في عيد ميلاد السيد المسيح يعيش كل إنسان في حالة من الفرح والسعادة وصفاء النفس والحب الذي يبين معدن الإنسان الحقيقي وطبيعته النقية التي خُلق عليها والتي تميل نحو تأكيد قيم المحبة والتسامح والتآخي والسلام وقبول الآخر بدون تكلف أو تصنع وبلا مجاملة زائفة، ففي حقيقة الأمر فإن الأعياد إنما تحث الإنسان علي التحلي بروح المحبة وصنع الرحمة بأخيه الإنسان أياً كان انتماؤه الديني أو العرقي وأياً كان نوعه أو مرتبته الاجتماعية، حيث تكون سعادة الإنسان الحقيقية في إسعاد غيره من البشر وتقديم الخدمة للآخرين. في هذا العيد المبارك يطيب لنا أن نردد مع الملائكة قولهم الجميل "المجد لله في الأعالي، وعلي الأرض السلام، وبالناس المسرة"، وهي نفسها كلمات الأنشودة الجميلة والترنيمة العذبة التي رنمتها الملائكة مع ميلاد السيد المسيح قبل أكثر من ألفي عام، والذي كان ميلاده رسالة حُب ورسالة سلام للعالم أجمع. أشعر أنه علينا جميعاً أن نعي جيداً أن تحقيق السلام علي الأرض هو رسالة كل الأديان، التي تطوب صانعي السلام وتأمر بمسالمة جميع الناس. إن صُنع السلام هو عملية مهمة تحتاج إلي اهتمام وإلي رعاية، تماماً مثل الزهرة الجميلة التي تنمو أمام أعيننا فهي تحتاج دوماً إلي مزارع شاطر يتعهدها بالعناية والاهتمام. إنني أردد هنا اعتقادي الخاص بأننا نحتاج اليوم وربما أكثر من أي وقت مضي إلي نشر ثقافة السلام بين الناس، فإننا نحتاج إلي أن نعيش حياة السلام مع أنفسنا ومع الآخرين، فالسلام ضد التعصب وضد العنف والحقد والحسد والكراهية.. إن السلام الحقيقي هو حب الخير للآخرين كما للنفس، بل إن السلام هو المحبة وقبول الآخر والتسامح معه. إن السلام يؤثر علي الاقتصاد القومي للبلاد بشكل إيجابي، فالمجتمع الذي يحيا في سلام بعيداً عن الحروب وبعيداً عن الصراعات والتناحرات سواء الداخلية بين أبناء الوطن الواحد أو الخارجية مع الدول المجاورة إنما نجده ينعم في مستوي اقتصادي متقدم ونام. وذلك علي عكس الدول المتحاربة التي تعيش، وبسبب الحرب، في مستوي اقتصادي متخلف ومنخفض حيث يتم توجيه كل الإمكانيات المتاحة وطاقات المجتمع لصالح الحرب والنزاع وعملية التسليح. نتمني من كل قلوبنا في هذه الأيام المباركة أن يترسخ السلام علي أرض مصر الطيبة وأن تكون المسرة في نفوس كل المصريين. بل إنني أتمني أن ينتشر السلام ويعم في المنطقة بأسرها، وهنا فإنني أتمني أن يعم السلام علي كل أرض فلسطين وأن ينعم أخوتنا الفلسطينيين بالراحة والسلام وأن تتأكد الطمأنينة بينهم، حيث إنهم عانوا لسنوات طويلة، ومازالوا يعانون، الكثير من المتاعب والضيقات التي سببها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. أعزائي القراء.. كل عام ومصرنا الحبيبة بخير.. وهي دوماً في حب وسلام وأمان علي الدوام، متمنياً لمصر أن يحفظها الله من كل سوء. وللعالم أجمع أتمني كل خير وسلام.