السد العالي يستقبل مياه نهر عطبرة والنيل الأبيض.. خبير يكشف التفاصيل    قرار جمهوري مهم بشأن البنك المركزي خلال أيام    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وترقب اجتماع ترامب وبوتين    سعر الفراخ اليوم الأربعاء 13-8-2025 فى المنوفية    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    رئيس وزراء نيوزيلندا: نتنياهو فقد صوابه وتجاوز كل الحدود    اصطفاف القافلة ال14 من المساعدات تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    توافق مصرى سعودى على ضرورة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق نار فى غزة    تحرك الدفعة ال 14 من شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم    رئيس وزراء نيوزيلندا: نتنياهو فقد صوابه.. والهجوم على غزة أمر غير مقبول    النصر السعودي يضع الرتوش الأخيرة لصفقة التعاون    القنوات الناقلة مباشر لمباراة باريس سان جيرمان ضد توتنهام في نهائي السوبر الأوروبي.. والموعد    رسميا.. كولومبوس الأمريكي يعلن اقتراب انضمام وسام أبو علي    البدري: توجنا بالدوري الأصعب.. وقدمنا كرة هجومية مع أهلي طرابلس    نيوكاسل يعلن التعاقد مع المدافع الألماني ماليك تشاو    التحقيقات: سارة خليفة صنعت 600 كيلو إندازول المخدر    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    «الصحة»: السيطرة على حريق محدود بمستشفى حلوان العام دون إصابات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    صافرة أمين عمر تقود مباراة بيراميدز والإسماعيلي    موعد مباراة الأهلي وفاركو في الدوري المصري الممتاز.. والقنوات الناقلة    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    تفشي عدوى بكتيرية في فرنسا يحتمل ارتباطها بالجبن الطري    ما الشهادات المتاحة حاليًا في بنك مصر؟ قائمة كاملة بالأعلى فائدة    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    الحوثيون في اليمن: تنفيذ عملية عسكرية بست مسيرات ضد أهداف إسرائيلية    جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة وجدول الحد الأدنى للأجور    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    خشب المسرح أخده ونزل، لحظة سقوط فنان أسباني شهير أثناء حفله في الأرجنتين (فيديو)    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنصار الدولة المدنية لا يدافعون عنها

إذا كنت تعيش في دولة ليست عسكرية ولا دينية إذن بالضرورة هي دولة مدنية.. هذا ما يتم التأكيد عليه في كل مناسبة، مصر دولة مدنية دستورها وقانونها يقوم علي المواطنه والمساواة بين أفراد الشعب ولا تفرقة فيه علي أساس اللون أو النوع أو الدين.
ولكن الواقع له شواهد أخري فنحن ندخل عام 2011 وهناك قضايا معلقة ووجودها يقوض فكرة الدولة المدنية ويعطي للجماعات والأفكار المناهضة لها مجالا أوسع للانتشار وللترسخ داخل العقل الجمعي، ومازالت الدولة في مصر تتعامل مع تلك القضايا كما تتعامل مع الجماعات الظلامية بمنطق المواءمات والتحايل والاحتواء لندرك أننا أبعد ما نكون عن الدولة المدنية بمعناها الواضح والتي يتم فيها فصل الدين عن الدولة فصلا كاملا في كل أمور الحياة.
معوقات الدولة المدنية في مصر كثيرة أهمها مناهج التعليم التي تبتعد بعقول الأطفال عن التفكير العلمي وتقوض فكرة المواطنة وكذلك تزايد ظاهرة النقاب في أماكن العمل، في المدارس والمستشفيات والمصالح الحكومية متحديا القانون والدولة المدنية. وكذلك جعل المؤسسات الدينية هي المرجعية الأساسية للقضايا المجتمعية، مثلا أن يسأل الأزهر في هل قانون نقل الأعضاء حلال أم حرام، وكذلك التظاهر بدور العبادة وعدم تطبيق القانون في الأحداث الطائفية.
مناهج التعليم
إذا كنا نتحدث عن دولة مدنية فمن المفترض أن مناهج التعليم التي تشكل وعي الأطفال هي التي ترسخ مبادئ الدولة المدنية وطريقة التفكير العلمية والحضارية والإنسانية التي من خلالها يستطيعون أن يتعايشوا مع طبيعة تلك الدولة.. الحاصل في مناهجنا هو العكس، حيث إن كتب اللغة العربية تقحم الدين الإسلامي في كل شيء وتجبر الطالب المسيحي علي حفظ الآيات القرآنية والأحاديث الموجودة بكتاب اللغة .
علي سبيل المثال كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي والذي يحتوي علي ثلاث وحدات، أول درس من كل وحدة لابد أن يكون آية قرآنية أو حديثا شريفا، فمثلا الدرس الخاص بالعمل في وحدة «العادات والتقاليد» هو عبارة عن آية قرآنية مكتوب عليها «حفظ».
واضعو المناهج اذا أرادوا أن يعلموا التلاميذ معني أخلاقيا أو إنسانيا أرجعوه للآيات القرآنية مستشهدين بها، ملزمين التلاميذ بحفظها أنها المرجع الأساسي للأخلاق، المشكلة أنك إذا قلت للتلميذ افعل كذا لأن الدين يقول هذا فأنت أغلقت عليه كل باب للتفكير والاختلاف والإبداع، ناهيك عما يتركة ذلك من أثر سييء في العلاقة بين التلميذ المسلم والمسيحي داخل الفصل.
«المناهج التعليمية مناهج ترسخ للتمييز والقهر الديني» هكذا أكد الدكتور محمد منير مجاهد منسق جماعة «مصريون ضد التمييز الديني» مضيفا: الدين الإسلامي يتم إقحامه في غير موضعه فهناك مادة الدين ولكنك تجده يحتل مساحة كبيرة من كتاب اللغة العربية والجغرافيا والعلوم.. ففي كتاب العلوم للصف الثاني تجد درسا عن النجوم تتصدره آية قرآنية، حتي الخط العربي تجده عبارة عن آيات قرآنية وأحاديث، وذلك يخرب العملية التعليمية ويجعل التلميذ المسلم يشعر بالاستعلاء علي زميله المسيحي، وأن تلك بلده فدينه الوحيد هو الممثل داخل مناهجه ويشعر التلميذ المسيحي بالغربة.
ويعطي مجاهد أمثلة من كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي فيقول: في الوحدة الأولي بصفحة 21 تحت عنوان «نصوص وتذوق» نجد حديثا نبويا حرص مؤلفو الكتاب علي وضعه بمسنده - علي الطريقة الأزهرية - وعلي جميع التلاميذ مسلمين وغير مسلمين أن يدرسوا «عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلي جاره.. إلخ»، ويتساءل: هل لهذا النص أي أهمية خاصة لغوية؟
في هذا السياق أجرت مؤخرا وزارة الدولة للأسرة والسكان دراسة حول مناهج اللغة العربية والدراسات الاجتماعية وأصدرت تقريرا حول مراجعة قيم المواطنة واحترام التعددية وحقوق الطفل كانت نتيجته النهائية أن مناهج التعليم تساهم في تعميق التطرف والتعصب عند النشء والشباب، كما أن المناهج التعليمية لا تعكس واقع التنوع الديني، الثقافي للمجتمع المصري.
قانون موحد لدور العبادة
وكأننا نعشق الأزمات الطائفية.. فنتيجة عدم إصدار قانون دور عبادة موحد إلي الآن شهد عام2010 العديد من الأزمات الطائفية التي كان يسهل تفاديها (أحداث العمرانية مؤخراً ومن قبلها كنيسة الأقصر مثلاً) لو لم يبق هذا القانون حبيس الأدراج.
إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة مطلب يتبناه كل من يدعو لدولة مدنية حقيقية قائمة علي المواطنة والمساواة وفي مقدمتهم المنظمات الحقوقية لأنه ببساطة سيقوم بتقليل الاحتقان داخل النفوس ويمنح المواطنين اليقين بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات.
فقد قدم المجلس القومي لحقوق الإنسان لمجلس الشعب في أبريل 2007 مشروعًا بهذا الخصوص يتكون من ثماني مواد تنظم عملية البناء لدور العبادة للديانات السماوية الثلاث ويعمل علي تحقيق المساواة فيما يتعلق بإجراءات الحصول علي التراخيص وغيرها من الأمور الإدارية اللازمة لبناء وترميم تلك الدور.
يذكر أن أول من طالب بهذا القانون عام 1972 هو الدكتور جمال العطيفي وكيل مجلس الشعب آنذاك في أعقاب أحداث الخانكة الطائفية، حيث تقدم بمشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، وفي عام 2005 تقدم النائب «محمد جويلي» - رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب - آنذاك إلي المجلس بمشروع قانون البناء الموحد لدور العبادة لإقراره . كان ترميم أي كنيسة - حتي لو كان تغيير بلاط أو عمل محارة أو تصليح سباكة دورات مياه - يستلزم موافقة رئيس الجمهورية، حتي صدر القرار الجمهوري رقم 3 لسنة 1998 بتفويض المحافظين بإصدار قرارات خاصة بترميم الكنائس وملحقاتها، ثم القرار الجمهوري رقم 453 لسنة 1998 بمنح الجهة الإدارية المختصة بشئون تنظيم كل محافظة، حق إصدار التراخيص لترميم دور العبادة واللذين أعقبهما القرار الجمهوري رقم 291 لسنة 2005 بتفويض المحافظين بإصدار تراخيص البناء أو إجراء توسعات في الكنيسة، ولكن مازالت سلطة بناء كنيسة جديدة في يد رئيس الجمهورية فقط.
ورغم كل القرارات الماضية فلم تحل مشكلة ترميم الكنائس أو تصبح أقل تعقيدا، لأن الأجهزة المحلية مليئة بمن يتفننون في إيجاد الذرائع لعرقلة أي طلب ترميم ، فهم مثلاً يطلبون نسخة من القرار الجمهوري لرخصة بناء الكنيسة التي بنيت سنة 1930 أو يطلبون نسخة من حجة شراء أرض الكنيسة الأثرية التي يبلغ عمرها 400 سنة.
ولنفس هذه الأسباب دعا مؤخرا المركز المصري لحقوق الإنسان رئيس الجمهورية لإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، وأصدر المركز بيانا وقعت عليه 50 منظمة حقوقية طالبوا فيه الرئيس مبارك بسرعة إصدار القانون لإنهاء ملف الاحتقان الطائفي، المنظمات الموقعة أشارت إلي أنها لا تطلب من الدولة المساواة في العدد بين الكنائس والمساجد، لكنها فقط تطلب تحديد جهة واحدة تفرض شروطها وتوحد الإجراءات المتبعة وتفصل في منح تراخيص بناء وترميم دور العبادة.
الكاتب صلاح عيسي - رئيس تحرير جريدة القاهرة - قال لنا: الدولة خائفة من الجماعات الإسلامية المتطرفة والمناخ الإسلامي المتعصب في الشارع يدعو للقلق، كما أن لجوء الأقباط إلي الاستقواء بالخارج جعل الموقف أكثر تعقيدا.. وأضاف: هناك في الفقه الإسلامي فتاوي بشرية - أي قابلة للمراجعة - ولكن التيارات الإسلامية والإخوان المسلمين قاموا بترويجها وترسيخها في عقول الناس وهي أن البلاد التي يفتحها المسلمون يجوز لأصحاب الملل الأخري أن يحتفظوا بمعابدهم وكنائسهم ولكن لا يجوز لهم أن يزيدوا عليها وتلك بالطبع فكرة خاطئة كمال زاخر يقول إن منطق التردد والخوف والاحتواء للجماعات المتطرفة يفيد الجماعات المتطرفة فقط التي تأخذ مساحة أكبر من الانتشار والتوغل داخل المجتمع وإن ذلك يؤثر علي هيبة القانون فهناك قوانين كثيرة لا ترضي الغوغاء مثل قانون المرور فهل نلغيه خوفا من الناس؟.
قانون الأحوال الشخصية
إذا كنت تتحدث عن دولة مدنية فعلي الأقل يجب أن تتعامل الدولة مع المواطن كإنسان بغض النظر عن دينه وخصوصا في الأحوال الشخصية والنزاعات الاجتماعية وأمور الزواج والطلاق.. وقد يتبادر لذهنك أن لدينا مثلا زواجا مدنيا ولكن في الحقيقة حتي الزواج المدني لا يتم بالمخالفة لقواعد الملة وأنه مجرد توثيق للعقد الذي يكون علي أساس الدين، فلا يمكن مثلا بالزواج المدني أن تتزوج مسلمة من مسيحي وتعترف الدولة بها وبأولادها.
وفي ظل هذا يمكننا أن نستوعب العديد من المشاكل واضطرار الفتيات لتغيير الملة أحيانا وكذلك بالنسبة للأقباط، حيث قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والذي هو تكريس للطائفية والذي في ظله حدثت الأزمة الشهيرة بين الكنيسة والمحكمة الإدارية والذي بعدها تعالت الأصوات لتقول إن قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط الذي تتفق الطوائف الثلاث الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية علي نصوص بنوده هو المنقذ.
وبالفعل تم إعداد لجنة ممثلة من الطوائف الثلاث لمناقشة مشروع القانون وإعداد بنود ومن لحظتها بدأ النزاع بين الطوائف الثلاث علي اختلافات جوهرية بينها وأهمها قبول الأرثوذكس زواج أتباعهم من الملل الأخري وكذلك إصرار الكنيسة الأرثوذكسية علي الطلاق لعلة واحدة وهي علة الزني، كما طفت علي السطح في القانون مشكلة التبني، حيث رفضت الدولة أن يوضع بند التبني في القانون لأنه يخالف الشريعة الإسلامية، في حين أصرت في البداية الطائفة الإنجيلية علي عدم التنازل عن هذا البند لأن التبني أساس في العقيدة المسيحية فقد جاء المسيح ليتبني الإنسان ويحمل عنه خطيئة آدم.
ومع كل هذه الخلافات أعلنت الكنيسة من 4 شهور أن الطوائف الثلاث أعدت القانون وأنه الآن في درج وزير العدل ولا يعرف أحد شيئا عنه.. تحدثنا مع الأطراف الثلاثة فبدأ الكلام متضاربا بعض الشيء.
صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية قال إنهم كانوا مصرين علي التبني في المشروع الجديد ولكن وزارة العدل رفضت، ولكنها أعطت الحق في إقرار النسب لمجهول كما هو موجود في الشريعة الإسلامية، ولكن الطائفة رفضت ذلك وأصروا علي التبني، فتم رفض البند. وأضاف البياضي أن المميز في القانون أن هناك مادة خاصة تسمح بالزواج خارج الكنيسة زواجا مدنيا ومسموحا فيها بعدم الالتزام بقيود الزواج والطلاق الكنسية.
بينما قال لنا أستاذ اللاهوت القس إكرام لمعي إن مشروع القانون لم يوقع عليه الإنجيليون لأنهم لا يمكن أن يتخلوا عن مبدأ التبني، وأضاف: كيف يكون هناك قانون موحد للأقباط إذا لم تتقبل الكنيسة الأرثوذكسية من الأساس فكرة زواج أتباعهم من الطوائف الأخري. وقال إن دولا إسلامية مثل تركيا وتونس توحد قوانين الأحوال الشخصية.
رمسيس النجار مستشار الكنيسة الأرثوذكسية قال لنا: الحكومة قالت إنها لن تجيز التبني فتخلوا عن هذا البند احتراما للشريعة الإسلامية، والقانون الجديد لن يجيز الطلاق إلا في حالة الزني، والجديد هو أن الكنيسة صرحت أنه في حالة الطلاق من حق المحكمة أن تحكم بالزواج لمن لم يخطئ. الأنبا يوحنا قلته الذي كان ممثلا عن الكنيسة الكاثوليكية لإعداد مشروع القانون قال إنهم تخلوا أيضا عن التبني احتراما للشريعة الإسلامية واحتراما للدولة وأنهم ليس لديهم مشكلة مع الأرثوذكس في قضية الطلاق لأن الكنيسة الكاثوليكية لا تطلق أصلا، ولكن يحدث انفصال وأنهم وقعوا علي مشروع القانون وهو لدي وزير العدل.
المادة الثانية من الدستور
منذ وقت طويل يطالب العديد من المفكرين والمثقفين بإلغاء المادة الثانية من الدستور علي اعتبار أنه لا يمكن الحديث عن دولة مدنية، والمادة الثانية منه تقول: إن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، وفي نفس الوقت يري البعض أن إلغاء تلك المادة هو أصعب الخطوات في الطريق إلي الدولة المدنية لأنه أشبه بإشعال حريق في البلد وسيخرج الجميع رافعين المصاحف قائلين «فليعد للدين مجده أو تراق له الدماء» لأن جماعات الإسلام السياسي لا يمكن أن تقبل إلغاء تلك المادة وهي التي استفادت بها ومازالت. فأزمة تلك المادة أنه يتم استغلالها من قبل تيارات سياسية وفكرية لإنكار حقوق المصريين غير المسلمين وفي مواجهة الموجة العاتية التي ستقف ضد إلغاء المادة الثانية للدستور رأي البعض أن يتم تمهيد الخطوة بتعديل المادة الثانية من الدستور، فاقترح الكاتب صلاح عيسي أن يتم تعديل نصها، حيث تكون «مقاصد الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان مصادر أساسية للتشريع» وهو بذلك يري أننا نسد الطريق أمام استغلالها لصالح دين ضد آخر وإن كان يظل الحل الواضح لدولة مدنية ألا يكون هناك ذكر لدين وإنما مبادئ مدنية واضحة وأن يكون الحكم في ذلك قوة القانون وسلطته علي الجميع لكي نستطيع أن ندعي أننا دولة مدنية. وفي هذا الإطار تقدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلي رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي الشعب والشوري بنداء لتعديل المادة الثانية من الدستور، وتضمنت قائمة الموقعين عددا من المفكرين والكتاب والصحفيين وأساتذة الجامعة والسياسيين والأدباء والفنانين. وقد أدت هذه المادة إلي صدور أحكام قضائية تنكر علي مواطنين مصريين حقهم في تبني ما يؤمنون به، ولا تترك لهم سبيلا لاستخراج الهوية الشخصية وأوراق الثبوت القانونية سوي تغيير معتقداتهم، كما أن التعديل الذي طرأ علي المادة الثانية والذي أجراه الرئيس السادات عام 1980 والذي بمقتضاه صارت «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع» لا يورد مصادر أخري للتشريع، مما يجعله المصدر الوحيد، حيث أوضحت اللجنة البرلمانية التي أعدت التعديل في تقديمها أن إرادة المشرع الدستوري تعني أنها «المصدر الوحيد»، وإنها تستهدف بذلك إلزام المشرع بعدم الالتجاء إلي «غيرها»، حتي لو لم يجد في الشريعة الإسلامية الجواب الشافي. وهو ما تنوه به بالفعل المحكمة الدستورية العليا في أحكامها ذات الصلة. لقد كان هذا التطور انتكاسة خطيرة لمبدأ المواطنة ولمشروع الدولة المدنية، كما أن التشريعات في كل دولة تمزج بين استلهام المخزون الحضاري الخاص بها، وتلبية احتياجات تطور المجتمعات في الزمان والمكان. ولا يجادل أحد بالطبع في أن الحضارة الإسلامية تشكل رافدا رئيسيا في التكوين الثقافي للمصريين، إلا أنها ليست الرافد الوحيد، الذي يترتب عليه بالتالي طمس أو تجاهل مساهمات الحضارات الأخري - كالفرعونية والقبطية وغيرهما - في تكوين وجدان وثقافة المصريين.
عدم وجود حل للنقاب
في عام 2007 أجرينا تحقيقا في روزاليوسف كشفنا فيه ظاهرة كانت أشبه بفضيحة حضارية، إذ وجدنا مستشفياتنا في مختلف المحافظات بها ممرضات منقبات وأثبتنا علي أساس مهني وطبي أن هذا يتنافي مع شروط الأمان للمريض، وتوالت التحقيقات ووجدنا أن النقاب منتشر في كل أماكن العمل الرسمية، فهناك المدرسات المنقبات والطبيبات المنقبات ومدرسات الجامعة المنقبات.
واكتشفنا مع توالي التحقيقات أن عدد المنقبات الممرضات يزداد، ورغم أن وزير الصحة أصدر قرارا بمنع النقاب بالنسبة للممرضات وأصدر زيا موحدا للمرضات، وعندما زرنا المستشفيات مؤخرا وجدنا العدد تزايد ولا يوجد أدني التزام بالزي الموحد، ووجدنا أن للممرضات يتحدين القانون والوزير باسم الدين ويتحدثن بأنهن حارسات دين الله بزيهن داخل المستشفيات. وبالحديث مع المنقبات المدرسات والممرضات والطالبات وجدنا أنهن أخطر ما يكون في ذلك البلد علي أفكار المواطنة وتقبل الآخر والدولة المدنية بل بالعكس، فهن في مواقعهن وتعبيرا عن فكرهن الذي يرمز له زيهن أكبر من يساهم في مصر الآن علي نشر أفكار مسمومة داخل الأطفال والتلاميذ والأجيال القادمة وهي أفكار تعادي المدنية وتأخذنا في طريق مظلم حالك كالنقاب الذي يرتدينه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.