كما منحت المواطن الحرية في التنقل والسفر، لكن جري استشكال أمام تنفيذ الحكم فما كان من محكمة الأمور المستعجلة سوي أن أصدرت حكما بعدم الاختصاص واحالة الاستشكال إلي مجلس الدولة، الذي نظر في القضية بجلسته المنعقدة في 30 يونيو الماضي، وأقر بأن قرارا بهذا الشكل مخالف للدستور الذي أعطي الحق للمواطن في حرية التنقل والسفر، وصدر الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار غير الدستوري لكن يبدو أن الحكم لم يلق هوي أو استحسانا لدي بعض الجهات، التي سارعت بوضع العقبات في طريق تنفيذ الحكم، فكان الاستشكال الجديد الذي نظر في 29 سبتمبر الماضي، وصدر حكم برفضه، وهو ما يعني أن الحكم أصبح واجب النفاذ، ومن يعرقل تنفيذه يكون قد ارتكبت جريمة تستوجب عزله من وظيفته. بثينة كامل تتحدث عن دورها في الأزمة التي لم يجرؤ "إعلامي"، قبلها علي الاقتراب منها.. وقالت: هذه الورقة "الصفراء"، كانت مفروضة علي سائر المواطنين العاملين في الدولة منذ ما يقرب من 15 سنة، لكن قانونا صدر بأن تقتصر علي خمس وزارات فقط هي التي اصطلح علي تسميتها بالوزارات "السيادية"، وهي: الدفاع والداخلية والعدل والإعلام والخارجية، واستتبع العمل بهذه الورقة فرض نوع من المحاذير علي حرية السفر، والانتقال، بكل ما يناقض هذا من قوانين لا تعرف هذه القيود، ولا المواثيق الدولية التي تحظر تقييد حرية المواطن بأي شكل من الأشكال، بالإضافة - وهذا هو الأهم - إلي أن الدستور المصري نفسه لا يقر شيئا كهذا، لانه يعيدنا إلي عصور الفاشية، التي لم تعرف قيودا بهذا الشكل، فأنا لا استطيع أن أقوم بإجازة في بلد خارج مصر لو لم أحصل علي هذا التصريح. في رأيك ما هذه المحاذير التي يخشي منها المسئولون علي الرعايا فيصرون علي وجود هذه الورقة؟ هناك هاجس عجيب يراود البعض بالقول إن هؤلاء المواطنين سوف يسافرون.. بلا عودة، علي الرغم من أنهم يستطيعون ببساطة أن يصدروا قرارات بالرفت والطرد لو أن مواطنا فعل هذا، وهو في الوظيفة؛ خصوصا في ظل البطالة التي نعيشها.. ولا ينبغي أن ننسي أن الإعلامي يتزود بالثقافة والمعلومة من السفر والترحال، وحضور المؤتمرات والمهرجانات والندوات في الخارج، وبالتالي يمثل السفر بالنسبة له أهمية كبيرة، بل تتفاقم المشكلة وتصل إلي حد المهزلة عندما يسافر الواحد منا في عمرة أو لأداء فريضة الحج فيفاجأ بأنه ممنوع من السفر ابتغاء مرضاة الله إلا إذا استخرج "الورقة الصفراء"! ألهذه الأسباب تحركت وبدأت في اتخاذ الإجراءات القانونية؟ بالقطع؛ فقد رأيت أن هذه الورقة تمثل إهانة وتعكس نوعا من الازدراء، وتؤكد أننا نعيش في واقع متخلف ورجعي، بل إنها تمثل إهدارا للمال العام، بالإضافة إلي أنها تتحكم في مصائرنا بشكل لا يمكن تحمله أو الصبر عليه؛ فهل يتخيل أحد أنني لابد أن أحصل علي توقيعات سبعة موظفين في مبني الإذاعة والتليفزيون مثلا لكي استخرج هذه "الصفراء"، فقد كنت أعيش مأساة ومعاناة بكل معني الكلمة في كل مرة أفكر فيها في السفر.. ولما فاض بي الكيل اضطررت إلي رفع وتحريك هذه الدعوي القضائية في محاولة مني لوضع حد لهذه الاستهتار بنا كإعلاميين. كيف سارت الإجراءات؟ بدأت برفع القضية في محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، والتي أصدرت برئاسة المستشار محمد الحسيني حكما تاريخيا بإسقاط الورقة الصفراء بالنسبة للإعلاميين، ووقتها نظرت إلي الحكم بوصفه إنجازاً تاريخياً رائعاً أمكنني من خلاله استرداد حريتي المهدورة، وعلي الرغم من أنني كسبت القضية فالحكم مازال قيد التنفيذ نتيجة الاستشكالات وغيرها. ماذا لو لم يتم تنفيذ الحكم؟ لن أسكت، وسأقوم برفع جنحة مباشرة ضد من يتجاهل تنفيذ الحكم، وهي القضية التي وكلت فيها المحامي محمد عبدالعال الذي دفع ضد الوزراء بصفتهم الوظيفية، بمعني أن تنفيذ الحكم ليس مرتبطا بوجودهم في مواقعهم ومناصبهم، لكن إذا استمر الحال علي ما هو عليه فسوف أرفع قضية ضدهم بصفتهم، ولن أقف مكتوفة الأيدي. ما الكلمة التي تريدين توجيهها في هذا التوقيت؟ أحب أن أناشد المسئولين في وزارتي الداخلية والإعلام بضرورة الإفصاح عن الأسباب الحقيقية وراء عدم تنفيذ الحكم بإسقاط الورقة الصفراء؟.. وما الذي يضيرهم من إلغاء هذه الورقة؟.. ولماذا يقفون ضد حرية الإعلامي في الحركة والتنقل والسفر؟.. ولصالح من هذا الذي يحدث؟.. وأقول لهم: لن أستسلم، وسأناضل حتي تنفيذ الحكم. هل صدر الحكم لصالحك فقط؟ لا.. بل ينطبق علي 35 ألف إعلامي في وزارة الإعلام من حقهم الاستفادة به؛ فالحكم يكشف حالة صارخة للفساد، وإهدار المال العام؛ بالإضافة إلي أنه يؤكد أن هذه الورقة تمثل وصمة عار في سبيلها للزوال.