جاءت الحزينة تفرح فلم تجد لها مطرح، أو جاءت المواطنة تحتفل بمرور عامين علي تربعها علي عرشها بموجب البند الأول من الدستور فكشر لها البند الثاني وأزاحها من الطريق وتربع هو علي كرسيه وبناء علي ذلك فقد أمسكت الدولة العصا من المنتصف فلا هي مدنية ولا هي دينية هل معني هذا أنها أصبحت دولة نص نص في زمن ينادي بالشفافية والليبرالية وعلي رأسها الحقوق الإنسانية وانبري للمواطنة د. علي الدين هلال بوصفه الرائع لها وأنا أعتبره من آباء هذا الإحساس الرفيع بالمواطنة والانتماء الوطني ولكنه للأسف يؤذن في بلد لا تعرف أذان الحقوق البشرية. سبحت في معاني الكلمات الرائعة التي وصف بها المواطنة وعندما أردت التشبث بها انهارت حروفها كحبات لؤلؤ انفرط عقدها وتبعثرت الحبات علي أرض الواقع، وهي أننا أمة في سبيلها إلي التفكك، وفكرت في محادثته هاتفيا ولكني تراجعت فماذا سأقول له وقد قدم لنا أفضل ما لديه من أوصاف ومعان عن المواطنة علي طبق من فضة وما علينا إلا أن نغترف منه لنشبع وقد عزمنا علي هذه الوليمة الغنية لاحتضان معانيها والعمل علي تفعيل رسالتها ولكنها فرحة ما تمت فقد انفجر في وجهها ما حدث ل 130 مصريا بهائيا، وقلت في نفسي إذا كانت الدولة بجلالة قدرها لم تستطع حماية بضعة أفراد من الشعب من القتل والحرق فما بالك بحماية بضعة ملايين من المسيحيين؟ ولن يخرج الرد إلا عن سببين إما حقيقة لا تستطيع الحماية أو أنها قاصدة هذا الموقف والله أعلم.. أما عن ملايين المسيحيين فقد أصبح عددهم الحقيقي مسألة حساسة تخضع لحسابات سياسية وسكانية ودستورية وهم علي حافة فتنة طائفية مع مفارقة ومقارنة سخيفة مع ما حدث ولكن مضمونها تعس ومخيف لأنه في هذه الحالة فالحامي أولا الله وثانيا الشعب الواعي بذاته، وتماسكه وقدراته علي حماية نفسه بنفسه من الانزلاق إلي هاوية التعصب البادية والفتنة القاتلة فرغما عما يحدث من ممارسات تعصبية بين حين وآخر إلا أن روح الشعب أقوي من مثل هذه الصغائر أعود إلي الحزينة وفرحها بمرور عامين علي تتويجها لتتلقي صفعات علي خديها من أحداث ما كان لها أن تحدث، أولا لإرهاب مواطنين مصريين يعيشون في سلام وأمان في حضن إخوتهم، ثانيا بغلق بيوتهم بالشمع الأحمر الذي لا يفض إلا بإجراءات قانونية أي إلقائهم إلي الطرقات دون حماية لأرواحهم أو حفاظا علي ممتلكاتهم. لا.... ليست هذه هي مصر التي أعرفها وأضحي بروحي في سبيل أمنها وعزتها ووحدتها بل أخشي أن تكون قد أصبحت كيانات منفصلة تتربص بعضها لبعض من ملل وجماعات كل ينادي بأنه هو الحق والآخر كافر زنديق، كل ينادي علي ليلاه، فقد أصبح الدين ممارسات اقتصادية ولبس الاقتصاد ثياب الجهالة تداخلت الأسباب فضاع الطريق من تحت الأقدام وتاهت الأفكار في خضم الجاهلية لتلد لنا مسخا شيطانيا لا يعرف غير التكفير والتقتيل والفرقة وعدم الاعتراف بالآخر ووأده إن أمكن. هل أنت حزين مثلي علي ما وصلنا إليه اليوم من درك سفلي فوضوي وتفشي ثقافة الكره والتمييز كان الله في عون مصر فالقنابل غير الموقوتة تفرش الطريق أمامها من النوبة إلي الشباب الذي ينتحر في لجة البحر ومن الإرهاب العالمي إلي الإرهاب المحلي إلي بطالة حقيقية في ازدياد إلي بطالة مقنعة ورثناها منذ 55 عاما ومن حرائق مقصودة إلي أخري بإهمال قاتل ومن الحبيبة من شباب المسلمين والأقباط والمتعصبين من الطرفين إلي أزمة اقتصادية زلزالية نرجو الخروج منها بأقل الخسائر وفي أقرب وقت ولعل حزني يشتد أكثر لضياع الضمير الفردي والقومي الجمعي، فنحن نعاني من حالة لا مبالاة قاتلة كيف وصلنا إلي هذه الحال؟! أقول دعوا الماضي للماضي ولنوقف هذا التيار الانتحاري ونعمل معا علي اجتياز هذا الوحل الذي اتسخت به أيادينا وأرجلنا بل وعقولنا التي أصابتها تخمة من الجهل واخترقتها الخزعبلات إن جميع الأديان وإن اختلفت أماكن وزمان نزولها أو تباينت مقاصدها هي في الحقيقة واحدة ولأنها صادرة من أصل واحد أحد ونحن كبشر فسرناها حسب هوانا وقدراتنا الذهنية، ورغباتنا الدنيوية ففي النهاية هي كرة أرضية واحدة وتوحيد بإله واحد خالق كل البشر وواضع لأخلاقها وناموسها ومعاملاتها وهو القابض عليها في حياتنا والحاكم لها عن طريق ضمائرنا هل تبقي لنا ضمائر؟ انظر حولك ثم رد علي؟!!! ولأوفر عليك هذا الأمر أقولها في كلمتين لقد أصبحنا في موقف نكون فيه أو لا نكون.