكن السادة المسئولين (عداهم العيب وقزح ) قاموا بما لم يقم به اي وزير في العالم وانتظروا اللحمة في المطار واستقبلوها بالأحضان والتقطوا صورًا معبرة وهم يداعبون الزند ويقبلون بيت اللوح ويرحبون بالضاني والبتلو.. وسمعنا تصريحات بانقشاع الغمة ورخاء الأمة وانتشار اللحمة في كافة إنحاء الجمهورية واعلن السادة الوزراء عن البدء في تنفيذ استراتيجية تنموية لتوفير اللحمة لكل قطاعات الشعب الجائع.. وبالفعل نجحت الخطة الإستراتيجية ووصل كيلواللحمة الان الي مائة جنيه وتم استبدالها (بالسمين) علي مستوي الجمهورية ,, وعلي ما يبدو تقف انجازات السادة الوزراء عند حدود الكلام والتصريحات فرغم اللجان الوزارية المتعددة والمختصة بالأمن الغذائي الا ان مشكلة الغذاء في مصر دائمة فلا نكاد نهدأ علي العيش المدعم حتي ندخل علي القمح حتي تفاجئنا الفراخ وبعدها اللحوم الحمراء ثم مؤخرا الخضار .. الواضح ان سلتنا الغذائية مخرومة اومعمول لنا عمل سفلي بدوام الجوع لذلك اقترح استبدال اللجان الوزارية بحلقة زار .. فقد تفيدنا أكثر خاصة بعد ان أصبحت تصريحات المسئولين مبهمة وغامضة وتحتاج الي فك طلاسم .. فعلي سبيل المثال خرجت تصريحات تبرر الارتفاع الفلكي في أسعار الخضار الي موجة الحر .. (يعني دي اول موجة حر والصيف كان برد زمان ) .. مش فاهم.. طيب الدول الاستوائية اوالصحراوية الحارة بيأكلوا إيه ؟؟ صمغ وصبار !! .. ولا يكتفوا بالتلاعب في العلوم المناخية بل يخرج علينا معالي وزير الزراعة فجأة بنظرية اقتصادية جديدة بدون شرح اوتفسير تحت شعار خير الكلام ما قل ولا دل.. ويصرح معاليه بعبقرية فذة بأنه يرفض فرض تسعيرة جبرية للخضروات والفاكهة في الأسواق المحلية_ لأن ذلك لا يعني سوي اختفاء السلع الزراعية تماما من الأسواق_,_ وتفشي الفساد_,_ وتضاعف الأسعار_._ ولم يشرح لنا سيادته ارتباط تلك المصائب بوضع متوسط لأسعار السلع اومراقبة السوق ووضع حدود للارباح أو مواجهة الاحتكار .. الا لوكان التجار اقوي من الحكومة وقادرين علي تجويع الناس فعلا .. واذا كان معاليه يعتقد ان النظام الرأسمالي يترك السوق لحاله فهذا فهم يجانبه الصواب .. لان دور الحكومات الرأسمالية هو ترك السوق لحرية الحركة الصناعية والتجارية والزراعية مع وضع رقابة صارمة علي الاحتكار او استغلال المستهلكين وتحديد نسب للربح تبعا للميل الاستهلاكي لكل بضاعة .... بل ان الدول الرأسمالية الكبري تعمل علي تخصيص ميزانيات مالية بالمليارات لدعم المزارعين والتأكد من توفر المنتجات الزراعية بأسعار مناسبة لكافة شرائح المجتمع .. اما ترك السوق علي حل شعره بلا رقابة ولا متابعة فهذا اقرب للرقصمالية لا للرأسمالية .. لذلك لن تنتهي مشاكلنا الغذائية حتي لواستقبلوا الخضار في المطار..