بعيدًا عن أي حسابات أو صراعات ينعزل المخرج عز الدين سعيد بفنه الراقي ولا يشغله سوي أن تدفع أفلامه الجمهور للتفكير والتأمل، وقد حصل مؤخرًا فيلمه الروائي القصير "الرهوان" علي جائزة لجنة التحكيم بمهرجان ساقية الصاوي كما يقوم بالاستعداد لتصوير فيلم روائي قصير بعنوان "الصفقة" لذلك كان معه هذا الحوار: فيلم "الرهوان" يحمل فلسفة ورؤية عميقة هل هذا ما أردت توصيله للناس؟ - لقد أردت توصيل يقين بأن رهوان تمرد علي عجزه وان الانسان لو وصل للكمال نقص وهذا ما حدث عندما قام رهوان بتركيب قدم صناعية تجعله لا يشعر بالعجز إلا أن خطواته كانت ثقيلة وهو ما ظهر في بداية الفيلم وعندما تخلص منها اصبح بالفعل رهوان ولقد أردت أن يشترك معي الجمهور في العملية الابداعية ويفكر.. ولا أريد منه أن يقول إن العمل حلو بل يقومون من العمل وهم يفكرون ربما ينتبه الجمهور للجمال أو يغير سلوكه للأفضل. ولكن الفيلم لم تبرر أحداثه دوافع رهوان للجوء لتركيب قدم صناعية؟ - المشكلة ربما تكون عندي لانني اسافر كثيرًا وأري افلاما مختلفة لأن الافلام الروائية الطويلة أصلها روائية قصيرة متمثلة في الاختزال والاعتماد علي تفكير الجمهور لذلك ليس من المفترض أن اقدم تفاصيل التفاصيل لأننا من هذا المنطلق لم نر اشياء كثيرة ولقد تعودنا أن تقدم لنا المعلومات علي طبق من فضة وتقولبت عقولنا علي ذلك إلا انني اري انه لم يعد هناك وقت لذلك اجيب من الآخر لأن لي زملاء كانت لديهم أحلام كثيرة وأخذهم الموت. فيلم "اللفيف" وهو تسجيلي أثار دهشة الكثيرين حيث توقعوا فيلمًا عن حياة راقص التنورة فوجدوا عملا مختلفا هل توقعت ذلك؟! - دائمًا أتعود أي عمل فني إثارة دهشة المتلقي في عدم توقعه للمشهد القادم والمعلومات الجديدة الموجودة بالفيلم وأصعب مرحلة مررت بها في هذا الفيلم هي النقطة التي اتناولها هل من تاريخ الصوفية أم اللفيف نفسه ولقد شاهدت أفلاما تسجيلية كثيرة عن الصوفية ووجدت جميعها غرقانة عن حالة الدروشة لذلك اخترت الجانب الأصعب وهي البحث عن المعلومة أو الحقيقة وليس حياة اللفيف لأني وجدتها عادية جدًا بعد أن جلست مع لفيف فاكتشفت أن حالة الانفعال تكون لحظية وتحدث لأي إنسان عندما يدخل في حالة الدوران. حصلت من خلال 12 فيلماً علي أكثر من ثلاثين جائزة هل الجائزة هي المكافأة التي تنتظرها أم وصول العمل للناس؟ - الأول كانت الجوائز بالنسبة لي مهمة أما الآن لم تعد بهذا القدر من الأهمية لأن الأهم بالنسبة لي هو مدي استيعاب المتلقي للفكرة وردود الأفعال واجد أن أضعف رد فعل هو استحسانهم للممثلين أو حتي يقولوا مخرج حلو لأن رد الفعل الأقوي يكون بوصولهم للرؤية الفلسفية التي اطرحها بالفيلم والأهم انني اريد أن نربي جيلا جديدا فاهما من المخرجين حتي لو بعمل كوميدي أو منوعات وأنا مستعد مجانًا أن افيد طلبة معهد السينما بما لدي من خبرة بعد أن وجدت أن الموضوع لدينا مجرد كاميرات وتكنيك وعولمة إلا اننا في القرون الوسطي خارج الدنيا. مازالت الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة مرتبطة بالمهرجانات وبعيدة عن الناس ألا يؤثر فيك ذلك؟ - كل ما يهمني أن أعمل فيلم كويس وأحمد الله ان اسمي مسمع جدًا ولكن أطالب كل المسئولين بنشر الفنون الراقية وانا مستعد اقدم لهم فنانين محتاجين لفرصة وبداية لابد أن يعرض التليفزيون الأفلام التسجيلية لأن الناس في الخارج محتاجة تعرف كنوز مصر واتساءل أين الادارات التي تقوم بتسويق أفلام روائية قصيرة الناس في الخارج يعملون دكتوراة عن أفلام نجيب محفوظ وقد علم أحد هؤلاء عن انني عملت فيلمين عن أعمال نجيب محفوظ بعنوان "الغرفة 12" و"الزيارة" وجمعهما في كتاب وهما عملان مجردان من اعتبارات السوق وادين بالفضل لقطاع المتخصصة الذي يتحمس لأعمالي ويقوم بانتاجها. هل تشعر بأننا منعزلون بأعمالنا عما يقدم بالخارج؟ - فعلا فأنا اسافر مرة كل شهر للخارج حتي الدول العربية أجدها مختلفة في أعمالها حيث لم يعد لنا قدرة علي الابتكار واصبح هناك ترهل في الكتابة حيث نجد مسلسلا 30 حلقة ونعمل منه جزءا ثانيا وثالثا رغم أن الجزء الأول لم يحقق أي نجاح واذكر أن "الرهوان" صورته بكاميرا ديجتال وقابلني أحد المتخصصين عن السينما واكد انني قمت بتحميض الفيلم في بلجيكا أو اسبانيا وعندما علم انني قمت بتصوير الفيلم بكاميرا عادية قال مستحيل أن يظهر بهذا العمق والتكوينات وهذا يرجع إلي أنني عاشق لفني وفي المقابل أجد أعمالا درامية تنتج وخلاص لذلك لابد أن نتمرد علي المألوف وننظر للخارج وكفانا النظر داخل الحدود. وماذا عن الفيلم الروائي القصير "الصفقة"؟ - اقوم بالتحضير له وسيتم تصويره 7 مارس الجاري والفيلم يتناول العلاقة بين السجين والسجان ويقوم ببطولته محمد ناجي وهشام المليجي.